بعض الهدايا، حرج. إذا أعلنتها بدوتَ متكبراً، وإذا أخفيتها بدوتَ ناكراً للجميل. وهو اليوم، وهنا، جميلٌ كبير ومنّة كبرى: أن تُسمّى في دبي، جنّة النجاح، «رجلَ العام الإعلامي». من قرية صغيرة في صنوبر لبنان، إلى هذا التشريف في صحافة العرب، إنه والله تاج العمر مسك الاجتهاد.
لم أفاجأ، لكنني لم أتوقع. وما كان يُخيّل إليّ أن مجالدة اللبنانيين سوف تتجاوز فشل لبنان، وكنت أعتقد دائماً أن عقد العمل مع صحافة الخليج – بعد نصف قرن – كان منصفاً، هي رَعَت، وأنا أخلصتُ، لكنها أصرّت على إضافة الهدية الذهبية. وأن تسلمها على قفز الحواجز الأخير.
أمضيت في صحافة الخليج أكثر بكثير مما أمضيت في صحافة لبنان، وأعطتني «الشرق الأوسط»، منذ أربعين عاماً، أوسع وأعلى منبر في تاريخ الصحافة العربية. وبدوري حاولت أن أحفظ الثقة، وأن أكون في مستوى التكليف. وقد كان لي في المهنة، وفي الخلق، وفي القيم، أستاذ يعطي الدروس من دون أن يلقنها، ويعمم النموذج السامي من دون أن يفرضه، ويعلّم حمل المسؤولية ولو كانت كلمة في زاوية من زوايا مملكته. لو أنك تعرف فقط، يا سيدي ومليكي، ماذا حدث للناس في نبأ وعكتك، وماذا حدث لهم في نبأ تعافيك.
يبعث هذا التكريم من «منتدى الإعلام العربي»، في النفس مشاعر جمّة. الفرح، والاعتزاز، والطمأنينة المهنية، إلى أن المرء استحق هذه الشهادة من مثل هذه المؤسسة، التي نقلت الصحافة من رقي إلى رقي. إنها فرع من فروع شجرة النجاح الوارفة التي زرعها.