«أنورا» يفوز بجائزة أفضل فيلم… و«لا أرض أخرى» مفاجأة الحفل

في كبرى ليالي النجوم، احتفاليّة الأوسكار السنويّة، فيلمان كانا الأكثر سطوعاً، فسحبا السجّادة الحمراء من تحت أقدام مُنافسيهما. «أنورا» (Anora) الآتي من عالم السينما المستقلّة، و«لا أرض أخرى» (No Other Land) الذي أطلق صرخةً ضد الظلم اللاحق بالفلسطينيين.
5 نجوم لـ«أنورا»
«عاشت الأفلام المستقلّة!»، إنها العبارة التي اختُتم بها حفل الأوسكار الـ97. أما القائل فهو شون بيكر، مخرج فيلم «أنورا» الفائز الأكبر بجوائز الأكاديمية هذا العام.

بميزانيةٍ لم تتجاوز الـ6 ملايين دولار وبفريقٍ اقتصر على 40 عاملاً، اخترق «أنورا» جدار الأكاديميّة السميك. حلّق فوق الإنتاجات التجارية الضخمة مثل «ذا بروتاليست»، و«كونكليف»، و«إميليا بيريز» سارقاً منها الألقاب والأضواء.
حاز الفيلم الأميركي المستقلّ الذي كان مرشّحاً عن 13 فئة على 5 جوائز هي: أفضل فيلم، وأفضل إخراج، وأفضل ممثلة، وأفضل سيناريو أصلي، وأفضل مونتاج. «صُنع هذا الفيلم بدموع ودم وعرق فريقٍ من الفنانين المستقلّين»، أضاف بيكر لدى تسلّمه الجائزة الكبرى.
وكأنّ رياح التغيير ضربت لجنة الأوسكار هذا الموسم، فتوّجت عملاً ذا ميزانيةٍ متواضعة، وحكايةٍ عن فئةٍ مجتمعيّة مهمّشة، وأسماءَ مغمورة في عالم التمثيل. يروي الفيلم قصة «أنورا» أو «أني»، وهي بائعة هوى ترتبط بشابٍ روسيّ ثريّ، يعرض عليها الزواج مقابل حصوله على الإقامة في الولايات المتحدة. لتنطلق بعد ذلك مجموعة من الأحداث المشوّقة غير المتوقعة.
لغوياً، يجمع «أنورا» بين الإنجليزية والروسية والأرمنية. أما بطلته مايكي ماديسون (25 عاماً) فقد بدت متوتّرة جداً خلال قراءتها خطاب الشُكر بعد تسلّمها أوسكار أفضل ممثلة، وهي بذلك سلبت الجائزة الكبرى من ديمي مور (62 عاماً)، التي كانت موعودة بتكريم العُمر عن دورها في «ذا سابستانس»، بعد أن استُبعدت عن الأكاديمية طيلة مسيرةٍ امتدّت 40 عاماً.

أوسكار فلسطيني إسرائيلي مشترك
لحظةٌ استثنائية على المستويَين الإنساني والسياسي شكّلت أبرز محطّات احتفاليّة هذا العام، وهي اللحظة التي أُعلن فيها فوز «لا أرض أخرى» بأوسكار أفضل فيلم وثائقي.
ليس فيلماً اعتيادياً فهو من صناعة فلسطينية إسرائيلية مشتركة، جمع ما بين الصحافيَين الفلسطيني باسل عدرا والإسرائيلي يوفال أبراهام. وثّقا معاً التدمير الإسرائيلي الممنهج للشعب الفلسطيني ولأرضه، ومعاً أطلقا صرخة من على مسرح الأوسكار.

طالبَ عدرا بوقف الظلم والتطهير العرقي ضد الفلسطينيين، متمنياً ألّا تختبر ابنتُه المولودة حديثاً المعاناة ذاتها التي عاشها هو. أما أبراهام فرفع الصوت أعلى من شريكه قائلاً: «عندما أنظر إلى باسل أرى فيه شقيقي لكننا غير متساويين. نعيش في نظام حيث أنا حرّ تحت قانون مدني، فيما يعيش هو في ظل قانون عسكري يدمّر حياة الناس». ووجّه أبراهام انتقاداً مباشراً للسياسة الأميركية الخارجية، معتبراً أنها تعرقل الحلّ السياسي الذي يمنح الشعبَين الفلسطيني والإسرائيلي حقوقهما.
“أنورا” يتصدر الأوسكار بجوائز أفضل فيلم ومخرج وممثلة.. والفيلم الفلسطيني “لا أرض أخرى” أفضل وثائقي
وكانت أُعلنت جوائز الأوسكار 2025 بنسختها السابعة والتسعين في حفل احتضنه مسرح دولبي في هوليوود. بدأ الحدث في وقت متأخر من ليل الأحد واستمر حتى وقت مبكر من صباح يوم الاثنين.
وتصدر فيلم Anora “أنورا” قائمة الفائزين بجوائز الأوسكار بعد حصده خمس جوائز بينها ثلاث في الفئات الرئيسية لأفضل فيلم وأفضل مخرج وأفضل ممثلة.
ويحكي فيلم “أنورا” بطولة مايكي ماديسون وإخراج المخرج الأمريكي شون بيكر – قصة راقصة تعرٍ تتزوج من ابن أحد الأثرياء الروس، حيث تواجه ازدراءً طبقياً من عائلة زوجها فاحشة الثراء.
وشكّل فوز ماديسون المفاجأة الأكبر خلال احتفال توزيع الحوائز، إذ تقدّمت على النجمة ديمي مور التي كانت تُعتبر الأوفر حظاً بدورها في فيلم The Substance “المادة”، وكذلك على سينثيا إريفو في فيلم Wicked “ويكد” وفرناندا توريس في فيلم I’m Still Here “ما زلت هنا”.
كما فاز أدريان برودي بجائزة الأوسكار لأفضل ممثل عن تجسيده لشخصية مهندس معماري مجري يهاجر إلى الولايات المتحدة بعد النجاة من الهولوكوست في فيلم The Brutalist “الوحشي”.
وبذلك، ينال الممثل هذه الجائزة المرموقة للمرة الثانية في مسيرته، بعد 22 عاماً من فوزه بها عن دوره في The Pianist “عازف البيانو” الذي أدى فيه شخصية أحد الناجين من الهولوكوست
وحصدت النجمة زوي سالدانا جائزة أوسكار أفضل ممثلة مساعدة، فيما حصد فيلم Wicked “ويكد” أفضل تصميم إنتاج، وذهبت جائزة أفضل مونتاج إلى فيلم Anora “أنورا”.
وحاز فيلم The Substance “المادة” جائزة أوسكار أفضل مكياج، فيما فاز فيلم flow “الفيضان” بجائزة أفضل رسوم متحركة.
الفيلم الفلسطيني “لا أرض أخرى” يفوز بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي
وفاز الفيلم الفلسطيني No Other Land “لا أرض أخرى” بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي، وشهدت السجادة الحمراء لحفل توزيع جوائز الأوسكار، حضور صناع الفيلم الوثائقي وارتدى الصناع الكوفية الفلسطينية وحملوا الأعلام الفلسطينية.
والفيلم من إخراج أربعة مخرجين هم: باسل عدرا، وحمدان بلال، وراشيل سزور ويوفال أبراهام، ويدور الفيلم حول “محاولات الاحتلال الإسرائيلي طرد الفلسطينيين في قرية مسافر يطا” بالضفة الغربية المحتلة.
ويدور الفيلم حول حياة الناشط الفلسطينيي باسل عدرا الذي يُسجِّل بالكاميرا تدمير منازل قريته على يد الجيش الإسرائيلي بهدف تحويل المنطقة إلى منطقة تدريب عسكرية. وخلال هذا التوثيق تنشأ صداقة غير متوقعة بينه وبين يوفال، الصحفي الإسرائيلي، مما يُبرز التباين الكبير بين ظروف حياتيهما؛ حيث يواجه باسل القمع والعنف المستمر، بينما يتمتع يوفال بالحرية والأمان.
قال المخرج الفلسطيني باسل عدرا، على منصة المسرح بعد الفوز “منذ شهرين تقريباً، أصبحت أباً، وأَمَلي ألا تعيش ابنتي نفس الحياة التي أعيشها الآن”، وأضاف “ندعو العالم إلى اتخاذ إجراءات جادة لوقف الظلم والتمييز العرقي”.
وفاز The Only Girl in the Orchestra “الفتاة الوحيدة في الأوركسترا” بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي قصير.
من «بيانيست» إلى «بروتاليست»
انسحبت المواقف السياسية على بطل فيلم «ذا بروتاليست» أدريان برودي، الحائز على أوسكار أفضل ممثل. ففي كلمته الطويلة والمؤثّرة التي اضطُرّ المنظّمون لقَطعها بالموسيقى، قال النجم الأميركي: «أنا هنا من جديد لأتحدّث عن الصدمات والآثار المتواصلة للحرب وللقمع الممنهج وللعنصريّة ولمعاداة الساميّة».

بين أوسكاره الأول عام 2002 عن «ذا بيانيست» وأوسكاره الجديد، سنواتٌ من النضج انعكست على خطاب برودي. وقد بدا متأثّراً بشخصيته في «ذا بروتاليست»، المهندس المجري اليهودي «لازلو توث» الذي نجا من الإبادة النازية، ولم يجد طريقاً
سوى «الحلم الأميركي». لكنه على الأرض الموعودة، وجد نفسه لاجئاً فقيراً عليه أن يثبت نفسه وسط بيئةٍ غير صديقة بالضرورة.
كما حاز «ذا بروتاليست» على أوسكار أفضل تصوير سينمائي وأفضل موسيقى تصويرية.
أوسكار لابنة المهاجرين
كانت الرهانات كبيرة على فيلم «إميليا بيريز» الموسيقي، إلّا أنّ آمال «نتفليكس» بحصول إنتاجها الأصلي على حصةٍ كبيرة في الأوسكار خابت. وقد اقتصر التكريم على فئتَي أفضل أغنية وأفضل ممثلة مساعدة لزوي سالدانيا.
لم تَغِب التلميحات السياسية المناهضة لإدارة ترمب المعادية للمهاجرين عن كلمة الممثلة الشابة، التي قالت: «جاءت جدّتي على هذا البلد في 1961. أنا ابنةٌ فخورة لأهلٍ مهاجرين لديهم أحلام وكرامة وأيادٍ عملت بكدّ». وأضافت سالدانيا في خطابها المبلّل بالدموع: «أنا الأميركية الأولى من أصول دومينيكيّة تفوز بجائزة أوسكار وأعرف أنّني لن أكون الأخيرة».
كبار الخاسرين
اكتفى فيلم «ويكِد» (Wicked) الذي كان مرشحاً عن 10 فئات، بأوسكار أفضل أزياء وأفضل تصميم إنتاج. أما «كونكليف» فحاز فقط على أوسكار أفضل سيناريو مقتبس. الفيلم البريطاني الذي سبق أن تُوّج بـ4 جوائز «بافتا»، تدور أحداثه في الفاتيكان، ويطرح قضيةً جريئة وهي المؤامرات المحيطة بانتخاب بابا جديد للكنيسة الكاثوليكية.

وفيما كانت تشير التوقّعات إلى أنّ فيلم «ذا سابستانس» لن يخرج خالي الوفاض إلى هذه الدرجة، لم يحصد سوى أوسكار أفضل ماكياج وتصفيف شَعر من أصل 5 ترشيحات. ولعلّ كبرى الخيبات هي تلك التي أصابت الممثلة ديمي مور. فهي كانت تستعدّ لرفع أول أوسكار في حياتها بعد مسيرةٍ تمثيلية امتدّت 4 عقود، صُنّفت خلالها على أنها نجمة أفلامٍ تجارية. إلا أن فرحة الـ«غولدن غلوب» لم تكتمل في الأوسكار، بالنسبة إلى مور والتي تؤدّي في الفيلم دور نجمة هوليووديّة تراجعت حظوظها بسبب سنّها فلجأت إلى عقارٍ سحريّ يعيد إليها الشباب.

تكريم وتحيّات
الحفل الذي قدّمه الممثل الكوميدي كونان أوبراين، كرّم عناصر الإطفاء في لوس أنجليس بعد الحرائق التي نكبت المنطقة وأخّرت احتفالية الأوسكار. كما وُجّهت التحية إلى الممثلين الذين رحلوا العام المنصرم، وآخرُهم جين هاكمان.

أما الفائزون عن باقي الفئات، فتوزّعوا على الشكل التالي:
– أفضل ممثل مساعد: كيران كالكن عن دوره في A Real Pain.
– أفضل فيلم أجنبي: I’m Still Here من البرازيل.
– أفضل فيلم قصير للرسوم المتحركة: In the Shadow of the Cypress.
– أفضل فيلم طويل للرسوم المتحركة: Flow.
– أفضل وثائقي قصير: The Only Girl in the Orchestra.
– أفضل مؤثرات صوتيّة وبصريّة: Dune Part 2.
– أفضل عمل حيّ قصير: I’m Not a Robot.