هل يمكن أن يؤدي قانون قيصر إلى الضغط على الأسد لتحقيق بعض الإصلاحات الدستورية أو على الأقل الموافقة على عودة اللاجئين السوريين؟
دخل قانون القيصر الذي يفرض عقوبات ضد نظام الرئيس بشار الأسد، وضد من ساعده، حيز التنفيذ أمس الأربعاء 17 يونيو/حزيران.
ويعاقب قانون قيصر أي شخص في أي مكان يقدم بأي طريقة مساعدة إلى آل الأسد وحكومتهم وجيشهم ومؤسساتهم، أو شبكات دعمهم وحلفائهم، أو مصالحهم التجارية، ولكن يبدو أن هذا القانون لن يغير من سلوك الأسد، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Financial Times البريطانية.
كل الجهود الدبلوماسية ذهبت سُدى
يشن النظام السوري حرباً شاملة ضد شعبه لسحق حراكٍ بدأ في صورة ثورة مدنية ضد الطغيان والاستبداد في 2011، وقد أدين بارتكاب سلسلة من الفظاعات. حولت الغارات الروسية والسورية مدناً إلى ركام، بما فيها حلب وحمص.
ويعد النظام مسؤولاً عن قتل أكثر من 500 ألف شخص، إذ قتل المدنيين بالمدفعية والبراميل المتفجرة وغاز الأعصاب، واستُهدفت الأسواق والمدارس والمستشفيات. وقد شُرد نصف سكان سوريا جراء هذا.
وذهبت سدى الجهود ذات الرعاية الأممية والمدعومة من الغرب، من أجل التوصل إلى مسار دبلوماسي لهذا الصراع.
خدعة روسيا بشأن عودة اللاجئين السوريين ترفضها الطائفة العلوية برمتها
أما محاولات روسيا للخداع عن طريق عرض انتقال غير جدي للسلطة على أن يكون الأسد على رأس هذه السلطة، فلم تكن إلا محاولات زائفة.
ادعت موسكو أنها قادرة على تيسير إعادة أكثر من 6 ملايين من اللاجئين السوريين إلى أوطانهم -وهؤلاء يمثلون كابوساً يطارد أوروبا منذ أن تسبب ارتفاع مستويات الهجرة في إثارة موجات من رهاب الأجانب الشعبوي في 2015 و2016- إذا ساعد الاتحاد الأوروبي في إعادة إعمار سوريا.
غير أن هذا الأمر مستبعد تماماً. ولا يقتصر سبب هذا على أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ستجعل أية مساعدة مشروطة بخروج الأسد من سدة الحكم. بل يعزى إلى أن ديكتاتورية سوريا، المعتمدة على الأقلية العلوية، لن تسمح بعودة أعداد كبيرة من اللاجئين لتشكّل مرة أخرى غالبية سنية أوشكت على إسقاط نظامها في المقام الأول.
الأسد يعتبر نفسه انتصر وبوتين لن يستبدله حتى لو كان ناقماً عليه
صار الأسد متصلباً بعد أن أنقذت روسيا حكمه ودحرت المعارضة المسلحة. وبالرغم من أن الزعيم السوري يقع تحت وصاية روسية، وصف دبلوماسي بارز شارك في الوساطة في سوريا سلوك الأسد بأنه كما لو كان يقول: “لم أنتصر في هذه الحرب على الجبهة العسكرية كي أسمح لهم بتحقيق النصر على الجبهتين السياسية والاقتصادية”.
التكهنات المتكررة بأن موسكو ستخطط لانقلاب في دمشق كي تستبدل بالأسد عميلاً أكثر مرونة، اتضحت أنها خيالية. لكن تذمر روسيا صار مسموعاً.
تتمثل أكثر المشاكل حدة أمام سوريا وروسيا في تهاوي الاقتصاد السوري. انخفض الناتج الاقتصادي لسوريا بما لا يقل عن الثلثين منذ بداية الحرب. وفقدت الليرة السورية ثلثي قيمتها في الأسابيع الأخيرة فقط، وعجّل قانون قيصر بهذا الانهيار.
صومال على ضفة المتوسط
وتعتقد الأمم المتحدة أن 80% من السكان صاروا تحت خط الفقر، وأن 9.3 مليون سوري يعانون من “انعدام الأمن الغذائي”. انطلقت احتجاجات في السويداء، معقل أقلية الدروز في جنوب غرب سوريا، التي ظلت خارج مسارات الحرب. وتُستبدل الليرة التركية بالليرة السورية في الجيوب التي تسيطر عليها تركيا في الشمال. وتتحول البلاد إلى صومال أو أفغانستان على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
فقدت سوريا رئتها الإضافية، المتمثلة في لبنان المجاور لها، حيث ينهار الاقتصاد بنفس السرعة. ويقول المصرفيون المطلعون في بيروت إن السوريين حولوا 7 مليارات دولار إلى خارج لبنان عندما بدأت الأزمة في سبتمبر/أيلول. وانخفض تهريب القمح والوقود من لبنان إلى سوريا، نظراً إلى أن مصرف لبنان المركزي نفدت لديه الدولارات اللازمة لدعم هذه السلع.
والسوريون العاديون يواجهون خطر المجاعة
تمثلت استجابة الأسد في إقالة رئيس وزرائه، الذي كانت وظيفته الأساسية تكمن في تخفيف حدة الأزمات. وضغط كذلك على رأسماليي المحسوبية السوريين والمتربحين من الحرب، بما في ذلك ابن خاله الملياردير رامي مخلوف. ولم ينجح أي من هذا.
وفي غضون ذلك، لن يشهد السوريون العاديون -وهم المستفيدون المفترضون من قانون قيصر- إلا تحركاً يدفعهم بسرعة أكبر نحو المجاعة.
يصف أحد أشد معارضي الأسد هذا الوضع بأنه سيئ، لدرجة أن روسيا تعبر عن شواغلها للولايات المتحدة، والمعارضة السورية الرئيسية تعبر عن شواغلها لموسكو.
هل تحقق الدبلوماسية أي نتائج؟ كتب تشارلز ليستر، الخبير في الشؤون السورية في معهد الشرق الأوسط، مؤخراً أن “المخرج الوحيد لسوريا من هذه الأزمة المشتدة مؤخراً، قد يتضح عندما تُفتح أبواب الدبلوماسية الدولية واستئناف المشاركة الاقتصادية، ولكننا نغلق هذه الأبواب بإحكام شديد في يومنا هذا”.
تكمن المشكلة في أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يفضل فرص التقاط الصور أو الصفقات على اتباع الدبلوماسية الحقيقية. وليس لدى الأسد أي شيء من هذا ليعرضه عليه، غير أن روسيا ربما تملك هذا الشيء.
زوجة ماهر الأسد..إحدى النساء المعاقبات أمريكياً
- م
طالت العقوبات الأميركية المعلنة، يوم أمس الأربعاء، نساء كثيرات ينتمين إلى عائلة الأسد، وسواهنّ من المقرّبات من العائلة أو اللواتي يمارسن أنشطة اقتصادية داعمة له،مثل بشرى الأسد، شقيقة رئيس النظام السوري، وسمية حمشو سيدة الأعمال التي عوقب عدد غير قليل من أسرتها، كعلي حمشو، وأحمد حمشو، وعمرو حمشو.
كما طالت العقوبات زوجة ماهر الأسد، منال جدعان؛ الأمر الذي دفع البعض للتساؤل، خاصة بين أنصار الأسد، عن سبب معاقبة زوجة ماهر الأسد، فيما لا تمثل أي جهة رسمية في البلاد، ولا تدير أي شركة أو مؤسسة، مما حدا بهم لا تهام العقوبات الأميركية بأنها “انتقامية”.
إلا أن زوجة ماهر، على غير ما يقوله أنصار النظام، فقد حملت صفة رسمية، ووقعت اتفاقية مع دولة أخرى، ممثلة مؤسسات الأسد.
في هذا السياق، أفاد موقع العربية نت بأنّ زوجة ماهر الأسد،قد مثّلت رسمياً، طرف النظام السوري، في مباحثات رسمية في إيران، عام 2017، للتوقيع على اتفاقية رياضية.
حيث جرى ذلك، بحضور عدنان محمود، سفير نظام الأسد في طهران، إذ قامت منال جدعان الأسد بالتوقيع على اتفاقية تعاون مع الاتحاد الإيراني للفروسية، عام 2017. ووقع عن الجانب الإيراني، مسعود خليلي، رئيس اتحاد الفروسية في إيران.
وكانت جدعان تحمل صفة “رئيسة فخرية” للاتحاد السوري للفروسية، إلا أن هذه الصفة الفخرية، منحتها صلاحيات التوقيع على اتفاقية رسمية مع دولة أخرى.
وبحسب الصور المنتشرة لتوقيع الاتفاقية عام 2017، تظهر جدعان، والإيراني خليلي، وسفير الأسد لدى طهران، في عدة صور للاتفاقية، ثم للاحتفال معاً، بانتهاء بطولة فروسية كانت إيران تقيمها على أراضيها في ذلك الوقت.
وكانت الإدارة الأميركية قد أقرّت عقوباتها التي طالت شركات ومؤسسات اقتصادية داعمة لنظامه، ومنها شركة “راماك” التابعة لابن خال الأسد، رجل الأعمال رامي مخلوف، على رئيس النظام السوري بشار الأسد نفسه، وزوجته أسماء الأخرس، وطالت شقيق الأسد، اللواء ماهر، قائد الفرقة الرابعة التي خضعت للعقوبات هي الأخرى، كما طالت العقوبات زوجة اللواء ماهر الأسد، منال جدعان الأسد.
ترحيب بقانون قيصر في إدلب..ومخاوف من تأثيره على المدنيين
- م
يقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن تراجع قيمة الليرة للنصف منذ مايو، تسبب في رفع أسعار السلع الأساسية لمستويات قياسية بعيدة جداً عن القدرات الشرائية لأربعة ملايين شخص في شمال غربي سوريا، حيث فرّ العديد من السوريين عند استعادة الأسد لأراض من مسلحي المعارضة.
على الرغم من كون شمال غربي سوريا، يقع خارج نطاق حكم الأسد، فإن الليرة السورية ما زالت تُستخدم هناك. وانخفضت قيمتها هذا الشهر إلى ثلاثة آلاف ليرة مقابل الدولار، من 47 ليرة فقط عندما بدأ الصراع عام 2011.
في هذا السياق، نقل موقع الحرة عن أحد الأهالي المقيمين في إدلب قوله: إنه “قرار جيد. لكن المهم هو ألا نتأثر نحن به”، وأضاف أن “الأسعار اليوم مرتفعة بشكل جنوني”.
حيث تستثني هذه العقوبات واردات المواد الغذائية الأساسية والمواد الإنسانية، لكنها تزيد التدقيق على المساعدات للتأكد من عدم استفادة حكومة الأسد منها.
فيما نقل موقع الحرة عن أحد الأهالي المقيمين في حلب قوله: “سعر زوج الأحذية زاد عشرة آلاف ليرة من أمس إلى اليوم”.
إلى ذلك، حذر مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، هذا الأسبوع، من “انهيار مأساوي في الأوضاع الاقتصادية بأنحاء البلاد”.
في السياق ذاته، قال جيمس جيفري في مؤتمر عبر الهاتف، أن سياسة الولايات المتحدة تقضي باللجوء إلى “وسائل دبلوماسية واقتصادية قسرية يجب استخدامها لوقف النظام السوري عن أعمال القتل والهجمات عن الشعب السوري ودعم الانتقال إلى حكومة في سوريا تحترم دور القانون وحقوق الإنسان والتعايش السلمي مع جيرانه”.
وأكّد جيفري على أن واشنطن “لم تمرر أي رسائل للأسد بأي شكل، ونعمل مع الروس على عدة مستويات لمحاولة إيجاد سبيل للتحرك إلى الأمام حول تنفيذ القرار 2254”.
رغم الرفض الروسي..تجنيد دفعة جديدة في صفوف الفرقة الرابعة بدرعا
- ص
يتصاعد التوتر في الجنوب السوري، نتيجة عمليات الخطف والفوضى الأمنية، الناجمة عن التنافس الروسي- الإيراني للهيمنة على المنطقة، والمتمثل بالصراع الخفي بين الفيلق الخامس الذي أنشأته روسيا، والفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام السوري، التي تتبع لإيران.
حيث تشهد محافظة درعا تصاعداً في الصراع الخفي بين الفيلق الخامس ، والفرقة الرابعة، ويتمثل الصراع الخفي بالمحاولات المستمرة من كل جانب لفرض نفوذه الكامل على درعا، فبعد أن ثبتت قوات الفيلق الخامس نفوذها وباتت القوى الأكبر على الأرض هناك، عادت الفرقة الرابعة إلى الساحة مؤخراً.
اقرأ المزيد: بوادر تمرّد على الأوامر الروسية في سوريا..ماهر الأسد يرفضها
وبحسب مصادر المرصد السوري، فإن الفرقة الرابعة تسعى لاستقطاب الرجال والشبان وخاصة المقاتلين السابقين لدى الفصائل مقابل رواتب شهرية وإغراءات أخرى.
وقد استطاعت الفرقة الرابعة مؤخّراً، استقطاب دفعة تضم العشرات، ممن جرى الزج بهم على الحواجز بعد إخضاعهم لدورات عسكرية بريف درعا الغربي، في المقابل لاتزال كفة الروس راجحة عبر الفيلق الخامس، الذي يضم مقاتلين سابقين لدى الفصائل ممن رفضوا التهجير وأجروا “تسوية ومصالحة”.
وتجدر الإشارة إلى أن أن حواجز “الفرقة الرابعة” منتشرة على كامل التراب السوري، بينما من المفترض أن تكون متواجدة فقط في مناطق دمشق وريفها.
وكان المرصد السوري قد نشر قبل أيام، أن روسيا أعطت أوامرها بسحب جميع حواجز “الفرقة الرابعة” ضمن قوات النظام، حيث أفادت مصادر المرصد السوري بأن ماهر الأسد رفض الأوامر رفضاً قاطعاً ولم يتم سحب حواجز حتى اللحظة، إلا أن روسيا تسعى جاهدة لذلك عبر تقوية نفوذ “الفيلق الخامس” في عموم سوريا ولاسيما درعا، عبر عمليات تجنيد متصاعدة بإغراءات مادية كبيرة.
في سياق متصل، كان “راديو صوت بيروت” قد أفاد في وقت سابق، بأنّه حصل على معلومات من داخل مناطق سيطرة النظام، تفيد بأن ماهر الأسد أرسل رسالة شديدة اللهجة إلى حسن نصر الله، حذّره فيها من الإقدام على أيّة خطوة بخصوص إقفال المعابر غير الشرعية بين سوريا ولبنان.
مشروع ألماني بلجيكي.. لتمديد التفويض بتمرير المساعدات عبر الحدود
- ص
أفادت مصادر مطّلعة بأنّ كلّاً من ألمانيا وبلجيكا قدّمتا هذا الأسبوع إلى مجلس الأمن الدولي، مشروع قرار يُمدّد لمدّة عام التفويض بعبور الحدود السوريّة لتقديم مساعدات إنسانيّة، وهو مشروع قد يُواجه معارضة روسيّة بحسب دبلوماسيّين.
حيث تقترح ألمانيا وبلجيكا في مشروع القرار الذي قدّمتاه، تمديد الترخيص مجدّداً، لمدّة عام، حتّى 10 تموز/يوليو 2021 لنقطتَي العبور المستخدمتين على الحدود التركيّة.
اقرأ المزيد: بسبب معبر اليعربية..روسيا ترفض تعليمات إيصال المساعدات
حيث يُشير النصّ إلى أنّ “أكثر من 11 مليون سوري يحتاجون إلى مساعدات إنسانيّة، وأنّ الآليّة العابرة للحدود تبقى حلاً عاجلاً وموقّتاً لتلبية احتياجات السكّان”.
فيما فرضت روسيا تخفيضاً كبيراً في عدد نقاط العبور الحدوديّة المسموح بها، من أربع نقاط إلى اثنتين، وذلك بعد استخدامها الفيتو الرابع عشر منذ بدء الحرب في سوريا العام 2011، حيث ألزمت موسكو شركاءها وقتذاك بخفض مدّة التفويض إلى ستّة أشهر، بعدما كان يُمَدّد لسنة. وينتهي التفويض في 10 تموز/يوليو.
كما قال دبلوماسي غربي طلب عدم كشف هوّيته إنّ نقطتي العبور الحدوديّتين في باب السلام وباب الهوى، تُعتبران “أولويّة لأنّ الوضع في إدلب لا يزال هشًّا للغاية”.
إلى ذلك، طالبت برلين وبروكسل في نصّهما بـ”استثناءٍ” لمدّة “ستة أشهر” لإعادة استخدام معبر اليعربية على الحدود العراقية. وكانت هذه النقطة أغلِقَت في بداية العام، حيث كانت تُتيح إرسال مساعدة طبّية لنحو 1,3 مليون نسمة يعيشون في الشمال الشرقي.
في السياق ذاته، اعتبر الدبلوماسي نفسه أنّ القول – كما تدّعي روسيا- إنّ المساعدات يمكن أن تمرّ عبر دمشق بدلاً من جعلها تمرّ عبر الحدود السورية هو امر “ليس صحيحاً” ويشكّل “دعاية روسية”.
وكانت السفيرة الأميركيّة في الأمم المتحدة كيلي كرافت، قد قالت في لقاء صحفي مطلع الشهر الحالي، إنّ “عدم التمكّن من تقديم المساعدة الإنسانيّة لسوريا سيؤدّي إلى وفاة أشخاص أبرياء ويحكم على الملايين بمستقبل مظلم”.
وكانت روسيا قد رفضت قبل أكثر من شهر، حزمة التوصيات التي قدمتها منظمة الصحة العالمية، باستئناف آليات العمل في المعابر الحدودية، لتوصيل الإمدادات الإنسانية إلى المناطق السورية. واعتبرت أن تقرير المنظمة الدولية بهذا الخصوص، يعكس رضوخها للضغوط التي تمارسها واشنطن وبلدان غربية أخرى.