بدء المظاهرات في لندن للمطالبة باستقالة رئيس الوزراء كامرون لاخفاءه مساهمته في شركة والده

بدء المظاهرات في لندن للمطالبة باستقالة رئيس الوزراء ديفيد كامرون بسبب اخفاءه مساهمته في شركة والده.
تسريب الوثائق ونشرها كما هي ليس استقصاء بل هو مجرد تسريب، وهذا ماتقوم به ويكليكس، ومع ذلك يمكن للصحفي المحترف ان يقرآ هذه التسريبات ويكتشف قصصاً صحفية من ورائها او يربط حقائق جديدة باخرى سابقة، وهي مهارة ربما لايدركها كثير من قارئي هذه الملفات، هذا ان قرؤوها اصلاً.
بينما طريقة الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين icij تعتمد على الاستقصاء: عندما تصله وثائق لاينشرها كما هي، لكنه يستعين من صحفيين ذوي خبرة في تحقيقات تتبع المال من مختلف انحاء العالم، لكي يطلعوا ويحللوا الوثائق بحسب بلدانهم على اسماء الشخصيات والشركات والاحداث الواردة في هذه الوثائق، والبحث في نواح منها: هل هذه الوثائق تكشف ماكان مخبأ من عقود وعطاءات لشخصيات معينة، او ذمم مالية لم يصرح بها مسؤولون او تكشف شراكات بين مسؤولين ورجال آعمال لم تكن معروفة في الخفاء، كما يربط الصحفيون الاستقصائيون مثلا بين تواريخ تولي المنصب من قبل المسؤول وتآسيس شركاته السرية او حساباته البنكية.
اذا الصحفي الاستقصائي لايعنيه نشر الوثيقة فقط مع تعليق بسيط او معلومات سطحية، بل هو يحاول كشف اشياء لم تكن معروفة من قبل استناداً الى هذه الوثائق، وهذا ما فعله الزميل مصعب الشوابكة مثلا في تحقيق وثائق بنما عندما ساعدته الوثائق علي كشف لغز عطاء مصفاة النفط في الاردن ومن ورائها بكل التفاصيل، وهكذا فعل كثير من الزملاء، وهو مايبرر العمل على هذه الوثائق لعام كامل قبل ان نبدآ بالنشر، وهذا مايبرر لماذا لم تنشر اسماء شخصيات مثل رجال أعمال او حتى سياسيين لكن شركاتهم الاوف شور لم تكن مفاجئة لانها معلنة اصلاً ويعملون بها تحت اسمائهم علناً.
كان هناك رآي عند icij ربما لا يؤيده بعض الصحفيين، لكنني اؤيده تماماً، وكان هذا الرآي يقول: هل علينا نشر تحقيقات عن شركات مسؤولين او رجال اعمال وهي في الاوف شور، حتى ولو لم يثبت لدينا انها استغلت في صفقات فساد او عقود مع الدولة او استغل منصبه بها؟ الرآي الذي اؤيده وكان راي الاتحاد الدولي، هو "نعم" مادام شخصية عامة (سياسي، رجل اعمال) حتى ولو كان معروفاً باستثمارته، فيجب ان ننشر ولو قائمة بممتلكاته الخفية، لأننا بذلك نفرض عليه الشفافية، ويعتقد هذا الرآي وأنا معه، أن الرأي العام يجب أن يعرف مالدى هؤلاء الشخصيات العامة مما خفي من شركات وممتلكات.
بكل الاحوال ما قام به الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين منذ تسريبات (لوكس ليكس) ثم (سويس ليكس) والآن مع (وثائق بنما) لم تنشر الوثائق لكل الاشخاص والشركات، فهناك مثلا في سويس ليكس عشرات الآلاف من الناس العاديين او اصحاب الشركات المعروفة ممن لديهم حسابات في هذا البنك، واطلعنا عليها لكن لم تنشر لاننا لم نجد رابطاً بينهم وبين اي عمل مخالف، وما كتب عنهم من تحقيقات هم فقط من كانوا مسؤولين او رجال اعمال لديهم قصص فساد او مخالفات ساعدت الوثائق في كشفها، ومنها مثلا ما استطاع الزميل رياض قبيسي كشفه في لبنان من خلال سويس ليكس هو ان عضو المحكمة الدستورية كان مشتركاً في حساب بنكي مع وزير الدفاع السابق الياس المر، وهو ما برر انحياز عضو المحكمة للوزير في انتخابات المتن في عام ٢٠٠٣ وهي شراكة لم تكن معروفة لكن رياض اكتشفها بالاستقصاء، وغيرها الكثير من الامثلة.
هذا مايحصل الان مع وثائق بنما، هناك اكثر من ١١ مليون وثيقة تخص اكثر من ٢٠٠ الف شركة اوف شور، لكن التحقيقات ستطال من رآى هؤلاء الصحفيون الاربعمئة بخبرتهم، ان الوثائق الخاصة بهم تكشف اعمالاً مخالفة. ولكي يآتي دور الجمهور والخبراء في مراقبة كل الاسماء والشركات المرتبطة بها، فإن الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين سينشرالشهر القادم اسماء مؤسسي ومساهمي الشركات مع شركاتهم وشركائهم بشكل تفاعلي، دون اي اتهام بالفساد، لكنه سيترك الامر لكم ولكل من لم يطلع على هذه الاسماء، فربما يكتشف اشياء جديدة، وربما يجري تحقيقا استقصائيا لم يكتشف الصحفيون من قبله زاويته.
مواضيع تهمك
اقرأ أيضاً









