تخترق الموجات الصوتية الصادرة عن الثدييات المائية الصخور تحت أمواج المحيطات وربما تساعد في دراسات علماء الزلازل الاستقصائية.
في عام 2019، كان عالم الزلازل «فاكلاف كونا» يتابع التسجيلات الصادرة عن عشرات أجهزة قياس الزلازل في الجزء السفلي من شمال شرقي المحيط الهادئ، وذلك عندما لاحظ استمرار صدور أصوات غريبة: أصوات الصرير لمدة ثانية واحدة تلك التي تتكرر مرة كل 30 ثانية أو نحو ذلك.
ولقد تحولت سيمفونية الأصوات المتقطعة هذه إلى أغاني الحيتان الزعانف في قلب المحيط.
قال الدكتور كونا، الذي كان طالبا بالدراسات العليا في جامعة أوريغون في ذلك الوقت: «لأنني عالم في الزلازل، لم أكن كمثل حيتان الزعانف، وهذا شيء لطيف»، حسب صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية.
ومع تعمقه في البيانات وجد أن نداءات الحيتان المسموعة كانت تؤثر على قاع البحر. وأثناء تبادل تلك النداءات، كان قدر من الطاقة اللازمة لها ينتقل عبر الأرض في شكل موجات زلزالية، تلك التي ارتدت حول الامتداد الصخري المدفون قبل أن تتمكن أجهزة قياس الزلازل من التقاطها في قاع المحيط.
وما سوف يكتشفه الدكتور كونا، الذي يعمل حاليا في المعهد الجيوفيزيقي التابع للأكاديمية التشيكية للعلوم رفقة الدكتور جون نابليك من جامعة أوريغون، يتعلق بأن أغاني حيتان الزعانف يمكن استخدامها في القشرة الأرضية في المحيط. وبواسطة استخدام هذا المصدر البيولوجي للزلازل، وجد العالمان أنه يمكنهما المشاهدة لمسافة 8200 قدم تحت قاع البحر، من خلال الرواسب والصخور البركانية الكامنة. ولسوف تقل الحاجة لانتظار المصدر التكتوني للموجات الزلزالية، أو لإرسال سفينة كاملة الطاقم والمسلحة بالمدافع الجوية إلى وسط المحيط من أجل إحداث الزلازل الاصطناعية وتصور الطبيعة الطبقية لعالم أسفل المياه في كوكب الأرض.
وقالت الدكتورة جاكي كابلان، وهي عالمة الزلازل والبراكين في جامعة ويسترن واشنطن، والتي لم تشارك في الدراسة المذكورة التي نشرت يوم الخميس في مجلة ساينس: «إنه مثال جيد على كيفية الاستفادة من البيانات التي توفرها لنا طبيعة كوكب الأرض».
وحصلت حيتان الزعانف – وهي وحوش البحر الرشيقة التي يبلغ وزنها 60 طنا وطولها حوالي 80 قدما – على اسمها الشهير بسبب الزعنفة الكبيرة الناتئة على ظهورها. وهي حيوانات بحرية سريعة السباحة وتعشق تناول الأسراب من أسماك الكريل الصغيرة فضلا عن الحبار. وهي دائمة الثرثرة مع بعضها البعض أثناء سباحتها في مجموعات عبر إصدار أصوات صاخبة تبلغ 189 ديسيبل.
قال ويليام ويلكوك، عالم الجغرافيا الفيزيائبة لدى جامعة واشنطن، وهو لم يشارك في الدراسة المذكورة: «إنها تصدر أصواتا عالية للغاية. وهي على قدر ارتفاع صوت ناقلة الحاويات العملاقة».
«الخميرة» تفك شفرة التواصل بين الخلايا
نجح فريق يقوده باحثون من جامعة غوتنبرغ السويدية في فك شفرة التواصل بين خلايا الجسم باستخدام خلايا الخميرة الشبيهة بالخلايا البشرية، ونشروا نتائج ما توصلوا إليه في العدد الأخير من دورية «Pnas».
والتواصل بين الخلايا في أجسامنا أمر حيوي، فالعمليات التي تقوم بها الخلايا بشكل متزامن منسق مطلوبة لكي يعمل الكائن الحي، وتتمكن الأعضاء البشرية من أداء وظائفها، ويساعد فهم آلية هذا التواصل في علاج بعض الأمراض، مثل السكري من النوع الثاني.
تقول كارولين بيك أديلز، الأستاذة بجامعة غوتنبرغ الباحثة الرئيسية بالدراسة، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة أول من أمس: «نحن بحاجة إلى فهم السلوك المعقد للخلايا الذي يصعب دراسته، والذي تنتقل به الخلايا من العمل بصفتها أفراداً إلى العمل بصفتها جماعات».
وفي الدراسة، قام الباحثون برسم خريطة للآلية الكامنة وراء الاتصال الخلوي في عملية التمثيل الغذائي باستخدام «خلايا الخميرة» لأنها تشبه الخلايا البشرية، وانصب تركيزهم على متابعة العملية التي تعرف بـ«التذبذب الناتج عن تحلل الغلوكوز»، وهو سلسلة من التفاعلات الكيميائية تحدث في أثناء عملية التمثيل الغذائي. وأظهرت الدراسة كيف أن الخلايا التي كانت تتأرجح في البداية بشكل مستقل بعضها عن بعض قد تحولت إلى كونها أكثر تزامناً، مما أدى إلى تكوين مجموعات متزامنة جزئياً من الخلايا.
ويوضح بيك أديلس، الباحث المشارك بالدراسة، في التقرير ذاته الذي نشره الموقع الإلكتروني للجامعة: «أحد الأشياء الفريدة في هذه الدراسة أننا كنا قادرين على دراسة الخلايا الفردية، بدلاً من مجرد مجموعات خلايا كاملة، وقد سمح لنا هذا بأن نكون قادرين حقاً على رؤية كيفية انتقال الخلايا من سلوكها الفردي إلى التنسيق مع جيرانها. وهذا ساعدنا على رسم خريطة لسلوكهم، من حيث الوقت والمكان، أي عندما يحدث شيء ما وفي أي خلية».
ويقول: «يمكن تطبيق هذه المعرفة في كثير من الأنظمة البيولوجية الأخرى والخلايا الأكثر تعقيداً، حيث يلعب سلوك الخلية المنسق دوراً مهماً، إذ يوجد هذا النوع من السلوك أيضاً في خلايا مثل خلايا عضلة القلب وخلايا البنكرياس التي يمكن أن تكون جزءاً مهماً من اللغز في أبحاث مرض السكري».