قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء 16 مارس/آذار، إن 4 دول ستوقع “اتفاقيات سلام” مع إسرائيل. ولكن نتنياهو، الذي كان يتحدث إلى الموقع الإلكتروني لصحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، لم يكشف عن أسماء هذه الدول.
جاء تصريح نتنياهو عشية الانتخابات العامة الإسرائيلية، التي ستجري الأسبوع القادم، إذ يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى استغلال ملف تطبيع بلاده مع الدول العربية من أجل حشد المزيد من الدعم خلال الانتخابات التي تعتبر حاسمة في تحديد مسار نتنياهو السياسي.
مزيد من اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل
قال نتنياهو في إشارة إلى اتفاقيات تطبيع العلاقات مع الإمارات والبحرين والسودان والمغرب “لقد جلبتُ السلام مقابل السلام”، في إشارة لرفضه مبدأ “الأرض مقابل السلام” الذي تدعو له المبادرة العربية للسلام، التي تبنتها الدول العربية عام 2002.
وأضاف: “هناك 4 اتفاقيات سلام أخرى بالطريق”، وفي الوقت الذي لم يشر فيه لأسماء الدولة الأربع، قال نتنياهو إنه تحدث الإثنين 15 مارس/آذار، لأحد قادة تلك الدول في اتصال هاتفي دام 45 دقيقة، وفق ما ذكرته صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية الثلاثاء.
الصحيفة أوضحت أن نتنياهو رفض الاتهامات بأنه لم يحضر حدث نظمه “الليكود” في عسقلان الإثنين، بسبب التهديد بإطلاق صواريخ من غزة. بل قال إنه كان يتحدث إلى زعيم في المنطقة، “ولأنه لا يتمتع باستقبال جيد للهاتف المحمول في سيارته المصفحة، لم يتمكن من إجراء المكالمة في الطريق إلى عسقلان”.
فيما اعتبر نتنياهو أنه ما زال بإمكانه إدارة الحكومة، رغم نظر المحكمة في ملفات ضده بتهم الفساد. وقال: “يمكنني إدارة شؤون البلاد خلال المحكمة”. وستجري في 23 الجاري الانتخابات الإسرائيلية الرابعة في غضون عامين.
دول عربية نفت “التطبيع” مع إسرائيل
حديث نتنياهو عن دول ستعلن التطبيع قريباً يأتي بعد ورود أسماء دول في تقارير سابقة، خاصة سلطنة عُمان وموريتانيا والعراق، التي قالت وسائل إعلام إسرائيلية إنها قد تلتحق بالإمارات والبحرين والمغرب والسودان لتعلن تطبيع علاقتها مع تل أبيب.
لكن الرئاسة العراقية نفت صحة معلومات تناقلتها وسائل إعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بشأن استعداد بغداد للتطبيع مع إسرائيل.
قالت في بيان إن “وسائل إعلام وصفحات في مواقع التواصل الاجتماعي تداولت تصريحاً مفبركاً منسوباً لرئيس الجمهورية برهم صالح مفاده أن العراق مستعد لتوقيع اتفاق سلام مع إسرائيل بالتنسيق مع الفلسطينيين”.
أضاف البيان: “ما تم تداوله غير صحيح بالمطلق وأن التصريح مفبرك”، داعياً وسائل الإعلام والمدونين “لتوخي الدقة والمصداقية وأخذ المعلومات من مصدرها الرسمي”.
وأخرى “حرّمه” علماؤها
بينما كشفت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية أنه سيتم إرسال لقاحات إلى موريتانيا دون علاقات دبلوماسية، لافتة إلى أن “نواكشوط سبق أن أقامت علاقات مع تل أبيب عام 1992، واستمرت حتى آذار/مارس 2010، قبل أن تقطعها بسبب الحرب على قطاع غزة”.
أشارت الصحيفة إلى أن موريتانيا اقتربت من إعادة العلاقات مع إسرائيل في الأشهر الأخيرة، لكن المفاوضات لم تؤتِ ثمارها قبل مغادرة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب منصبه.
في المقابل أفتى 200 عالم موريتاني بحرمة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، معتبرين أن العلاقة معه “حرام لا تجوز بحال”، ومن بين العلماء الموقعين على الفتوى الشيخ محمد الحسن الدوو، والعلامة الشيخ محمد عبد الرحمن.
جاء في الفتوى أن “العلاقة مع الكيان الغاصب لأرض فلسطين المحتل لبيت المقدس حرام لا تجوز بحال”، مؤكدة أن “التطبيع هو مساندة ودعم كامل للصهاينة الغاصبين على كافة ما يقومون به من حصار وقتل وتدمير ولا يمت إلى الصلح بصلة”.
“إخفاق كبير بالسياسة الخارجية”.. كيف علّق الإعلام الإسرائيلي على فشل زيارة نتنياهو للإمارات؟
تناولت الصحافة الإسرائيلية تبعات فشل رحلة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الإمارات للمرة الرابعة على التوالي، يوم الخميس 11 مارس/آذار، وذلك قُبيل أيام معدودة من موعد انتخابات الكنيست.
وقالت صحيفة The Jerusalem Post التي كانت أجرت قبل أيام حواراً مع نتنياهو، إنه “كانت لديه رسالة أراد تأكيدها” خلال المقابلة، حيث قال: “يمكنني تسيير الطائرات الإسرائيلية، أستطيع حماية إسرائيل. لديَّ سجلات على ذلك ونتائج وإثباتات. أما هم [المنافسون السياسيون] فلا يتمتعون بأي من ذلك. صحيح أنهم يملؤهم الطموح، لكن ليس لديهم أي سجلات تدعم ذلك ولا خبرات أو قدرات ولا مؤهلات مثبتة، والآن علينا تسيير الطائرات الإسرائيلية، من سيحركها؟”.
تقول الصحيفة، كان نتنياهو مهووساً بالتأكيد على تمتعه بالخبرات اللازمة على عكس منافسيه في انتخابات 23 مارس/آذار حتى إنه ذكر عبارة “تسيير الطائرات الإسرائيلية” 8 مرات.
لكن في يوم الخميس، تعرضت هذه الطائرات “لهجمة من المطبات الجوية“، بالرغم من أنَّ نتنياهو “هو من يحركها”، إذ ألغيت رحلته شخصياً إلى الإمارات وسط أزمة الأردن. ومن المجالات التي قال نتنياهو إنه سيحرك طائراتها بكفاءة أكبر من منافسيه السياسيين هي السياسة الخارجية؛ فقال ساخراً: “ما هي مكانة هؤلاء الأشخاص؟ في هذا المجال”.
“نتنياهو يتعرض لضربة في الملف الذي كان يعتبر نقطة قوة له”
بشكل عام، تُعَد السياسة الخارجية إحدى “نقاط القوة السياسية” لنتنياهو كما تقول “جيروزاليم بوست”. وخاض حزب الليكود حملة في عام 2019 قالت إنَّ نتنياهو “متفوق على منافسيه”، إلى جانب لوحات إعلانية ومقاطع فيديو له وهو يلتقي بالرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.
وفي الآونة الأخيرة، شدد نتنياهو على أنَّ “مكانته على الساحة العالمية هي التي سمحت لإسرائيل بأن تكون في المرتبة الأولى في تطعيم سكانها ضد كوفيد-19″، وقال: “أنا أتعاون حالياً مع شركتي فايزر وموديرنا… من سيفعل ذلك؟ هل يائير سيفعل.. من هو يائير؟ هل تعلم كم عدد رؤساء الوزراء والرؤساء الذين يتصلون بشركة فايزر أو موديرنا ولا يردون على مكالمتهم؟ لكنهم مع ذلك، ردوا على مكالمتي”.
وكان نتنياهو يأمل في تحقيق “جولة انتصار”، يوم الخميس 11 مارس/آذار، مع الإمارات العربية المتحدة -وإن كانت متأخرة- بعد ثلاث محاولات فاشلة. ولم يكن الإماراتيون متحمسين لقرب موعد الرحلة من يوم الانتخابات، لكنهم استسلموا بعد الضغط المستمر. وقال أحد المصادر في أبوظبي للصحيفة، إنهم يفضلون بقاء نتنياهو رئيساً للوزراء على أية حال؛ لذلك في نهاية المطاف نحّوا اللياقة جانباً.
“ملف العلاقات الإسرائيلية مع الأردن مهمل للغاية”
لكن في النهاية، تأجَّلت رحلة نتنياهو إلى الإمارات للمرة الرابعة، بسبب ملف في السياسة الخارجية مهمل منذ فترة طويلة؛ وهو: الأردن. تستمر التوترات مع الأردن منذ سنوات، وحذر خبراء السياسة الخارجية الإسرائيلية والمُطلِعون نتنياهو مراراً وتكراراً من أنه ينبغي عليه بذل المزيد لإصلاح العلاقة.
وحول ذلك، تقول صحيفة هآرتس إن زيارة نتنياهو “المُجهضة” للإمارات تحولت من “إعلان انتخابي مثالي” إلى “إحراج وطني”، حيث أرسل نتنياهو رئيس الموساد لأبوظبي كي يقنعهم بترتيب الزيارة للمرة الرابعة، وفي النهاية فشلت الرحلة بسبب إغضاب نتنياهو للأردنيين، مضيفة: “إنه أمر مثير للشفقة، كل ما حصل اليوم سيُدرج في تاريخ نتنياهو باعتباره إذلالاً وطنياً كبيراً”.
وتذكر الصحيفة الحوادث التي أدت إلى تراكم الخلاف مع عمّان، وتقول: ربما نسي الكثيرون لكن في الفترة من 2013 إلى 2015 اندلعت توترات شديدة بشأن الحرم القدسي، إلى جانب الضغط السياسي على اليمين الإسرائيلي للسماح لليهود بالصلاة في الحرم القدسي. وتقترن هذه التوترات مع أخرى ثارت في السنوات الأخيرة بسبب الخطط الإسرائيلية لفرض السيادة على غور الأردن بموافقة إدارة ترامب – التي لم تؤتِ ثمارها في النهاية – واستعادة الأردن للباقورة والغمر، الأراضي الزراعية التي كانت إسرائيل تستأجرها منذ معاهدة السلام لعام 1994 بين الدولتين.
ورفض العاهل الأردني الملك عبدالله استقبال مكالمات نتنياهو أكثر من مرة خلال السنوات الأخيرة. وكان من المقرر أن يزور ولي العهد الأردني الأمير حسين بن عبدالله هذا الأسبوع الحرم القدسي الشريف. ونسق الأردن مع إسرائيل تأمين الأمير، الذي وصل إلى الحدود مع ما تقول إسرائيل إنه “عدد من الحراس المسلحين أكبر مما اتفقوا عليه”، بينما يقول الأردن إنَّ “إسرائيل غيَّرت شروطها في اللحظة الأخيرة”. وعلى أية حال، عاد الأمير أدراجه ولم يصل إلى القدس.
وفي رد انتقامي واضح على الخلاف حول زيارة الأمير، تدخل الأردن لعرقلة رحلة نتنياهو المُخطَّط لها إلى الإمارات بمنعه من التحليق فوق مجالها الجوي، ولم يتراجع عن موقفه حتى فوات الأوان، حين كان نتنياهو قد أجّل الزيارة بالفعل.
خصوم نتنياهو يستغلون إخفاقاته في الملفات الخارجية
من جانبهما، بذل وزيرا إسرائيل للدفاع بيني غانتس، والخارجية غابي أشكنازي، جهوداً جادة لإصلاح العلاقات الإسرائيلية-الأردنية في الأشهر التي تلت تأجيل نتنياهو خطط فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية في مقابل “اتفاقات إبراهيم”. وبحسب ما ورد، عقد غانتس اجتماعاً سرياً مع الملك عبدالله، والتقى أشكنازي بنظيره الأردني عدة مرات.
وكان غانتس يقول مراراً وتكراراً في الأسابيع الأخيرة إنَّ “نتنياهو يضر بعلاقة إسرائيل مع الأردن، وهو ما يضر بدوره بأمن إسرائيل القومي”. وصحيح أنَّ غانتس هو المنافس السياسي لنتنياهو، ومنافس مرير في تلك المرحلة، لكن التاريخ الحديث للعلاقات الإسرائيلية-الأردنية تحت قيادة نتنياهو يعطي مصداقية لادعائه، كما تقول “جيروزاليم بوست”.
وبالرغم من أنَّ نتنياهو يسوّق لنجاحاته بـ”تحقيق السلام مع شركاء جدد في جميع أنحاء الشرق الأوسط” كالإمارات والبحرين والمغرب والسودان، لم يفعل ما يكفي للحفاظ على معاهدة السلام القائمة مع الأردن، وجاء انتقامه الآن على حين غفلة.
ومع بقاء 11 يوماً على الانتخابات، أُحبِطَت الدعايا التي كان يأمل نتنياهو في الحصول عليها في أبوظبي. وكان آخر ما يحتاجه نتنياهو هي أزمة دبلوماسية تُقوِّض رسالة حملته الانتخابية بأنه هو وحده من لديه خبرة في العلاقات الخارجية ويد ثابتة لـ”تحريك الطائرات” الإسرائيلية، بحسب وصف الصحيفة الإسرائيلية.