هو عصر كف اليد .. قضاء وحكومةلكن الكفوف المتتالية هي تلك المتهاوية على الوجنات الحكومية ..وكلما أدارت الأيمن جاءتها الصفعات على الأيسر ففي القضاء تم وضع مخطط توجيهي “مزهر ” بإبعاد القاضي طارق البيطار عن ملف تحقيقات المرفأ وكفت يد المحقق العدلي بعدما وصل الملف الى القاضي حبيب مزهر كبدل رئيس عن الغرفة الثانية عشرة والرجل المعين حديثا في مجلس القضاء الاعلى ولما كان القاضي الحبيب من ” الثنائي ” قد ازدهر في معارضته للبيطار وبانت مظاهر هذه المعارضة خلال الاجتماع الذي عقده مجلس القضاء في السابع عشر من تشرين الثاني فقد تكونت الرؤية من أن البيطار بات خارج الخدمة ..وأن إطاحته أصبحت قيد غرفة واحدة .. ومرة جديدة يتفجر العنبر الثاني عشر من الغرفة الثانية عشرة وبتلحيم سياسي محكم .. وفي الغرف الحكومية .. لا أمل بعودة إلى ” أربع حيطان ” تضم مجلس الوزراء . فكل الاتصالات قادت إلى إعلان الإغلاق الحكومي الشامل واتباع تدابير وقائية تمنع انتشار الجائحة الوزارية وتحد من أخطارها وبعد لف ودوران سياسي على كل من قصر بعبدا وعين التينة استخلص الرئيس نجيب ميقاتي توجيه النداء الأخير إلى وزير الإعلام جورج قرادحي للنزول من على متن الرحلة الحكومية وكرر دعوته الوزير المتحصن سياسيا الى أن يحكم ضميره ويقدر الظروف ويتخذ الموقف الذي ينبغي اتخاذه، ويغلب المصلحة الوطنية على الشعارات الشعبوية. وراهن على حسه الوطني لتقدير مصلحة اللبنانيين مقيمين ومنتشرين، وعدم التسبب بضرب الحكومة وتشتيتها وفي تفسيرات عملانية لخطاب ميقاتي أن رئيس الحكومة قدم النصح لقرادحي بأن ” ضح واستقل ” وأن على وزراء الثنائي الشيعي العودة الى مجلس الوزراء من دون “لغة تحد ومكابرة وبعيدا عن الإملاءات والتحديات والصوت المرتفع واستخدام لغة الوعيد والتهديد وقال ” مخطئ من يعتقد أن التعطيل ورفع السقوف السياسية هما الحل. وعلى الجميع أن يقتنع بأنه لا يمكن لأي فريق أن يختصر البلد والشعب وحده بقرار يتعلق بثوابت وطنية لا تتبدل. أراد ميقاتي إحياء مجلس الوزراء بالتضحية بوزير ..باع دول الخليج موقفا بالهجوم على وزير الاعلام وبتوجيه رسائل قاسية الى وزراء أمل حزب الله .. قدم خريطة طريق للحل من ” ذبيحتين اثنتين ” لكنه لم يلمح الى الطريق الثالث وهي استقالة رئيس الحكومة شخصيا وتعويضا عن هذه الاستقالة فإن ميقاتي يرى إمكان اتباع طريق سلفه حسان دياب في عقد اتفاقيات ثنائية مع رئيس الجمهورية ميشال عون .. فيحكم الطرفان من خارج الاجتماعات الرسمية لمجلس الوزراء ويسطران المراسيم تلو الاخرى حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا. وفي عصر سابق لم يجف حبره أمضى الرئيسان عون ودياب شهور عسل من المراسيم المصدرة خلافا للقوانين ..وحكم الرجلان في وئام تام وأنجبا عشرات القرارات التي عادت ووقعت في حكومة ميقاتي كبدل عن ضائع . اليوم يكرر التاريخ نفسه ..ويتفق الرئيسان عون وميقاتي على عدم انعقاد مجلس الوزراء ما دام وزير الاعلام لم يبادر طوعا الى الاستقالة فيما يحتكم قرداحي الى الحاضنة السياسية معلنا أنه لن يخرج من اللعبة ومستمر في المسابقة المليونية . وعليه المعادلة : تصريف أعمال وإصدار مراسيم وبشكل مخالف للقانون معجل مكرر لأن حكومة ميقاتي لم تستقل كالمغفور لها حكومة حساب دياب . فهل تكون الانتخابات النيابية هي من الأضاحي الثالثة ؟ ام يعود وزراء الثنائي الشيعي الى حكومة معا للإنقاذ بعد تطيير القاضي بيطار واجراء ” تلقيح ” صناعي من بعده ؟ والخصوبة السياسية هنا لن تأمنها سوى مفاوضات ثنائية : واحدة في بلاد الرافدين بين ايران والسعودية في جولتها الخامسة … وثانيها في فيينا الطريق الوحيدة السالكة بين اميركا وايران والدول الاوروبية والت قد تقذف حممها على بيروت .