توصلت مجموعة كبيرة من الأبحاث إلى أنه في ظل ظروف معينة، تميل قلوب الناس إلى الخفقان بشكل متزامن أو إلى اتحاد إيقاع نبض القلوب. نعم، الحب أحد هذه العوامل، ولكنه بالتأكيد ليس العامل الوحيد.
في السابق، ومن وحي أجواء عيد الحب أو الفالنتاين، وجد باحثون في جامعة كاليفورنيا ديفيس أن معدلات ضربات قلب العشاق كانت متزامنة عندما كانوا يجلسون بهدوء معاً في غرفة أو عبر طاولة مع بعضهم البعض.
عندما خلط الباحثون بين الأزواج، بحيث تم إقران كل منهم بشخص غريب بدلاً من شريكه، لم تتسق معدلات ضربات القلب مع هذا الشخص الغريب.
كانت هذه مجرد دراسة من مجموعة دراسات تستكشف كيفية تزامن إيقاع نبض القلوب.
وجدت الأبحاث الحديثة أن قلوب الذين يتفقون من اللقاء الأول على سبيل المثال تدق بشكل متزامن مع بعضها البعض، حسب ما نشر موقع Nature العلمي.
وكما ذكرنا سابقاً، لا ينحصر الأمر بالحب والعشق فقط، إذ يمكن أن تتزامن دقات قلب الغرباء أيضاً.
يحصل هذا الأمر عندما ينخرط الأغراب في الاستماع للقصة أو السرد نفسه أو مشاهدة فيلم في اللحظة نفسها.
كما تبين أن قلوب الأمهات وأطفالهن تنبض بإيقاع متسق عندما تلعب الأمهات والأطفال معاً.
لا تزال آليات كل هذا التزامن قيد الدراسة، ومن المحتمل أن الأسباب- بالإضافة إلى الآليات- ستختلف من موقف إلى آخر، ومن زوج إلى آخر.
لماذا يتحد إيقاع نبض القلوب بين الغرباء؟
على سبيل المثال، فيما يتعلق بالغرباء، أشار المؤلفون إلى أن دقات قلب الأشخاص تتغير اعتماداً على المحتوى السردي للقصة، مما دفع المؤلفين إلى التكهن بأن “العوامل المتأصلة في القصة، مثل الدلالات والعواطف والحبكة، تدفع معدل ضربات القلب المتزامن.
بدوره أوضح المشارك في تأليف الدراسة ومهندس الطب الحيوي لوكاس بارا لموقع Science Alert: “نعتقد أن السبب في ذلك هو حاجة الإنسان ليكون مستعداً للتصرف في أي لحظة. ولهذا، تحتاج إلى معرفة ما يدور حولك. وبعبارة أخرى، عليك أن تكون مدركاً لما يحدث. حتى لو أنها مجرد قصة”.
وعندما تم التشويش على المشاركين في الدراسة، اختلف نظم الإيقاع فيما بينهم، وتبين أن الاحتفاظ بالذاكرة يتوازى مع الإدراك الواعي، فتدق القلوب عندها وفق نظام واحد مع المعالجة الواعية للأحداث التي تدور أمامهم.
يقول عالم الأعصاب في معهد باريس للدماغ جاكوبو سيت: “المهم هو أن المستمع يهتم بالأفعال الواردة في القصة. الأمر لا يتعلق بالعواطف، بل يتعلق بالانخراط والانتباه والتفكير فيما سيحدث بعد ذلك، فيستجيب القلب لتلك الإشارات من الدماغ”.
وبصرف النظر عن التغيرات من النشاط البدني والضغوط الأخرى، فإن إيقاعات القلوب تتقلب بشكل طبيعي طوال الوقت. يُعزى هذا إلى العمليات اللاإرادية – الأجزاء التلقائية اللاواعية من تنظيم الأجساد، لكن هذه الدراسات تظهر أن العمليات الواعية تلعب دوراً أيضاً في نبض القلوب وتوحيدها حتى لو كانت بعيدة آلاف الكيلومترات عن بعضها البعض.
تأثير العلاقات على دقات القلب
لسوء الحظ، فإن دراسة صحة العلاقة أكثر صعوبة من قياس معدل ضربات القلب.
يقول العالم النفسي ومدير مختبر التجارب الصحية عبر انتقالات العلاقات (HEART) في جامعة إلينوي بريان غابرييل أوغولسكي: “المشكلة التي ابتلي بها هذا المجال أنه لا توجد في الواقع أي مقاييس موضوعية لجودة العلاقة. كل شيء يعتمد بشكل كبير على التقارير الذاتية”.
ومع ذلك، أدرك أوغولسكي وفريقه أن هناك شيئاً يمكنك قياسه: القرب؛ لذلك صمموا تجربة لقراءة تأثيره على القلب.
وحسب ما نشرت مجلة Discover Magazine، زود أوغولكسي وفريقه 10 أزواج، تتراوح أعمارهم بين 60 عاماً وما فوق، بأجهزة استشعار تتبع مدى قربهم جسدياً من شركائهم على مدار اليوم لمدة 14 يوماً في منازلهم عبر ساعات Fitbit الذكية.
في كل مساء، اتصل الباحثون بالأزواج وأجروا استبياناً نفسياً وعلائقياً قياسياً يجمع معلومات حول التوتر وجودة العلاقة وغيرها من البيانات المبلَّغ عنها ذاتياً حتى يتمكنوا من مقارنة البيانات المبلغ عنها ذاتياً مع قرب الأزواج.
كشفت بيانات ساعات Fitbit الذكية، أن معدلات إيقاع نبض القلوب بين الأزواج تؤثر على بعضها البعض، أو كما قال أوغولسكي، هناك “علاقة أساسية بين القرب ومعدل ضربات القلب، كما أن رقصة معدل ضربات القلب لا تتعلق فقط بما يحدث في علاقة الزوجين، ولكن ما يحدث بين الشركاء في هذه اللحظة مقابل تلك اللحظة”.
كيف يؤثر اتساق نبض القلوب على الإنسان؟
يؤكد أوغولكسي أنه لا يملك إجابة واضحة عن هذا السؤال، لكنه أشار إلى أن البشر مخلوقات اجتماعية للغاية وأن العديد من الدراسات تثبت أن العزلة الاجتماعية ضارة بالصحة.
يقول: “هناك الكثير من الناس الذين يجادلون بأن الارتباط هو التجربة الإنسانية الأساسية والذي يبدأ منذ الطفولة. ثم بمرور الوقت، نحول ارتباطنا من آبائنا إلى أقراننا وأحبائنا. ولذا هناك شعور بالأمان، ومعرفة تؤدي إلى نوع من الاستجابة العاطفية أو الفسيولوجية الأساسية”.
بمعنى آخر، يشير العلم إلى حاجة البشر لبعضهم البعض وأن القلوب تبادر بهذا الاتصال حتى قبل أن يدرك أصحابها.