نجوم الفن والرياضة في السعودية… من كرسي الضيف إلى المُحاور
اعتاد السعوديون على مشاهدة البرامج الحوارية في شهر رمضان، التي يقدمها إعلاميون مثل: عبد الله المديفر، ومفيد النويصر، وعلي العلياني، وغيرها من أسماء سعودية ارتبطت ببرامج الموسم الرمضاني، على مدى سنوات طويلة، لتكون متعة السهر في ليالي رمضان، ونجمة سباق «الترند» على شبكات التواصل الاجتماعي.
إلا أن هذا العام شهد توجهاً جديداً للإعلام السعودي؛ باستقطاب نجوم التمثيل وكرة القدم ليكونوا مقدمي برامج حوارية، وبدلاً من أن يجلسوا على كرسي الضيف، صاروا على كرسي المُحاور، يطرحون الأسئلة ويحاورون الضيوف، مما يفتح باب التساؤل، إن كان هناك شُحّ في عدد مقدمي البرامج الحوارية، أم أن القنوات تحاول الاتكاء على نجومية هذه الأسماء، وكيف يبدو تقييم هذه التجربة، ومدى نجاحهم في منافسة مقدمي البرامج الحوارية.
من ذلك النجم الرياضي سامي الجابر، الذي استضاف عبر برنامجه «ذات» شخصيات بارزة في المجتمع السعودي، وحاورهم بأسلوبه الهادئ للغوص داخل ذواتهم، إلا أنه اكتفى بـ19 حلقة، ليعلن انتهاء برنامجه الذي حرص خلاله على استقطاب عدد من نجوم كرة القدم السعودية إلى جانب مجالات أخرى، على خلاف البرامج الحوارية التي لا تركز كثيراً على الوسط الرياضي.
والأمر ذاته مع الثنائي إلهام علي وخالد صقر، اللذين عرفهما الجمهور كممثلين عبر الشاشة، إلا أنهما يخوضان تجربتهما الأولى في تقديم البرامج الحوارية عبر برنامج «ليالي رمضان»، الذي يستضيفان خلاله نجوم الفن من مختلف الدول العربية، من «بيت مبارك» التاريخي في الدرعية، عبر حوارات تأخذ من الطابع الفكاهي والعفوي سمة لها.
المعرفة المهنية
يتحدث لـ«الشرق الأوسط»، الدكتور عبد الله الحمود، أستاذ الإعلام المشارك في جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض، عن استقطاب مشاهير عالم الفن والرياضة لتقديم البرامج الحوارية، قائلاً: «هناك شرطان مهمان لذلك، الأول: أن يكون هذا المُستقطب لديه من المعرفة والدراية والتجربة بإدارة الحوارات بشكل مهني ورفيع، ولا تكفي الشهرة بمعزل عن المهارة والحرفة في مجال تقديم البرامج. الأمر الثاني أن يتولى تقديم البرامج في سياقه الطبيعي وفي مجال شهرته واختصاصه».
ويشير الحمود إلى ركن ثالث، سمّاه «الأدوار المتداخلة أو الممتزجة التي من الممكن أن تستقطب بعض الكفاءات والمشاهير، وتخدم شهرتهم في أكثر من مجال، وهذا ينطبق على المشاهير في المجالات الشبابية، مثلاً مشهور بالفن أو التمثيل أو الرياضة؛ فمثل هؤلاء يمكن استقطابهم للحديث عن قضايا تخصصهم، وأيضاً في مجالات أخرى تهم قطاع الشباب».
وبسؤاله عن سر انجذاب المشاهدين لهذه البرامج الحوارية، يرى أن المشاهدين لم يثبت انجذابهم حتى الآن، إلا أن هذه البرامج جذبت عدداً من المحطات التلفزيونية والإذاعية، ويضيف: «تبقى تجربة الجمهور قيد النظر والدراسة بعد رمضان، لمعرفة هل تُعدّ جيدة ووجدت صدى مناسباً لدى قطاعات مختلفة من الجمهور؟ وكيف يمكن بالفعل إقرار المضي في هذا الخيار أو تغييره مستقبلاً؟».
ويشيد الحمود خلال حديثه بالقفزة النوعية التي أحدثتها «هيئة الإذاعة والتلفزيون» في السعودية، التي استثمرت في عدد من المواهب لتقديم البرامج خلال شهر رمضان، قائلاً: «هذا يعطي إشارة إلى أن هناك جهداً كبيراً يُبذل في (هيئة الإذاعة والتلفزيون)، والتقييم النهائي للتجربة لا يزال موضوع نظر»، مبيناً أن «الهيئة» نجحت في ابتكار بعض الأشكال البرامجية ونمط الإنتاج في البرامج الحوارية.
الصحافة التلفزيونية
يرى مسفر الموسى، وهو أكاديمي سعودي متخصص في الأفلام الوثائقية وجماليات الشاشة، أن المرحلة الحالية يمكن تسميتها بـ«إعلام ما بعد (ثورة السوشيال ميديا)»، وعن استقطاب مشاهير الفن وكرة القدم أو مشاهير شبكات التواصل الاجتماعي، لتقديم البرامج الحوارية»، يقول: «من الممكن أن نشهد نجاحات أو إخفاقات. لا نستطيع الجزم بذلك». ويتابع حديثه لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «نجاح هؤلاء المشاهير في مجالاتهم السابقة لا يعني نجاحهم في العمل الإعلامي»، مبيناً أن البرامج الحوارية فقدت العمل الصحافي، واعتبر أن برنامج «الليوان» الذي يقدمه الإعلامي عبد الله المديفر هو الوحيد الذي يقدم الصحافة التلفزيونية، في معظم حلقاته.
ويشير الموسى إلى ما سماه تأثير الوسيلة على صناعة المحتوى في التلفزيون، حيث يرى أن مقدمي البرامج القادمين من مجال الفن والرياضة ومنصات التواصل الاجتماعي تفتقد برامجهم القدرة على المحاورة العميقة وإعداد الأسئلة بشكل جيد واختيار الضيوف الجيدين، ويتابع: «برامج المشاهير لا تقدم العمل الصحافي كما هو».
لكن لماذا إذاً باتت تستقطبهم القنوات التلفزيونية لتقديم البرامج الحوارية؟ يرى الموسى هنا أن ذلك دافعه الاتكاء على شهرة هؤلاء النجوم في مجالاتهم من خلال ترويج البرامج الحوارية، ويضيف: «فقدنا المهنية والحرفية، وفقدنا كذلك العمق والثقافة في المادة التلفزيونية، مقابل استسهال جلب المشاهير لتقديم البرامج الحوارية».
مبيعات العباءات في رمضان تشهد تراجعاً والـ«أونلاين» أنقذها
في الماضي القريب كانت شريحة كبيرة من النساء اللبنانيات يستطلعن جديد موضة العباءات قبل وصول الشهر الكريم، يتحرين خطوطها وألوانها، كي يتزين بها في حفلات الإفطار والسحور، متألقات، أنيقات، يلفتن الأنظار. هذه المنافسة في لبس أجمل العباءات، تراجعت مع تضاؤل عدد اللقاءات والتجمعات الرمضانية.
وكانت نجمات الفن أول المهتمات بأزياء وإكسسوارات تتلاءم مع المناسبة. وتكتسح صورهن وسائل التواصل الاجتماعي، وتشكل الـ«ترند» المنتظر في هذا الشهر.
وحالياً تتراجع نسبة بيع العباءات، وكذلك الكافتان وأقراط الأذن وغيرها من الإكسسوارات التي ترافق المرأة الأنيقة في شهر رمضان. وفي ظل انهيار سعر الليرة أمام الدولار، وعدم توفر العملة الصعبة بين أيادي الجميع، كما في سنوات سابقة، تأثرت سلباً هذه التجارة. والمرأة التي كانت تشتري العباءات بالجملة وتتحلى بمجوهرات تحمل لمسة شرقية، لجأت إلى ما تملكه في خزانتها من قبل.
أورور عز الدين إحدى أكثر مصممات العباءات والمجوهرات شهرة في لبنان، ترى أن الأمور بمجملها تغيرت، وما عادت كما في الماضي. وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «يشهد بيع العباءات تراجعاً ملحوظاً يصل إلى نسبة 60 في المائة، مقارنة بالأعوام الماضية. فالتوصيات التي كانت تردنا من قبل نساء لبنانيات وخليجيات قبل موعد الشهر الفضيل، كانت تصل إلى فوق المعدل العام لمبيعاتنا في هذه الفترة».
وتشير أورور عز الدين إلى أن التهافت الذي كانت تشهده هذه السوق في الماضي القريب ولّى. حفلات الإفطار والسحور تراجعت، وصارت تجمعات النساء تقتصر على جلسات ضيقة في البيوت. وقد تفاجأت بإحدى زبوناتها تسرّ لها أن ما من شيء بات يفرحها أو يزودها بطاقة إيجابية. ولذلك فإن أجواء الشهر الفضيل برمتها تبدلت، وما عادت كما في الماضي. وتتابع أورور عز الدين لـ«الشرق الأوسط»: «هموم اللبناني كبرت وما عاد الفرح سهل المنال. كما صار من الصعب أن يدفع الزبائن بالدولار، كما في السنوات السابقة. وفي المقابل ارتفعت أسعار البضاعة التي نسدد ثمنها بالدولار أيضاً. وحدهم الخياطون هم من خفضوا من أسعارهم نسبة إلى تدهور سعر الليرة. وهو ما سمح لنا بتخفيض أسعارنا إلى حد ما، نسبة إلى تلك التي كانت تروج في الماضي».
فالعباءة التي كان ثمنها من قبل يلامس الـ550 دولاراً باتت اليوم بـما يقارب 220 دولاراً. وما كانت تحققه هذه الأسواق من أرباح انخفض بدوره بحيث لا يتجاوز أحياناً الـ20 دولاراً في القطعة الواحدة.
*الـ«أونلاين» ينقذ تجارة العباءات
اعتاد الناس بسبب فترة الحجر خلال جائحة «كورونا» على التخفيف من خروجهم من منازلهم أو حتى التوجه إلى الأسواق. هذه العادة تركت أثرها السلبي على الأسواق عامة وعلى سوق العباءات خاصة، ولكن بفضل التسوق «أونلاين» لا نزال نستطيع الاستمرار. وتعلق أورور عز الدين: «قلة من النساء لا تزال تتمسك بهوايتها السابقة، وهي التسكع في الأسواق والـ«مولات». ولولا وسائل التواصل الاجتماعي من صفحات «إنستغرام» و«فيسبوك» و«تيك توك» لكانت هذه التجارة في خبر كان. هذه الصفحات أتاحت الفرصة أمام عدد من النساء للاطلاع على آخر صيحات الموضة، في تصميم العباءات وبالتالي المجوهرات. وبفضل هذه المواقع تتحرك مبيعاتنا ولا تصاب بالركود التام. فالتبضع عبر الـ«أونلاين أنقذنا فعلاً».
وحتى مصدر الأقمشة اختلف عما قبل، واتجه مصممو العباءات بشكل أكبر نحو أسواق جديدة كتركيا مثلاً. وتوضح أورور عز الدين: «تركيا تستحوذ على المساحة الأكبر من مشترياتنا بالنسبة للأقمشة الخاصة بصناعة العباءات، تلحق بها إيطاليا وبلدان أوروبية أخرى. لكن سوق الهند، وعكس ما يعتقده كثيرون، يبقى الأبعد بالنسبة لنا، لأنه أغلى من غيره، منتجاتهم غالية الثمن، ولا تفيدنا، لأنها ترفع التكلفة علينا بشكل كبير».
ولكن من هي النساء التي تثابر على شراء الأزياء والمجوهرات الخاصة بالشهر الفضيل؟ ترد أورور: «غالبيتهن من الميسورات، أو ممن لهن علاقات مباشرة مع جمعيات الـ«NGO”. فهذه المؤسسات قد تكون الوحيدة على الساحة التي لا تزال تنظيم حفلات إفطار وسحور. كما أنه لدينا زبائن من خارج لبنان في بلدان الخليج ومصر، ولكن حتى هناك الأحوال تغيرت، مع أنهم لا يعانون من أزمات كبيرة كما في لبنان».
بالنسبة إلى المجوهرات تؤكد أورور عز الدين، أن هذه السوق تنحصر بأصحابها من نجمات الفن والنساء الميسورات المهتمات دائماً به.
من أهل الفن، تتعاون مع أورور هيفاء وهبي والممثلات ماغي بو غصن ودجى حجازي وأمل بشوشة وغيرهن عديدات.
وعن موضة العباءات وخصائصها هذا العام تقول المصممة أورور عز الدين: «جميعها تطبعها اللمسة الشرقية. وهذه الموضة منتشرة حتى في دور أزياء أجنبية معروفة.
منها من أطلقت تصاميمها للعباءات، قبل شهر رمضان مثل دار (بالانسياغا) وغيرها، وهي اعتمدت نفس القصات الرائجة في بلادنا. ولعل أشهر هذه القصات هي تلك الكلاسيكية المعروفة باسم (الفراشة). أما أنا شخصياً فأركز دائماً على الألوان أن في تصميم العباءات والمجوهرات».
«رمضان زمان» يستعيد الأجواء التراثية للشهر الكريم في القاهرة
ضمن فعاليات الاحتفال باختيار القاهرة عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2022، تنظم مكتبة الإسكندرية، بالتعاون مع الأزهر الشريف، والهيئة العامة لتنشيط السياحة، ووزارة الثقافة، والهلال الأحمر المصري، تحت رعاية المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو). معرض «محكي رمضان زمان في القاهرة» الذي يستعيد أجواء وروائح وأصوات رمضان التراثية بالقاهرة.
ورشة تعليم الخط العربي
ويضم المعرض، الذي يستضيفه حالياً بيت السناري بالقاهرة، قبل رحلته المتوقعة إلى عدة أماكن تراثية بالقاهرة، احتفالاً باختيار القاهرة عاصمة للثقافة الإسلامية هذا العام، بانوراما ذاكرة الأزهر، التي يقدم خلالها جولة تخيلية للجامع الأزهر، ومخططاً لمدينة القاهرة ومجسماً لمسجد عمرو بن العاص، وورشاً لتعليم الخط العربي، وورشاً لتعلم الخيامية والأرابيسك، بالإضافة إلى تكريم رموز أعمال رمضان زمان.
فنان الأرابيسك طلعت إبراهيم، أحد أصحاب ورش تعليم الفنون التراثية بالمعرض، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «رغم أن والدي كان أحد فناني الخيامية المشهورين في منطقة الغورية، الذي ورّث هذه المهنة لأشقائي، فإنني قد جذبتني فنون الأرابيسك، خصوصاً صناعة المشربيات العربية».
وأكد إبراهيم أنه «لا يتعامل مع مهنته بمنطق مادي فقط، لكنه يصب كل اهتمامه نحو نشر جمالياتها وتعريف الناس بها، بالإضافة إلى نقل خبراته الطويلة إلى أبنائه، ليتوارثوا فنونها من بعده».
فنان خرط المشربيات طلعت إبراهيم
ويشير إبراهيم إلى أنه «تعلم صناعة المشربيات وهو في سن العاشرة، وحرص على تعليم هذه الحرفة لأبنائه في نفس السن تقريباً، وكان هدفه أن يتعايشوا مع أجواء العمل داخل ورشته التي يمتلكها في حي الوراق الشعبي، وأن يطلعوا على كل أسرارها».
ويؤكد إبراهيم أن «فن الأرابيسك، يطلق على كل المنتجات التي يدخل في تصميمها الموزييك، والصدف والنحاس، وخرط المشربيات».
ويضم المعرض التراثي نموذجاً مجسماً لمسجد عمرو بن العاص، تقدمه الجمعية العربية للعلوم والثقافة والتنمية. ويقول محمد شعير، مستشار الجمعية لـ«الشرق الأوسط»، إن «(معرض محكي رمضان زمان) يهدف إلى تنشيط الذاكرة المصرية، واستحضار المظاهر الرمضانية التي كانت تتم في الماضي، لذلك نفذت الجمعية بانوراما تحاكي القاهرة التاريخية الإسلامية، وسعت لتسليط الضوء على بعض الحرف والفنون التراثية التي تشهد رواجاً كبيراً في شهر رمضان».
ويتضمن المعرض أعمالاً فنية وصوراً فوتوغرافية تبرز شوارع القاهرة الفاطمية، بالإضافة إلى صورة للإمام الأكبر محمود شلتوت شيخ الجامع الأزهر بين عدد من العلماء، وأخرى له مع عدد من السياسيين المصريين بينهم رئيس الجمهورية الراحل أنور السادات، فضلاً عن صورة تظهره وهو في طريقه إلى بيت حانون شمال شرق قطاع غزة.
فنان الحفر على الخشب ياسين طه
من بين أبرز المعروضات أيضاً، وثيقة صادرة عام 1921 من الديوان العالي السلطاني تشير إلى منح «نيشان النيل» للشيخ محمد أبو الفضل شيخ الأزهر، ورسالة مؤرخة بعام 1956 من إمبراطور إيران رداً على رسالة بعثها له عبد الرحمن تاج شيخ الأزهر في ذلك الوقت يرفض خلالها العدوان الإسرائيلي على مصر، وصورة للباب الرئيسي الذي أهداه الحاكم بأمر الله للأزهر عام 400 هجرياً، ولوحات مكتوبة بالخط العربي تجمع بين الأسلوب الكلاسيكي والحديث.
وكرم منظمو المعرض عدداً من أحفاد قراء القرآن والمنشدين الراحلين، الذين ارتبط الجمهور بصوتهم خلال شهر رمضان على مدار عقود، وكان سيد الشحات، حفيد الشيخ الراحل سيد النقشبندي، أحد المكرمين، ويقول الشحات لـ«الشرق الأوسط» إن الحب الحقيقي لجده يأتي من تقدير المصريين لشخصيته، ولتراثه الذي يتم الاحتفاء به دائماً في شهر رمضان، أما هناء رفعت، حفيدة الشيخ محمد رفعت فذكرت أن اسم جدها يعد من العلامات التي تسبق أذان المغرب قبل الإفطار، وأن ارتباطه بقلوب وأسماع الناس بدأ على نطاق واسع بعد افتتاح الإذاعة المصرية، التي كانت تنقل تلاوته القرآنية على الهواء مباشرة.
ويرى الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور نظير عياد أن معرض «محكي رمضان زمان بالقاهرة» دليل واضح على التناغم والترابط بين المؤسسات الاجتماعية والتربوية والفكرية المختلفة في مصر، نظراً لأهميته في بناء الوعي والفكر الإنساني وتشكيل الحاضر واستشراف المستقبل».
أخبار ذات صلة
البرامج الإنسانية تتألق على الشاشة الرمضانية
يمثّل التلفزيون وجهة مفضلة لقضاء فترات المساء خلال شهر رمضان، تتنافس القنوات في ضخ وجبات من البرامج المنوعة، وتكشف عن ذروة إنتاجها خلال رمضان، لتلبية حاجات المشاهدين والمتطلعين لاكتشاف قائمة برامج كل قناة ومحتوى ساعات البث لديها.
ويأتي رمضان بالنسبة للمسلمين مناسبة سنوية لتجديد مشاعر الرحمة والعطف، والتذكير بقيمة الصدقة والعطاء وبذل الخير، وبأهمية التراحم بين أفراد المجتمع الواحد، لا سيما الفئات الضعيفة والمتواضعة اقتصادياً، لمساعدتها وإصلاح واقعها وتأهيل قدرتها على الشعور بتفاصيل شهر رمضان، جنباً إلى جنب مع نظرائهم في المجتمع.
وتحاول بعض القنوات استقطاب هذا المعنى في دوراتها البرامجية، وتقارب عبر عدد من البرامج المبتكرة القيم الإنسانية التي تزدهر خلال شهر رمضان، وتعكس مفاهيم الخير والبر والإحسان إلى الآخرين.
يقول الناقد الصحافي أحمد إبراهيم، إن البرامج التلفزيونية المهتمة بتتبع الحالات الإنسانية ومساعدتها خلال شهر رمضان، ليست أمراً جديداً على الشاشة، بل كانت مألوفة لا سيما خلال المواسم الدينية التي تمثل فرصة خصبة لربط الجمهور بالمعاني والقيم الكريمة.
ويضيف: «خلال شهر رمضان، الذي أصبحت البرامج التلفزيونية إحدى سماته، تنافس البرامج الإنسانية، بقية المحتوى المزدحم بالمسلسلات الكوميدية والتاريخية، وبرامج الطهي والمسابقات، وتركز على تتبع القصص والحالات، لإلقاء الضوء عليها والمساهمة في انتشالها من واقعها، وتلفت تلك البرامج انتباه المشاهدين وتثير لديهم ردود فعل عاطفية، وتبثّ السرور في نفوسهم، في حال آلت الحلقة إلى إصلاح وضع، أو تغيير حال، والدفع بالقصة إلى النهايات الإيجابية».
وتبثُّ هيئة الإذاعة والتلفزيون في السعودية، خلال شهر رمضان من هذا العام، برنامج «إنسان» عبر قناة السعودية، وضمن دورتها البرامجية التي دشنتها مؤخراً.
البرنامج من تقديم الفنان فايز المالكي، ويطوف في 30 حلقة دولاً ومناطق شتى من العالم، لتتبع أثر المعونات الإنسانية التي تبذلها السعودية من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة، وتضم التجربة الإنسانية التي يطرحها البرنامج، قصصاً ومشاهد تلفزيونية، للحالات شديدة الاحتياج التي حظيت بدعم المركز ورعايته.
كما يواصل «غيث» وهو اسم الشخصية المجهولة في برنامج «اطمأن قلبي» حلقات موسمه الخامس في شهر رمضان من هذا العام، الذي بدأت تعرضه مجموعة من القنوات العربية منذ عام 2018، وتلقى المشاهد التي تُبث في البرنامج وتُعنى بالقصص والحالات الإنسانية، رواجاً كبيراً ومشاهدات عالية، إذ يساعد مقدم البرنامج من حيث لا تتوقع الحالة الإنسانية المستهدفة، في بلدانٍ مختلفة مثل الأردن ومصر والعراق وسوريا وأوغندا وغيرها، على تحقيق حلمها وإصلاح شأنها والمسح على معاناتها.
فايز المالكي في إحدى حلقات برنامجه «إنسان» على التلفزيون السعودي
ليست القنوات التلفزيونية وحدها التي تقدم هذا النوع من البرامج، بل تشتهر مجموعة من القنوات على مواقع التواصل الاجتماعي بهذا اللون من الطرح.
أحمد رأفت المذيع المصري الذي عُرف بلقاءاته العفوية والضاحكة مع المارة في شوارع القاهرة المكتظة، خصص جزءاً من حلقاته تحت اسم «جبر الخواطر» لمتابعة الحالات الإنسانية ومساعدتها بمبالغ مالية، وكثيراً ما تلقى ردود الفعل داخل الحلقات رواجاً بسبب التأثير الذي تتركه في نفوس المشاهدين، والسرور بالموقف الذي يبديه المحتاج ويمس قلوب الجماهير.
يلفت الناقد أحمد إبراهيم، إلى بعض المحاذير التي ينبغي الانتباه إليها من وراء الضخ غير المنظم والمشروط لهذا النوع من البرامج التي تمس ذوات الطبقات الاجتماعية الضعيفة والقاصرة، مثل التوظيف السياسي لمثل هذا النوع من البرامج، أو التحقق من مصداقية القصص، والتثبت من عمليات التزييف والفبركة لحيازة أكبر قدر من المشاهدات واستدرار عواطف الجماهير، وهو ما قد يحدث من البرامج التي تنتَج خارج إطار المؤسسات الرصينة، مستفيدةً من السهولة التي تتيحها منصات التواصل الاجتماعي ومنابر الإعلام الجديد، الذي اعتاد بعضها على خوض ما تسميه في لغتها «التجارب الاجتماعية»، وكثيراً ما تفاعل مجتمع المشاهدين مع قصص وحكايات يتبين مع الوقت أنها مختلَقة وعارية عن الصحة.
وتقع المسؤولية في ذلك على مؤسسات الضبط العام التي تُعنى بمراقبة المحتوى الذي يُبَث على المنصات كافة، ومعالجة الشطط الذي قد ينتج من الجري وراء معدلات المشاهدة وجنون الشهرة.
ويضيف إبراهيم أن أخلاقيات المهنة تحتّم مراعاة مشاعر الفئات الضعيفة، من استغلال ظروفها وقصصها، وزيادة رقعة الضوء عليها، والتي قد تنعكس سلباً على تهشيم صورتهم الاجتماعية، والإيقاع بهم في حبائل الحرج وتأنيب الذات، وهو ما ينبغي النظر إليه بعناية حتى تحقق مثل هذه البرامج أهدافها النبيلة وعلى رأسها إثراء معاني وقيم المواسم الدينية من تلاحم المجتمع وتضامنه لإعانة المعوز وإعالة الضعيف.