نفتتح جولتنا في الصحف البريطانية من صحيفة ديلي تلغراف ومقال رأي للكولونيل ريتشارد كمب، وهو قائد مشاة سابق ورئيس مجموعة كوبرا للاستخبارات، بعنوان: “بوتين يستعيد زمام المبادرة العسكرية في أوكرانيا”.
ويقول كمب إنه إذا تمكن بوتين من تأمين الانتصار في دونباس، فلن تكون هذه النهاية بالنسبة له. وذلك لأنه “يقصد إخضاع أوكرانيا بأكملها لإرادته وإذلال الناتو والولايات المتحدة”.
ويضيف أن أشخاصا مثل هنري كيسنجر وإيمانويل ماكرون، الذين يعتقدون أن صنع السلام هو مسألة تتحقق بتسليم قطعة من الأرض إلى موسكو، “يفشلون في فهم نقطة أساسية” وهي أن “منظور بوتين الاستراتيجي يذهب إلى أبعد بكثير من شرق أوكرانيا، ولديه وقت ونفوذ أكثر بكثير مما افترضنا سابقاً”.
ويشير إلى أن العديد من المعلقين كانوا قد حذروا الغرب من التراخي بعد محاولة روسيا الفاشلة للاستيلاء على أوكرانيا في ضربة واحدة في فبراير/شباط.
ويقول كمب إنه على الرغم من أن جيش بوتين ربما يكون قد أظهر عدم كفاءة تكتيكية ومعنويات منخفضة، لكن كان من الواضح دائماً أن “القوات المعاد تجميعها يمكنها مع ذلك أن تحقق بعض أهدافها”.
ويؤكد الكاتب إن “هذا هو بالضبط ما يحدث الآن”، مع بدء انقلاب الأمور ضد الأوكرانيين في مقاطعة دونباس في لوهانسك.
ويرى أن موسكو تحقق مكاسب ثابتة على الأراضي هناك وتتسبب بخسائر فادحة في صفوف القوات الأوكرانية.
وينقل الكاتب عن الرئيس زيلينسكي اعترافه الأسبوع الماضي، بأن ما يصل إلى 100 من جنوده يُقتلون كل يوم في المنطقة الشرقية.
ويشير كمب إلى أن هذا المستوى من الاستنزاف سيؤدي إلى تدهور شديد في الروح المعنوية للجيش الأوكراني وقوة قتاله.
ويقول إن مدينة سيفيرودونتسك على وشك التعرض للاقتحام. وإنه إذا تم الاستيلاء عليها بالإضافة إلى مدينة ليزيسانسك، فسيكون جزء كبير من لوهانسك تحت رعاية الكرملين. “هذا يمثل هزيمة كبيرة لأوكرانيا والغرب” بحسب تعبيره.
وينقل عن الرئيس زيلينسكي قوله إن الأسلحة الروسية تفوق عدد أسلحته بمقدار 20 إلى واحد في المنطقة. إذ لم يصل سوى القليل من مدفعية الناتو وذخائره الموعودة لإصلاح التوازن العسكري.
ويقول الكاتب إنه يقال إن الجيش الروسي قام بتحسين تكتيكاته لمواجهة الأسلحة اليدوية المضادة للدروع التي تسببت في العديد من خسائر الدبابات في وقت سابق من الصراع.
ويضيف أنه حتى التقدم “التدريجي” و”البطيء” من جانب الروس، كما وصفه متحدث باسم البنتاغون مؤخراً، “يترجم بمرور الوقت إلى مكاسب كبيرة”.
ويشير الكولونيل كمب إلى أن قوة الجيش الأوكراني كانت تتجسد في قدرته على الدفاع عن الأرض، في حين أنه لم يحرز تقدما كبيرا إلا في الحالات التي كان ينسحب فيها الجيش الروسي. ويضيف: “كانت الآمال السابقة للجيش الأوكراني في إعادة الروس إلى حدودهم بمثابة تفاؤل كبير مقارنة بالواقع الصعب”.
ويقول الكاتب إنه على الرغم من أن أراضي لوهانسك صغيرة نسبياً، إلا أن الاستيلاء عليها لن يكون “سوى بداية القتال لدى بوتين”. ويضيف أنه في الجنوب، حققت موسكو مكاسب كبيرة في وقت مبكر، ومع سقوط ماريوبول، أمنت جسرها البري من شبه جزيرة القرم إلى الأراضي الروسية.
ويعتقد كمب أن المرحلة التالية قد تتمثل بشن هجوم متجدد على مدينة أوديسا بهدف الاستيلاء على الساحل الأوكراني بالكامل والارتباط برياً بترانسنيستريا وتهديد مولدوفا، المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي.
ويشير إلى أن توقيت مثل هذه الخطوة يعتمد على حالة القوات الروسية في ختام الحملة في دونباس.
ويختتم الكولونيل كمب مقاله بالقول إنه وبعد كل شيء، يمكن للرئيس الروسي أن يرى أن “خصومه في ساحة المعركة متعبون وأن الغرب يواجه التضخم وصدمة الطاقة ونقص الغذاء”. ويضيف: “لا شك في أنه سيرغب في استخدام ذلك للضغط وإلحاق المزيد من الضرر بالشعب الأوكراني”.
موت “القضاء والقدر” في أمريكا
وننتقل إلى افتتاحية صحيفة الفايننشال تايمز التي حملت عنوان: “التعامل مع الأسلحة كقضاء وقدر يقتل أطفال أمريكا”.
وتعتبر الصحيفة إن أكثر الجوانب المروعة لعمليات إطلاق النار الجماعية المروعة في الولايات المتحدة حالياً هي “القدرية المؤلمة” التي تلي ذلك.
إذ يقدم الجمهوريون “أفكارهم وصلواتهم غير المفيدة”، أثناء توجههم إلى المؤتمر المقبل للاتحاد القومي الأمريكي للأسلحة، بحسب الصحيفة.
وتقول إن الديمقراطيين يقولون إنه لا يمكن فعل أي شيء ما لم يتخل المحافظون عن معارضتهم الفورية لأي مظهر من مظاهر إصلاح قوانين حيازة الأسلحة.
وتضيف الصحيفة أنه ومع كل “مذبحة جديدة”، يترسخ هذا “الشعور بالعجز بشكل أعمق قليلاً وتغرق سمعة أمريكا التي كانت تستحقها ذات يوم، كمكان يعمل على إصلاح المشكلات أكثر”.
وتقول الصحيفة إن سؤال: “إن لم يكن الآن، فمتى؟” يثير إجابة: “إذا لم نفعل ذلك في المرة السابقة، فلماذا الآن؟”. وتضيف أنه مثل سوء الأحوال الجوية أو حوادث السيارات، أصبحت مذابح المدارس جزءاً من الحياة اليومية. وتقول: “يجب أن تكون مثل هذه القدرية لعنة على كل أمريكي”.
وتعتبر الفايننشال تايمز إنه يمكن عمل الكثير بهذا الشأن. وكبداية، يجب أن يصر بايدن على أن يجري الكونغرس تصويتاً مباشراً على قوانين تضبط حيازة الأسلحة بطريقة منطقية، وإجبار معرقليها على تسجيل أسمائهم في السجلات.
وتضيف الصحيفة إنه يجب أن يكون على رأس القائمة حظر بيع الأسلحة ذات الطراز العسكري التي تُستخدم في غالبية عمليات إطلاق النار في المدارس والأماكن العامة الأخرى، واستخدمت في مذبحة المدرسة الأسبوع الماضي كما في حادثة إطلاق النار على عشرة أميركيين من أصل أفريقي في سوبر ماركت قبل ثلاثة أسابيع.
وتخلص إلى أنه ليس من قبيل المصادفة أن حوادث إطلاق النار الجماعي قد ارتفعت بشكل كبير منذ عام 2004 عندما انتهى الحظر الذي دام عشر سنوات على الأسلحة نصف الآلية.
وتضيف: “يعرف بايدن ذلك أكثر من أي شخص آخر” لأنه شارك في تأليف مشروع قانون 1994 الذي فرض الحظر.
وتشير الصحيفة إلى أنه ليس من السهل على الناس في أي دولة ديمقراطية أخرى الحصول على آلات القتل الجماعي. وتشير التقديرات إلى أن الولايات المتحدة لديها أكبر عدد من الأسلحة النارية التي يحملها المدنيون بالنسبة للفرد الواحد، متقدمة على اليمن الذي مزقته الحرب ويأتي في المرتبة الثانية.
وتقول الصحيفة: “هذه مسألة عار وطني”. وتضيف إن إجبار الجمهوريين والأقلية من الديمقراطيين المؤيدين للاتحاد القومي الأمريكي للأسلحة على التصويت ضد الإجراءات التي “تتطلب فحصاً بسيطاً لخلفية مشتري الأسلحة، وإزالة الأسلحة من أيدي المرضى عقلياً، قد يجعل البعض يفكر مرتين”.
وتشير إلى أنه وفي غياب الإجراءات الفيدرالية، لا يزال بإمكان المساهمين ممارسة الضغط على مصنعي الأسلحة ومنافذ البيع بالتجزئة للتصرف بمسؤولية أكبر.
وترى أن صناعة الأسلحة تتمتع بحصانة قانونية من آثار منتجاتها في أمريكا “بشكل فريد”.
لكنها تضيف أن مشكلة أمريكا “أعمق بكثير من فضيحة توفر الأسلحة”.
وتشرح ذلك بالقول إن ارتفاع عدد عمليات إطلاق النار الجماعي تزامن مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي وانتشار نظريات المؤامرة عليها.
وتشير الى أن آباء الأطفال الذين قتلوا في مذبحة ساندي هوك عام 2012، فازوا بسلسلة من دعاوى التشهير ضد موقع “إنفو وورز”، وهو الموقع اليميني الذي ادعى أنهم “ممثلو أزمة” ينظمون حدثاً وهمياً. وتضيف أن صاحب الموقع الآن على حافة الإفلاس وأن الآباء أجبروا فيسبوك والمنصات الأخرى على تغيير خوارزمياتهم لإزالة المحتوى التآمري.
وانطلاقاً من ذلك، ترى الصحيفة أنه يمكن للولايات والمدن أيضاً أن تفعل المزيد لمحاسبة صانعي الأسلحة.
وتعتبر أن أحد الحزبين الأمريكيين الرئيسيين “يعمل على تأجيج ثقافة الضحية” بتخفيفه اللوم عن من يقوم بهذه الجرائم و”تنفيذه لتخيلاته المظلمة”.
وتضيف الفايننشال تايمز إنه وعلى الرغم من أن مطلق النار في المدرسة الأسبوع الماضي كان من أصل لاتيني، إلا أنه” ليس من المستغرب أن معظم مطلقي النار هم عادةً من الشباب البيض”.
وتقول إنه سيكون من المستحيل إعادة كل شخص منعزل عنيف إلى التيار الرئيسي للمجتمع، ولكن من السهل نسبياً حرمانه من الوصول إلى الأسلحة المصممة في الأصل للجنود.
وتختتم افتتاحيتها بالقول: “كل ما يتطلبه الأمر هو قانون فيدرالي واحد، فكل ديمقراطية كبرى أخرى تفعل ذلك. يجب ألا تتأقلم أمريكا مع واقع اليوم الوحشي”.