لم يُعطِ فيروسُ كورونا نفَساً لأخبارٍ أخرى, فالعالمُ في خدمتِه.. الأسواقُ تنهارُ مِن سهامِه, اقتصاداتُ الدولِ تَرتطمُ أَرضاً مِن جرّاءِ ارتفاعِ حرارتِه الملاحةُ الجويةُ تقلّصت حركتُها بينَ دولٍ تَشهدُ انشتارَ المرض ..
وآخرُ تحذيراتِ الكورونا جاءَ مِن مُنظمةِ الصِّحةِ العالميةِ التي أعلنت أنّ خطرَ الوباءِ بات حقيقيًا جدًا وأنّ على الدولِ التي تشهدُ انشتارَ الفيروس وقفَ المدارسِ وتعليقَ النشاطاتِ والفعاليات عددُ الإصاباتِ فاقَ مئةً وعشَرةَ آلافِ حالةٍ حول العالم لكنَّ اللافتَ أنّ الصينَ بلدَ المنشأ بدأت مسارَ التعافي تدريجًا وقد لَحَظت منظمةُ الصِّحةِ شفاءَ سبعينَ في المئةِ مِن مُصابيها وبينما كانت الصينُ تدخلُ في مرحلةِ الاحتواء اتّبع الرئيسُ الاميركيُّ دونالد ترامب أسلوبَ النُكرانِ والتقليلِ مِن أهميةِ خَطرِ كورونا معتبرًا أنّ الأنلفونزا الموسيمةَ وحدَها قادرةٌ على حصدِ أرواحٍ أكثرَ عدداً مِن فيروس كورونا فلا شيءَ مُغلقٌ بحسَبِ ترامب والحياةُ والاقتصادُ مُستمران وهو بذلك يَحمي حملتَه الانتخابيةَ ويُبقِيها في مَنأىً عن أيِّ تأثير.
وباتّباعِ الدولِ سياسةَ الأجواءِ المغلقة فإنّ لبنانَ لا يزالُ مفتوحاً على كلِّ الرِّحْلاتِ باستثناءِ ما أعلنتْه شرِكةُ الميدل ايست من توقّفٍ لحركةِ السفرِ بينَ لبنانَ وكلٍّ مِنَ السُّعوديةِ والكويت وقطر حتى إشعارٍ آخر علمًا أنّ هذه الدولَ هي مَن اتّخذت إجراءاتِ منعِ السفر بهدفِ الحدِّ مِن انتشارِ الفيروس وبينما أُلغيت رحلتانِ مِن إيرانَ وصلت اليومَ طائرةٌ من ميلانو الإيطالية ..
الدولةِ المنكوبةِ بكورونا التي أغلقت عدداً مِن مدُنِها وأقاليمِها وأخضعتْها للحَجْرِ الكلي.
وسياسيةُ الأجواءِ المفتوحةِ معمّمةٌ في لبنان .. وهو الوطنُ الذي ينّظرُ في الوعي ولا يتّبعُ إرشادتِه .. البلادُ التي تتنازعُها الخلافاتُ السياسيةُ والطائفيةُ لكنَّها مُصرّةٌ على توزيعِ القُبُلات .. وطنُ التباعدِ والاحتضانِ تحتَ سقفٍ واحد فللمرةِ الأولى تُصبحُ التفرقةُ أمرًا مطلوبًا .. لكنّ أبناءَ الوطنِ الواحدِ اعتادوا العيشَ المشتركَ معَ اتّباعِ كلِّ التقاليدِ والمنظوماتِ التي تقرّبُ بينَ المواطنيين سواءٌ في المجتمعات أو النُّزُهاتِ أوِ الحفَلاتِ وخلافِها. واليومَ اعتَمد مجلسُ النوابِ أسلوبَ دِرهمِ الوقاية حيث علّق نشاطاتِه أسبوعًا كاملاً إضافةً إلى إغلاقِ مبنى مكاتبِ النوابِ بغيةَ إجراءِ عمليةِ التعقيمِ اللازمة والتعقيمُ بحدِّ ذاتِه يُشكّلُ ضرورة “وعلى صحةِ السلامة” لأنّ الفيروس “منو وفيه” وأحيانًا يأخذُ طابَعاً تشريعاً أو يأتي على شكلِ مِطرقة.
وبإغلاقِ المجلس النيابي وتقييدِ حركة السفر حول العالم فإنّ الاجراءاتِ الحكوميةَ والمالية منها تحديدًا تبقى حبيسةَ البلاد في انتظار قرارِ حمَلةِ السندات في الخارج وتفاوضِ المصارفِ اللبنانية معها .
والى حين التنفيذ فإن حكومةَ حسان دياب التي قررت تعليقَ دفع الديون لم تحدد وجهتَها بعد من مستحقاتِ المحكمة الدولية الخاصة بلبنان .. والتي وَجَبَ تعليقُها أُسوةً باليوربوند ومن دون خجل .. ويكفي ما حصلَ عليه قضاةُ لاهاي حتى اليوم من المليارِ دولار التي سحبت من ” لقمة عيش اللبنانين ” .