“وصلتم متأخرين”.. القسام تنشر فيديو تسخر فيه من سيطرة الاحتلال على نفق بغزة: المهمة أُنجزت
نشرت كتائب “القسام”، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية “حماس”، مقطع فيديو تحت عنوان “وصلتم متأخرين”، يتهكم من إعلان الاحتلال الإسرائيلي سيطرته على نفق كبير للمقاومة في قطاع غزة.
ويظهر في الفيديو الذي نشرته كتائب القسام على قناتها في تليغرام، الإثنين 18 ديسمبر/كانون الأول 2023، جانياً من عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة في 7 أكتوبر/تشرين الأول قبل شهرين.
في حين يبدأ الفيديو بمشاهد لوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت مع جنود إسرائيليين وهم داخل النفق الحدودي ويقع على مسافة 4 كيلومترات، قبل أن ينتهي المقطع باقتحام المقاومة لقاعدة عسكرية للاحتلال يوم طوفان الأقصى.
وجاء الفيديو بمثابة تهكم على إعلان الاحتلال الإسرائيلي، أمس الأحد، العثور على نفق في غزة طوله 4 كيلومترات، بعد أكثر من 70 يوماً من بدء الحرب الأخيرة على القطاع، وهو ما أشار إليه عنوان المقطع المصور “وصلتم متأخرين”.
يشار إلى أن المقاومة لم ترفق الفيديو بأي تصريحات، لكنها أرفقته بعبارة: “وصلتم متأخرين.. المهمة أُنجزت”، باللغات العربية والعبرية والإنجليزية.
وأمس الأحد، أعلن جيش الاحتلال اكتشاف نفق شمالي قطاع غزة، بطول 4 كيلومترات، وبأبواب صلبة تم تصميمها لمنع دخول القوات الإسرائيلية، مشيراً إلى أنه قام “بعمليات استكشافية في النفق، وكشف أكثر من 4 كيلومترات من مساره، والذي يصل أقصى عمق له إلى حوالي 50 متراً”.
أضاف: “تقع أقرب فتحة للنفق على بعد حوالي 400 متر من معبر إيرز (بيت حانون) شمال قطاع غزة”، مشيراً إلى أنه “يتفرع مسار النفق إلى عدة فروع وخطوط جانبية، تشكل بحد ذاتها شبكة واسعة ومتشعبة من الأنفاق”.
وعن محتويات النفق، قال جيش الاحتلال: “يحتوي المسار على البنى التحتية للصرف الصحي والكهرباء والاتصالات والهواتف، بالإضافة إلى الأبواب الصلبة التي تم تصميمها لمنع دخول قوات الجيش الإسرائيلي“.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حرباً مدمرة على غزة خلّفت حتى 15 ديسمبر/كانون الأول الجاري 18 ألفاً و800 شهيد، و51 ألف جريح، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً في البنية التحتية و”كارثة إنسانية غير مسبوقة”، بحسب مصادر فلسطينية وأممية.
ورداً على “اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته”، شنت “حماس” في ذلك اليوم هجوم “طوفان الأقصى” على مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية في محيط قطاع غزة.
وقتلت “حماس” نحو 1200 إسرائيلي وأصابت نحو 5431، وأسرت قرابة 239 بادلت العشرات منهم، خلال هدنة إنسانية استمرت 7 أيام حتى 1 ديسمبر/كانون الأول الجاري، مع إسرائيل التي تحتجز في سجونها أكثر من 7800 فلسطيني.
“القسام” تستهدف جنوداً إسرائيليين متمركزين بأحد المنازل في خان يونس بقذيفة مضادة للأفراد.. أوقعتهم بين قتيل ومصاب
أعلنت “كتائب القسام”، الجناح العسكري لحركة “حماس”، السبت 16 ديسمبر/كانون الأول 2023، مقتل وإصابة جنود إسرائيليين بعد استهدافهم بقذيفة مضادة للأفراد شرق مدينة خان يونس، إضافة إلى تدمير 3 دبابات بقذائف الياسين 105.
وفي بيان على تطبيق تليغرام، قالت الكتائب:” تمكن مجاهدو القسام من استهداف قوة صهيونية راجلة متمركزة في أحد المنازل بقذيفة مضادة للأفراد وإيقاعها بين قتيل وجريح شرق مدينة خان يونس”.
وفي بيان آخر، قالت الكتائب إنها استهدفت 3 دبابات إسرائيلية من طراز ميركافا بقذائف الياسين 105 شرق مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة.
كما أعلنت القسام استهدافها آلية عسكرية إسرائيلية جنوب دير البلح بقذيفتي الياسين 105 “مما أدى إلى احتراقها بالكامل”.
إلى ذلك، أعلنت “القسام”، تمكن عناصرها شرق خان يونس، من تفجير عبوتين رعديتين مضادتين للأفراد في قوة إسرائيلية راجلة مكونة من 7 جنود، وإيقاعهم بين قتيل وجريح.
وفي وقت سابق، قالت وسائل إعلام إسرائيلية، السبت، إن 20 جندياً قتلوا خلال الأسبوع الأخير في المعارك المستمرة بحي الشجاعية شمالي قطاع غزة، بينما تُواصل المقاومة الفلسطينية معاركها العنيفة مع قوات الاحتلال في مناطق متفرقة من قطاع غزة.
والجمعة، أعلن الناطق العسكري باسم كتائب القسام “أبو عبيدة”، أن المقاتلين تمكنوا في الأيام الـ5 الأخيرة، من استهداف أكثر من 100 آلية عسكرية إسرائيلية، مؤكدين أنهم استخدموا قذائف مضادة للتحصينات، وهدموا البيوت على رؤوس الجنود الإسرائيليين.
وأكد أبو عبيدة أن الاحتلال يستخدم المرتزقة خلال عملياته التي يدعي أنها حرب وجودية، فيما تسير الإدارة الأمريكية جسورها الجوية لدعم هذا الكيان كأنها تقاتل دولة عظمى.
كما أشار الاحتلال إلى أن “التحام مجاهدينا مع قوات العدو كشف كم هو جيش واهن وجبان، وأن ما يعلن عنه جيش العدو رسمياً من أعداد القتلى والإصابات غير حقيقي”.
ونشرت كتائب القسام فيديو لعمليات استهداف الاحتلال في الأيام الأخيرة.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي يشنّ الجيش الإسرائيلي حرباً مدمرة على غزة خلّفت حتى مساء الخميس 18 ألفاً و800 شهيد و51 ألف مصاب، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً في البنية التحتية و”كارثة إنسانية غير مسبوقة”، بحسب مصادر فلسطينية وأممية.
حذَّر منها كل السياسيين الإسرائيليين.. ما هي لعنة “العقد الثامن” التي تحدث عنها أبو عبيدة؟
بعد خطاب أبو عبيدة، الناطق الرسمي باسم كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، الذي قال فيه إن “زمن أسطورة الجيش الذي لا يُقهر قد ولّى، وإن المعركة الحالية ستكون فاصلة في تاريخ الأمة”.
وأضاف أن زمن انكسار الصهيونية قد بدأ، ولعنة العقد الثامن ستحل عليهم وليرجعوا إلى توراتهم وتلمودهم ليقرؤوا ذلك جيداً ولينتظروا أوان ذلّتهم بفارغ الصبر”. وهو ما دفع عدداً كبيراً إلى التساؤل حول النبوءة التي تتحدث عن لعنة العقد الثامن.
وأضاف أبو عبيدة، في خطاب يوم السبت، أنه في قلب التقاليد اليهودية تحظى نبوءة تلمودية عمرها قرون بمكانة خاصة من التبجيل والاهتمام؛ إذ تحذر النبوءة من لعنة العقد الثامن على الدولة اليهودية. ولطالما كان لهذه النبوءة المثيرة للاهتمام تأثير عميق على ساسة وحاخامات إسرائيل.. يتعمق هذا المقال في أصول النبوة التلمودية وتأثيرها على قادة إسرائيل.
لعنة العقد الثامن وإسرائيل
حسب موقع “mizrachi” الإسرائيلي، تقول إحدى النبوءات الموجودة بالعهد القديم إن سقوط إسرائيل له أسباب داخلية، والتي تنتج عن صراعات بين القبائل الإسرائيلية، في النهاية سيفعل الله ما فعله في مملكة الملك سليمان التي انهارت. وكانت هذه النبوءة محور خطاب الإسرائيليين مع وصول إسرائيل إلى عقدها الثامن، بالتزامن من تزايد حدة الخلافات والانقسام الداخلي.
خلال السنوات الأخيرة بدأ يكثر ذكر نبوءة العقد الثامن، خاصة مع وصول نظام الاحتلال إلى 75 عاماً؛ ما دفع إلى تداول موضوع النبوءة هذه بكثرة في الأوساط السياسية والدينية والثقافية الإسرائيلية، إذ عبَّر العديد من السياسيين الإسرائيليين عن قلقهم البالغ بشأن مستقبل إسرائيل مع قرب دخولها العقد الثامن.
من بين الأوائل الذين تحدثوا عن لعنة العقد الثامن واستحضروه رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، الذي ادعى قبل 6 سنوات أن بقاءه رئيساً للوزراء هو الضمان الوحيد لاستمرارية إسرائيل بعد عقدها الثامن وما يزيد على قرن، على خلاف الحال مع ممالك إسرائيل التاريخية السابقة.
ثم جاءت كلمة نفتالي بينيت، رئيس وزراء إسرائيل السابق، في حملته الانتخابية لعام 2020، والتي ردد فيها المشاعر نفسها، وحث الناخبين اليهود على الوقوف خلف الائتلاف الذي يقوده، من أجل التغلب على لعنة العقد الثامن.
بالإضافة إلى نتنياهو ونفتالي، أعرب رئيس الوزراء الأسبق “إيهود باراك” عن نفس المخاوف التي تندد بقرب زوال إسرائيل قبل حلول عقدها الثامن، مستشهداً بالتاريخ اليهودي الذي يقضي بأنه لم تقُم لليهود دولة أكثر من 80 سنة.
عقدة 80 سنة والتجارب التاريخية
بالعودة إلى تاريخ إسرائيل والتاريخ اليهودي نجد تحليلاً مثيراً للاهتمام عن مدى استدامة دولة إسرائيل على مرّ التاريخ. فحسب نفس المصدر، قال إيهود باراك، الذي شغل مناصب وزير الأمن ورئيس الوزراء الإسرائيلي سابقاً، إنه على مرّ التاريخ اليهودي لم تعمر لليهود دولة أكثر من 80 سنة إلا في فترتين تمثلت في فترة الملك داود وفترة الحشمونائيم.
مملكة داود القديمة:
- مملكة إسرائيل الموحدة هو اسم أطلقه مؤرخو التناخ/العهد القديم، استناداً على ما ورد فيه، على مملكة شاول، داود وسليمان التي توصف في سفري صموئيل الأول والثاني كاتحاد لأسباط بني إسرائيل.
- ويفرق مؤرخو العهد القديم بين مملكة إسرائيل الموحدة ومملكة إسرائيل الشمالية، أو مملكة إفرايم، التي انفصلت عنها في فترة لاحقة. ومن تحليل نصوص السفرين، يقدر معظم مؤرخي العهد القديم تبعأً لما ورد فيه فترة وجود مملكة إسرائيل الموحدة بأكثر من 100 عام، أي منذ سنة 1050 قبل الميلاد وحتى سنة 930 قبل الميلاد تقريباً فيما تشير كتب تاريخية إلى أنها لم تتجاوز 81 سنة.
- اسم “مملكة داود القديمة” لا يدل على دولة إسرائيل الموجودة حالياً في الشرق الأوسط، غير أن اليهود المعاصرين ينسبون أنفسهم إلى أبناء مملكة يهوذا الجنوبية التي انفصلت عن مملكة إسرائيل الموحدة، ويرى معظمهم أحداث هذه المملكة التاريخية جزءاً من التاريخ الأزلي للشعب اليهودي ودولة إسرائيل، كما يتم تدريس ذلك في مناهجهم الدراسية. وهذا هو أحد أسباب اختيار اسم “إسرائيل” للدولة اليهودية عند تأسيسها عام 1948.
مملكة الحشمونائيم:
- مملكة الحشمونائيم، كانت السلالة الحشمونية الحاكمة في يهودا بين عامَي 37 قبل الميلاد و140 قبل الميلاد خلال العصور القديمة، وانتهت مملكة الحشمونائيم بعد غزو الإمبراطورية الرومانية لها.
- استمرت مملكة الحشمونائيم لمدة 77 عاماً كمملكة موحدة وذات سيادة.
- تفككت هذه المملكة في العقد الثامن من عمرها بسبب الاقتتال الداخلي.
المشروع الصهيوني:
- باراك يصف المشروع الصهيوني بأنه المحاولة الثالثة في التاريخ.
- يتحدث عن تجاهل صارخ لتحذيرات التلمود والكراهية المجانية.
الانقسامات الداخلية وبداية الخطر
في ظل الأحداث الجارية في إسرائيل وتهديداتها المستمرة من الخارج، يبدو أن باراك حذَّر من الانقسام الداخلي كخطر رئيسي يهدد استقرار الدولة الإسرائيلية. إن هذا الانقسام الداخلي يظهر بوضوح قائم حتى قبل العوامل الخارجية المهمة مثل التهديدات الفلسطينية والتدخلات الإيرانية ووكلائها في المنطقة.
إسرائيل، كونها كياناً متعدد الثقافات والأعراق، تحمل تحديات كبيرة للحفاظ على وحدتها. يتجلى ذلك في تنوعها العرقي والثقافي، واختلاف الانتماءات والأيديولوجيات بين مواطنيها. حتى الديانة اليهودية، التي تجمع معظمهم تحت لوائها، لا تمكن بذاتها من بناء وحدة صلبة. بالعكس، هناك توترات دينية داخلية قد تشكل تهديداً خطيراً يمكن أن يؤدي إلى نشوب حروب دينية داخلية تهدد بتدمير إسرائيل نفسها.
هذه التوترات الداخلية دفعت رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت في عام 2021 إلى التأكيد على أهمية تجنب الانهيار الداخلي، حيث وصف الانفجار الداخلي بأنه “أخطر ما يواجه إسرائيل”. وأضاف أن الخطر الرئيسي يكمن في التفكك الداخلي، وبالتالي، في خطر اندثار الدولة نفسها، تاركاً وراءه تاريخ مملكات يهودية سابقة اندثرت بسبب الانقسامات الداخلية.
وإلى جانب هذا الخطر، فإن التنافس السياسي والديني الحاد الذي أدى إلى سقوط حكومة بينيت وتولي حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة الحكم، زاد من حدة الانقسام والتمزق الداخلي. وقد جعل هذا التوتر إسرائيل أقرب من أي وقت مضى إلى خطر التفكك الوطني، الذي دمر الدولتين اليهوديتين المستقلتين في السابق وتسبب في تكرار السيادة اليهودية للمرة الثالثة.
من المهم أن ندرك أن هذا الانقسام الداخلي يمكن أن يكون أخطر تهديد لاستقرار إسرائيل على المدى البعيد. لذا، يجب على القادة الإسرائيليين العمل بحذر لتجنب تفاقم هذا الخطر والبحث عن وسائل لتعزيز التوحيد وتعزيز الاستقرار الداخلي.
رويترز: حماس تحول شوارع غزة إلى متاهة مميتة للجنود الإسرائيليين والأنفاق لا تزال تمثل تحدياً
ارتفع عدد قتلى جيش الاحتلال الإسرائيلي بقطاع غزة إلى ما يقرب من المثلين مقارنةً بالخسائر التي تكبدها في هجومه البري في عام 2014، وهو ما يعكس حجم توغله في القطاع، ومدى براعة المقاومة في استخدام أسلوب حرب العصابات، وترسانتها الكبيرة من الأسلحة.
حيث كشف خبراء عسكريون إسرائيليون وقائد إسرائيلي ومصدر من حماس كيف أن الحركة الفلسطينية تستخدم مخزونها من الأسلحة، وتستفيد من معرفتها بالتضاريس وشبكة الأنفاق الكبيرة لتحويل شوارع غزة إلى متاهة مميتة، وفق ما ذكرته وكالة رويترز.
رويترز قالت في تقرير نشرته نشرته الجمعة 15 ديسمبر/كانون الأول 2023، إن حركة حماس تستخدم أسلحة مثل الطائرات المسيرة المزودة بالقنابل اليدوية وأسلحة مضادة للدبابات بعبوات متفجرة مزدوجة تنفجر على مرحلتين في تتابع سريع.
خسائر كبيرة لدى جيش الاحتلال الإسرائيلي
منذ بدء العملية البرية الإسرائيلية، في أواخر أكتوبر/تشرين الأول، قُتل نحو 110 من الجنود الإسرائيليين عندما توغلت الدبابات وجنود جيش الاحتلال الإسرائيلي المشاة في المدن ومخيمات اللاجئين، بحسب أرقام إسرائيلية رسمية. وكان ربع هذا العدد تقريباً من أطقم الدبابات.
يقارن هذا العدد بنحو 66 جندياً لقوا حتفهم في صراع عام 2014، عندما شنت إسرائيل توغلاً برياً محدوداً دام ثلاثة أسابيع، لكن الهدف حينها لم يكن القضاء على حماس.
حيث قال يعقوب عميدرور، وهو جنرال إسرائيلي متقاعد ومستشار سابق للأمن القومي، ويعمل حالياً في المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي “لا يمكن مقارنة نطاق هذه الحرب بعام 2014، عندما كانت عمليات قواتنا لا تتجاوز في الغالب كيلومتراً واحداً داخل غزة”.
أضاف أن جيش الاحتلال الإسرائيلي “لم يجد بعد حلاً جيداً للأنفاق”، وهي شبكة توسعت بصورة كبيرة في العقد الماضي.
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس 14 ديسمبر/كانون الأول، إن إسرائيل ستشن حرباً “حتى النصر المبين”. وقال مسؤولون إسرائيليون إن الأمر قد يستغرق أشهراً قبل الانتهاء من العدوان المتواصل على قطاع غزة.
بينما قال أوفير فولك، مستشار نتنياهو للسياسة الخارجية، لرويترز “لقد كان تحدياً منذ اليوم الأول”، مضيفاً أن الهجوم كان له “ثمن باهظ” في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي. ومضى قائلاً “نعلم أنه سيتعين علينا على الأرجح دفع ثمن إضافي لإكمال المهمة”.
قتال عنيف توثقه المقاومة الفلسطينية
نشرت حركة حماس مقاطع مصورة على قناتها على تطبيق تليغرام هذا الشهر، تظهر فيها مقاتلين يحملون كاميرات ويتحركون وسط المباني لإطلاق صواريخ محمولة على الكتف على مركبات مدرعة.
إذ نُشر أحد هذه المقاطع في السابع من ديسمبر/كانون الأول، من حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، وهي منطقة ذكر الجانبان أنها شهدت قتالاً عنيفاً.
في منشور آخر بتاريخ الخامس من ديسمبر/كانون الأول، تظهر كاميرا تخرج من نفق فيما يشبه المنظار، لمسح معسكر إسرائيلي تستريح فيه القوات. وجاء في المنشور أن هذا الموقع تعرض لاحقاً لتفجير من تحت الأرض.
فيما قال مصدر من حماس تحدث لرويترز من داخل غزة، لكنه رفض الكشف عن هويته، إن المقاتلين يقتربون قدر الإمكان لنصب كمائن “مستفيدين من خبرتهم بالميدان والأرض التي يعرفونها كما لا يعرفها أحد غيرهم”.
أضاف “هناك فجوة بين ما نملكه من وسائل قوة وبين ترسانتهم، نحن لا نضحك على أنفسنا”. ولم تذكر حركة حماس عدد القتلى في صفوف مقاتليها. وزعم جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه قتل 7 آلاف مقاتل على الأقل. ورفضت الحركة في السابق الرقم الذي أعلنته إسرائيل قائلة إنه يضم مدنيين.
قال قائد إسرائيلي قاتل في عام 2014 إن اتساع نطاق هذه العملية يشير إلى وجود المزيد من القوات على الأرض، ما يمنح حماس “مزايا الطرف المدافع”، لذلك كان من المتوقع وقوع خسائر أكبر في صفوف قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي. وطلب القائد عدم ذكر اسمه، لأنه لا يزال ضمن قوات الاحتياط في هذه الحرب.
لا يعلن الجيش الإسرائيلي عن أعداد القوات المشاركة أو أي تفاصيل أخرى خاصة بالعمليات. وأظهرت لقطات بثتها القناة 12 الإسرائيلية وحدة احتياط تابعة للجيش وهي تطلق النار بحذر على جدار أحد المباني لتدخل غرفة لتكتشف مخبأً للذخيرة.
في تقليد لأساليبه التي استخدمها في عام 2014، ينشر جيش الاحتلال الإسرائيلي صوراً على وسائل التواصل الاجتماعي، تظهر طرقاً صنعتها الجرافات حتى تتمكن القوات من تجنب الطرق الحالية التي قد تكون بها ألغام أرضية.
فيما لا يزال القتال العنيف مستمراً في بعض المناطق في شمال غزة، حيث تحولت العديد من المباني إلى أنقاض.
زيادة قوات جيش الاحتلال
قال إيال بينكو، وهو مسؤول كبير سابق في أجهزة الأمن الإسرائيلية، ويعمل حالياً في مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية بجامعة بار إيلان “اتخذت حماس بعض الخطوات الكبيرة لبناء قوتها منذ عام 2014”.
أضاف أن إيران، حليفة حماس، ساعدت في تهريب بعض الأسلحة المتطورة، مثل صواريخ كورنيت الروسية الصنع المضادة للدبابات، إلى الحركة.
لكنه أشار إلى أن حماس أتقنت صنع أسلحة أخرى في غزة، مثل القذائف الصاروخية من طراز آر.بي.جي-7، وأن المسلحين أصبح لديهم الآن احتياطي أكبر من الذخائر.
فيما قالت الحركة في منشورات لها إن أسلحتها تتضمن قذائف مضادة للدبابات تحتوي على حشوتين متفجرتين لاختراق الدروع، والتي قال بينكو أيضاً إنها موجودة في ترسانة المقاتلين.
كثيراً ما تظهر مقاطع مصورة تنشرها حماس وقوع انفجارات كبيرة عند ضرب المدرعات. وقال خبراء عسكريون إسرائيليون إن الانفجار لا يعني تدمير المركبة لأنه يمكن أن يكون ناجماً عن أنظمة دفاعية انفجرت لوقف القذائف القادمة.
بينما قال أشرف أبو الهول، مدير تحرير صحيفة الأهرام المصرية والذي عمل سابقاً في غزة وهو متخصص في الشؤون الفلسطينية، إن المسلحين يقتربون قدر الإمكان لإطلاق الصواريخ والمقذوفات محلية الصنع.
لكنه أضاف أن الطائرات المسيرة الإسرائيلية وغيرها من الوسائل تضعف قدرة الحركة على مباغتة القوات حتى في المناطق الحضرية. وأشار إلى أن القتال في المدن أصبح أكثر صعوبة بالنسبة للمقاتلين.
حيث نشر جيش الاحتلال الإسرائيلي مقطعاً مصوراً هذا الشهر قال إنه يظهر مسلحين يخرجون من نفق أسفل مبنى تعرض للقصف قبل استهدافهم بصواريخ.
كما قال ألكسندر جرينبيرج، وهو مسؤول سابق في المخابرات العسكرية الإسرائيلية، ويعمل في معهد القدس للاستراتيجية والأمن “قد تنشر حماس أسلحتها وأساليبها الجديدة، (لكن) في الأساس تظل حركة مقاومة بأسلوب العصابات”.
الرجل الثاني في “القسام” وأبرز المطلوبين لدى الاحتلال.. من هو القيادي الفلسطيني مروان عيسى؟
منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، تشن قوات الاحتلال الإسرائيلية حرباً مدمرة على قطاع غزة، خلّفت حتى عصر الإثنين 4 ديسمبر/كانون الأول، 15 ألفاً و899 شهيداً فلسطينياً، وأكثر من 42 ألف جريح، بالإضافة إلى دمار هائل في البنية التحتية و”كارثة إنسانية غير مسبوقة”، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.
وفي الوقت الذي تتواصل فيه الحرب على قطاع غزة، يحاول الاحتلال البحث عن أبرز الشخصيات في حركة المقاومة الفلسطينية “حماس”، الأمر الذي تسبب في تردد أسماء عدد من القادة البارزين، ومن بينهم مروان عيسى.
من هو مروان عيسى؟
مروان عيسى، المعروف بـ”أبي البراء”، هو نائب القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحركة المقاومة الفلسطينية (حماس).
يُعرف القيادي الفلسطيني بكونه “رجل الظل” و”اليد اليمنى” لمحمد الضيف.
وُلد مروان عيسى عام 1965، في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة. وشكّلت جهود القيادي في تطوير كتائب القسام العسكرية تهديداً ملحوظاً للاحتلال الإسرائيلي، لذلك تم وضعه على قائمة أبرز المطلوبين، واعتقلته سلطات الاحتلال سنة 1987 في الانتفاضة الأولى، وحكمت عليه بالسجن 5 سنوات بتهمة الانضمام لـ”حماس”.
لم يتوقف الأمر عند الاحتلال فحسب، إذ أقدمت السلطة الفلسطينية بدورها على اعتقاله سنة 1997. فقد التحق أبو البراء بالمجموعة التي أعدت سلسلة من العمليات الاستشهادية؛ انتقاماً لاغتيال يحيى عياش عام 1996، وهي دفعة ضمّت محمد الضيف وحسن سلامة وغيرهما. وقاده ذلك للاعتقال في سجون السلطة، التي أمضى فيها 4 سنوات، قبل أن يُفرَج عنه في انتفاضة الأقصى عام 2000.
الاستهداف تسبب في مطاردة أبو البراء طوال حياته، إذ نجا نائب رئيس الجناح العسكري لحركة حماس من عدة محاولات اغتيال، إحداها في عام 2006، وفقاً لصحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية.
كان يشارك أبو البراء وقتها في اجتماع حضره أيضاً محمد الضيف. وبحسب المصدر نفسه، فقد تعرّض منزله للقصف مرتين، عامي 2014 و2021.
ونشرت الصحيفة في وقت سابق عن القيادي الفلسطيني أنه “في إسرائيل يقولون إن الحرب النفسية مع حماس لن تنتهي ما دام مروان عيسى على قيد الحياة”، وفق ما أوردته صحيفة “يديعوت أحرونوت“.
دور بارز في تخطيط وتنفيذ العمليات الفدائية
لعب مروان عيسى دوراً بارزاً في العمليات الفدائية التي استهدفت المستوطنات في قطاع غزة قبيل الانسحاب الإسرائيلي منها عام 2005، وشارك في إعادة بناء الكتائب عام 2000 برفقة القيادي البارز صلاح شحادة.
كما لعب دوراً في تطوير الكتائب وتحويلها من خلايا نصف عسكرية منظَّمة إلى كتائب ووحدات وألوية طبقاً لهرم إداري عسكري واضح، واهتم بتطوير قدرات كوادرها في التصنيع العسكري، وفتح خطوط إمداد لزيادة مخزونها من السلاح.
وكان له دور أيضاً في المفاوضات غير المباشرة مع الاحتلال، بهدف إتمام صفقة تبادل للأسرى، تكللت بعقد صفقة وفاء الأحرار عام 2011، مقابل تسليم الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.
الرجل الثاني في كتائب القسام
ارتقى عيسى في سلَّم القيادة داخل كتائب القسام، حتى أصبح الرجل الثاني فيها، ونائب القائد العام محمد الضيف، وذلك خلفاً لأحمد الجعبري الذي اغتياله الاحتلال عام 2012.
وقد تم انتخابه عضواً في المكتب السياسي لحركة حماس عام 2017 ثم أُعيد انتخابه عام 2021، وأصبح حلقة الوصل بين القيادة العسكرية والقيادة السياسية.
واليوم، يُعتبر مروان عيسى من القيادات المقررة فيما يتعلق بأي صفقة تبادل أسرى مع الاحتلال.
مناسبات ظهر فيها القيادي المخضرم
أما بالنسبة لدوره العلني في المشهد السياسي والعسكري للمقاومة الفلسطينية، فقد ظهر عيسى في مناسبات محدودة، أولها كان في العام 2015 بشكل مفاجئ في ندوة علميّة نظمتها كلية الرباط الجامعية التابعة لوزارة الداخلية في قطاع غزة.
كما سافر أبو البراء عام 2017 إلى القاهرة ضمن وفد عسكري سياسي لخوض مفاوضات حول ملف تبادل الأسرى. تكرّرت هذه الزيارات واللقاءات في الأعوام اللاحقة لبحث ملفات التهدئة وتبادل الأسرى والمعابر التجارية المصرية وغيرها.
وقد انتُخب عضواً للمكتب السياسي، ممثلاً عن الجناح العسكري للحركة عام 2017، وأُعيد انتخابه بعد انتخابات مارس/آذار 2021، وظهر في الصورة الجماعية لأعضاء المكتب في تلك الدورة، مغطياً وجهه بكمامة. وبالرغم من حضوره السياسي في الحركة، فإنه أُدرج على لوائح الإرهاب الأمريكية عام 2019.
وفي يونيو/حزيران عام 2021، ظهر مروان عيسى في الإعلام لأول مرّة ضمن برنامج “ما خفي أعظم”، ولكنه كان ظهوراً مخفياً للحديث عن أولوية تحرير الأسرى لدى قيادة القسام.
كذلك، فقد ظهر مرتين متتاليتين عام 2022، متحدثاً بالصوت فقط في فيلمين وثائقيين، أصدرتهما كتائب القسام في الذكرى السنوية الأولى لمعركة سيف القدس؛ راثياً في الأولى شقيقه وائل، أحد قادة الكتائب الذي استشهد في الأيام الأولى من المعركة.
وتحدّث في الثانية عن سيرة قائد لواء غزة في كتائب القسام الشهيد باسم عيسى، أحد أبرز قادة التصنيع العسكري والمشروع الصاروخي للقسام، ودوره في تأسيس وحدة الظل التي تولت تأمين الجندي جلعاد شاليط.
في مارس/آذار 2023، نقلت قناة الأقصى الفضائية التابعة لحركة حماس، تصريحات نصية منسوبة لمروان عيسى، حذّر فيها من “زلزال يضرب المنطقة” حال المساس بالمسجد الأقصى.
على رأس أهداف الاحتلال
وبحسب صحيفة فايننشيال تايمز البريطانية، فإن إسرائيل تعتبر أنه ما دام مروان عيسى على قيد الحياة، فإن ما تصفه بـ”حرب الأدمغة” بينها وبين حماس ستبقى متواصلة.
وأشارت إلى جهوده في التخطيط للعمليات العسكرية التي خاضتها حركة حماس بداية من حجارة السجيل عام 2012 إلى طوفان الأقصى عام 2023، إذ ظهرت فيها إمكانيات القوات البرية والاستخباراتية والتقنية للحركة، ومدى التخطيط المنظم والمحكم، والاهتمام الخاص باقتحام البلدات والمقرات الأمنية بشكل غير مسبوق.
تنبأ بـ”طوفان الأقصى” قبل عام كامل ومهّد لبطولات المقاومة.. “قبضة الأحرار” مسلسل جسّد أحداث 7 أكتوبر
تداول عدد من النشطاء ورواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو من حفل تكريم لأبطال أحد المسلسلات الفلسطينية، الذي يقولون إن أحداثه المعروضة في رمضان عام 2022 كانت بمثابة “بروفة” تحضيرية لما حدث في عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر/تشرين الأول عام 2023.
وفي مقطع الفيديو المتداول الذي يتم فيه تكريم المشاركين في مسلسل “قبضة الأحرار” عام 2022، بحضور رئيس حركة المقاومة الفلسطينية “حماس” في غزة يحيى السنوار، يقول نشطاء إن العمل تطرق إلى كثير من تفاصيل خطة معركة “طوفان الأقصى” قبل حدوثها.
واستدلوا على ذلك بما جاء في كلمة السنوار خلال الحفل، حيث قال إن “العمل الفني لا ينفصل أبداً عن إعداد كتائب القسام واستخباراتها ومجالات عملها المختلفة”. فما هي قصة هذا المسلسل الذي تنبأ بعملية “طوفان الأقصى” قبل وقوعها؟
قصة مسلسل “قبضة الأحرار”
شارك 3 مؤلفين فلسطينيين في كتابة مسلسل “قبضة الأحرار”، واستلهموا القصة من عملية استخباراتية نفذتها وحدة خاصة إسرائيلية في عام 2018 بخان يونس، جنوبي قطاع غزة، وهي عملية وحدة (سييرت متكال) من المستعربين المتسللين للقطاع بهدف التجسس وجمع معلومات عن فصائل المقاومة.
وحينها، انتهت العملية باشتباك مسلح أسفر عن مقتل 7 من عناصر حماس، بينهم قائد ميداني، في المقابل قُتل ضابط إسرائيلي.
ويروي المسلسل أحداث عملية عسكرية قام بها مقاومون فلسطينيون خلف خطوط الاحتلال، حيث تمكنوا من اختراق أنظمة المراقبة وأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية قبل أن يتمكنوا من أسر عدد من الإسرائيليين، وذلك في مشهد قريب للغاية مما وقع من أحداث في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
كما تطرق مسلسل قبضة الأحرار إلى التجهيزات العسكرية براً وبحراً في حال اندلعت حرب مع إسرائيل.
وهو من ﺇﺧﺮاﺝ محمد خليفة، ومساعده حسام حمدي أبو دان، ومن ﺗﺄﻟﻴﻒ فارس عبد الحميد وتسنيم المحروق. ويتضمن طاقم العمل كلاً من الممثلين: رشاد أبو سخيلة، زهير البلبيسي، إبراهيم سلمان، جواد حرودة، أحمد فياض، كاميليا فاضل.
أوجه التشابه مع عملية “طوفان الأقصى”
واستعرض متابعو مسلسل قبضة الأحرار تفاصيل المسلسل التي قالوا إنها قد تشابهت إلى حدٍ كبير مع أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وما تبعها من أحداث متصاعدة وحرب وحصار خانق يستمر في غزة لما يزيد عن 60 يوماً حتى الآن.
إذ تضمن المسلسل مشاهد دقيقة لعملية اقتحام مستوطنات، تشابهت بعض أسمائها بتلك التي تسللت كتائب القسام لها في عملية طوفان الأقصى، من بينها مثلاً معسكرا كدوميم ورعيم.
كما تضمّن المسلسل مشاهد لعملية أسر عدد من جنود الاحتلال الإسرائيلي على يد عناصر المقاومة، تماماً مثلما حدث في الواقع ضمن عملية طوفان الأقصى.
وحول ذلك صرح الممثل الفلسطيني رشاد أبو سخيلة لوكالة “سبوتنيك” الروسية، في وقت سابق، بأن المسلسل يأتي في إطار “الرد على مستوى الدراما على ما طرحه المسلسل الإسرائيلي ‘فوضى’، الذي حاول أن يجرّم الشعب الفلسطيني، ويظهر اختراقات استخباراتية إسرائيلية داخل المجتمع الفلسطيني”.
وتابع: “نحاول من خلال هذا المسلسل ‘إظهار وجهة النظر الفلسطينية’ من خلال إظهار الفلسطيني المقاوم، فيما تركز حبكة المسلسل على تفوق استخبارات المقاومة”.
تأثير كبير للدراما الفلسطينية
تهدف حماس من وراء هذا المسلسل وغيره من الأعمال الدرامية إلى تقديم رواية فلسطينية مضادة للرواية “الإسرائيلية”، وإبراز دور المقاومة فيما وصفه رئيس دائرة الإنتاج الفني بحركة حماس، محمد ثريا، بـ”صراع العقول”.
وفي تصريحات سابقة له قال: “نجتهد بإمكاناتنا المتواضعة لمجابهة الكذب والتضليل الإسرائيلي، إدراكاً لحجم تأثير الدراما على وعي الجمهور”.
وسلط رئيس دائرة الإنتاج الفني في حماس الضوء على قيمة إنتاج أعمال فنية فلسطينية، رغم ضعف الإمكانات البشرية والمادية، في مقابل الدعم الهائل الذي تتلقاه إسرائيل من قوى وجهات عالمية تساعدها على إنتاج أعمال تشوّه صورة المقاومة والنضال الوطني الفلسطيني.
هذا، وأنشأت حركة حماس مؤسستها الخاصة بالإنتاج الدرامي والفني في عام 2007، بعد أشهر فقط من وصولها للسلطة في قطاع غزة.
وفي أول أعمالها، أنتجت مسلسلاً درامياً تناولت فيه حياة عماد عقل، أحد مؤسسي كتائب القسام (الذراع العسكرية لحركة حماس) والمسؤول عن هجمات قتل فيها إسرائيليون في تسعينيات القرن الماضي، قبل أن تغتاله إسرائيل.
أحمد الغندور، قائد لواء الشمال في كتائب القسام منذ 2005، وعضو المجلس العسكري العام للكتائب. أمضى 39 عاماً في ميادين الجهاد ومقاومة المحتل.
بدأ عمله العسكري المقاوم عام 1984 برفقة الشهيد المجاهد صلاح شحادة، حيث نفذ أول مهمة ضد الاحتلال الإسرائيلي في ذلك العام، من خلال أول خلية عسكرية تم تشكيلها، ليكون بذلك أقدم رجل في جيش الكتائب، حتى لحق به وصف (أبو الهول) نظراً لهذه المكانة التاريخية، والأصالة الراسخة.
وضعه الاحتلال على القوائم السوداء بهدف تصفيته واعتبره المطلوب رقم 3 بعد القادة محمد الضيف ومروان عيسى، وعلى إثر ذلك حاول اغتياله مرات عدة أبرزها عام 2002، وعام 2012، استُهدف بيته في حرب 2014 حيث استشهدت زوجته وابنته. كما أُدرج على لوائح “الإرهاب” الامريكية في العام 2017. واعتقل 6 سنوات في سجون الاحتلال، و5 سنوات عند السلطة الفلسطينية.
قاد أحمد الغندور لواء الشمال، الذي غدا أشدّ الألوية بأساً وإثخاناً للاحتلال. وخطط للواء وقاده في محطات تاريخيّة بارزة، ومعارك ضارية قارع فيها المحتل، ومنها معركة أهل الجنة، ومعركة أيام الغضب، ومعركة الفرقان وما تلاها من معارك أقضت مضاجع المحتل وأربكت حساباته.
كما نظم في انتفاضة الأقصى مئات العمليات الاستشهادية، كان منها: عملية ريم الرياشي الاستشهادية، وعملية اقتحام ميناء أسدود التي نفذها الاستشهاديان محمود سالم ونبيل مسعود، وعمليات كثيرة يعلمها المحتل جيداً. كما اتهمه الاحتلال بالمشاركة في التخطيط لأسر الجندي جلعاد شاليط عام 2006.
يصفه الاحتلال الإسرائيلي بصاحب الأرواح السبع، بسبب فشل المحاولات الكثيرة لاغتياله، التي كان ينجو منها بإرادة ولطف ربه عز وجل، وكان يعود في كل مرة أقوى وأشد بأساً.
خلال مقابلة سابقة معه بعد تحرير غزة، كانت كتائب القسام حينها قد كشفت عن أسماء عدد من قادتها التاريخيين، قال القائد أحمد الغندور آنذاك: إن كتائب القسام استخدمت كل ما استطاعت الحصول عليه من سلاح فبدأت بالتربية الجهادية بشتى أنواعها ثم بما تيسر بداية من الحجر والمولوتوف والبنادق والرصاص والقنابل.
ثم منّ الله عليهم بالمهندسين الذين وفقهم الله لصناعة المتفجرات والتي كانت وقوداً لكل المقاومين والمجاهدين، والتي أصبحت سلاح رعب وردع للمحتلين.
فاستطاع المقاومون صناعة عبوات بأنواع شتى، منها الأرضية والجانبية الموجهة للآليات وللأفراد، وصنعوا الأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة، وصنعوا صواريخ القسام التي كانت رادعة للمحتل، والصواريخ المضادة للدروع التي كان منها البتار والياسين الذي جعل المحتلين يفكرون ألف مرة قبل أي اجتياح، بل أصبحوا يفكرون بالانسحاب والهرب.
وقدم القائد المجاهد أحمد الغندور اثنين من أبنائه شهداء في يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول. من ثم استشهد هو خلال معركة طوفان الأقصى مقبلاً غير مدبر.
نعته كتائب القسام مع ثلاثة قادة عسكريين آخرين استشهدوا في معركة طوفان الأقصى.
يعد الغندور ثاني أكبر قائد تعلن القسام استشهاده خلال معركة طوفان الأقصى، بعد الشهيد أيمن نوفل، عضو المجلس العسكري، وقائد لواء الوسطى، الذي استشهد في 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
قبل طوفان الأقصى.. أبرز العمليات العسكرية للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال في آخر 17 سنة
صباح السابع من أكتوبر/تشرين الأوّل 2023، اجتاح آلاف المقاتلين الفلسطينيين الأراضي الفلسطينية المحتلة براً وجواً وبحراً، تحت غطاءٍ جوّي من آلاف الصواريخ التي أطلقتها المقاومة على بلدات غلاف غزة وتل أبيب، في مشهد تاريخي هو الأوّل من نوعه منذ حرب عام 1973.
إذ أعلن القائد العام لكتائب القسام، الجناح العسكري في حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، محمد الضيف، اليوم السبت 7 أكتوبر/تشرين الأوّل، -في رسالة صوتية- بدء عملية “طوفان الأقصى” رداً على “جرائم الاحتلال الإسرائيلي.
وقال الضيف في رسالته: “نعلن بدء عملية طوفان الأقصى، ونعلن أن الضربة الأولى، والتي استهدفت مواقع العدو ومطاراته وتحصيناته العسكرية قد تجاوزت 5 آلاف صاروخ وقذيفة”.
هذه المواجهة العسكرية غير المسبوقة للمقاومة الفلسطينية، والتي جعلت إسرائيل لساعاتٍ طويلة تحت الصدمة، وعجزت منظومة الاحتلال الإسرائيلي الأمنية والاستخبارية على مواجهتها أو على الأقل التنبؤ بها، تأتي في إطار ردّ المقاومة على جرائم الاحتلال وخططهم لبسط سيادته على المسجد الأقصى.
وقبل عملية طوفان الأقصى التي تعدّ أكبر وأقوى مواجهة يخوضها الفلسطينيون ضد الاحتلال منذ حرب 1973، خاضت المقاومة الفلسطينية في غزة عدة حروب وجولات تصعيدية ضد الاحتلال منذ انسحابه سنة 2006 من القطاع، في هذا التقرير نرصد أبرز العمليات العسكرية للمقاومة الفلسطينية في آخر 17 سنة.
طوفان الأقصى.. إسرائيل تحت خط الهجوم
بدأت المقاومة الفلسطينية في وقت مبكرٍ من صباح السبت 7 أكتوبر/تشرين الأوّل 2023، عملية عسكرية غير مسبوقة أطلق عليها القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف اسم ” طوفان الأقصى” رداً على الجرائم الإسرائيلية المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني وانتهاكاتها المستمرة ضد المسجد الأقصى.
وقال رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية إن “هذا الطوفان بدأ من غزة، وسوف يمتد للضفة والخارج”، مضيفاً أنّ “المقاومة الفلسطينية في هذه اللحظات التاريخية تخوض ملحمة بطولية عنوانها الأقصى ومقدساتنا وأسرانا”.
وتوازياً مع إطلاق المقاومة الفلسطينية لآلاف الصواريخ والقذائف الصاروخية تجاه البلدات الإسرائيلية المتاخمة لقطاع غزة، اجتاح آلاف المقاتلين الفلسطينيين عبر البر والجو والبحر المستوطنات الإسرائيلية المتاخمة لحدود القطاع، وقتلت عشرات الجنود والمستوطنين وأسرت العشرات أيضاً.
وأعلنت إذاعة الاحتلال الإسرائيلي، السبت 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أن المقاومة الفلسطينية أسرت 35 إسرائيلياً حتى الآن، وذلك بعد عملية “طوفان الأقصى” التي شنتها المقاومة الفلسطينية بشكل مباغت ضد الاحتلال، فيما أعلن جيش الاحتلال إطلاق عملية “السيوف الحديدية” في قطاع غزة رداً على المقاومة.
في غضون ذلك، أعلن عدد من كتائب المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية النفير العام، والبدء بشن هجمات باتجاه قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين، استجابة لمعركة “طوفان الأقصى”، كما احتفل الفلسطينيون بالشوارع ببسالة المقاومين في قطاع غزة.
وحدة الساحات 2022
بدأت هذه المعركة مع اعتقال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي في جنين، بسام السعدي، يوم الإثنين 1 أغسطس/آب 2022، إذ نشرت كاميرات المراقبة في المكان صوراً مستفزة ترصد السحل والضرب والتعذيب الذي تعرّض له السعدي خلال عملية الاعتقال، الأمر الذي دفع سرايا القدس، الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، إلى إصدار بيان عسكري في اليوم نفسه للاعتقال، جاء فيه: “نعلن في سرايا القدس الاستنفار ورفع الجاهزية لدى مجاهدينا، والوحدات القتالية العاملة، تلبية لنداء الواجب أمام العدوان الغادر الذي تعرّض له القيادي الكبير الشيخ بسام السعدي وعائلته قبل قليل في جنين”.
وأمام الاستنفار الذي أعلنت عنه سرايا القدس، قام الاحتلال الإسرائيلي باستباق ردّ المقاومة وذلك بقصفه شقة سكنية في برج فلسطين وسط مدينة غزة في 5 أغسطس/آب 2022، أسفرت تلك الغارة عن استشهاد قائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس الشهيد تيسير الجعبري، وهي الشرارة التي أشعلت معركة “وحدة الساحات” التي استمرت 3 أيام.
وتمكنت حركة الجهاد الاسلامي من إطلاق أكثر من ألف صاروخ خلال يومين ونصف من المواجهات، وأحدثت صواريخ المقاومة نحو 222 ضرراً مباشراً، منها 84 في عسقلان و66 في سديروت و72 في مدن أخرى.
واستُشهد نتيجة العدوان 47 فلسطينياً وجُرح أكثر من 300، وكان من أبرز الشهداء الشهيد خالد منصور، قائد اللواء الجنوبي في سرايا القدس.
سيف القدس 2021
كانت عملية سيف القدس سنة 2021، مثلما تحمله اسمها مواجهة مختلفة بالنسبة للمقاومة الفلسطينية، التي استهدفت القدس المحتلة في 10 مايو/أيار 2021 برشقة صاروخية، بعد توتر شهده المسجد الأقصى نتيجة للاعتداءات الإسرائيلية واستيلاء مستوطنين على بيوت مقدسيين في حي الشيخ جراح.
أطلق الاحتلال الإسرائيلي اسم “حارس الأسوار” على هذه المواجهة، فيما كان الاسم الفلسطيني هذه المرة معركة “سيف القدس”.
وخلال هذه الجولة أطلقت المقاومة الفلسطينية أكثر من 4 آلاف صاروخ خلال 11 يوماً، فيما تجاوز مدى الصواريخ 250 كيلومتراً ليصل إلى مطار رامون على الحدود الفلسطينية الأردنية.
أسفرت هذه الحرب عن سقوط 250 شهيداً فلسطينياً وأكثر من 5 آلاف جريح، فيما تعمد الاحتلال قصف عدة أبراج سكنية، واعترف الاحتلال بمقتل 12 إسرائيلياً وإصابة نحو 330 آخرين. وتم وقف إطلاق النار بعد وساطات وتحركات وضغوط دولية في 21 مايو 2021.
صيحة الفجر 2019
خلال هذه الجولة التصعيدية من قبل الاحتلال الاسرائيلي التي بدأت في 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، عاد جيش الاحتلال لتطبيق سياسة الاغتيالات، عبر استهداف قائد المنطقة الشمالية في “سرايا القدس”، الذراع العسكرية لحركة “الجهاد الإسلامي” في غزة، بهاء أبو العطا، في شقته السكنية في حي الشجاعية، شرقي مدينة غزة، وأدى إلى استشهاده هو وزوجته، لتبدأ الجولة الجديدة بين المقاومة وجيش الاحتلال.
اختارت المقاومة اسم “معركة صيحة الفجر” لتسمية المواجهة، وأطلقت خلالها مئات الصواريخ على مواقع وبلدات فلسطينية محتلة، بعضها وصل إلى تل أبيب. وأسفرت هذه الجولة عن استشهاد 34 فلسطينياً، وجُرح أكثر من 100 آخرين، في حين تكتمت قوات الاحتلال على خسائرها البشرية.
العصف المأكول 2014
في السابع من يوليو/تموز 2014، بدأت قوات الاحتلال عملية عسكرية سمّتها “الجرف الصامد”، وردت عليها المقاومة بمعركة أطلقت عليها “العصف المأكول”.
اندلعت الحرب بعد أن اغتالت إسرائيل 6 من أعضاء حركة حماس زعمت أنهم وراء اختطاف وقتل 3 مستوطنين في الضفة الغربية، وهو ما نفته “حماس” حينها، كما كان من أسباب هذه المواجهة أن اختطف مستوطنون الطفل الفلسطيني محمد أبو خضير وعذبوه وقتلوه حرقاً.
كان هذا الاحتلال من هذه العملية بسحب ما صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو هو تدمير شبكة الأنفاق التي بنتها المقاومة تحت الأرض في غزة، وامتد بعضها تحت الغلاف الحدودي.
واستمرت هذه المواجهة 51 يوماً، شن خلالها جيش الاحتلال أكثر من 60 ألف غارة على القطاع.
أسفرت هذه الحرب عن 2322 شهيداً و11 ألف جريح، في حين قُتل 68 جندياً إسرائيلياً، وأُصيب 2522 إسرائيلياً بجروح، بينهم 740 عسكرياً.
خلال هذه المواجهة، أطلقت كتائب القسام أكثر من 8 آلاف صاروخ، استهدفت ببعضها لأول مرة مدن حيفا وتل أبيب والقدس، وتسببت بإيقاف الرحلات في مطار تل أبيب.
كما أطلقت المقاومة الفلسطينية أيضاً طائرات مسيّرة في المجال الجوي الإسرائيلي، لم تتمكن منظومات دفاع جيش الاحتلال من اكتشافها إلا بعد أن اخترقت العمق الإسرائيلي بأكثر من 30 كيلومتراً.
كما أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، في 20 يوليو/تموز 2014 أسرها الجندي الإسرائيلي شاؤول آرون، خلال تصديها لتوغل بري لجيش الاحتلال في حي الشجاعية شرق مدينة غزة.
حجارة السجيل 2012
في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، قامت طائرات الاحتلال الاسرائيلي باغتيال القيادي البارز في كتائب القسام الشهيد أحمد الجعبري، لتطلق بعدها عملية عسكرية باسم “عمود السحاب”.
كان ردّ المقاومة الفلسطينية بإعلان معركة حجارة السجيل، التي استمرت 8 أيام، وتمكنت خلالها من قتل 20 إسرائيلياً وأُصيب 625 آخرون، وذلك بعد أن أطلقت أكثر من 1500 صاروخ، بعضها تجاوز مداه 80 كيلومتراً، ووصل لأول مرة في تاريخ الصراع إلى تل أبيب والقدس المحتلة.
واستُشهد خلال المواجهة نحو 180 فلسطينياً، بينهم 42 طفلاً و11 امرأة، وجُرح نحو 1300 آخرين.
معركة الفرقان 2008
في 27 ديسمبر/كانون الأول 2008، بدأت إسرائيل حرباً شاملة على قطاع غزة أطلقت عليها اسم عملية “الرصاص المصبوب”، وردت عليها المقاومة الفلسطينية في القطاع بعملية سمّتها معركة الفرقان.
كان الهدف الذي وضعته قيادة الاحتلال لهذه الحرب هو “إنهاء حكم حركة حماس في القطاع”، والقضاء على المقاومة الوطنية الفلسطينية، ومنعها من قصف إسرائيل بالصواريخ.
كما كان الهدف منها أيضاً الوصول إلى المكان الذي تخبئ فيه المقاومة الأسير جلعاد شاليط.
لكن شيئاً مما سبق لم يتحقق خلال 23 يوماً هي مدة هذه المعركة، على الرغم من استخدام الاحتلال في قصفه للقطاع، أسلحة محرمة دولية مثل الفسفور الأبيض واليورانيوم المنضب، وأطلق أكثر من ألف طن من المتفجرات.
خلال معركة الفرقان، نجحت المقاومة في استهداف غلاف غزة بنحو 750 صاروخاً، وصل بعضها لأول مرة إلى مدينتي أسدود وبئر السبع، كما قتلت 13 إسرائيلياً، بينهم 10 جنود، وإصابة 300 آخرين.
وكانت التكلفة البشرية من المدنيين كبيرة، إذ قتلت إسرائيل خلال العملية أكثر من 1430 شهيداً، منهم أكثر من 400 طفل و240 امرأة و134 شرطياً، إضافة إلى أكثر من 5400 جريح. ودمرت أكثر من 10 آلاف منزل دماراً كلياً أو جزئياً.
عملية الوهم المتبدد 2006
كانت العملية التي أطلقت عليها المقاومة الفلسطينية اسم عملية الوهم المتبدد، والتي كانت أول جولة قتال حقيقية وقعت في القطاع بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة.
جرت هذه المعركة في صيف عام 2006 حين بدأ الاحتلال عدواناً واسعاً في أعقاب عملية أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط من قبل عناصر المقاومة.
حاول الاحتلال الإسرائيلي خلال هذه المعركة اغتيال عدد من قادة المجلس العسكري لـ”كتائب القسام”، الذراع العسكرية لحركة “حماس”، على رأسهم القائد العام محمد الضيف ونائبه الحالي مروان عيسى.
أما هدف الاحتلال المعلن من وراء هذه العملية، فهو استعادة الجندي شاليط، وهو ما لم يتمكن الاحتلال من تحقيقه ليضطر لاحقاً للقبول بالمفاوضات غير المباشرة لإبرام صفقة تبادل في 2011.
صممت خصيصاً لغزة بكلفة ضخمة.. قصة مدرعات “نامر” الإسرائيلية التي سحقتها قاذفات “ياسين 105”
أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، الأربعاء 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، مقتل 9 جنود من كتيبة غولاني شمال قطاع غزة. وقُتل هؤلاء الجنود بعد إصابة مدرعتهم من طراز “نامر” NAMER بصاروخ مضاد للدبابات يعتقد جيش الاحتلال أنه “ياسين 105” محلي الصنع الذي أدخلته كتائب القسام للخدمة في هذه الحرب.
ويحدث ذلك على الرغم من أن هذه المدرعة كان من المفترض أن تكون ناقلة الجنود القتالية المتقدمة التي تنتظرها إسرائيل منذ عقود. وقد أثارت هذه الضربات شكوكاً واستدعت أسئلة لدى الجيش الإسرائيلي عن الخطأ الذي حدث وأسفر عن هذه المقتلة للجنود الإسرائيليين التي وصفتها الحكومة الإسرائيلية بالصعبة والقاسية، كما يقول تقرير موقع Walla الإسرائيلي.
بُنيت على هيكل دبابات “ميركافا 4”.. ما هي مدرعة نامر التي تلقت ضربات موجعة في غزة؟
لكي نفهم تاريخ هذه المدرعة ومدى استثمار جيش الاحتلال الإسرائيلي فيها، علينا العودة إلى يوم 12 مايو/أيار 2004، والذي يوصف بأحد أصعب الأيام في تاريخ جولات قتال الاحتلال مع المقاومة في قطاع غزة.
ففي ذلك اليوم، وبينما كان جنود الاحتلال لا يزالون يبحثون عن رفات 6 من مقاتلي جفعاتي الذين قُتلوا في انفجار ناقلة جنود مدرعة من طراز “إم 113” في اليوم السابق، تمكن مقاتلو “حماس” من ضرب ناقلة جنود مدرعة أخرى من طراز “كيو إم 113” تنتمي إلى وحدة الأنفاق التابعة لفرقة غزة في جيش الاحتلال، وقتل جميع أفراد طاقمها الخمسة.
زاد من وطأة تلك الكارثة لدى الإسرائيليين صور الجنود وهم يزحفون بحثاً عن رفات زملائهم. وهو ما دفع جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى المسارعة بالاعتماد على ناقلة جنود جديدة وهي “نامر” التي بُنيت بالأساس على هيكل دباباته من نوع “ميركافا 4″، لتأمين جنوده، ومن أجل التوحيد اللوجيستي للمركبات المدرعة العاملة بالجيش.
وبعد مرور عام على كارثة استهداف المدرعات في حرب 2014، كان جيش الاحتلال قد بدأ في تجربة نموذج أوَّلي جديد لناقلة جنوده المصفحة المعروفة باسم “نامر”.
مدرعة نامر صُممت خصيصاً لغزة بكلفة 3 مليون دولار لكنها أصبحت عبئاً على الاحتلال الآن
بُنيت “نامر” بتصميمٍ يتجنَّب العيوب التي تسببت في كارثة استهداف المدرعات في 2014، وحظيت بالتدريع ذاته الذي تتمتع به دبابات الميركافا الإسرائيلية، بحيث يُفترض أنها مقاومة لاختراق الصواريخ المضادة للدبابات والصواريخ من نوع “آر بي جي”، وتتوافر على نظام دفاع نشِط لاعتراض هذه الصواريخ، وزُوِّدت بمحرك تبلغ قوته 900 حصان، ومدفع رشاش “كيلر”، ومدفع هاون ميكانيكي، وقاذفة هاون ميكانيكية عيار 60 ملليمتراً. وكان لواء غولاني أول فرقة عسكرية استخدمته.
ومع ذلك تباطأ جيش الاحتلال في الاستعانة بمدرعات نامر بعد أن تبين أنها باهظة الثمن، إذ تبلغ قيمة المدرعة نحو 3 ملايين دولار. ومن ثم فضَّل جيش الاحتلال تحويل الميزانية المخصصة لتطوير هذه المدرعات إلى برامج مشتريات أخرى.
ولهذا السبب، قاتل جيش الاحتلال مرة أخرى في غزة بناقلات الجنود المدرعة من طراز “إم 113” وتحمل مرة أخرى فاتورة باهظة من الخسائر في أرواح جنوده.
يمتلك جيش الاحتلال اليوم المئات من ناقلات “نامر” المدرعة في الخدمة، ويتكون طاقمها من 3 أفراد وتستطيع حمل 8 جنود. وقد بدأت شركات التصنيع العسكري الإسرائيلية العام الماضي في إنتاج “نامر 2″، التي تتمتع بمحرك بقوة 1500 حصان، وشاشات تعمل باللمس وميزات أخرى.
كيف نجحت صواريخ “ياسين 105” المضادة للدروع بسحق “مدرعة نامر”؟
المعروف حتى الآن أنَّ صاروخاً مضاداً للدبابات من طراز ياسين “105” قد استهدف ناقلات مدرعة من طراز “نامر” واخترق تدريعها. وقد وقع ذلك على الرغم من المزاعم الإسرائيلية بأن هذه الناقلة قد تمكنت في حرب 2014 من التصدي لصاروخ مضاد للدبابات وقذائف “آر بي جي”، وحتى من سقوط مبنى عليها بعد أن فجَّرته المقاومة. وفي جميع هذه الحوادث تمكنت المدرعة من حماية حياة الجنود، ولم تقع إصابات، كما يقول جيش الاحتلال.
علاوة على ذلك، فإن هذه الناقلات مزوَّدة بنظام السواتر الواقية المثبت في دبابات “ميركافا 4″، والذي يقال إنه برهن عن فاعليته في اكتشاف الصواريخ المضادة للدبابات وقذائف “آر بي جي” واعترضها قبل إصابة المدرعة. إلا أن إنتاج ناقلات “نامر” كان قد بدأ بالفعل في عام 2008، ومن ثمَّ كان من المفترض تركيب نظام السواتر في المستقبل، وتعهّد جيش الاحتلال بإنجاز الأمر.
من الواضح أن جيش الاحتلال قد أهمل حماية مركباته المدرعة في السنوات الأخيرة، وأن الخطط التي أعلن عنها بشأن تزويد المدرعات بنظام السواتر الواقية لم تُنفذ بعدُ.
خطط تطوير فاشلة أو مؤجلة
كانت وزارة الدفاع الإسرائيلية قد أعلنت في عام 2019 أنها ستشتري من شركة “إلبيط” الإسرائيلية أنظمة “السهم” (آرو)، التي تعمل كذلك عملَ السترات الواقية، لتركيبها في ناقلات الجنود المدرعة “إيتان” التابعة للجيش الإسرائيلي، وجرافات “كاتربيلر دي 9″، وقُدرت قيمة الصفقة بنحو 100 مليون شيكل (25 مليون دولار حالياً) في ذلك الوقت. لكن دمج النظام في هاتين المركبتين لم يتم أيضاً بعد.
في السنوات الأخيرة، قدمت وزارة الدفاع الإسرائيلية كذلك نموذجاً أوَّلياً لناقلة جنود مدرعة معزَّزة ومزودة بمدافع من عيار 30 ملم، وهو ما يتيح للمقاتلين الاعتماد عليها في القتال إذا لم يجدوا دبابة أو مروحية قتالية في منطقة الاشتباك. وهذا المدفع ليس بقوة مدفع دبابات الميركافا، لكنه قادر على تدمير مواقع إطلاق النار.
جديرٌ بالذكر أن الجيش الأمريكي شرع في تجهيز ناقلات الجنود المدرعة بمدفع خفيف. ولكن حتى هذه الخطة الرامية إلى تزويد ناقلات الجنود المدرعة التابعة للجيش الإسرائيلي بهذه المدافع لم تصل بعد إلى مرحلة الشراء.
بعد أسرها “عدداً كبيراً” من الإسرائيليين.. هل تنجح حماس بتبييض سجون الاحتلال من نحو 7 آلاف أسير فلسطيني؟
بعد عشرات المشاهد التي بُثت لأسر جنود ومستوطنين إسرائيليين خلال عملية “طوفان الأقصى”، التي باغتت المقاومة الفلسطينية إسرائيل بها، صباح السبت 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، اعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي بوجود أسرى إسرائيليين في قطاع غزة دون تحديد عددهم، حيث أكد المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري، رسمياً، أن هناك رهائن وأسرى أخذتهم حماس، وأضاف هاغاري: “ليس لدينا رقم محدد بعد، فنحن في حالة حرب”.
فيما قالت صحيفة “جيروزاليم بوست”، صباح الأحد، إن نحو 750 إسرائيلياً في عداد المفقودين حالياً، دون أن تقدم مزيداً من التفاصيل، ما قد يرفع التوقعات بشأن عدد الأسرى الذين أصبحوا في حوزة حماس والفصائل الأخرى.
كتائب القسام: عدد الأسرى الإسرائيليين أضعاف ما يعتقد نتنياهو
أعلنت كل من حركة حماس، وحركة الجهاد الإسلامي، عن أسرهما عدداً من الجنود الإسرائيليين دون الكشف عن أعدادهم الحقيقية، لكن الناطق الرسمي باسم كتائب القسام أبو عبيدة قال في بيان صوتي إن الكتائب أسرت أضعاف ما قد يظن نتنياهو من الإسرائيليين، وإنهم تم تأمينهم في جميع أنحاء غزة.
من جهته، قال نائب رئيس حركة حماس صالح العاروري، لقناة الجزيرة، إن حماس تحتجز قادة عسكريين إسرائيليين وضباطاً برتب كبيرة. وهو ما يمثل فشلاً عسكرياً واستخباراتياً إسرائيلياً كبيرين.
وفي الوقت نفسه، نشرت عدة حسابات فلسطينية على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو وصوراً تظهر جنوداً ومستوطنين إسرائيليين أسرى، يتم جلبهم إلى غزة بالسيارات والدراجات النارية، كما أظهرت المقاطع احتجاز جثث لجنود إسرائيليين قتلى.
وقال مصدر أمني إسرائيلي، تحدث لرويترز دون ذكر اسمه، إنهم على علم بتقارير عن احتجاز أسرى، وإن الكثير من اللقطات لم يتم التحقق منها.
في حالة تأكيد التقارير، فمن المرجح أن يصبح عدد الإسرائيليين الذين تحتجزهم الفصائل الفلسطينية، أحياء أو أمواتاً، قضية سياسية ساخنة في إسرائيل، وتثير الغضب ضد حكومة نتنياهو، التي عجزت عن تأمين وحماية جنودها ومواطنيها، من مختلف الرتب والفئات والأعمار.
ونقلت القناة “12” العبرية، نقلاً عن مصادر رفيعة قولها إن “إسرائيل” طلبت من مصر التفاوض مع حركة حماس بسرعة للإفراج عن الأسرى والمصابين والمختطفين لديها بغزة، لكن من المؤكد أن إفراج حماس عن أي معلومات حول هؤلاء الأسرى سيكون له ثمن، ناهيك عن ثمن الإفراج عنهم، وهو “تبييض السجون”.
هل تنجح حماس في تبييض سجون الاحتلال من جميع الأسرى الفلسطينيين؟
أما في فلسطين، فيشكل مصير السجناء الفلسطينيين المحتجزين في إسرائيل أيضاً قضية مهمة، وبشكل متزايد في ظل حكومة يمينية متطرفة في تاريخ إسرائيل.
خلال العام الماضي، سعى وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف، إيتمار بن غفير، إلى قمع حقوق السجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
ومن الحد من الزيارات العائلية إلى نقل عشرات الفلسطينيين إلى سجن نفحة، حيث تبنى بن غفير سياسة تجعل حياة السجناء الفلسطينيين أكثر صعوبة بشكل متزايد.
ويوجد حوالي 5200 أسير سياسي في السجون الإسرائيلية، يضاف إليهم أكثر من 1264 معتقلاً إدارياً، وفقاً لنادي الأسير الفلسطيني. فيما اعتقلت قوات الاحتلال منذ مطلع العام 2023 أكثر من 5000 فلسطينياً، بينهم (83) من النساء، و(678) طفلاً. فيما بلغ عدد أوامر الاعتقال الإداري منذ مطلع العام 2023 نحو (2350) أمراً، بينهم (1245) أمراً جديداً، و(1105) أوامر تجديد.
وبموجب النظام التمييزي الإسرائيلي، تصل نسبة “الإدانة” للفلسطينيين الذين يحاكمون أمام محاكم عسكرية إلى 99.7%، في حين نادراً ما تتم إدانة الإسرائيليين بسبب هجمات على الفلسطينيين. ويُحتجز نحو ربع السجناء الفلسطينيين دون تهمة أو محاكمة، في ممارسة مثيرة للجدل، تُعرف باسم “الاعتقال الإداري”.
وقال محمد ضيف، القائد العام لكتائب القسام، إن هجوم السبت يرجع جزئياً إلى رفض إسرائيل مؤخراً التقدم في اتفاقيات “تبادل الأسرى”. وقال الضيف: “لقد أمضى المئات من أسرانا 20 عاماً فما فوق في ظلمة زنازين السجون. والعشرات من إخواننا وأخواتنا في السجون أنهك أجسادهم السرطان والمرض، والعديد منهم ماتوا نتيجة الإهمال الطبي والموت البطيء”.
ويعد الظفر بأسرى إسرائيليين من قِبل أطراف معادية لإسرائيل أمراً خطيراً لتل أبيب، وثميناً للفلسطينيين، حيث يُسهم ذلك في إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
ويبدو أن المقاومة الفلسطينية تسعى هذه المرة، وبهذا الكم من الأسرى الإسرائيليين في قبضتها، للإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وإذا نجحت حماس في تبييض السجون فستكون تلك أكبر صفقة لتبادل الأسرى بين إسرائيل وطرف فلسطيني منذ حرب النكبة عام 1948.
وما يدلل على نجاح هذا الاحتمال هو حالة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، الذي أسرته حماس في هجوم مسلح عبر الحدود بالقرب من غزة في عام 2006. وقد احتُجز لأكثر من خمس سنوات قبل إطلاق سراحه في عملية تبادل للأسرى في عام 2011. نجحت حماس حينها في إطلاق سراح أكثر من 1000 أسير فلسطيني محتجزين في السجون الإسرائيلية.
واعتماداً على عدد الإسرائيليين الذين تم أسرهم في نهاية هذه الحملة، فقد تحدث عملية تبادل أسرى ضخمة تفوق أي عمليات تبادل للأسرى حدثت في الماضي.
حيث سلطت عملية تبادل الأسرى في عام 2011 الضوء على الأهمية الكبيرة التي توليها الحكومة الإسرائيلية لعودة الجنود الأسرى، والتي من المرجح أن تستفيد منها حماس الآن، التي تحتفظ بعدد أيضاً من الجنود الإسرائيليين منذ عام 2014.
تاريخ عمليات تبادل الأسرى بين إسرائيل وفصائل المقاومة
سبق أن جرت عمليات تبادل للأسرى كبيرة بين إسرائيل وفصائل مسلحة فلسطينية أو عربية، ففي عام 1985 أسفر اتفاق جبريل، الذي سمي على اسم أحمد جبريل، زعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة، عن إطلاق إسرائيل سراح أكثر من 1150 أسيراً فلسطينياً ولبنانياً، بما في ذلك بعض من أفراد حزب الله.
حيث تم ذلك مقابل إطلاق سراح الجنود الإسرائيليين الثلاثة (جوزيف جروف، ونسيم سالم، وهيزي شاي) الذين تم أسرهم خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 1982.
في عام 2004، أُجري تبادل آخر للأسرى بين إسرائيل وحزب الله. وكان رجل الأعمال الإسرائيلي إلهانان تانينباوم قد اختطفه حزب الله في عام 2000، خلال رحلة إلى دبي، وتم الاحتفاط به في لبنان. وفي عام 2004، تم إطلاق سراحه مقابل إطلاق سراح عدد من السجناء اللبنانيين والفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل.
وفي عام 2008، أجرت إسرائيل وحزب الله تبادلاً مهماً آخر، سلمت فيه إسرائيل رفات 199 مقاتلاً لبنانياً وفلسطينياً، مقابل رفات جنديين إسرائيليين، إلداد ريغيف وإيهود غولدفاسر.
حيث تم أسر هؤلاء الجنود وقتلهم على يد حزب الله، في تسلل الجماعة اللبنانية عبر الحدود في عام 2006، ما أدى إلى اندلاع حرب استمرت 34 يوماً على لبنان. وقد تم تسهيل هذا التبادل بوساطة من اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
فقد زوجته وابنه وأصبح قعيداً.. قصة الرجل الذي بنى قدرات حماس الصاروخية وهتف المقدسيون له
“قط بسبع أرواح”، هكذا وصفت إسرائيل محمد الضيف، قائد أركان كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، الرجل الذي هدد جنود الاحتلال المتظاهرين في القدس بالعقاب إذا هتفوا باسمه.
فعلى مدار 30 عاماً حاولت المخابرات الإسرائيلية مرات عديدة تصفية محمد الضيف، وبررت فشلها بأنه هدف يتمتع بقدرة بقاء غير عادية، ويحيط به الغموض، ولديه حرص شديد على الابتعاد عن الأنظار، حتى تصفه بعض المصادر الإسرائيلية بأنه قادر على الذوبان بين الناس والتخفي وتغيير لونه مثل الحرباء.
إذ يستطيع الضيف أن يعيش في حفرة صغيرة في جوف الأرض أو قبو مغلق، دون استخدام وسائل اتصال حديثة، حسبما قال مصدر مصري معني بالملف الفلسطيني لـ”عربي بوست”، فلقد كيّف الرجل نفسه على التخفي في مواجهة قدرات إسرائيل الاستخباراتية والتكنولوجية العالية، التي أدت إلى اغتيال عدد من قادة الجناح العسكري لحماس السابقين.
وفي هذا الصدد قال مسؤول في حماس طالباً عدم كشف اسمه إن الضيف لا يستخدم أياً من وسائل التكنولوجيا الحديثة، مشيراً إلى أنه “يحيط نفسه بسرية لا مثيل لها، ودائم الحذر، ولديه سرعة بديهة غير عادية، وذكي جداً”، حسبما نقل عنه موقع فرانس 24.
المقدسيون يهتفون باسمه رغم التهديدات
وبرز اسم محمد الضيف الذي يعتبر قائد هيئة أركان كتائب عز الدين القسام الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الأيام الأخيرة، عندما هتف المقدسيون باسمه في مظاهراتهم، سواء داخل المسجد الأقصى، أو في مناطق أخرى من البلدة القديمة لمدينة القدس المحتلة، حيث بات شعار “إحنا رجال محمد الضيف” من أكثر الشعارات ترديداً في مظاهرات الشباب المقدسيين.
لدرجة أن قوات الاحتلال كانت تطلب من المحتجين الفلسطينيين عدم ذكر اسمه في المظاهرات، وعدم رفع العلم الفلسطيني، وذلك حتى لا تقمع المظاهرات، وفق ما ذكر في موقع “الجزيرة نت“.
وجاء ترديد اسم القائد محمد الضيف، الذي يعد من أبرز المطلوبين الفلسطينيين لدى تل أبيب، في مظاهرات القدس، عقب تحذيره الأسبوع الماضي لسلطات الاحتلال والمستوطنين أنه “إن لم يتوقف العدوان على أهالي حي الشيخ جراح في القدس المحتلة والأقصى في الحال، فإن كتائب القسام لن تقف مكتوفة الأيدي، وسيدفع الاحتلال الثمن غالياً”.
وعندما أصدر الضيف تصريحه المكتوب النادر، علمت سلطات الاحتلال أنه سينفذ إنذاره بتوجيه ضربة صاروخية لإسرائيل، رداً على ممارستها في المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح، وهو ما حدث فعلاً قبل أيام.
وفي حدث صادم للإسرائيليين، قصفت حماس القدس في نفس توقيت المظاهرة التي نظمها المستوطنون لاقتحام المسجد الأقصى يوم 28 رمضان، ما أدى إلى انفضاض المظاهرة، وبعد ذلك طالبت فصائل المقاومة الفلسطينية بفض الحصار عن المسجد الأقصى، واستجابت إسرائيل جزئياً.
وتتهم إسرائيل محمد الضيف، الذي تسميه بـ”رأس الأفعى” و”ابن الموت” بالوقوف وراء عدد من العمليات العسكرية الكبرى ضد أهداف إسرائيلية، ونجا من محاولات اغتيال عدة، آخرها أثناء العدوان على غزة عام 2014.
ويكتنف الغموض والسرية نشاط الضيف، وتعد شخصيته مجهولة للرأي العام، ولا يظهر إعلامياً إلا فيما ندر من خلال تصريحات مكتوبة أو تسجيلات صوتية.
خسر زوجته وطفله، ويُعتقد أنه فقد يداً وقدماً
رغم نجاحه في البقاء حياً في السنوات الماضية، فقد كان الضيف الملقب بـ”أبوخالد” قريباً من الموت في 5 محاولات اغتيال، تعرض لها في 2001 و2002 و2003 و2006 و2014، حسب تقرير الجزيرة.
وكانت أشهر محاولات اغتيال الضيف في أواخر سبتمبر/أيلول 2002، حيث اعترفت إسرائيل بأنه نجا بأعجوبة عندما قصفت مروحياتها سيارات في حي الشيخ رضوان بغزة، لتتراجع عن تأكيدات سابقة بأن الضيف قُتل في الهجوم المذكور.
وفي آخر محاولة لاغتيال الضيف في صيف 2014 قُتلت زوجة محمد الضيف وداد، (كانت تبلغ من العمر 27 عاماً)، وطفله علي، الذي كان يبلغ من العمر سبعة أشهر، في غارة جوية استهدفت منزلاً في حي الشيخ رضوان في مدينة غزة.
وفي إحدى محاولات الاغتيال أصيب محمد الضيف إصابة مباشرة جعلته مشلولاً يجلس على كرسي متحرك، وفق تقارير إعلامية، وتقول تقارير أخرى، إنه فقد يداً ورجلاً.
وتتحدث تقارير عن إدارة الضيف للعمليات من على مقعده المتحرك بعد إصابته عام 2006، عندما استهدف صاروخ إسرائيلي سيارته، ، كما تفيد تقارير بأنه أصيب في عينه أيضاً، حسب موقع فرانس 24.
ولكن ذلك لم يؤكد أبداً، إذ لا يوجد للضيف سوى صورة التُقطت قبل 20 عاماً يظهر فيها وجهه نحيفاً وغير ملتحٍ، حسبما ورد في تقرير لموقع فرانس 24.
قائد القسام الذي كان محباً للعمل المسرحي
ينتمي الضيف للجيل الأول والثاني من قيادات حماس، الذين تعرّض كثير منهم للاغتيال، ويتمتع باحترام في صفوف الحركة لتحديه إسرائيل.
ولا يعرف إلا القليل عن عائلته، كما أن الكثيرين يشكّكون فيما إذا كان الضيف هو اسمه الحقيقي أم لا، فيما يقول البعض إن اسمه الحقيقي هو محمد المصري، وإن اسم الضيف لزمه بعد مشاركته في مسرحية عندما كان طالباً في الجامعة.
ولد محمد دياب إبراهيم المصري، المشهور بمحمد الضيف، عام 1965 لأسرة فلسطينية لاجئة أُجبرت على مغادرة بلدتها (القبيبة) داخل فلسطين المحتلة عام 1948.
فقر أسرته المدقع أجبره مبكراً على العمل في عدة مهن ليساعد والده، الذي كان يعمل في محل للغزل، حسب تقرير “الجزيرة نت“.
درس العلوم في الجامعة الإسلامية بغزة، وفي تلك الفترة برز طالباً نشيطاً في العمل الدعوي والطلابي والإغاثي، كما أبدع في مجال المسرح.
إذ يقول عنه مسؤول في حماس كان “مبدعاً في العمل المسرحي والفني، لكنه نشيط جداً في التطوع وخدمة الطلاب الفقراء خصوصاً”، مشيراً إلى أنه كان يمكن وصفه حينها بأنه ” شاب خجول ومؤدب دمث الخلق، صوته دائماً منخفض، هادئ بطبيعته، ومتواضع، ويحب القراءة والعمل الخيري، ومولع بالعمل العسكري منذ أن كان مراهقاً”.
تشبّع الضيف في فترة دراسته الجامعية بالفكر الإسلامي، فانضمّ إلى جماعة الإخوان المسلمين، وكان من أبرز ناشطي الكتلة الإسلامية. والتحق بحركة حماس وعُدّ من أبرز رجالها الميدانيين.
كيف صعد محمد الضيف لقيادة الجناح العسكري لحماس؟
اعتقل الضيف لأول مرة في 1989 مع مئات من عناصر وقادة حركة حماس، وأمضى 16 شهراً في الاعتقال الإداري دون محاكمة، وتولى مساعده أحمد الجعبري قيادة عمليات كتائب القسام.
تزامن خروجه من السجن مع بداية ظهور كتائب القسام بشكل بارز على ساحة المقاومة الفلسطينية، بعد أن نفذت عدة عمليات ضد أهداف إسرائيلية.
انتقل الضيف إلى الضفة الغربية مع عدد من قادة القسام في قطاع غزة، ومكث فيها فترة من الزمن، حيث أشرف على تأسيس فرع للقسام هناك، ثم برز كقيادي كتائب القسام بعد اغتيال عماد عقل عام 1993.
أشرف محمد الضيف على عدة عمليات ضد إسرائيل، من بينها أسر الجندي الإسرائيلي نخشون فاكسمان، وبعد اغتيال يحيى عياش -أحد أهم رموز المقاومة- يوم 5 يناير/كانون الثاني 1996، خطط لسلسلة عمليات فدائية انتقاماً للرجل، أوقعت أكثر من 50 قتيلاً إسرائيلياً.
اعتقلته السلطة الفلسطينية في مايو/أيار 2000، لكنه تمكّن من الفرار مع بداية انتفاضة الأقصى التي عُدّت محطة نوعية في تطور أداء الجناح العسكري لحماس.
وأصبح محمد الضيف قائداً لكتائب القسام في 2002، بعد اغتيال صلاح شحادة في غارة إسرائيلية.
ثم اغتالت إسرائيل الجعبري في 14 نوفمبر/تشرين الثاني، في بداية العملية العسكرية على قطاع غزة في 2012، التي أطلقت إسرائيل عليها اسم “عمود السحاب” واستمرت ثمانية أيام.
وبعد استشهاد الجعبري، الذي كان نائب الضيف وقائداً تنفيذياً يُشرف على العمل العسكري، تم الإعداد لترتيبات جديدة في تشكيلات القسام أعدها الضيف، ولكنها “سرية جداً”، حسبما ينقل موقع فرانس 24 عن مسؤول كبير في حماس.
واللافت أنه بينما تخلصت إسرائيل من قيادات عدة لحماس، خاصة قادة الجناح العسكري، قدم الضيف تجربة لافتة في النجاة، وأصبح “العدو رقم واحد لإسرائيل”، فعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود أرسل الفدائيين، ووجَّه عمليات اختطاف الجنود الإسرائيليين.
ونُقل عن عماد الفالوجي، أحد قادة حماس السابقين، ومن القلائل الذين تعرفوا على الضيف عن قرب قوله “أي الضيف”، “رجل هادئ جداً، ويفضل الحياة البعيدة عن الأضواء، ويختفي بين الناس”، ويرى الفالوجي أن سر نجاح الضيف في التخفي مرتبط بالدائرة الصغيرة التي يتعامل معها “ولهذا السبب فهو لا يزال على قيد الحياة”.
الإضافة الحقيقية التي قدمها الضيف لاستراتيجية المقاومة
بينما اشتهر الضيف بقدراته على التخفي، والنجاة من محاولات الاغتيال الإسرائيلية، والعمليات الأمنية الذكية، فإن الإضافة الحقيقية التي قدمها الضيف للعمل المقاوم في غزة أهم من هذه الأمور.
يمكن القول إن الضيف أضاف عدة نقاط أساسية للمقاومة الفلسطينية.
الأولى هي إضفاء طابع من السرية البالغة على العمل العسكري، خفف قدرة إسرائيل على استهداف قادته، وهو الأمر الذي كان يمكن أن يقضى على كتائب القسام برمتها.
الثاني: تعميقه الطابع المؤسسي للجناح العسكري، وبالتالي لم يعد استمراره يرتبط بشخص.
أما الإضافة الثالثة فكانت تحويله الجناح العسكري لحماس من منظمة صغيرة تركز على الأعمال الأمنية الخاطفة، لحالة أشبه بجيش صغير يطور أسلحته الخاصة، ويتدريب طول فترات الهدنة، ليقاتل في حرب عصابات تلائم طبيعة غزة المزدحمة، وقادر على منع الاحتلال من البقاء، لدرجة أنه نفذ عملية كوماندور بحرية في حرب عام 2014.
النقطة الرابعة: هي اهتمام كتائب عز الدين القسام البالغ بتطوير أساليبها وأسلحتها الذاتية، خاصة في ضوء تزايُد صعوبة الحصول على سلاح من الخارج، خاصة في ظل تشديد الحصار على غزة من قبل مصر بعد 30 يونيو/حزيران 2013، وأيضاً توتر علاقة حماس مع إيران وحزب الله بسبب مواقفها من الثورة السورية.
تم هذا التوسع في العدد والعدة دون تراجع في مستوى الأداء العسكري.
وبالفعل تعتبر الاستخبارات الإسرائيلية محمد الضيف العقل المدبر الذي يقف وراء استراتيجية حماس العسكرية؛ أي تصنيع وإطلاق الصواريخ على إسرائيل وبناء الأنفاق التي يمكن من خلالها اختراق خطوط العدو الإسرائيلي.
وتتسم استراتيجيات حماس والجهاد التي يلعب الضيف دوراً كبيراً فيها بالقدرة على التكيف، فمع نجاح إسرائيل في اكتشاف الأنفاق وتدميرها، وتطور القبة الحديدية، بدأت حماس على سبيل المثال الاهتمام بالطائرات المسيرة، لأنها مصنوعة من مواد يصعب رصدها من القبة الحديدية، ومحركاتها لا تنبعث منها طاقة كبيرة، وهو ما يصعب اكتشافها.