بينما يروج ترامب لنفسه باعتباره “صانع الصفقات والسلام في العالم”، يراه الخبراء والمحللون مدمرًا للنظام الدولي.
لا عجب اليوم في مظهر البيت الأبيض، مع عودة ترامب وبصحبة أتباعه عديمي الخبرة والكفاءة على رأس الإدارة الأمريكية. إذ يكفي أن نذكر أنه عيّن مذيعًا تلفزيونيًا لمنصب وزير دفاع أقوى جيش في العالم! ناهيك عن تصريحاته وقراراته المتهورة في السياسة الخارجية، والتي تستعدي الحلفاء قبل الأعداء، مثل تهديده بضم كندا، واحتلال جرينلاند، والاستيلاء على غزة.
في هذا السياق، تساءلت مارغريت ماكميلان، أستاذة التاريخ الدولي بجامعة أكسفورد، في مقال لها في مجلة فورين أفيرز الأميركية: “هل ترامب هو بغل عصرنا؟”، مشبهة إياه بالشخصية الخيالية من ثلاثية الخيال العلمي الكلاسيكية لإسحاق أسيموف، حيث ظهر “بغل” يتمتع بقوى غير عادية وملايين الأتباع المخلصين، وكان يهدد بقلب العالم رأسًا على عقب.
لكن في الواقع، لا يمكن إلقاء اللوم كله على ترامب، فعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لن تعني نهاية ما يسمى بالنظام الدولي الليبرالي، لسبب بسيط: هذا النظام قد انتهى بالفعل. هذا ما يوضحه أستاذ العلوم السياسية في جامعة كليرمونت ألكسندر كولي، في مقال مشترك مع الباحث دانييل نيكسون، حيث يجادل الكاتبان بأن ما يسمى بالنظام الدولي الليبرالي هو في الواقع امتداد للبنية التحتية للقوة الأمريكية.
وقد صُمّم هذا النظام لحماية المصالح الأمريكية، معتمدًا على المعايير والمؤسسات والتحالفات التي منحت واشنطن قدرة لا مثيل لها على التأثير في الدول الأخرى، وتنسيق الاستجابات للتهديدات الناشئة، وضمان التعاون في القضايا التي تراها حاسمة لأمنها القومي. بمعنى آخر، حتى السياسة الخارجية التي لا تهتم إلا بالحفاظ على الهيمنة الأمريكية، كانت ستجد مصلحة في الحفاظ على ركائز هذا النظام، لا تفكيكه.
إذ يزعم الكاتبان أنه لأكثر من نصف قرن، استمدت الولايات المتحدة قوتها الناعمة من دورها كمدافع عن القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، ما جعلها تكسب ولاء دول عديدة حول العالم. لكن اليوم، أصبحت هذه الرؤية المتفائلة بعيدة تمامًا عن الواقع المعقد للسياسة الدولية، حيث تواجه واشنطن اتهامات متزايدة بالنفاق.
ففي الوقت الذي تقدم فيه إدارة بايدن الحرب في أوكرانيا كصراع بين الديمقراطية والاستبداد، لم يلق هذا التأطير أي صدى لدى دول الجنوب العالمي، التي ترى في الخطاب الأمريكي محاولة جديدة لفرض الهيمنة الغربية على العالم. فالولايات المتحدة، التي تروج لمفهوم “النظام القائم على القواعد”، تجاهلت تلك القواعد تمامًا عندما دعمت الغزو الإسرائيلي لغزة، دون أي مساءلة. هذه الازدواجية زادت من نفور الكثير من الدول، التي باتت ترى في الخطاب الغربي أداة لإملاء السياسات الاقتصادية، والتدخل في الشؤون الداخلية، وتقويض السيادة الوطنية.
وفي مقالهما، يوضحان أنه مع صعود ترامب، يتغير المشهد تمامًا. إذ إن ترامب واتباعه يهدفون إلى تدمير هذه الشبكة من النفوذ التي استغرق بناؤها أكثر من نصف قرن. وبدلًا من تعزيز المؤسسات الدولية التي خدمت المصالح الأمريكية لعقود، يتجه ترامب إلى نسفها تمامًا، منسحبًا من الاتفاقيات، والتحالفات، والمنظمات متعددة الأطراف.
الكاتبان يؤكدان أن انسحاب واشنطن من الاتفاقيات والتحالفات لا يعزز أمنها القومي، بل يعرضه للخطر، إذ إن الصين وروسيا تعملان بشكل متزايد على تقويض النفوذ الأمريكي في النظام الدولي، لكن بأسلوب مختلف تمامًا عن ترامب.
فبدلاً من مهاجمة المؤسسات الدولية القائمة مثل الأمم المتحدة، تعمل الصين وروسيا على توسيع نفوذهما ودعم شرعية المؤسسات الدولية والتعددية، كما أنهما يبنيان مؤسسات جديدة تنافس الهياكل التي أنشأتها الولايات المتحدة، مما يمنحهما بديلاً عن المنظومة الغربية التقليدية.
وبالفعل، حققت الصين تقدمًا كبيرًا من خلال إنشاء مؤسسات ومنتديات متعددة الأطراف، مثل “مجموعة البريكس”، التي تضم البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب أفريقيا، وتوسعت حديثًا لتشمل قوى أخرى مثل السعودية والإمارات ومصر. كما أنشأت البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية (AIIB)، كمنافس مباشر للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وكلاهما يخضعان لنفوذ واشنطن.
عاد ترامب إلى البيت الأبيض حاملاً فكرة إعادة تعريف موقع واشنطن في العالم، ولكن بمنطق رجل أعمال لا يعترف إلا بالمكسب والخسارة الفورية. لا يرى في التحالفات الدولية الكثير من الفاعلية، ويعتبر المؤسسات الدولية قيوداً تكبّل سيادة أمريكا، والاتفاقيات صفقات خاسرة ربما يجب إعادة التفاوض عليها وفق شروطه وحده. ويرى المحللون والأطباء النفسيون أن هذا النهج ليس مجرد تغيير في الأولويات الاستراتيجية، بل هو انعكاس واضح لشخصيته—رجل لا يستمع إلا لنفسه، مقتنع بعبقريته المطلقة، مهووس بفرض هيمنته على كل شيء، حتى لو كان الثمن هدم النظام الذي جعل أمريكا القوة العظمى الوحيدة في العالم.
في ولايته الثانية، يبدو أن ترامب لم يعد مجرد رئيس شعبوي، بل زعيماً يمينياً يعيد تشكيل العلاقات الدولية بفوضوية، مفككاً المؤسسات، وكاسراً للتقاليد السياسية.
فما الدوافع النفسية التي تجعل ترامب محباً لتحطيم التقاليد، وكسر القواعد، وتفكيك المؤسسات؟ وهل ينبع نهجه من رؤية سياسية مدروسة، أم من اضطراب نفسي يدفعه إلى إثبات تفوقه عبر الهدم لا البناء؟
ولا يسعنا في النهاية إلا ذكر قول الفيلسوف والمناضل الإيطالي أنطونيو غرامشي: “العالم القديم يحتضر، والجديد يكافح من أجل الولادة، والآن هو وقت الوحوش”.
ترامب يطلق العنان للفوضى في العالم ويتوعد حماس بـ”جحيم حقيقي” إذا لم تفرج عن “جميع الرهائن” السبت ويتحدث عن إمكانية قطع المساعدات عن مصر والأردن إذا لم يوافقا على استقبال الفلسطينيين.. و”حماس” ترد
واشنطن ـ (أ ف ب) – وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الإثنين تهديد حماس بتأخير إطلاق سراح رهائن إسرائيليين بأنّه “مريع”، متوعدا الحركة الفلسطينية بـ”جحيم حقيقي” إذا لم “تتم إعادة جميع (الرهائن) بحلول ظهر السبت”.
وفي لقاء مع الصحافيين في البيت الأبيض اقترح ترامب أن “تلغي” إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار الساري في قطاع غزة منذ 19 كانون الثاني/يناير إذا لم تفرج حماس عن جميع الرهائن بحلول ظهر السبت المقبل.
وقال إنّه سيترك “هذا الأمر لإسرائيل لكي تقرّر” بشأن ما ينبغي أن يحدّث للهدنة الهشّة السارية بينها وبين حماس.
… [+]
ترامب: أوكرانيا قد تُصبح روسية وطلبت من كييف 500 مليار دولار من المعادن التي تُستخدم في صناعة الإلكترونيات
واشنطن-(أ ف ب) – اعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الإثنين أنّ أوكرانيا قد تصبح “روسية يوما ما”، مجدّدا التأكيد على رغبته بأن تحصل بلاده على كميات ضخمة من المعادن النادرة الأوكرانية مقابل المساعدات التي تقدّمها لكييف في تصدّيها للغزو الروسي.
وقال ترامب في مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز” التلفزيونية “أريد أن تكون أموالنا مؤمّنة لأنّنا ننفق مئات مليارات الدولارات. ربّما يتوصّلون (الأوكرانيون) إلى اتّفاق وربّما لا يتوصّلون إليه. ربّما يصبحون روسا يوما ما، وربّما لا يصبحون روسا يوما ما”.
… [+]