استقبال حاشد لأحمد الشرع في اللاذقية
وصل الرئيس السوري في الحكومة الانتقالية، أحمد الشرع، اليوم الأحد، إلى مدينة اللاذقية، بشمال غرب البلاد.
وقالت وسائل إعلام سورية، إن هذه الزيارة تعد الأولى للشرع إلى اللاذقية منذ توليه منصب رئيس الحكومة الانتقالية.
ورصدت مقاطع فيديوهات منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وصول موكب أحمد الشرع إلى ساحة الشيخ ضاهر وسط المدينة.
وقد تجمع حشود من الناس في ساحة الشيخ ضاهر لاستقبال الشرع، وسط انتشار أمني واسع وإغلاق الطرق المؤدية إلى ساحة.
وكان الشرع قد زار السبت كل من مدينة إدلب حيث تجول في شوارعها وقام يزيارة إلى مخيمات النازحين.
كما قام الشرع في وقت لاحق يوم السبت، بزيارة إلى مدينة حلب، وأقام جلسة حوارية مفتوحة، جمعت عدداً من وجهاء وأعيان حلب وريفها رجالاً ونساء، بحضور محافظ حلب عزام الغريب وعدد من المسؤولين، للحديث عن واقع البلد وبحث سبل النهوض بسوريا وحلب على مختلف المستويات.
ونشرت محافظة اللاذفية عبر “فيس بوك” تسجيلًا مصورًا يظهر حشودًا من المواطنين في استقبال الشرع.
كما أظهرت تسجيلات أخرى تداولها ناشطون، الشرع يقف أمام السيارة التي يقودها، ملوحًا للمواطنين بالعلم السوري.
وأمس السبت، أجرى الشرع زيارة تفقدية إلى مخيمات النازحين في محافظة إدلب، وتحدث إلى النازحين، مقدمًا وعودًا بعودتهم إلى قراهم وبلداتهم بعد إعمارها وتأهيلها، ومؤكدًا أن عودتهم إلى منازلهم من أولويات الدولة السورية.
كما عقد الرئيس السوري لقاءً مع أعيان ووجهاء المحافظة، قبل أن يتابع جولته ويزور محافظة حلب، ويلتقي الأعيان والوجهاء فيها.
وقال خلال اللقاء، “لسنا مغترين بأنفسنا في حالة الانتصار، مهتمون بإعادة البناء وإعادة سوريا إلى موقعها الاستراتيجي، منهجية التفكير هذه ستوصلنا إلى بر الأمان، نحن حاليًا على بر الأمان، وكل مشكلات سوريا على قائمة الحل، نرى نتائج أسرع بكثير مما نتوقع”.
وأضاف، “جميل أن نشعر أن السلطة والرئاسة جزء منا، هذا شيء يسعدني، أنا أشعر أني واحد منكم، وقفت على طوابير الخبز والبنزين، ودرست في مدارس تشبه السجون (..) نجن جزء من هذا المجتمع”.
الشرع زار أيضًا عفرين والتقى وجهاء المدينة والريف فيها.
وفي نهاية كانون الثاني الماضي، أعلنت “القيادة العامة” في سوريا، تولي أحمد الشرع رئاسة سوريا لمرحلة انتقالية، وحل مجلس الشعب، والجيش، والفصائل الثورية، وإيقاف العمل بالدستور.
وفي 30 من الشهر نفسه، تناول الرئيس السوري في خطابه الأول بعد توليه الرئاسة، خطوات العملية السياسية في سوريا خلال المرحلة الانتقالية حتى الوصول إلى مرحلة الانتخابات.
وقال، “سنعمل على تشكيل حكومة انتقالية شاملة تعبر عن تنوع سوريا برجالها ونسائها وشبابها، وتتولى العمل على بناء مؤسسات سورية الجديدة، حتى نصل إلى مرحلة انتخابات حرة نزيهة”.
وأضاف الشرع أنه سيعلن عن لجنة تحضيرية لاختيار مجلس تشريعي مصغر يملأ الفراغ في المرحلة الانتقالية، استنادًا لـ”تفويضه بمهامه الحالية” وقرار حل مجلس الشعب.
“مجموعة السبع” تدعم الانتقال السياسي في سوريا
أصدر وزراء خارجية مجموعة الدول الصناعية السبع “G7” (كندا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا واليابان والولايات المتخدة وإيطاليا) والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي بيانًا على هامش مؤتمر ميونخ للأمن.
وخلال البيان، رحّب أعضاء المجموعة بنتائج المؤتمر الدولي بشأن سوريا، الذي استضافته فرنسا في 13 من شباط، مع تأكيد التزامهم المشترك تجاه الشعب السوري ودعمهم عملية انتقال سياسي شاملة تهتدي بروح قرار مجلس الأمن “2254”.
كما رحبوا بالتطورات الإيجابية الأخيرة في لبنان، وانتخاب رئيس لبناني، وأعادوا تأكيد التزامهم بالاستقرار والسيادة وسلامة الأراضي السورية واللبنانية، وفق نص البيان الذي نشرته الخارجية الأمريكية عبر موقعها الرسمي، السبت 15 من شباط.
وفي 14 من شباط، انطلقت أعمال مؤتمر ميونخ للأمن، الذي يستمر حتى اليوم، الأحد 16 من الشهر نفسه، في دورته الـ61، بمشاركة أكثر من 50 رئيس دولة وحكومة، ونحو 100 وزير دفاع وخارجية.
ومن الموضوعات الحاضرة على جدول أعمال وزيرة الخارجية الألمانية خلال المؤتمر، اجتماع بشأن مقاربة السياسة الخارجية النسوية للشعب السوري، وفق ما ذكره الموقع الرسمي للخارجية الألمانية.
وانعقد مؤتمر ميونخ للأمن لأول مرة عام 1963، وكان اسمه مؤتمر العلوم العسكرية، وكانت مجموعة المشاركين صغيرة، مع وضع خطط لتحويله لمؤتمر دولي، بهدف منح المشاركين الألمان فرصة للقاء زملائهم من الولايات المتحدة ودول أخرى في “حلف شمال الأطلسي”.
ومع الوقت، استمرت دائرة المؤتمر بالتوسع لتضم رؤساء تنفيذيين وناشطين في مجال حقوق الإنسان ومدافعين عن البيئة وقادة آخرين من جميع أنحاء العالم.
كما تطورت مجموعة المواضيع التي يعالجها المؤتمر على مر السنين لتشمل مواضيع مثل “المرأة والسلام والأمن” و”المناخ والأمن”.
وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، يشارك في المؤتمر، بعد مشاركة مماثلة في المؤتمر الدولي حول سوريا، في العاصمة الفرنسية، والذي جرى بمشاركة دولية واسعة، وتضمن بيانه الختامي اعترافًا بالحكومة الانتقالية السورية، ودعم المرحلة الانتقالية في سوريا، ودعم عقد مؤتمر حوار وطني.
وشمل أيضًا تأكيدًا على وقف جميع الأعمال العدائية في سوريا، ودعم توحيد أي أجزاء متبقية من الأراضي السورية عبر تسوية سياسية تفاوضية، ودعوة جميع الأطراف السورية إلى الالتزام الكامل بأجندة وطنية سورية، بالإضافة إلى ضمان سيادة سوريا وسلامة أراضيها ووحدتها، وفقًا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما في ذلك قرار مجلس الأمن بشأن اتفاق فض الاشتباك بين إسرائيل وسوريا وإنشاء قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك.
رسائل عائلة الأسد للسوريين.. موسكو تطوي الصفحة
لم تتخطَّ عائلة الأسد لحظة السقوط، وانهيار حكم دام 53 عامًا على رقاب السوريين، موزعة بين 29 عامًا لحافظ الأسد و24 عامًا لابنه بشار الذي جاء إلى السلطة بالتوريث ودون انتخابات حرّة، ليقضي أكثر من نصف حكمه يحارب دون طائل مساعي الشعب السوري للتغيير السياسي، فخرج بشار ليقدّم رؤيته لليوم الأخير، ثم جاء ابنه بالرواية ذاتها لاحقًا، في وقت يتجه به السوريون إلى بناء ما دمّره النظام السابق، بذاكرة غنية بجراح الماضي، التي لا تزال بعض ملفاتها حاضرة، كملف المفقودين.
بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 من كانون الأول 2024، ظهرت روايات متعددة حول اليوم الأخير للأسد وعائلته في دمشق قبل هروبه إلى موسكو عبر قاعدة “حميميم” الروسية في اللاذقية، إلى أن خرج الأسد ببيان متأخر يقدم فيه مزاعمه للشارع السوري.
في 16 من الشهر نفسه، نشر الأسد بيانًا بالعربية والإنجليزية عبر منصة “رئاسة الجمهورية” التي كانت تواكب نشاطه، وزعم الأسد زهده بالسلطة وقال إنه لم يغادر سوريا بشكل مخطط له، وبقي في دمشق “يتابع مسؤولياته” حتى ساعات الصباح الأولى من يوم الأحد (يوم السقوط).
وبحسب قوله، فمع “تمدد الإرهاب” في سوريا، انتقل بتنسيق مع الروس إلى اللاذقية لما قال إنه “متابعة الأعمال القتالية” منها، وعند الوصول إلى قاعدة “حميميم” تبيّن انسحاب القوات من خطوط القتال، وسقوط آخر مواقع الجيش مع ازدياد تدهور الواقع الميداني في تلك المنطقة.
الأسد الذي استقبلته موسكو تحت مسمى “اللجوء الإنساني”، ذكر أنه في ظل استحالة الخروج من القاعدة الروسية في أي اتجاه، طلبت موسكو من قيادة القاعدة العمل على تأمين الإخلاء الفوري إلى روسيا مساء الأحد.
وزعم أنه خلال تلك الأحداث لم يطرح موضوع اللجوء أو التنحي من قبله أو من قبل أي شخص أو جهة، والخيار الوحيد المطروح كان استمرار القتال “دفاعًا في مواجهة الهجوم الإرهابي”، على حد قوله.
كما قال في البيان، “لم أكن في يوم من الأيام من الساعين للمناصب على المستوى الشخصي، بل اعتبرت نفسي صاحب مشروع وطني استمد دعمه من شعب آمن به، وقد حملت اليقين بإرادة ذلك الشعب وبقدرته على صون دولته والدفاع عن مؤسساته وخياراته حتى اللحظة الأخيرة”، معتبرًا أنه “مع سقوط الدولة بيد الإرهاب، وفقدان القدرة على تقديم أي شيء يصبح المنصب فارغًا لا معنى له، ولا معنى لبقاء المسؤول فيه”.
وأشار الأسد إلى عدة محاولات أجراها وكانت غير ناجحة لنشر هذا البيان في وسائل الإعلام العربية والأجنبية، ما دفع لنشره على منصات “رئاسة الجمهورية السابقة”.
رواية الأسد حول هروبه من دمشق، تتعارض مع ما نقلته وكالة “رويترز” في تلك الفترة، حول الساعات والأيام الأخيرة للأسد في دمشق قبل إسقاطه.
وقالت الوكالة، إن الأسد أعدّ خطة سرية للفرار من سوريا عندما كانت سلطته تنهار، دون إطلاع غالبية مساعديه ومسؤولي حكومته وحتى أقربائه على الأمر، وذكرت “رويترز” نقلًا عن أكثر من 10 مصادر، أن الأسد لجأ إلى الخداع والتكتم لتأمين خروجه من البلاد.
كما أبلغ الأسد مدير مكتبه الرئاسي، في 7 من كانون الأول (قبل سقوطه بيوم)، عندما انتهى من عمله، أنه سيعود إلى منزله لكنه توجه بدلًا من ذلك إلى المطار.
هذه الرواية التي نشرها الأسد على منصات كانت للرئاسة، وقابلها الشارع السوري بالتهكم والتكذيب والشتائم للأسد على ما خلفه في سوريا من جراح، جاءت بعد محاولات فاشلة لنشرها عبر وسائل إعلام عربية وأجنبية، وتبع نشرها إعادة حذفها، ثم نشرها مرة أخرى، قبل حذفها بشكل نهائي عن كافة المعرفات.
قد تضر موسكو
في وقت لاحق عادت عائلة الأسد للتصريح لكن من نافذة حافظ، الابن البكر لبشار، الذي قدّم عبر منصة “إكس” قصة اليوم الأخير للعائلة في دمشق، فحاول ترميم نواقص رواية والده من جهة، مع تقديم رسائل غير مباشرة في النص، ملمحًا إلى تخلّي الجيش عن والده، ورغبة والده بالبقاء و”الدفاع” عن البلاد، وأن عائلة الأسد ككل كانت على علم بسفره، في الوقت الذي أكدت به تقارير وشهود أن الأسد سافر حتى دون إخبار شقيقه ماهر.
منصة “إكس” أغلقت حساب حافظ بشار الأسد لديها، وأيضًا حساب “رئاسة الجمهورية” الذي كان متاحًا لنظام بشار الأسد، مغلقة واحدة من البوابات التي اعتمدتها عائلة الأسد لضخ رسائل يرى فيها بعض السوريين ملامح استفزاز، في الوقت الذي لا تزال به البلاد تلملم جراحًا غائرة خلّفها حكم عائلة الأسد، وأبرزها 112 ألفًا و414 مختفيًا قسرًا ما زالوا مجهولي المصير بعد أكثر من شهرين من الإطاحة بالأسد، وفق ما وثقته “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”.
وفيما يتعلق بظهور الأسد أو أفراد من عائلته وتقديم تصريحات ذات أبعاد سياسية، ثم حذفها، واحتمالية وجود موانع أمام الأسد للإدلاء بتصريحات، أوضح المحلل السياسي الروسي ديمتري بريجع، لعنب بلدي، أن هناك فارقًا بين القوانين الرسمية والأوامر التي تطرحها السلطات الروسية، فهناك جهاز مخابرات خارجي وآخر داخلي، والأول مرتبط بالتحركات الخارجية لروسيا، ومن المحتمل تقديم أوامر من إدارة الرئيس الروسي عبر دوائر مختلفة منها العلاقات الخارجية والأمن حتى لا يدلي الأسد بتصريحات قد تضر بعلاقات موسكو مع دمشق.
وليست هذه المرة الأولى التي تستقبل فيها روسيا “رئيسًا لاجئًا”، فبعد الإطاحة بالرئيس الأوكراني، فيكتور يانوكوفيتش (كان رئيسًا بين 2010 و2014)، إثر احتجاجات شعبية واسعة ضد حكومته بسبب توجهاتها المؤيدة لروسيا ورفضه الشراكة مع الأوروبيين، خلال ثورة الميدان الأوروبي بين 2013 و2014، هرب إلى موسكو حيث منحته روسيا الحماية وأتاحت له أيضًا الظهور الإعلامي.
طي صفحة الأسد
وبالمقارنة بين حالة ياناكوفيتش والأسد، يرى بريجع أن روسيا لها مشروع في أوكرانيا، وعملت على مشروع “نوفا روسيا” (روسيا جديدة في أوكرانيا) ولذلك سمحت للرئيس الأوكراني السابق بتقديم تصريحات وبيانات، أما في سوريا فالوضع مختلف، فالأسد سقط، وموسكو ترغب بطي الصفحة، ما يعني عزلًا سياسيًا للأسد وعائلته، وأي تحرك مختلف يعارض مصالح موسكو الجديدة.
صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية نقلت، في 12 من شباط الحالي، عن صحفي روسي متابع لحياة الأسد في موسكو، أن الأسد يجلس في شقة تقع في أعلى ناطحة سحاب، في مجمع “موسكو سيتي” متجنبًا الظهور العام، خوفًا على سلامته أو قلقًا على زوجته المريضة، وربما لأنه يواجه صعوبة في التكيف مع وضعه الجديد.
وبعد زيارة نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، إلى دمشق، نقلت وكالة “رويترز” أن الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، طلب من موسكو تسليم بشار الأسد، وهو ما رفضت موسكو التعليق عليه رسميًا عبر “الكرملين”.
مصدر روسي تحفظ على عدم ذكر اسمه، لمخاوف أمنية، قال، إن مصير بشار الأسد منحصر ضمن عدة سيناريوهات، منها البقاء في روسيا وبقاء الوضع على ما هو عليه، وهو خيار مستبعد، لأنه يعني مشكلات مستقبلية لا تريدها روسيا مع سوريا، كونها ستهدد مصالحها بطبيعة الحال.
وهناك سيناريو آخر قريب من مصير يفغيني بريغوجن (قائد قوات “فاغنر” سابقًا، توفي بسقوط طائرته في آب 2023)، أو المعارض الروسي أليكسي نافالني (توفي بوعكة صحية في سجنه بروسيا في شباط 2024)، فمن الممكن تدهور حالته الصحية، وهذا أمر يحل جزءًا من المشكلات العالقة بين روسيا وسوريا، مع استبعاد سيناريو تسليم الأسد لدمشق، لأن هذه الحالة ستترك انطباعًا بأن موسكو تخون حلفاءها.
ولروسيا تاريخ طويل في تصفية واغتيال شخصيات سياسية شكّلت قلقًا وتهديدًا لمصالحها في وقت ما، ومنها اغتيال العميل الروسي السابق ألكسندر ليتفينينكو في لندن، عام 2006، بعد أيام من تسممه بمادة اليورانيوم المشعة.
المصدر بيّن أن كل أوراق بشار الأسد السياسية باتت محروقة، والسيناريو الأقرب أمام الأسد، هو الاغتيال، فتسليمه يعني أن الأنظمة التي تتعاون معها روسيا ستخشى التعامل مع روسيا، وسيضر ذلك بسمعة روسيا، ويذكّر بمصير القذافي وصدام حسين، صديقي روسيا السابقين، وروسيا لا ترغب بفتح دفاتر الماضي، مع الإشارة إلى تقلبات في السياسة الروسية، واحتمالية تحقيق تحولات في هذه السياسة حتى 2030، وإذا بقي الأسد حيًا حتى ذلك الوقت فقد يجري تسليمه.
ضغط أمريكي على “قسد” يصب بمصلحة دمشق
تتعرض “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) لضغط مضاعف من حليفتها الأبرز، الولايات المتحدة الأمريكية، تمثل بخطة للانسحاب من سوريا ووقف منح المساعدات الخارجية، التي تستفيد منها “قسد” في عدة مجالات.
الضغط الأمريكي على “قسد” صاحبة السيطرة شمال شرقي سوريا، جاء بعد مواجهات عسكرية بين “الجيش الوطني السوري” وتركيا الداعمة له، وفي وقت تجري فيه مفاوضات مع حكومة دمشق للوصول إلى صيغة نهائية تريد منها دمشق السيطرة على كامل الأراضي السورية.
خطة أمريكية ووقف دعم
في 24 من كانون الثاني الماضي، أوقفت الولايات المتحدة الأمريكية معظم منح المساعدات الخارجية لمدة 90 يومًا، وهو ما يعني أيضًا عدم اتخاذ أي إجراءات أخرى لتوزيع تمويل المساعدات على البرامج التي وافقت عليها الحكومة الأمريكية.
وتقدم الولايات المتحدة مساعدات مالية للمنظمات العاملة في مناطق سيطرة “قسد”، والتي تقدم خدمات في مختلف المجالات للسكان في المنطقة، خاصة المنظمات التي تشرف على إدارة وتقديم المساعدات للمخيمات.
وقف دعم المنظمات، ليس المقصود فيه “قسد” بشكل مباشر، وإنما جاء ضمن وقف برامج المساعدات الأمريكية الخارجية، وتضررت منه عدة مناطق في الشرق الأوسط وغيرها، كما تأثرت به مناطق أخرى في سوريا نتيجة توقف الدعم على نازحين في حلب وإدلب.
قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، إن تعليق الحكومة الأمريكية مساعداتها للمنظمات غير الحكومية العاملة في مخيمي “الهول” و”روج” يتسبب في تفاقم الظروف المهددة للحياة، ويخاطر بالإمعان بزعزعة الحالة الأمنية الهشة، ويحد من توفير الخدمات الأساسية لسكان المخيم.
تدير “قسد” مخيمي “روج” و”الهول”، ويضم المخيمان حوالي 42500 شخص، معظمهم عوائل مشتبه بانتمائهم إلى تنظيم “الدولة”، من بينهم حوالي 18 ألف شخص أجنبي من 60 دولة، وفق تقديرات “رايتس ووتش”.
وبعد سقوط نظام الأسد وتشكيل حكومة دمشق المؤقتة، جددت “الإدارة الذاتية” مظلة “قسد” السياسية دعوتها لاستعادة الدول مواطنيها في المخيمات، وبدأت بإعادة النازحين من المخيمات.
الرئيس المشترك لمكتب شؤون النازحين واللاجئين، شيخموس أحمد، قال قبل أيام لوكالة “فرانس برس”، إن “الإدارة الذاتية” تعمل على إفراغ المخيمات بالتعاون مع الأمم المتحدة.
وذكرت “الإدارة الذاتية” أنها تنسق أيضًا مع وزارة الهجرة العراقية، فيما يتعلق بالمواطنين العراقيين المقيمين بمخيم “الهول”، وعودتهم إلى بلادهم، كما سهلت خروج دفعات من عائلات سورية إلى مناطقهم.
وفيما يتعلق بالوجود العسكري الأمريكي في مناطق سيطرة “قسد” الذي يعتبر إحدى أبرز أوراقها في مفاوضاتها مع حكومة دمشق، ذكرت شبكة “NBCNEWS” الأمريكية، في 5 من شباط الحالي، أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ومسؤولين مقربين منه أعربوا عن اهتمامهم بسحب القوات الأمريكية من سوريا.
دفع ذلك “البنتاجون” لوضع خطط للانسحاب في 30 أو 60 أو 90 يومًا.
بالمقابل، قالت “قسد” إنها لم تتلقَّ أي خطط من القوات الأمريكية للانسحاب من شمال شرقي سوريا.
دفع باتجاه دمشق
الباحث في الشؤون الكردية بدر ملا رشيد قال لعنب بلدي، إن قطع المساعدات سيُحدث خلال فترة قصيرة ضغطًا باتجاه كيفية دعم المنظمات المحلية أو الكثير من المنظمات أو المؤسسات التي ترتبط بالدعم الدولي، وهذا الأمر سيؤدي بنهاية المطاف إلى الدفع باتجاه توافق بين “قسد” ودمشق.
وأوضح الباحث أن ذلك سيُحدث في المجتمع رغبة بالانفتاح سواء من ناحية السوق أو المؤسسات الحكومية أو المعابر باتجاه دمشق لتعويض الفراغ أو النقص المادي الذي سيحصل من المجتمعات المحلية.
وتجري حكومة دمشق و”قسد” مفاوضات، لكن لم يصل الطرفان لاتفاق معلن في مختلف الملفات، وتفضل حكومة دمشق حل قضية “قسد” بالمفاوضات وعدم اللجوء للقوة العسكرية وفق تصريحات وزير الدفاع، مرهف أبو قصرة، ورئيس المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع.
ملفات مهمة بيد “قسد”
تمسك “قسد” بعدة ملفات مهمة تعتبر أوراق قوة لها، منها مخيمات تؤوي عوائل التنظيم وسجون مقاتليه والدعم الأمريكي إلى جانب سيطرتها على مساحات من الحدود السورية مع العراق، ووجود معظم الثروات النفطية السورية في مناطق سيطرتها.
وقال الباحث المتخصص بشؤون شرق الفرات في سوريا سامر الأحمد، إن الملفات التي يمكن لـ”قسد” تسليمها، هي ملفا النفط والحدود (بما تتضمنه من معابر حدودية رسمية)، فهي ملفات سيادية وحكومة دمشق تطالب بتسليمها عاجلًا.
ويتفق ذلك مع مطالب تركيا، التي تعتبر “قسد” منظمة “إرهابية”، ولوحت مرارًا بأعمال عسكرية لإبعادها عن حدودها، وشنت فعليًا عمليتين عسكريتين هما “غصن الزيتون” في عفرين بريف حلب في آذار، و”نبع السلام” في تشرين الأول 2019 بشرق الفرات.
وتوقفت “نبع السلام” إثر اتفاق تركي- أمريكي، وآخر تركي- روسي، قضى بإبعاد “قسد” عن الحدود بعمق نحو 30 كيلومترًا.
وأشار الباحث سامر الأحمد إلى أن من الممكن أن نشهد انتشار قوات حكومة دمشق بعمق بين 20 و30 كيلومترًا على الحدود، وهو ما سيؤدي إلى حرمان “قسد” من حاضنتها الأساسية في المناطق الحدودية، وستصبح بوضع محرج.
فيما يرى الباحث بدر ملا رشيد، أن الملفات التي يمكن لـ”قسد” أن تبدأ بتسليمها لحكومة دمشق في حال صعدت الأخيرة ضدها، هي الدوائر الرسمية وتسهيل إعادة افتتاحها، والانتقال لاحقًا إلى موضوع المعابر والحدود.
معبر “سيمالكا” النشط حاليًا مع إقليم كردستان العراق، يمكن أن يكون ضمن إدارة تشاركية في المرحلة الانتقالية وصولًا إلى كيفية إدارة السجون والمخيمات وهي إحدى الحلقات قبل الأخيرة.
وفق سامر الأحمد، تحاول “قسد” التخلي عن مسؤولياتها الخدمية المتعلقة بالتعليم والصحة وغيرهما من خلال مطالبة حكومة دمشق بأن تتحمل مسؤولية ذلك من خلال دعم مؤسسات “الإدارة الذاتية” أو ضمها لحكومة دمشق، والإبقاء على موظفيها وإداراتها.
لكن حكومة دمشق رفضت هذا الطرح، وعرضت أن تضم هذه المؤسسات مع إعادة تقييمها.
وقال الأحمد، إن “الأيام المقبلة ستكشف عن مزيد من تنازلات (قسد)، بسبب الضغط الإقليمي والدولي الواضح عليها”.
كما أن ملف السجون الذي تماطل فيه “قسد”، يتم بحثه بين حكومة دمشق والتحالف، وهناك طرح أن تُسلم إدارتها لـ”جيش سوريا الجديد” المدعوم أيضًا من التحالف.
وطرحت حكومة دمشق نقل السجناء من مناطق سيطرة “قسد” وتأمينهم مع تقديم ضمانات، بحسب الباحث، لكن الموضوع يحتاج إلى أسابيع وربما أشهر، حتى حل الملف وفق الطروحات الموجودة أو طروحات أخرى.
فقدان ورقة المخيمات
الباحث المتخصص في شؤون شرق الفرات سامر الأحمد، أوضح أن توقف الدعم الكامل عن مخيمات شمال شرقي سوريا، سيدفع “الإدارة الذاتية” إلى تفريغها، وهو ما حدث بالفعل خلال الأيام الماضية، بخروج دفعات عراقيين وسوريين.
وأضاف الأحمد، لعنب بلدي، أن إفراغ المخيمات يعني خسارة “قسد” ورقة مهمة كانت “تتاجر بها وتستغلها” إلى جانب ورقة معتقلي تنظيم “الدولة” في الضغط والدعم الدولي حتى تحافظ على بقائها.
“نهاية المخيمات وحل مشكلة معتقلات التنظيم سينهي الحاجة الفعلية لوجود (قسد)”، وفق الأحمد، باعتبار أنه توجد دولة جديدة تتسلم مهام السجون ومكافحة “الإرهاب”، وهو ما يولد ضغطًا دوليًا من أجل الاتفاق السريع وتقديم “قسد” مزيدًا من التنازلات للإدارة في دمشق.
لا عمل عسكريًا حاليًا
استبعد محللون في حديثهم لعنب بلدي شن حكومة دمشق عملًا عسكريًا ضد “قسد” خلال المرحلة الحالية.
الباحث بدر ملا رشيد يرى أن الحديث عن عمل عسكري ضد “قسد” يجب أن يؤخذ في سياق الوضع الأمني والإقليمي والدولي المحيط بسوريا، ولا يمكن اعتبار هذا العمل مجرد صراع بين حكومة دمشق و”قسد”، بل هو مرتبط بتوازنات إقليمية ومحلية.
حاليًا، لا يبدو أن العمل العسكري مطروح، إذ تدرك جميع الأطراف عواقب مثل هذه العمليات، وفق ملا رشيد.
وأرجع سامر الأحمد ذلك إلى وجود تقدم بالمفاوضات بين الطرفين، مشيرًا إلى إمكانية شن تركيا عمليات عسكرية محدودة مع استمرار اشتباكات سد “تشرين” شرقي منبج.
وما زالت “قسد” تتحدث عن تصديها لهجمات يومية وخوض مقاتليها اشتباكات ضمن محور سد “تشرين”، في حين لا تنشر الفصائل العسكرية التي أطلقت عملية “فجر الحرية، أواخر تشرين الثاني 2024، أي تفاصيل حول الاشتباكات في هذا المحور.
وفي حال شن حكومة دمشق عملية عسكرية ضد “قسد”، يبدو أن التحالف لن يساندها، و”قسد” على معرفة بذلك لكنها تناور للحصول على بعض المكتسبات، وفق الأحمد.
وتمتلك “قسد” قوات عسكرية دربها التحالف الدولي على مدار سنوات، إلى جانب قوات أمن داخلي، ومجموعات عسكرية أخرى، وعماد هذه التشكيلات هي “وحدات حماية الشعب” الكردية، التي تعتبرها “قسد” حجر الأساس في أي معارك مستقبلية.
كيف تواجه سوريا أطماع إسرائيل
انتقلت إسرائيل من التوغل داخل الأراضي السورية إلى تثبيت وجودها، وسط تلويح بالبقاء الدائم في هذه المناطق، بدعم أمريكي، بينما لا تزال خطوات السلطات السورية الجديدة خجولة في مواجهة هذا التدخل.
وتعمل إسرائيل على إنشاء قواعد عسكرية في القنيطرة، لكنها انسحبت، في 2 من شباط الحالي، من مبنى المحافظة والقصر العدلي في مدينة السلام (البعث سابقًا)، وفق مراسل عنب بلدي.
استفادت تل أبيب من حالة التوتر الأمني والفوضى السياسية بعد إسقاط النظام السوري، في 8 من كانون الأول 2024، لتبقى التساؤلات حاضرة عن التدابير التي يمكن للدولة السورية اتباعها لإبعاد القوات الإسرائيلية، وما الأدوات التي تملكها.
الشرع: كل الضغوط الدولية معنا
إذاعة الجيش الإسرائيلي ذكرت، في 11 من شباط، أن إسرائيل أقامت “بهدوء شديد” منطقة أمنية داخل الأراضي السورية، مؤكدة أن وجودها في سوريا لم يعد مؤقتًا.
ووفقًا للإذاعة، يعمل الجيش الإسرائيلي عى بناء تسعة مواقع عسكرية داخل المنطقة الأمنية، ما يشير إلى نية تل أبيب تعزيز انتشارها العسكري في سوريا على المدى الطويل.
وأوضحت الإذاعة أن الجيش الإسرائيلي يخطط للبقاء في سوريا طيلة عام 2025، مع رفع عدد الألوية العاملة هناك إلى ثلاثة ألوية، مقارنة بكتيبة ونصف فقط قبل 7 من تشرين الأول 2023.
وخلال زيارته إلى الجانب السوري من جبل الشيخ، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في 28 من كانون الثاني الماضي، إن قواته ستبقى في سوريا إلى أجل غير مسمى.
رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، أكد أنه يجب على إسرائيل العودة خلف المنطقة العازلة المحددة باتفاق 1974.
وفي مقابلة مع مجلة “الإيكونوميست”، في 3 من شباط، قال الشرع، “في أول يوم لنا في دمشق أرسلنا إلى الأمم المتحدة لإبلاغهم بأننا ملتزمون باتفاقية 1974، ونحن مستعدون لاستقبال قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك التي كانت في المنطقة العازلة”.
وأضاف، “تواصلنا مباشرة مع قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك، وقد أعربوا عن استعدادهم للعودة إلى المنطقة العازلة، بشرط انسحاب القوات الإسرائيلية”.
أما بالنسبة لسوريا فأكد الشرع، “كل الضغوط الدولية معنا، وكل الدول التي زارت دمشق والدول التي لم تزرها نددت بتقدم القوات الإسرائيلية في المنطقة”، مشيرًا إلى “شبه إجماع دولي” على أن هذا التقدم غير صحيح.
ماذا تريد إسرائيل؟
الخبير في شؤون الجولان السوري المحتل سمير أبو صالح، أوضح، في حديث لعنب بلدي، أن مواصلة إسرائيل لـ”حربها على الشعب السوري” هدفه إنجازان أساسيان، الأول إحراج العهد الجديد بقيادة الثورة، ولا سيما بعد أن لاقى هذا التأييد المحلي والعربي والدولي.
والهدف الثاني الاستمرار بقضم الأراضي السورية، ولا سيما مرتفعات جبل الشيخ الاستراتيجية، ثم المصادر والسدود المائية المهمة، إضافة إلى السهول الخصبة وصولًا إلى وادي اليرموك الاستراتيجي، حيث مثلث الحدود السورية- الفلسطينية- الأردنية.
ويرى أبو صالح أن التوغل الإسرائيلي يشكل “حلقة ضغط ومصدر قلق كبير لدى العهد السوري الجديد”، حيث جاءت تلك التطورات في وقت كانت الحكومة السورية الجديدة منهمكة في ترتيب البيت السوري الداخلي.
وعن عدم وجود إجراءات ميدانية تقابل العدوان الإسرائيلي، قال أبو صالح، إن هذا الأمر “يندرج سياسيًا في الإطار الموضوعي”، وخصوصًا أن إسرائيل قامت باستهداف كل القدرات العسكرية لسوريا، التي كانت بحوزة النظام السابق.
وفي 10 من كانون الثاني الماضي، كشفت صحيفة إسرائيلية عن مخطط يهدف لتوسع نفوذ إسرائيل بالأراضي السورية بعمق 15 كيلومترًا عسكريًا و60 كيلومترًا “استخباراتيًا”.
ونقلت صحيفة “يديعوت أحرنوت” عن مسؤولين إسرائيليين “كبار” (لم تسمِّهم)، أن تل أبيب ستحافظ على السيطرة العسكرية بعمق 15 كيلومترًا داخل سوريا، لضمان عدم تمكن الموالين للنظام الجديد (الإدارة السورية الجديدة) من إطلاق الصواريخ على مرتفعات الجولان.
ويعتمد الجيش الإسرائيلي في خطابه الرسمي حول مجريات الأحداث في سوريا، أن إسرائيل تركز على تأمين الجولان المحتل من “التهديدات المتطرفة”، وفق ما نقلته صحيفة “يديعوت أحرنوت“، في 14 من كانون الأول 2024.
الأدوات السورية في وجه التوغل
المفكر السياسي السوري برهان غليون قال لعنب بلدي، إن الوضع الراهن لا يتيح للإدارة السورية إلا العمل السياسي والدبلوماسي مع الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومع الدول الرئيسة العربية وغير العربية، لدفعها إلى اتخاذ مواقف تفيد في تثبيت الحق السوري بالأراضي المحتلة حديثًا وبالجولان المحتل سابقًا، بحسب غليون.
ويرى المفكر السوري أن هناك إمكانية لعمل أكبر على صعيد الدبلوماسية والتواصل مع دول العالم، لحثِّها على اتخاذ مواقف واضحة في إدانة الأعمال الإسرائيلية العدوانية والماسة بالسيادة السورية وحقوق السوريين في الأمن والسلام واستعادة الأراضي المحتلة.
وكان وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، دعا إلى الضغط على إسرائيل لسحب قواتها من الأراضي التي توغلت فيها.
وفي تصريحات للصحفيين خلال زيارته إلى أنقرة، في 16 من كانون الثاني الماضي، قال الشيباني، “ندعو الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والدول الصديقة إلى ممارسة الضغط على إسرائيل حتى تنسحب من الأراضي التي تقدمت فيها خلال الفترة الماضية، ونحن جاهزون لمنع أي تهديدات محتملة”.
ماذا عن التفاوض؟
الخبير بشؤون الأمن والدفاع ومدير الأبحاث في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية“، معن طلاع، أوضح، في حديث لعنب بلدي، أن موضوع التفاوض مرتبط بالدولة السورية حال استقرارها، ووضوح المرحلة واستحقاقاتها، وليس منوطًا بأي جهة تدير المرحلة الراهنة.
ويرى طلاع أن سوريا الآن ما زالت في مرحلة ما قبل تشكيل حكومة انتقالية، في حين أن عملية التفاوض مع إسرائيل تتطلب التعريف الرسمي للحكومة.
وعندما تبدأ سوريا بتحقيق قدر معقول من الأمن، كما قال طلاع، ستفتح ملفاتها الإقليمية وستكون لديها أدوات دبلوماسية، ونقاشات مع الحلفاء لتفعيل اتفاقية عام 1974، وتسلم الجيش السوري الجديد عملية ضبط الحدود.
وعن تصريحات الإدارة السورية الجديدة حول هذا الملف، يرى الخبير أنها نابعة من تقدير الموقف الأمني والسياسي، ويجب أن تجمع هذه التصريحات بين عدم التفريط بحق السيادة السورية، واحترام القواعد الدبلوماسية.
أجندة التطبيع مؤجلة
عن التطبيع بين سوريا وإسرائيل، اعتبر الخبير بشؤون الدفاع والأمن، معن طلاع، أن هذا الأمر مرتبط بأجندة الخارجية السورية، وهذه الأجندة يمكن عنونتها وفق ما صرحت به الحكومة، بأنها تبحث عن الاستقرار وأن سوريا لن تكون بيئة نزاع.
وهذه رسالة توحي بأن الاستحقاقات الداخلية لسوريا ستجعل أداءها في السياسة الخارجية قائمًا على العلاقات الدبلوماسية والتفاعل الإيجابي مع قضايا المنطقة، بحسب طلاع.
ويرى طلاع أن أجندة سوريا الخارجية اليوم تضم محورين مهمين، الأول التوازن في الأدوات الخارجية، أي إنهاء العلاقة مع محور إيران والذهاب نحو محور الدول العربية وتحسين العلاقات معها بالإضافة إلى تركيا.
والمحور الثاني ملف العقوبات والتصنيف وإعادة الإعمار والتعافي المبكر وضمان عودة اللاجئين، وصحيح أن هذه الملفات استحقاقات ضرورية، لكنها ستكون أيضًا ورقة ضغط بيد الإدارة السورية الجديدة.
وبناء على ما سبق، يعتقد طلاع أن أجندة التفاوض مع إسرائيل ستكون مؤجلة وليست في المدى المنظور على الأقل.
ما اتفاق 1974
عقب حرب تشرين 1973 بين سوريا وإسرائيل، تم التوصل بإشراف الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي لاتفاق بين الجانبين الإسرائيلي والسوري، في 31 من أيار عام 1974، يقضي برسم خط فك الاشتباك بين الجانبين، وشمل تفاصيل لتحديد مواقع القوات العسكرية لسوريا وإسرائيل على طول خطي “A” و”B”.
يطلق اسم “برافو” على الخط “B” و”ألفا” على الخط “A”، ونصت الاتفاقية على فصل القوات بشكل أساسي لتكون القوات الإسرائيلية غرب الخط “A”، والقوات السورية شرق الخط “B”، على أن تكون المنطقة العازلة بين الخطيين “A” و”B”، وهي منطقة فاصلة بين القوات الإسرائيلية والسورية، على أن تشرف عليها قوة مراقبة فض الاشتباك التابعة للأمم المتحدة (UNDOF).
هل تنجح المحاولات السورية لضبط الحدود مع لبنان
عقب تنفيذ عملية عسكرية وأمنية استهدفت عصابات تهريب موالية لـ”حزب الله” اللبناني غربي مدينة حمص، سيطرت “إدارة العمليات العسكرية” بالتعاون مع “إدارة الأمن العام” على قرى منطقة القصير المحاذية للشريط الحدودي مع لبنان بهدف ضبط الحدود أمنيًا وعسكريًا.
وقال باحثون في الشأن العسكري لعنب بلدي، إن السيطرة العسكرية التي فرضتها القوات السورية على المنطقة الحدودية مع لبنان، لا تعني انتهاء التحديات التي تعوق ضبط الحدود بشكل كامل.
وأشاروا إلى أن التحديات المتمثلة في الطبيعة الجغرافية الوعرة، ونفوذ “حزب الله”، والاعتماد الاقتصادي على التهريب، قد تتيح إعادة الانتشار للعصابات في المنطقة مجددًا، ما يثير تساؤلات حول مدى قدرة سوريا على فرض رقابة دائمة وفعالة.
وقال قائد المنطقة الغربية في إدارة أمن الحدود، مؤيد السلامة، في تصريح لوكالة الأنباء السورية (سانا)، في 10 من شباط الحالي، إن قواته وضعت خطة متكاملة لضبط الحدود بشكل كامل، تراعي فيها التحديات الموجودة، وتسهم في حماية المدنيين من جميع الأخطار التي تستهدفهم.
هل تنجح؟
حول قدرة القوات السورية على ضبط الشريط الحدودي أمنيًا وعسكريًا، قال الباحث في مركز “جسور للدراسات” رشيد حوراني، إن القوات السورية قادرة على ضبط الحدود لطبيعة مهامها السابقة، واكتسابها الكثير من الخبرات العالية خلال سنوات الثورة، وهو ما يسمح لها بتنفيذ المهام في ظروف جغرافية وعسكرية متنوعة، بالإضافة إلى استخدام الطيران المسير في عملية الاستطلاع والذي يسهل لها المهمة.
وبالمقابل، يرى الباحث في الشأن العسكري نوار شعبان، أن الحل العسكري لوحده لا يمكن أن يوقف عمليات التهريب في المنطقة، بل يتطلب مزيجًا من الإجراءات الأمنية المشددة، والتنسيق مع الجانب اللبناني، وخلق بدائل اقتصادية تقلل من اعتماد السكان المحليين على التهريب كمصدر للدخل.
وأضاف أن الحاجة تبرز إلى تبني نهج شامل يعالج جذور الأزمة على حدود البلدين، عوضًا عن الاقتصار على الحلول العسكرية التقليدية.
وذكر أن إحدى أهم الركائز الأساسية لضبط الحدود هي التعاون الأمني الوثيق بين دمشق وبيروت، إذ يمكن للجان أمنية مشتركة تعزيز عمليات المراقبة وتبادل المعلومات الاستخباراتية حول شبكات التهريب.
ويجب أن تتكامل الإجراءات العسكرية مع استراتيجيات أكثر شمولية، تستهدف تفكيك هذه الشبكات تدريجيًا.
وتشمل هذه الاستراتيجيات جمع المعلومات الدقيقة عن قادة شبكات التهريب، وفرض ملاحقات قانونية صارمة تتضمن عقوبات رادعة، بالإضافة إلى التوعية المجتمعية بمخاطر التهريب وانعكاساته السلبية على الاقتصاد والأمن المحلي، بحسب ما ذكره الباحث شعبان.
تحديات تعوق العملية
يرى الباحث حوراني، أن من بين التحديات التي تواجه الإدارة السورية الجديدة في عملية ضبط الحدود الطبيعة الجغرافية الوعرة في المنطقة، خاصة مع معرفة عناصر “حزب الله” وعصابات التهريب بتضاريسها وطبيعتها بشكل جيد، إلا أن القوات السورية تغلبت على ذلك بالتقدم الحذر والمتدرج أو محاصرة مناطق ومنع التسلل إليها.
وقال الباحث شعبان، إن شبكات التهريب وخاصة في منطقة القصير قادرة على التكيف مع التغيرات الأمنية، عبر إيجاد مسارات بديلة واستخدام تقنيات أكثر تطورًا لتجنب الرقابة، وذلك بفضل موقعها الجغرافي.
وتعتبر المنطقة نقطة استراتيجية لا يمكن القضاء على أنشطة التهريب فيها بسهولة، حيث تتداخل العوامل الأمنية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية في تشكيل واقعها الحالي، واستمرار عمليات التهريب.
وجود موالين لـ”حزب الله” من السوريين في المنطقة، ممن تضررت مصالحهم من سقوط نظام الأسد وخروج “الحزب” من سوريا، ووجود مواطنين يحملون الجنسية اللبنانية، ويقطنون في القرى السورية، يشكل تحديًا ثانيًا أمام ضبط الشريط الحدودي مع لبنان، وفقًا للباحث شعبان.
وتواجه القوات السورية تحديًا آخر في حال عدم تمكن الجيش اللبناني من الاستمرار في الانتشار على الحدود، ما يسمح لـ”الحزب” بإعادة محاولاته من جديد، بحسب ما ذكره الباحث حوراني.
وفي 9 من شباط الحالي، أعلن الجيش اللبناني عن تعزيز قواته على الشريط الحدودي مع سوريا، من خلال تكثيف الدوريات العسكرية وإقامة نقاط مراقبة جديدة.
ويأتي هذا الإعلان، بعد إصدار أوامر للوحدات العسكرية المنتشرة على الحدود، بالرد على مصادر النيران التي تستهدف الأراضي اللبنانية من سوريا، عقب اندلاع اشتباكات في قرى منطقة القصير المحاذية للشريط الحدودي.
بالمقابل، نفى قائد المنطقة الغربية في إدارة أمن الحدود، مؤيد السلامة، قصف مواقع داخل لبنان، مشيرًا إلى أن الاشتباكات جرت مع عصابات التهريب المسلحة في كل من قرى حاويك، وجرماش، ووادي الحوراني، وأكوم السورية، في أثناء حملة تمشيط المنطقة لضبط الحدود الغربية للبلاد.
وقال الباحث شعبان، إن القوات السورية استخدمت أسلحة ثقيلة، من ضمنها المدفعية، والرشاشات الثقيلة، وطائرات “شاهين” المسيرة، لاستهداف مواقع المهربين في المناطق الجبلية المرتفعة، بهدف إغلاق المعابر غير الشرعية، وتعزيز نقاط المراقبة الحدودية.
مركز نفوذ ومحطة تهريب
تعتبر منطقة القصير مركزًا لنفوذ “حزب الله”، وخاصة بعد معركة القصير عام 2013، وتهجير أهالي القرى السنية من المنطقة بشكل قسري، وفقًا للباحث نوار شعبان.
وكانت معركة القصير هي الأولى التي تشهد تدخلًا واضحًا من مقاتلي “الحزب” إلى جانب قوات نظام الأسد في مواجهة فصائل الثورة.
وقال الباحث شعبان، إن المنطقة تحولت إلى شبكة معقدة من المسارات التي يديرها تجار ومهربون محليون، بدعم من جهات سياسية وعسكرية، مشيرًا إلى الدور المركزي الذي لعبه “حزب الله” اللبناني في تأمين طرق التهريب والإشراف عليها، مستفيدًا من عائداتها المالية في دعم أنشطته.
وذكر أن جغرافيتها الوعرة ساعدت على تنفيذ عمليات تهريب للمخدرات، والأسلحة، والمحروقات عبر الحدود، بالتزامن مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في سوريا ولبنان.
وتعد مدينة القصير محطة رئيسة لإنتاج وتوزيع هذه المواد المخدرة، وهو ما أكدته عمليات ضبط مستودعات من قبل قوات الأمن السورية.
وبين الباحث أن أبرز الفاعلين في عمليات التهريب ينتمون إلى عائلات معروفة في المنطقة، مثل آل زعيتر، وآل جعفر، وآل دندش، وآل نون.
وأعلنت إدارة أمن الحدود عن ضبط عدد “كبير” من مزارع ومستودعات ومعامل صناعة وتعليب مواد الحشيش وحبوب “الكبتاجون”، بالإضافة إلى مطابع تختص بطباعة العملة المزورة، إثر العملية التي نفذتها في المنطقة.
كما ضبطت العديد من شحنات السلاح والمواد المخدرة في المناطق الحدودية، والتي كانت في طريقها للعبور إلى الجانب اللبناني.
سيناريوهات محتملة
رغم حالة الهدوء التي شهدتها المنطقة، وضبط العديد من مصانع المخدرات ومراكز التهريب، فإن التحديات تبقي مستقبل المنطقة أمام سيناريوهات ثلاثة تتباين بين التسوية الدبلوماسية والتصعيد العسكري واستمرار الوضع الراهن، وفقًا للباحث شعبان.
أول هذه السيناريوهات هو نجاح الوساطات المحلية في احتواء الأزمة عبر المفاوضات، ما يسمح للسلطات السورية بتعزيز سيطرتها في المنطقة مع تكثيف جهودها لضبط الحدود عبر آليات مشتركة بين الجيشين السوري واللبناني، ما يحد من عمليات التهريب، بالإضافة إلى توفير بدائل اقتصادية للسكان المحليين الذين يعتمدون على هذه الأنشطة كمصدر رئيس للدخل.
وقد يسهم هذا السيناريو، على المدى الطويل، في تحقيق استقرار نسبي، لكنه يظل هشًا نظرًا لاحتمالية بقاء بعض الشبكات غير النظامية ناشطة في مناطق متفرقة.
ويرى الباحث أن السيناريو الثاني يذهب باتجاه تفكيك جزئي لشبكات التهريب، نتيجة لاستمرار التصعيد العسكري.
وأشار إلى أن التصعيد سيخلق في المقابل حالة من عدم الاستقرار الأمني، خاصة إذا تدخل “حزب الله” بشكل مباشر لحماية مصالحه، وهو ما قد يوسع نطاق المواجهات ليشمل الداخل اللبناني، ما يزيد من تعقيد العلاقة بين الجيشين السوري واللبناني.
واعتبر الباحث أن تعقيد العلاقة بين الجانبين سيؤدي إلى تدخل جهات إقليمية ودولية لضبط الأوضاع، وينعكس سلبًا على المجتمعات الحدودية، ما يفاقم موجات النزوح وتراجع النشاط الاقتصادي.
وقد يستمر الوضع من دون حسم عسكري كامل أو تسوية سياسية شاملة، وتبقى عمليات التهريب مستمرة، لكن بأساليب أكثر تطورًا وسرية، وهو السيناريو الثالث بحسب ما ذكره الباحث شعبان.
ويرى الباحث أن إعادة تشكيل شبكات التهريب لتكيّف نفسها مع الظروف الأمنية الجديدة، ستؤدي إلى زيادة الضغط على السلطات السورية، التي ستكون مطالبة بتكثيف جهودها الأمنية لمنع تفاقم الفوضى، وتفاقم التحديات الاقتصادية والاجتماعية للسكان المحليين، ما قد يرفع معدلات الفقر والبطالة، ويدفع القوى الدولية إلى فرض سياسات أو عقوبات تستهدف الجهات المتورطة في التهريب، ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي في المنطقة.
مقتل شخصين باستهداف سيارة في إدلب
قتل شخصان باستهداف سيارة في إدلب شمالي سوريا، من طائرة مسيرة يعتقد أنها عائدة للتحالف في إدلب شمالي سوريا.
وأفاد مراسلو عنب بلدي في المنطقة، اليوم السبت 15 من شباط، باحتراق سيارة على طريق أورم الجوز بريف إدلب الجنوبي.
وقال “الدفاع المدني” إن شخصين مجهولي الهوية قتلا بهجوم صاروخي من طائرة مسيرة لم تحدد تبعيتها، استهدفت سيارة كانا فيها على طريق حلب- اللاذقية، بالقرب من بلدة أورم الجوز.
وأضافت المنظمة أن فرقها أخمدت الحريق وبرّدته وانتشلت أشلاءً من داخل السيارة، وسلمتها للطبابة الشرعية في مدينة إدلب، وأمّنت المكان وفتحت الطريق أمام حركة السير.
ولم ترد تفاصيل حول الشخصين المستهدفين، كما لم يتبن “التحالف” العملية حتى لحظة تحرير الخبر.
وتتكرر عمليات استهداف قيادات لتنظيم “الدولة الإسلامية” أو تنظيمات تصنفها أمريكا على قوائم الإرهاب، أبرزها “حراس الدين” المبايع لتنظيم “القاعدة”، والذي حل نفسه في 28 من كانون الثاني الماضي.
وتبنت أمريكا عملية قتل قيادي في “حراس الدين”، في 30 من كانون الثاني، بعد يومين من إعلان التنظيم حل نفسه.
وقالت القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) في بيان لها عقب يوم من الاستهداف، إنها نفذت غارة جوية “دقيقة” في شمال غربي سوريا تمكنت خلالها من “تحييد” محمد صلاح الزبير، أحد العناصر البارزين في “حراس الدين”.
وأضاف البيان أن الغارة “هي جزء من التزام القيادة المركزية الأمريكية المستمر، جنبًا إلى جنب مع الشركاء في المنطقة، بتعطيل وتقليص جهود الإرهابيين للتخطيط وتنظيم وتنفيذ هجمات ضد المدنيين والعسكريين من الولايات المتحدة وحلفائنا وشركائنا في جميع أنحاء المنطقة وخارجها”.
تعرض “حراس الدين” لضغط محلي عبر تضييق وملاحقة “هيئة تحرير الشام” لعناصره، إلى جانب ضربات التحالف الدولي التي أدت إلى مقتل عدد من قادته.
أبرز القادة الذين قتلوا بضربات جوية “أبو القسام الأردني” و”أبو عبد الرحمن المكي” و”أبو محمد السوداني”، كما قتل عدد من قادة “القاعدة” بضربات التحالف أبرزهم “أبو فراس السوري” عام 2016 و”أبو الخير المصري” عام 2017.
وضم “حراس الدين” كلًا من مجموعات “جيش الملاحم”، “جيش الساحل”، “جيش البادية”، “سرايا الساحل”، “سرية كابل”، “جند الشريعة”، فلول “جند الأقصى”، إضافة إلى عدد من الفصائل الصغيرة التي لها تاريخ من العلاقات الأيديولوجية والقيادية مع “القاعدة”.
وانضم العديد من المقاتلين الأجانب الأوروبيين إلى صفوف الفصيل منذ إنشائه.
كما شهدت مناطق شمال غربي سوريا استهدافات متكررة لعناصر في تنظيم “الدولة الإسلامية”، أبرزها كان الخليفة السابق للتنظيم “أبو بكر البغدادي”، في تشرين الأول 2019.
“رأيت وطني يعود لأهله”..
سوريون يعودون بعد عقود

رجل يسير أمام ملجأ كان يستخدمه السكان لحماية أنفسهم من الهجمات في دوما بعد الإطاحة بالأسد – 14 كانون الأول 2024 (رويترز/ يمام الشعار)
لم تبدأ رحلة السوريين باللجوء خارج سوريا مع اندلاع الثورة عام 2011، بل منذ عقود واجهوا فيها نظامًا قمعيًا أجبرهم على ذلك، تحت تهديدات القتل أو الاعتقال.
اختار بعض السوريين المنفى لعقود خيارًا وحيدًا للنجاة، إذ اضطروا لمغادرة وطنهم بسبب الظروف التي فرضتها عليهم الأوضاع السياسية والأمنية.
وفي وقت كانت فيه العودة إلى سوريا مجرد حلم بعيد المنال، أتاحت التغييرات التي شهدتها البلاد، وسقوط النظام السوري، عودة بعض ممن عاشوا عقودًا من الاغتراب ليواجهوا سوريا مختلفة عن تلك التي غادروها.
الباحث والسياسي رضوان زيادة، هو واحد من الأشخاص المنفيين من بلدهم منذ زمن، وعاد إلى سوريا بعد عقود.
“لم يكن لدي خيار آخر”، بهذه الكلمات لخّص رضوان زيادة، لعنب بلدي، قرار مغادرته سوريا عام 2007.
الهجرة والابتعاد عن الوطن
كانت التهديدات الأمنية التي تلقاها زيادة من رئيس جهاز “أمن الدولة”، علي مملوك، آنذاك، نتيجة نشاطه السياسي، هي ما دفعته لمغادرة سوريا.
زيادة كان يعلم أن بقاءه يعني الاعتقال، فاختار المنفى طوعًا بحثًا عن الأمان.
في تلك الفترة، لم تكن العودة إلى سوريا واردة في ذهنه، خاصة بعد عام 2020، لكن مع سقوط النظام، شعر أن “حلم السوريين بالحرية تحقق أخيرًا”، ما دفعه للعودة إلى وطنه الذي تغير بشكل جذري.
أما رحلة المهندس غسان الشقيقي فقد بدأت مع المنفى في أوائل عام 1980، حين اضطر إلى مغادرة سوريا تحت ضغط الاعتقال بعد أن أمضى عامًا في السجن عام 1978، بسبب اتهامه بالانضمام إلى تنظيمات مسلحة معارضة للنظام.
وبعد إطلاق سراحه، واجه خيارين، إما حمل السلاح وإما مغادرة البلاد، فاختار المنفى، لكن قلبه ظل معلقًا بسوريا، مؤمنًا بأن “الحق سيأتي حتى لو بعد حين”، بحسب ما قاله لعنب بلدي.
تجربة العودة
عند عودته، وصف رضوان زيادة، وهو من أبناء داريا في ريف دمشق، سوريا بأنها “دولة منهكة، مؤسسات بالكاد تعمل، لكن الناس لديهم رغبة قوية في النهوض من جديد”.
وأضاف أن سنوات حكم الأسد لم تشهد أي استثمار حقيقي في الإنسان أو الاقتصاد، ما جعل البلاد تبدو متعبة، لكن القدرة على النهوض ما زالت موجودة إذا توفرت الجهود اللازمة.
أما غسان الشقيقي، فكانت صدمته عند العودة كبيرة، إذ وجد “دمارًا هائلًا وبنية تحتية منهارة”، وهو الذي كان يتذكر سوريا القديمة كمنارة للنهضة والتقدم.
ومع ذلك، لاحظ شيئًا مختلفًا في وجوه الناس، فـ”رغم كل شيء، الناس مبتسمون، ولمحة الفرح على وجوههم، والآمال كبيرة”.
وروى المهندس حمدي الشقيقي تجربته لعنب بلدي، التي بدأت عام 2005، بعد أن اضطر لمغادرة سوريا نتيجة تداعيات الأحداث التي وقعت في عام 1982، في حماة، والملاحقات الأمنية لعائلته بعد ذلك.
كان والد حمدي من بين الضحايا في أحداث مجزرة حماة، ما جعل العائلة مُلاحَقة من قبل الأجهزة الأمنية، ما دفعها لمغادرة البلاد بحثًا عن الأمان.
ورغم معاناته الطويلة في الغربة، ظل حمدي مؤمنًا بمستقبل سوريا، معبرًا عن أمله في “انتصار ثورة الشعب السوري”، رغم الدمار الذي لحق بالبنية التحتية للبلاد.
وبعد أكثر من عقدين من الزمن في الخارج، عاد حمدي مع عدد كبير من السوريين إلى سوريا التي تبدو مختلفة عما كانت عليه.
ليلة سقوط الأسد.. حلم تحقق
تظل ليلة سقوط النظام المخلوع ذكرى محفورة في ذهن كل سوري كان يتمنى أن يعيش هذا اليوم.
وقال زيادة، “لقد كانت تلك الليلة حلمًا تحول إلى حقيقة، لم أنم طوال الليل وأنا أتابع الأخبار، وأخيرًا تأكدت من سقوط الأسد”.
هذه اللحظة كانت بمثابة استعادة الأمل في المستقبل بالنسبة له، ودفعت به للمضي قدمًا في قراره بالعودة إلى سوريا بعد سنوات من المنفى.
أما غسان الشقيقي، فقد اختصر شعوره في جملة واحدة، “رأيت وطني يعود لأهله”.
ورغم فرحته بسقوط النظام، يعترف أنه افتقد خلال سنوات المنفى الأمان الروحي، وهو بالنسبة له شعور لا يتحقق إلا بوجود الوطن. وأضاف، “يجب على كل إنسان أن يكون له أمان روحي، وهو الوطن”.
كما وصف حمدي الشقيقي تلك الليلة بأنها “عودة الحياة للجسد”، معتبرًا أن سقوط النظام لم يكن مجرد سقوط سياسي، بل لحظة استعادة السوريين لحياتهم وحريتهم بعد سنوات من الظلم.
عودة الحياة إلى سوريا
بعد عودتهم، يرى رضوان زيادة أن سوريا بحاجة إلى جهود من الجميع لإعادة بناء المؤسسات التي دمرتها الحرب، ويشير إلى أنه في ظل وجود رغبة حقيقية لدى الناس للنهوض مجددًا، من الممكن أن تُعَاد الحياة تدريجيًا إلى هذا البلد الذي عاش سنوات من الخراب.
وأوضح غسان الشقيقي أن السوريين العائدين يحملون معهم خبراتهم التي اكتسبوها خلال سنوات المنفى، ما قد يسهم في إعادة بناء البلاد، لكنه يؤكد أن سوريا بحاجة إلى استعادة شعورها بالعزة والكرامة، قائلًا، “شعوري تجاه سوريا دائمًا شعور عزيز وكريم”.
أما حمدي الشقيقي، فيؤمن بأن أمل السوريين في بناء بلدهم لا يزال حيًا، رغم التحديات الكبيرة، مشيرًا إلى أن التغيير لا يأتي بين عشية وضحاها، لكن عودة السوريين وأملهم في بناء سوريا جديدة تشكل خطوة كبيرة نحو المستقبل.
كابوس “حلفايا”.. القبض على ضابط تورط في جرائم مروعة بسوريا
ألقت إدارة الأمن العام في منطقة محردة بمحافظة حماة وسط سوريا القبض على المساعد أول في الأمن العسكري في عهد بشار الأسد، علي أحمد عبود الملقب بـأبي معلا، المعروف بضلوعه في ارتكاب جرائم قتل وتعذيب وابتزاز وتهجير أهالي حلفايا والقرى المجاورة.
ووفق وكالة الأنباء السورية، فقد تسببت ممارسات عبود في فقدان أرواح العديد من الأبرياء في تلك المناطق.
وبحسب وسائل التواصل الاجتماعي، كان الضابط يمثل كابوسا أمنيا للسكان خلال حكم الأسد.وأفادت وسائل إعلام محلية بأنه تم العثور عبود بنفق تحت جامع بكفر سوسة
مقتل امرأة وإصابة أمنيين بإطلاق نار وقنابل باللاذقيه
أعلنت وزاة الداخلية السورية، يوم الأحد، عن مقتل وإصابة اثنين من العناصر الأمنية، عقب تعرض دولية ليلية لإطلاق نار وقنابل في مدينة الاذقية، بشمال غرب البلاد.
وقالت الداخلية السورية: “تعرضت إحدى دورياتنا الليلية المنتشرة على دوار الأزهري في مدينة اللاذقية لإطلاق نار ورمي قنابل من قبل أشخاص يستقلون دراجة نارية، أسفر عن إصابة اثنين من عناصر الدورية ومقتل امرأة خلال الاشتباكات”.
كابوس “حلفايا”.. القبض على ضابط تورط في جرائم مروعة بسوريا
ألقت إدارة الأمن العام في منطقة محردة بمحافظة حماة وسط سوريا القبض على المساعد أول في الأمن العسكري في عهد بشار الأسد، علي أحمد عبود الملقب بـأبي معلا، المعروف بضلوعه في ارتكاب جرائم قتل وتعذيب وابتزاز وتهجير أهالي حلفايا والقرى المجاورة.
ووفق وكالة الأنباء السورية، فقد تسببت ممارسات عبود في فقدان أرواح العديد من الأبرياء في تلك المناطق.
وبحسب وسائل التواصل الاجتماعي، كان الضابط يمثل كابوسا أمنيا للسكان خلال حكم الأسد.وأفادت وسائل إعلام محلية بأنه تم العثور عبود بنفق تحت جامع بكفر سوسة
اعتقال مجرم خطير متهم بالمشاركة في ارتكاب مجزرة بعهد الأسد
أفادت وكالة الأنباء السورية “سانا” بإلقاء الأجهزة الأمنية القبض، يوم الجمعة، على مجرم خطير متهم بارتكاب جرائم قتل في زمن نظام الرئيس السابق بشار الأسد.
وقالت الوكالة إن “مديرية أمن حمص وبعملية نوعية ألقت القبض على أحد مرتكبي مجزرة كفر شمس المجرم دريد أحمد عباس في منطقة الحولة بحمص”.
وأضافت أنه “حسب شهود عيان فإن المجرم دريد متهم بالعديد من جرائم القتل زمن النظام المخلوع”.
وفي سياق متصل، قالت “سانا” يوم الجمعة: “انطلقت اليوم حملة أمنية في منطقة حارم وسلقين وكفرتخاريم، استهدفت الذين لم يبادروا إلى تسوية أوضاعهم، حيث تمكنت قوات الأمن العام من إلقاء القبض على عدد منهم، وما تزال عمليات الملاحقة مستمرة لتطال جميع العناصر الإجرامية في عموم سوريا“.