الضربات الإسرائيلية في سوريا تمثل تحدياً لتركيا

صدر الصورة،EPA
- ,لوسي ويليامسون
- ,مراسلة بي بي سي لشؤون الشرق الأوسط
تُمثل المواجهة المتزايدة بين إسرائيل وتركيا في سوريا تحدياً خطيراً للحكومة السورية الجديدة الهشة.
ليلة الأربعاء، قصفت إسرائيل عدة أهداف عسكرية في سوريا، من بينها: مطار حماة العسكري وقاعدة تي فور (T4) قرب حمص.
وأعلنت وزارة الخارجية السورية أن القصف دمّر قاعدة حماة تقريباً. وقالت منظمة حقوقية سورية بارزة أن أربعة من موظفي وزارة الدفاع قُتلوا، وأصيب 12 آخرون.
صحيح أن الضربات الجوية أصابت سوريا، لكن هدفها الحقيقي كان تركيا.
بعد ذلك بوقت قصير، اتهم وزير الخارجية الإسرائيلي تركيا بلعب “دور سلبي” في سوريا، وحذر الوزير الإسرائيلي رئيس الفترة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، من أنه “سيدفع ثمناً باهظاً للغاية” إذا سمح “للقوى المعادية” بدخول بلاده.
تتفاوض أنقرة حالياً على اتفاقية دفاع مشترك مع حكومة الشرع الجديدة، ووردت تقارير تفيد بأن تركيا بصدد نشر طائرات وأنظمة دفاع جوي في قاعدتي T4 وحلب الجويتين السوريتين.
قارن بعض المحللين بين الضربات الجوية المكثفة التي شنتها إسرائيل على مطار حماة هذا الأسبوع، والغارات الأقل حدة التي استهدفت أطراف قاعدة T4، مما يشير إلى أن تركيا ربما قامت بنقل بعض معداتها إلى هناك بالفعل، وأن إسرائيل كانت تضبط هجماتها بدقة لتجنب تصعيد واسع النطاق.
تدهورت العلاقات بين إسرائيل وتركيا بشكل حاد منذ بدء حرب غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث فرضت أنقرة قيوداً تجارية واتهمت إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية.
يتجلى هذا التوتر الإقليمي الآن على أرض جديدة في سوريا.
بعد الغارات الجوية يوم الأربعاء، اتهمت وزارة الخارجية التركية إسرائيل بزعزعة استقرار المنطقة من خلال “التسبب في الفوضى وتغذية الإرهاب” وقالت إنها أصبحت الآن أكبر تهديد لأمن المنطقة.
وقال وزير الخارجية، هاكان فيدان، لوكالة رويترز إن بلاده لا تسعى إلى مواجهة مع إسرائيل، وأن سوريا قادرة على وضع سياساتها الخاصة مع جارتها الجنوبية.
بينما أكد الزعيم السوري الجديد مراراً أنه لا يسعى إلى مواجهة مع إسرائيل. فبعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، قال الشرع لبي بي سي أن سوريا لن تُشكّل تهديداً لأي دولة.
حتى أنه ترك الباب مفتوحاً أمام تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل في المستقبل، حيث صرّح لمجلة الإيكونوميست الشهر الماضي، أن سوريا تريد السلام مع جميع الأطراف، لكن من السابق لأوانه مناقشة مثل هذه القضية الحساسة.
وكانت أولويته القصوى منذ توليه السلطة توحيد سوريا المنقسمة بشدة، وتهدئة العلاقات الخارجية مع جيرانها، بينما يُرسّخ سلطته وسيطرته.
لكن إسرائيل لم تجعل ذلك أمراً يسيراً. فتدخلاتها العسكرية في سوريا تُؤجج الصراع مع قوى خارجية مثل تركيا، ومع جماعات داخلية مثل الجهاديين في جنوب البلاد.
وتشك إسرائيل، التي كانت في السابق عدواً لدوداً للرئيس السوري السابق وحليفه الإيراني، أيضاً في الشرع، الرجل الذي قاد في وقت سابق الفرع السوري لتنظيم القاعدة والذي تدعم تركيا حكومته الجديدة.

ومنذ تولي الشرع السلطة، ضرب الجيش الإسرائيلي مراراً مخازن الأسلحة السورية والمطارات والمواقع العسكرية الأخرى التي تركها النظام السابق، لتجنب وقوعها في أيدي العدو، على حد قوله.
كما احتلّ منطقة عازلة منزوعة السلاح، أُنشئت بعد حرب عام 1973، وأرسل قوات إلى الجانب السوري من جبل قريب، وأقام تسع قواعد في أنحاء المنطقة.
كما تُجري القوات الإسرائيلية توغلات منتظمة في المحافظات الجنوبية الغربية لسوريا، متعهدةً بمنع وجود أي جماعات مسلحة أو قوات حكومية هناك.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلنت الحكومة المحلية في مدينة درعا الجنوبية مقتل تسعة مدنيين في قصف إسرائيلي، خلال أعمق توغل للقوات الإسرائيلية هناك حتى الآن.
وقُتل أربعة أشخاص آخرين في قصف إسرائيلي قرب قرية كويا أواخر الشهر الماضي، بعد أن حاول مسلحون محليون وقف تقدم القوات الإسرائيلية هناك.
ومنذ ذلك الحين، وردت تقارير عن أن المساجد في كل من درعا ودمشق دعت إلى الجهاد ضد القوات الإسرائيلية.
وأحصى تشارلز ليستر، رئيس برنامج سوريا في معهد الشرق الأوسط الأمريكي، الذي يدرس المنطقة، أكثر من 70 توغلاً برياً في جنوب غرب سوريا منذ فبراير/شباط، واصفاً هذه اللحظة بأنها “لحظة بالغة الخطورة – ولحظة غير ضرورية”.
ومنذ سقوط الأسد قبل أربعة أشهر، كما يقول، لم يستهدف أي هجوم إسرائيل من سوريا، بل اعترضت قوات الأمن السورية “ما لا يقل عن 18 شحنة أسلحة كانت متجهة إلى حزب الله في لبنان، وفككت ما لا يقل عن ثمانية مواقع لإطلاق الصواريخ كانت مرتبطة سابقاً بإيران”.
يشعر العديد من السوريين بخيبة أمل إزاء رد إسرائيل على حكومتهم الجديدة. إذ راقبوا لسنوات إسرائيل وهي تستهدف نظام الأسد، واعتقدوا أن سقوط الأسد سيُتيح فرصة لعلاقة أقل صدامية مع إسرائيل.
يقول البعض إن هذا الرأي قد تغير الآن.
وقال إسماعيل، وهو صاحب مطعم في غرب البلاد: “كنا نعتقد أن الجيش الإسرائيلي يستهدف قوات نظام الأسد فقط. لكن قصفه المستمر وغير المفهوم يجعلنا، للأسف، نعتقد أن إسرائيل عدو للشعب السوري”.
وسوريا هشة لأن انقساماتها الداخلية تشتعل بسهولة بفعل التدخلات الإقليمية والعالمية. وجذور الصراع الطائفي عميقة هنا، تغذيها عقود من الحكم القمعي لعائلة الأسد، المُنتمية للطائفة العلوية التي تعد من الأقليات في سوريا.
مساعي أحمد الشرع لطمأنة الأقليات في البلاد واجهت تحديات في أوائل شهر مارس/آذار، وذلك بسبب انفجار أعمال العنف في منطقة الساحل السوري التي يقطنها عدد كبير من الأقلية العلوية.
وقُتل ما لا يقل عن ألف مدني و مقاتل علوي غير مسلح على يد القوات الموالية للحكومة، بعد أن تعرضت وحدات حكومية لكمين في هجوم منسق قادته فلول القوات المسلحة السورية السابقة.
كانت هذه القوات المسلحة السابقة مدعومة من إيران في السابق. يعتقد بعض المحللين أن فلولهم ربما لا يزالون يتلقون بعض الدعم من طهران.
احتفل السوريون بسقوط بشار الأسد باعتباره نهايةً لحربهم الأهلية، وفرصةً للتوحد.
لكن القوى الخارجية ساهمت في تأجيج تلك الحرب الأهلية لأكثر من عقد، ويراقب جيرانها الآن الفراغ الذي تركه الأسد. يتزايد خطر وقوع سوريا مرة أخرى ضحيةً لصراعات القوى الخارجية، التي تدور على أرضها.
“سنُزيل كل التهديدات”.. الجيش الإسرائيلي: هاجمنا موقعا عسكريا جنوبي سوريا وصادرنا دبابات وناقلات جند وصواريخ
-و قال الجيش الإسرائيلي، السبت، إن قواته دهمت خلال الأسبوع الجاري موقعا عسكريا للنظام السابق جنوبي سوريا ودمرت وصادرت دبابات وناقلات جند مدرعة وقذائف صاروخية.
جاء ذلك في بيان نشره الجيش على موقعه الإلكتروني، ونشره أيضا المتحدث باسمه أفيخاي أدرعي على حسابه بمنصة إكس.
وقال الجيش الإسرائيلي: “تواصل قوات المظليين بقيادة الفرقة 210، نشاطها داخل الأراضي السورية بهدف إزالة التهديدات الموجهة إلى دولة إسرائيل وسكان هضبة الجولان بشكل خاص”.
وأضاف: “دهمت القوات خلال الأسبوع الجاري (لم يحدد يوما)، موقعا تابعا للجيش السوري السابق”.
وتابع أن قواته عثرت على مقر قيادة تابع لإحدى وحدات النظام السوري المخلوع، ووجدت داخله دبابات خارجة عن الخدمة وناقلات جند مدرعة ومدافع، وقامت بتدميرها.
كذلك عثرت قوات الجيش الإسرائيلي على “وسائل قتالية إضافية من ضمنها قذائف هاون وعشرات القذائف الصاروخية، لتتم مصادرتها”، وفق المصدر ذاته.
ونشر الجيش الإسرائيلي مقاطع مصورة توثق هجماته الأخيرة داخل الأراضي السورية.
والخميس، نفذ الجيش الإسرائيلي عدوانا جديدا على بلدة تسيل جنوب سوريا، وقال إن قواته صادرت خلال العملية “وسائل قتالية ودمرت بنى تحتية إرهابية”، وفق زعمه.
وأضاف، في بيان وقتها، أن عددا من المسلحين أطلقوا النار باتجاه قواته في تسيل فردّت عليهم بإطلاق نار من الأرض والجو، ما أسفر عن تصفية عدد منهم.
ورغم أن الإدارة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع لم تهدد إسرائيل بأي شكل، تشن تل أبيب بوتيرة شبه يومية منذ أشهر غارات جوية على سوريا، ما أدى إلى مقتل مدنيين وتدمير مواقع عسكرية وآليات وذخائر للجيش السوري.
وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، أكملت فصائل سورية سيطرتها على البلاد منهية 61 عاما من حكم حزب البعث، و53 سنة من سيطرة عائلة الأسد، بينها 24 عاما تولى خلالها بشار الأسد الرئاسة (2000-2024).
ومنذ عام 1967 تحتل إسرائيل معظم مساحة هضبة الجولان، واستغلت الوضع الراهن بسوريا بعد سقوط نظام الأسد، فاحتلت المنطقة السورية العازلة، وأعلنت انهيار اتفاقية فض الاشتباك بين الجانبين لعام 1974.
الجيش الإسرائيلي ينشر عمليات لواء المظليين في سوريا
نشر الجيش الإسرائيلي، السبت، صور العمليات الدفاعية التي قام بها لواء المظليين في سوريا خلال الأسبوع الفائت.
وتابع: "هذا الأسبوع، نفذت القوات غارة مُحددة على موقع عسكري سوري كان يستخدم سابقا مقرا لوحدة تابعة للنظام السوري السابق، عثرت القوات في الموقع على دبابات وناقلات جند مدرعة ومدفعية معطلة عن الخدمة، كانت تستخدمها قوات النظام السوري السابق، وقامت بتفكيكها".
وأكمل: "كما عثرت القوات على أسلحة إضافية وصادرتها، بما في ذلك قذائف الهاون وعشرات الصواريخ".
وبعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر الماضي، توغلت إسرائيل عدة كيلومترات داخل الأراضي السورية وصولا إلى جبل الشيخ المطل على دمشق، متجاوزة المنطقة العازلة، واستولت أيضا على أراض جنوب غربي سوريا.
كما شنت إسرائيل ضربات بالجملة على مناطق متفرقة من سوريا، ودمرت تقريبا معظم قدرات جيشها.
والخميس ذكر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في بيان، أن الجيش الإسرائيلي سيبقى داخل سوريا و"سيتحرك ضد التهديدات".
“>
وقال الجيش: “يواصل لواء المظليين بقيادة الفرقة 210 نشاطه الدفاعي في سوريا لإزالة التهديدات الموجهة إلى دولة إسرائيل وخاصة إلى سكان مرتفعات الجولان”
وتابع: “هذا الأسبوع، نفذت القوات غارة مُحددة على موقع عسكري سوري كان يستخدم سابقا مقرا لوحدة تابعة للنظام السوري السابق، عثرت القوات في الموقع على دبابات وناقلات جند مدرعة ومدفعية معطلة عن الخدمة، كانت تستخدمها قوات النظام السوري السابق، وقامت بتفكيكها”.
أفادت 4 مصادر بأن تركيا تفقدت 3 قواعد جوية على الأقل في سوريا قد تنشر قواتها فيها كجزء من اتفاق دفاع مشترك مزمع قبل أن تقصف إسرائيل المواقع بضربات جوية هذا الأسبوع.
ويشير هذا القصف إلى احتمال نشوب صراع بين جيشين إقليميين قويين بشأن سوريا.
وتستعد أنقرة، وهي داعم قديم لقوات المعارضة ضد الأسد، للعب دور رئيسي في سوريا بعد إعادة تشكيلها، بما في ذلك اتفاق دفاع مشترك محتمل قد يشهد إقامة قواعد تركية جديدة في وسط سوريا واستخدام المجال الجوي للبلاد.
زيارة تركية للقواعد السورية
وقال مسؤول مخابراتي إقليمي ومصدران عسكريان سوريان ومصدر سوري آخر مطلع على الأمر إنه في إطار التحضيرات، زارت فرق عسكرية تركية في الأسابيع القليلة الماضية قاعدة تي4 وقاعدة تدمر الجويتين بمحافظة حمص السورية والمطار الرئيسي في محافظة حماة.
وتحدثت المصادر شريطة عدم الكشف عن هوياتها لتناقش هذه الزيارات التي لم يعلن عنها من قبل.
وقال مسؤول المخابرات الإقليمي إن الفرق التركية قيمت حالة مدارج الطائرات وحظائرها وغيرها من البنى التحتية في القاعدتين.
رسائل تركية إسرائيلية
وفي وقت سابق من الجمعة، أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، أن تركيا لا تريد أي مواجهة مع إسرائيل في سوريا.
واعتبر فيدان في مقابلة مع وكالة "رويترز"، أن تصرفات إسرائيل في سوريا تمهد الطريق لعدم استقرار المنطقة في المستقبل.
من جانبه، صرح مسؤول إسرائيلي كبير، بأن إسرائيل لا تسعى إلى صراع مع تركيا في سوريا.
وقال المسؤول للصحفيين، وفق ما ذكرت وكالة رويترز: "لا نسعى إلى صراع مع تركيا، ونأمل ألا تسعى تركيا إلى صراع معنا"، مضيفا: "لكننا لا نريد أيضا أن نرى تركيا تتمركز على حدودنا، وجميع السبل موجودة للتعامل مع هذا الأمر".
“>
وجاءت الضربات الإسرائيلية، ومن بينها قصف مكثف مساء الأربعاء، على المواقع الثلاثة التي تفقدتها تركيا، على الرغم من جهود أنقرة لطمأنة واشنطن بأن زيادة وجودها العسكري في سوريا لا يستهدف تهديد إسرائيل.
ويشير هذا القصف إلى احتمال نشوب صراع بين جيشين إقليميين قويين بشأن سوريا.
وتستعد أنقرة، وهي داعم قديم لقوات المعارضة ضد الأسد، للعب دور رئيسي في سوريا بعد إعادة تشكيلها، بما في ذلك اتفاق دفاع مشترك محتمل قد يشهد إقامة قواعد تركية جديدة في وسط سوريا واستخدام المجال الجوي للبلاد.
زيارة تركية للقواعد السورية
وقال مسؤول مخابراتي إقليمي ومصدران عسكريان سوريان ومصدر سوري آخر مطلع على الأمر إنه في إطار التحضيرات، زارت فرق عسكرية تركية في الأسابيع القليلة الماضية قاعدة تي4 وقاعدة تدمر الجويتين بمحافظة حمص السورية والمطار الرئيسي في محافظة حماة.
وتحدثت المصادر شريطة عدم الكشف عن هوياتها لتناقش هذه الزيارات التي لم يعلن عنها من قبل.
وقال مسؤول المخابرات الإقليمي إن الفرق التركية قيمت حالة مدارج الطائرات وحظائرها وغيرها من البنى التحتية في القاعدتين.