تشهد محال الحلويات في لبنان تراجعاً في نسبة مبيعاتها خلال شهر رمضان في ظل انتشار جائحة «كورونا» من ناحية؛ وهبوط سعر صرف الليرة أمام الدولار من ناحية ثانية. وأسهم «التباعد الاجتماعي»، الذي يطبقه اللبنانيون بوصفه أحد سبل الوقاية من الإصابة بالوباء وبشكل رئيسي، في تراجع هذه النسبة. فالدعوات إلى موائد الإفطار والسحور التي كانوا يتبادلونها في الماضي شبه غائبة في زمن «كوفيد19». وبالتالي، فإن توجه اللبناني إلى محل لبيع الحلويات وشراء هدية يحملها معه إلى بيت مستضيفه أصبح نادراً. ودفع بالتالي ارتفاع أسعار أصناف حلويات رمضان من قطايف وأصابع زينب ولقمة القاضي والكنافة وغيرها، في المحال الكبرى غير الشعبية، إلى إعادة الحسابات ملياً قبل الإقدام على شرائها.
ويقول أبو هادي، صاحب محال «حلويات كنعان» في صيدا: «لقد تراجعت مبيعاتنا بنسبة 70 في المائة في زمن (كورونا)، وقرار التعبئة العامة المطبق من قبل الدولة اللبنانية». ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «يمكن القول إن طبق الحلويات أصبح اليوم من الكماليات على مائدة الإفطار، بعد أن كان يشكل عنصراً أساسياً لها في الأعوام السابقة. فأهالي صيدا كغيرهم من اللبنانيين باتوا يفضلون تأمين أطباق الطعام أولاً في ظل حالة مادية متردية يعيشونها. كما أن تطبيق المفرد والمجوز على نظام حركة السيارات، أسهم في تخفيف نسبة الناس الذين يقصدوننا بشكل يومي». ويرى أبو هادي أن أسعار الحلويات لم ترتفع بشكل جنوني كما يخيل للبعض، وهي بالكاد زادت مبلغ ألف أو ألفي ليرة كي يستطيع أصحاب هذه المحال تأمين الحد الأدنى من الربح العام.
وفي بيروت يرى الحاج كمال صاحب محلات «الصفصوف» للحلويات أن هذه المهنة في طريقها إلى الزوال، إذا ما بقيت الأحوال المعيشية على حالها. ويعلق في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لم نتوقع يوماً أن نخوض تجربة مماثلة منذ تأسيس محلاتنا في الثلاثينات حتى اليوم. أما نسبة التراجع في مبيعاتنا والتي تجاوزت الـ60 في المائة فلها أسبابها الكثيرة؛ بينها انتشار جائحة (كورونا) التي شلّت جميع القطاعات، وكذلك تدهور الليرة اللبنانية التي أفرزت مجتمعات بيروتية فقيرة بالكاد تستطيع تأمين مأكلها ومشربها».
وترى إحدى المسؤولات عن البيع في محلات «الرشيدي» في بيروت أن الحالة العامة عندها يمكن وصفها بـ«لا بأس». وتضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لا تزال هناك شريحة من اللبنانيين متعلقة بعاداتها وتقاليدها القديمة في الشهر الفضيل. وهي لا تحب أن يغيب طبق الحلويات عن موائدها في ساعات الإفطار والسحور. ولكن بشكل عام يمكن القول إن هناك تراجعاً ملحوظاً نلمسه اليوم مما أحدث فرقاً بين نسبة مبيعاتنا اليوم وفي الماضي القريب».
من ناحية ثانية؛ أسهمت البرامج التلفزيونية الخاصة بتحضير الطعام، في استقطاب عدد كبير من ربّات المنازل في ظل انتشار وباء «كورونا»، فراحت النساء يتنافسن في كيفية صنع أكلات وحلويات ويتفنن في تنفيذها، ومن ثم تقديمها إلى أفراد عائلاتهن فخورات بها. وهو أيضاً ما ترك أثره السلبي على حركة بيع الحلويات الرمضانية بشكل عام. وتشير رلى عقيل: «لم تكن من عاداتي تحضير حلوى القطايف بالجوز والكنافة بالجبن وكلاج رمضان في المنزل، فأنا ربة منزل وموظفة في الوقت نفسه. ولكني حالياً أنكب على تحضير الطعام والحلويات بنفسي بفضل برامج تلفزيونية ومواقع إلكترونية تزودني بأفكار كثيرة في هذا الشأن».
وتقول سوسن البعيني، وهي أم لأربعة أولاد، إنها تتابع من كثب برامج تعلم الطبخ عبر شاشات التلفزة، وتقول: «تحضير أطباق الحلويات صار هوايتي المفضلة في زمن الوباء. فمعها يمضي الوقت بسرعة وأوفر من مصاريفي المنزلية. وبدل أن أشتري كيلوغراماً واحداً من الكنافة بالجبن من محلات الحلوى بما يناهز 40 ألف ليرة، فإنه بإمكاني تحضيرها في البيت بتكلفة لا تزيد على 20 ألف ليرة».