في لحظةِ دهمٍ وَجدنا أنفسَنا نُجري تدقيقًا في الحساباتِ الدجاجية ومدى انتشارِ الفاسدِ منها في الأسواقِ اللبنانية وداخلَ المنازل فأُكلْنا يومَ أُكلَ اللحمُ الأبيض. جريمةٌ أكثرُ مِن موصوفةٍ ابتلعها اللبنانيون أربعَ سنواتٍ متعفنةً سابقة وعلى غَفلةٍ مِن وِزاراتٍ مُختصّةٍ وإدراتٍ معنيةٍ بأمنِ المواطنينَ الغذائيّ بحيث لم يُكشَفْ عن هذهِ الجريمةِ إلا بحاسةِ الشمّ وبعد ما “طلعت ريحتهن” وزارةُ الصّحةِ دهَمَت “عالريحة” بعد تقصّي الجمارك ووِزارةُ الاقتصاد سيّرت أفواجَها لمصادرةِ المنتوجاتِ مِن الأسوق، وتسلّم المحامي العامُّ في جبلِ لبنان طانيوس صغبيني المِلفَّ قضائيًا حيثُ أُوقفَ مديرُ المصنعِ وعددٌ من العمال وأُصدرت بلاغاتُ بحثٍ وتحرٍ بحقِّ صاحبِ الشرِكةِ مِن آل فريحة ويَجري العملُ لسَحبِ الداتا مِن حاسوبِ المؤسسةِ لمعرفةِ الكمياتِ التي بِيعت في السوقِ للاستهلاك ومُهمةُ القضاءِ هذه المرةَ غيرُ قابلةٍ للتمييعِ ودخولِ الحَصاناتِ والحماياتِ لأنّها تحمِلُ عيّناتِها الجنائيةَ بالدجاجِ المشهود وأقصى ما يَنشدُهُ اللبنانيون هو اعتقالُ جميعِ المشاركين وأصحابِ العَلاماتِ التجاريةِ الفاسدة وإجراءُ محاكماتٍ علنية لهم أما القِصاصُ منهم فيكونُ بعدمِ إتلافِ الموادِّ المثلجةِ الفاسدةِ المُخزّنةِ في المستودَعاتِ وبتوفيرَها لتكونَ طعامًا في السِّجنِ للفاعلين كي يتذوّقوا بأنفسِهم ما أذاقوهُ للناس إذا كانوا أبرياءَ فسيظهرُ ذلك على متانةِ صِحتِهم وإذا ثَبَتَ إجرامُهم فإنّ الكلمةَ ستكونُ للأمعاءِ قبلَ القضاء وبرفعِ إشارةٍ على التدقيقِ الغذائيِّ منذ عامِ الفين وستةَ عَشَر كان التدقيقُ الماليّ يتوغّلُ في السنواتِ الى عامِ ثلاثةٍ وتسعين على توقيتِ وصولِ الرئيس رفيق الحريري الى السلطة وقد جاء تقريرُ ديوانِ المحاسبةِ اليومَ قرينةَ إثباتٍ لمستنداتٍ كان قد رفعَها النائب حسن فضل الله قائلاً ذاتَ جلسة “لدينا مستنداتٌ لو جرى الكشفُ عنها لأَودت برؤوسٍ كبيرةٍ من السلطةِ في السِّجنِ وإنّ هذه المستنداتِ والوثائقَ موجودةٌ في وِزارةِ المال” حظِيَ نائبُ حِزبِ الله بتقريرٍ “من عند ألله” تمَّ توزيعُه على النواب وعَثَرَ فيه على رؤوسٍ كبيرة لكنّها لم تَودَعِ السِّجنَ ولا يزالُ بعضُها الى يومِنا هذا يرافعُ بالعِفةِ المالية ويتحدّثُ تقريرُ ديوانِ المحاسبة كما رواهُ فضل الله عن وجودِ نُسختَينِ مختلفتينِ عن حسابَي المُهمةِ لعامِ ستةٍ وتسعين الداخل ُلا يطابقُ الخارج.. أموالٌ ضائعة.. موزاناتٌ بأمِّها وأبيها بلا قَطعِ حساب فوائدُ دينٍ بمعدّلِ ستةَ عَشَرَ في المئة للمصارفِ والدائنين صَرفيّاتٌ بلا رَقابة إنفاقٌ استمرَّ الى آخرِ الحكومات اعتمادُ تجزئةٍ للمشاريعِ مِن دونِ تبرير وفي كلِّ الوزارت وإنفاقٌ كان يؤدّي الى زيادةِ عَجز سُلْفاتُ خزينةٍ بلا قانونٍ ولا انتظام ولم تدخُلْ بمعظمِها ضِمنَ غاياتِها المنشودة والهدفُ كان اخفاءَ المعلومات ِبفوضىْ ماليةٍ منظّمة هو مَسارٌ قال فضل الله إنّه استمرَّ الى اليوم وقد أجرى له نائبُ الوفاءِ للمقاومة عمليةَ قطعِ حسابٍ سياسيةً ماليةً قضائيةً مًعتبراً أنّ هذا لا يسري عليه مرورُ الزمن وأنّ على القضاء ألا يتذرّعَ بعدَ اليومِ بتبريرِ عدمِ المحاسبة لكنّ فضل الله أشار أيضاً الى العقَبةِ التي لا تزالُ ماثلة حيث تُمنعُ المحاكماتُ عن الوزراء بسبب الحصانات وقيودِ قانونِ محاسبةِ الرؤوساءِ والورزاء الذي يقفُ في وجهِ المساءلة وقد رفض مجلسُ النواب تعديلَه وهذه الجريمةُ المتمادية منذ عامِ ثلاثةٍ وتسعين الى تاريخِنا هذا وَجَبَ على القضاءِ الامساكُ بخيوطِها بعد تقريرِ ديوان المحاسبة.. لانه يشكّلُ جرمًا ظَلّ مشهوداً بمعفولٍ رجعي واحتُسبَ على اللبنانيين عهدَ نموٍّ وازدهار سرقونا بلا قطع حساب.. ثم ظهروا من خارج السلطة وداخلها رجال دولة.. منزهين.. اعفاء.. لا بل يطالبون بالحياد.