ذاتَ أربعاءَ رئاسيٍّ يَستبقُ خميسَ التكليف، تقمّصَ رئيسُ الجُمهورية ميشال عون شخصيةَ نجاح واكيم على زمنِ التسعينياتِ العاصفة.. ورمى باثنينِ وعِشرينَ سؤالاً في خِطابٍ واحد: أين التقديماتُ الطِّبيةُ والخُطةُ الاقتصاديةُ ومَن أفشلَها أين بَرنامَجُ الاستمثار والخُططُ الانمائية وأين خُطةُ الكهرَباءِ والسدود وأين سائرُ مشاريعِ الإصلاحِ وهدرِ المال وأين نحنُ مِن هيئةِ الإغاثةِ والمجالس وقبل أن يَلفِظ “الأين الأخيرة” كان اللبنانيون قد وَسمّوا هاشتاغ #اين_الرئيس وفي نُسخةٍ غيرِ معدّلةٍ عن الرئيس المصروف حسان دياب كان عون وعلى وقْع “أنا الشاكي أنا الباكي” يسألُ عن القضاء ويريدُ تحريرَه مِن سَطوةِ النافذين لكنْ من دونِ أن يصارحَ اللبنانيين بأنه هو مَن يحتجزُ التشكيلاتِ القضائيةَ في أدراجِه منذ أكثرَ مِن تسعةِ أشهر.. وبأنّه تخصّصَ بتعيينِ وزراءِ عدْلٍ موالينَ للقصر.. من ألبير سرحان الذي أَحبّ الرئيس و”شهَق بالبكاء” لدى مغادرتِه الوِزارةَ إلى ماري كلود نجم التي تخصّصت ذاتَ جلسة باصول المحاكمات الكهربائية لشؤون سلعاتا أما المتخصّصُ بكلِّ الشؤونِ الفِقْهيةِ والدستوريةِ والسياسية، والعارفُ بخفايا الإنْسِ والجانّ فهو وزيرُ العدلِ الأسبقُ سليم جريصاتي.. مستشارُ القصر وأحدُ بلاّطيه الدائمين.. والذين تُنسَبُ اليهم بياناتُ السقوطِ الدستورية ومن خِطابِ دفنِ الوعودِ التاريخيّ استعاد رئيسُ الجُمهورية عبارة الصحافي كامل جميل مروة الشهيرة وقلب َ موزاينَها بتأكيده أنه قال كلمتَه ولن يمشي بل سيَظلُّ على العهدِ والوعد، غيرَ أنه لم يكن واضحاً ما إذا كان وعدُه وعهدُه ماضيينِ في اتجاهِ استكمالِ المسيرِ الى “جَهنم” أم سيأخذُنا إلى مسالكَ فَرعية وحمّل عون المسؤولين عن الرَّقابةِ والمحاسبةِ البرلمانية وتاليًا الشعبَ اللبنانيَّ همومَ المستقبلِ في تسميةِ سعد الحريري رئيسًا، وقال: “اليومَ مطلوبٌ منّي أن أكلّفَ ثُمّ أن أشاركَ في التأليف فهل يلتزمُ مَن يقعُ عليه وزرُ التكليفِ والتكليفِ معالجةَ مكامنِ الفساد وإطلاقَ ورشةِ الإصلاح مع إشارتِه في الدردشةِ الإعلاميةِ الى أنّه لن يضعَ فيتو على أحد تحدّث عون عن العرقلةِ في الإصلاح وعن المتضرّرين من مشروعِه للتغيير ومَن رَفعوا المتاريسَ في وجهِه ومَن لم يتعاونوا في معرِضِ التدقيقِ الجنائيّ والماليِّ والذين هم شركاءُ حكميون في الهدرِ والفساد واستعاد رئيسُ الجُمهورية لحظةَ وصولِه إلى الحُكم كمَن وَصل للتوّ.. فهو شريكٌ في هذه المنظومةِ الحاكمة منذ خمسةَ عَشَرَ عامًا كسياسيٍّ مضارب.. ومسؤول عن رأسِ السلطة في البلاد كرئيسٍ للجُمهورية منذ أربعِ سنوات غيرَ أنه قرّر أن يكونَ حِصةً من ضِمنِ الحِصص وأن يدخلَ بثِقلِ الرئاسة ليطالبَ له بوزراءَ محسوبين على القصر.. ترك رايةَ الإصلاح وبدأ بتغييرِ النهجِ الذي قاده الى الحُكم.. وشنّ حروبَ إلغاءٍ سياسيةً بعدَ تلك العسكرية.. فذَوّب كلَّ مسيحيٍّ سواه وأبقى على التيار وجبران رأسَ حَربة.. وحتى عندما أبرم تفاهمَ معراب فإنه اقدم بعد سنتينِ على الغائِه وعاد له حنينُ عامِ ثمانية وثمانين لكنه في حروبِ الميثاقيات وجد نفسَه اليوم محكوماً بالمساكنة مع سعد الحريري وبالإكراه.. حيث أبغضُ الحلال: التكليف وعلى دروبِه.. يتسلّلُ ناشطون في التيار إلى قطعِ طريقِ بعبدا غدًا ولكنْ عبرَ دَعَواتٍ تستنسخُ شعاراتِ الثورة فيما سُجلت هذا المساء تظاهراتٌ محدودة باتجاه بيت الوسط: واحدة تعارضُ عودةَ الحريري، والأخرى تؤيّدُ وتحرقُ شعارَ الثورة في وسط بيروت وفي الشارع النقدي فإنّ الدولارَ الأميركي تأثّر نفسياً بتكليفِ الحريري.. وسَجل انخفاضاً ببِضعِ مئات لكنّ الخبراءَ ردّوا ذلكَ إلى عواملَ موقّتة، حيث امتَهن الدولار أيضاً لُعبة “هلا بالخميس”.
كلف الرئيس اللبناني ميشال عون، الخميس 22 أكتوبر/تشرين الأول 2020، زعيم تيار المستقبل سعد الحريري بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، بعد أن حصل الحريري على أصوات كافية في مشاورات برلمانية انطلقت صباح الخميس، وتعد المرة الرابعة التي يرأس فيها الحريري الحكومة.
لكن الزعيم السني سيواجه تحديات كبرى لتجاوز الشقاق في المشهد السياسي اللبناني وتشكيل حكومة جديدة. إذ كانت احتجاجات حاشدة اندلعت في أواخر العام الماضي ضد النخبة الحاكمة قد أطاحت بحكومته الائتلافية، كما أنه لا يحظى بدعم جميع القوى السياسية اللبنانية، خاصة المسيحية.
في المقابل يحظى الحريري -وهو أبرز سياسي سني في لبنان- بتأييد نواب تيار المستقبل الذي ينتمي له وحزب الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، إضافة إلى حزب الله الشيعي، وكتل نيابية أخرى أصغر حجماً.
وعود الحريري: مباشرة بعد تكليفه بتشكيل الحكومة، قال رئيس الوزراء اللبناني المُكلف سعد الحريري إنه سيشكل حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين في أسرع وقت.
كما أوضح الحريري، في مؤتمر عقب تكليفه بتشكيل الحكومة: “سأشكل حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين، وسأنكبّ على تشكيل الحكومة بسرعة لأن الوقت داهم وهذه هي الفرصة الأخيرة”.
أضاف أيضاً أن “الحكومة الجديدة ستكون مهمتها تطبيق الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية الواردة في ورقة المبادرة الفرنسية، التي التزمت الكتل الرئيسية في البرلمان بدعم الحكومة لتطبيقها”.
تحديات كثيرة في انتظار الحريري: سيتعين على أي حكومة جديدة التعامل مع انهيار مالي يزداد سوءاً ومع تفشي فيروس كورونا المستجد وتداعيات الانفجار الهائل الذي شهده مرفأ بيروت في أغسطس/آب وأودى بحياة نحو 200 شخص.
إذ سعت فرنسا في أغسطس/آب إلى دفع السياسيين اللبنانيين لمعالجة الأزمة غير المسبوقة، لكن آمالها خابت بسبب ما بدا أنه افتقار النخبة السياسية لإدراك حساسية الوضع وعدم إحراز تقدم.
فيما قال رئيس الوزراء السابق تمام سلام للصحفيين بعد اجتماعه مع عون إنه يدعم الحريري وإن الحكومة التالية تواجه تحديات.
كما أضاف: “نحن اليوم في إطار متابعة محاولة إنقاذ البلد من الوضع الذي وصل إليه ومن التردي والانهيار الكبير وأمام محاولة جديدة في ظل متابعة ورعاية دولية، خاصة من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمبادرة الفرنسية التي ستحمل الرئيس الحريري مسؤولية كبيرة في مواجهة هذه الاستحقاق وأتمنى من الجميع مساعدته على تشكيل الحكومة بعيداً عن العرقلة والتعطيل”.
كما ظهر الحريري كمرشح لتشكيل حكومة جديدة يمكنها إحياء جهود فرنسا التي وضعت خارطة طريق لتنفيذ إصلاحات، من شأنها أن تفتح الباب أمام عودة المساعدات الخارجية التي يحتاجها لبنان بشدة.
معارضة التيار الوطني الحر: في المقابل، يُعارض التيار الوطني الحر الذي يتزعمه عون تكليف الحريري. ونقلت وسائل إعلام محلية عن عون قوله الأربعاء “خسرتُ سنة و14 يوماً حتى الآن من عهدي بسبب تأليف الحكومات السابقة التي كانت برئاسة الحريري”.
فيما أعلن رئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل بعد لقاء تكتل “لبنان القوي” رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن التكتل لم يسمِّ أحداً لرئاسة الحكومة في إطار الاستشارات النيابية.
قال باسيل من قصر بعبدا: “شاركنا كتكتل دستورياً وميثاقياً في الاستشارات تلبية لدعوة الرئيس، أولاً موقف التيار معروف لأنه مع حكومة إصلاح من اختصاصيين برئيسها ووزرائها وجو المبادرة الفرنسية كذلك”.
كما أضاف أن هذه المرة في الاستشارات أفضت الظروف إلى أن يكون هناك مرشح واحد غير اختصاصي بل سياسي بامتياز لذلك قررنا ألا نسمي أحداً وألا نسميه. موقفنا سياسي بحت وليس شخصياً، وهو نابع من اعتماد معايير واحدة في تأليف أي حكومة”.
بخصوص تكليف الحريري قال باسيل إن هذا التكليف “مشوب بضعف ونقص تمثيلي يتمثل بهزالة الأرقام وغياب الدعم من المكونات المسيحية الكبرى، ومن يحاول التغاضي عنه يحاول إعادتنا إلى الوصاية السورية وهذا لن يحصل”.
لا حكومة قبل الانتخابات الأمريكية.. عراقيل في وجه الحريري
على وقع الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة اللبنانية كان لافتاً ما أعلنه نائب رئيس البنك الدولي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا عن تخصيص البنك مبلغ مليار دولار لدعم الاقتصاد اللبناني المتهاوي، شريطة التزام الحكومة المقبلة بالمعايير الدولية والإسراع بالإصلاحات، لذا فإن مراقبين وصفوا خطوة البنك الدولي في إطار الإشارة الأمريكية، بدعم حكومة الحريري في ظل تفاهم فرنسي – أمريكي على تسهيل مهمة سعد الحريري وإنقاذ المبادرة الفرنسية.
شنَّ رئيس الجمهورية ميشال عون هجوماً على رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، وما أن انتهى رئيس الجمهورية ميشال عون من كلمته التي ألقاها الأربعاء 21 أكتوبر/تشرين الأول، حتى خرج رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ليؤكد أن خيار سعد الحريري هو الأنسب لرئاسة الحكومة في الفترة الحالية، تلاه مباشرة بيان للحزب التقدمي الاشتراكي يؤكد تسمية الحريري في الاستشارات بناء على الاتفاق الذي سبق أن تم بينهما برعاية فرنسية.
لم تمر ساعات حتى استدعى الرئيس اللبناني ميشال عون، سعد الحريري لتكليفه بتشكيل الحكومة، وبعد سجال طويل تمت تسمية الرجل لتكليفه بالمهمة الصعبة، لكن ظروفاً استثنائية في انتظاره.
عراقيل بانتظار الحريري بعد تكليفه بتشكيل الحكومة
تؤكد مصادر مقربة من الحريري أنه سيواجه عقدتين أساسيتين في عملية تشكيل الحكومة، الأولى في عقدة الثنائي الشيعي -حزب الله وحركة أمل- والتي ترتبط بوزارة المال وتسمية الوزراء الشيعة والموقف من برنامج صندوق النقد الدولي، وهي أمور وإن شهدت نقاشاً ما في كواليس مشاورات التكليف، بيد أن أياً منها لم يحسم بعد.
علماً أنه من الأرجح أن يجد الطرفان مخارج مرضية لكلا الطرفين، بعيداً عن الإحراجات ومن دون تجاوز القواعد العامة التي يتمسك بها الرئيس الحريري، وبحسب المصادر فإن الحريري سينهي المشكلة بطلب مجموعة مرشحين اختصاصيين للوزارات الشيعية.
فيما العقدة الثانية -بحسب المصدر- فهي عقدة رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر وهي عقدة تنقسم لشقين:
الأول إصرار عون على المشاركة في تشكيل الحكومة مع الرئيس المكلف، وهذا ما أشار إليه في المؤتمر الصحفي الذي عقده، ويؤكد المصدر أنه ليس من الصعب على المراقبين التنبه إلى خطاب الرئيس عون، فهو رسم خارطة طريق للعلاقة مع الرئيس المكلف دستورياً وسياسياً، لا سيما بعدما خرجت لعبة التكليف من تأثيره، الأمر الذي قد يمهد لاشتباك سياسي حاد في مرحلة التأليف، وفق قاعدة خلط الأوراق.
فيما الشق الثاني، وهو إصرار التيار الوطني الحر على الحصول على وزارات الطاقة والخارجية كحصة مسيحية لأن الثنائي الشيعي استطاع الحفاظ على مكتسبات وزارة المال وتسمية الوزراء الشيعة في الحكومة، ويؤكد المصدر أن دوائر الرئاسة والتيار الوطني الحر تحضر لحملة تحت شعار الحفاظ على الموقع المسيحي والدور المسيحي في البلد والذي سيروج خلال الحملة أن تحالفاً سنياً شيعياً درزياً اتفق على مكتسباته دون المسيحيين.
حزب الله بين التأجيل والترسيم.. إيران في الحسابات
مرَّر حزب الله تكليف الحريري لكنه لن يمرر التشكيلة الحكومية بسهولة، وبحسب مصادر في حزب الله أكدت لـ “عربي بوست” أن المسألة ليست في أنهم متمسكون بالرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة، فهو ليس الأفضل لإدارة شؤون البلد، لكن موقعه اليوم في ظل هذا الجوّ المتأزّم على الصعد كافة، خصوصاً الأزمة الاقتصادية الحانقة تجعله الأكثر حظوظاً لتولّي رئاسة الحكومة.
وأشارت المصادر إلى أن العقدة الاساسية بموضوع الاستحقاق الحكومي ليست عند الثنائي الشيعي. فالرئيس نبيه بري قدّم للرئيس الحريري ما لم يقدمه لأحد، كما أن الحزب كان منفتحاً على كل الحلول، واليوم على الحريري أن يكون على قدر الاختبار الصعب.
وأضاف أن قيادة الحزب تواصلت مع رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل من أجل البحث في موضوع الاستحقاق الحكومي، غير أنه مصرّ على موقفه بعدم تسمية الرئيس الحريري، وتؤكد المصادر أن موقف الحزب من عدم تسمية الرئيس الحريري يأتي انطلاقاً من تماهي الحزب مع حليفه الوزير جبران باسيل ومنعاً لأي استغلال في بث روح الخلاف بين الجانبين.
لا حكومة قبل الانتخابات الأمريكية
حزب الله من جهته، وعلى الرغم من السير مع باسيل بعدم تسمية الحريري، استطاع تحشيد أصوات كتل نيابية موالية له لتسمية الرجل، كتيار المردة والحزب السوري القومي الاجتماعي والكتلة الأرمنية، بالإضافة للنواب جهاد الصمد ونهاد المشنوق وميشال ضاهر، ما حقق للحريري مجموعة أصوات تكفيه عن كتلة حزب الله.
يؤكد مصدر دبلوماسي أن حزب الله مرَّر الإستشارات وقبِل بتكليف الحريري برئاسة الحكومة، لكن الحزب لن يمرر تشكيل الحكومة قبيل انتهاء الاستحقاق الرئاسي الأمريكي ليبني على الشيء مقتضاه، حيث يفضِّل الإيرانيون أن ينتظروا بضعة أيام إضافية، أي حتى 3 نوفمبر/تشرين الثاني على الأقل، ليعرفوا مع مَن سيتعاطون في البيت الأبيض، بدءاً من يناير/كانون الثاني 2021، بايدن أم ترامب. وفي تقديرهم أنّ هناك مجالاً لاستعادة مرحلة أوباما في الشرق الأوسط.
ويؤكد أن أي حكومة مقبلة ستكون مرتبطة بمفاوضات ترسيم الحدود في الجنوب اللبناني بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، وسط إشارات تفيد بأن هذه المفاوضات ستكون أسرع مما يعتقد البعض. وأن المسؤولين الأمريكيين يؤكدون في كل لقاءاتهم وجوب تحقيق إنجازات سريعة في عملية الترسيم، على ألا تتجاوز الأسابيع القليلة، لذا فإن حزب الله حريص على فهم المرحلة القادمة قبيل تشكيل أي حكومة في لبنان.
الحكومة القادمة قد تكون مضطرة إلى حسم كثير من المسائل التي يعتبرها حزب الله أكثر من مصيرية بالنسبة إليه.
طوني عيسى- محلل سياسي
أبرزها مفاوضات ترسيم الحدود وهواجس تسييسها لتصل لمرحلة تطبيع لبناني مع اسرائيل بالإضافة لملف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وهواجس الدخول تحت الوصاية الأمريكية، الثمن السياسي المطلوب لاستثمار الغاز في المساحة اللبنانية وأسعار معالجة الانهيار وتحريك المساعدات الخارجية، وإعادة هيكلة القطاعين المالي والمصرفي، وانهيار طاقم السلطة واحتمال نشوء طاقم جديد، والضغط الدولي لتنفيذ القرارات الدولية الخاصة بفرض سلطة الدولة، وغير ذلك. إذاً وبحسب عيسى، فإن حزب الله سيتجنَّب أن ينزلق تدريجياً ليفقد فيها زمام المبادرة، مهما كلَّفه ذلك.
ولذلك، سيمسك بالعصا من منتصفها حسان دياب: يُصرِّف الأعمال، والحريري يُكلَّف ولا يؤلِّف. وبعد 3 نوفمبر/تشرين الثاني، قد يُحسَم الاتجاه وقد يطول الانتظار أكثر ولتمضية الوقت، يتصارع الجميع مع الجميع ويملأون الفراغ.
مصدر دبلوماسي فرنسي لـ”عربي بوست”: مستمرون في المبادرة بالتنسيق مع واشنطن
يقول مصدر دبلوماسي فرنسي لـ”عربي بوست” إن باريس ستستمرّ في مبادرتها وستقوم بالضغط على المسؤولين اللبنانيين لتشكيل الحكومة القادمة بسرعة قصوى لتنفيذ أجندة الخطة الفرنسية، وإن الإدارة الفرنسية -بحسب المصدر- لن تتخلّى عن الضغط وتتراجع عن مبادرتها لإنقاذ لبنان، والحلّ الوحيد هو أن تشكّل الحكومة وتتوقف العرقلات والمماطلة، لأن لبنان لم يعد يحتمل ذلك.
يشدد المصدر على أن فرنسا لن تقوم بالدعوة لمؤتمر مساعدة لبنان وتقوم بحشد المجتمع الدولي لمساعدة لبنان إلا بعد تشكيل حكومةٍ تظهر جديّتها في الإصلاحات وإعادة بناء بيروت أولاً وفوراً دون عرقلة.
يؤكد المصدر أنه وفي حال تم تكليف الرئيس سعد الحريري وتمكن من تشكيل حكومة لتقوم بمهمة الإصلاحات، فهذا مرحب به وترغب به باريس بشكل سريع.
ويرى المصدر أن الصراعات والمنافسة على الحصص بين القوى السياسية اللبنانية تزيد البلد تدهوراً ومعاناة وتزداد معها آلام الشعب اللبناني، وعلى المسؤولين عدم العرقلة من أجل عدم ضياع الوقت، والتمكن من إنقاذ لبنان، وفرنسا لن توقف الضغط بهذا الاتجاه من أجل الشعب اللبناني.
وبحسب المصدر، فإن باريس وواشنطن متفقتان على مساعدة لبنان وعدم السماح بانهياره لصالح قوى تود ذلك لتحصيل مكاسبها في الساحة اللبنانية، لذا فإن الجانبين على تنسيق مستمر لإنجاز المهمة، لكن المصدر لا ينفي إصرار فريق لبناني على تأجيل ولادة الحكومة إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية حتى يتبين من سيكون ساكن البيت الأبيض وسياساته تجاه المنطقة.
قادة الطوائف اللبنانية أثبتوا أنهم أقوى من الحراك، والمتظاهرون الذين توعدوا بإسقاطهم قبل عام لم يعد أمامهم سوى خيار مر
- ترجمة
لو لم تقرر رولا ستيفان في اللحظة الأخيرة أن تصطحب أطفالها إلى الكنيسة مساء الثلاثاء، الرابع من أغسطس/آب، ربما كانت قد ماتت هي وأولادها، إذ تمثل قصتها نموذجاً للمأساة التي يعيشها لبنان بعد عام من انطلاق الحراك المطالب بالتغيير.
لم يبق في المنزل إلا زوجها، الذي نجا بأعجوبة لأنه صعد إلى سطح المبنى ليشاهد الحريق الذي خيم على ميناء بيروت على بعد مئاتٍ من الأمتار فقط أمام المنزل، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Independent البريطانية.
قالت رولا، أمٌّ لخمسة أطفال وناشطة سياسية، إنها “لمعجزة” أن موجة التضاغط المدمرة أطاحت بزوجها إلى الخلف بعرض المبنى، وإلا لسقط من فوق السطح ولقي حتفه.
تكمل رولا، البالغة من العمر 48 عاماً، متحدثة عبر الهاتف إلى صحيفة الإندبندنت البريطانية من اليونان حيث تقيم حالياً: “فقدنا منزلنا وأغراضنا وكل مكاتبنا. كلها كانت تواجه الميناء مباشرة. ووجدت أن الوضع خطر على أطفالي. لا أريدهم أن يعيشوا هكذا. فقدت الأمل وتحتم علي المغادرة”.
وتضيف رولا: “لقد غادرت لبنان لأنني لم أعد أؤمن به”.
لبنان بعد عام من انطلاق الحراك يتحول إلى جحيم
مثل كثيرين في لبنان، غادرت رولا ستيفان البلد بعد الانفجار لتبني لها حياة جديدة في مكانٍ آخر.
لكن مشاعرها قبل عام كانت مختلفة تماماً، مثل عددٍ لا يحصى من سكان لبنان.
كانت رولا في طليعة المحتجين في الانتفاضة اللبنانية التي اندلعت في 17 أكتوبر/تشرين الأول تزامناً مع انهيار اقتصاد البلاد، الذي أنهكته عقود من الفساد وسوء الإدارة.
لأسابيع، نزل عشرات الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع في أنحاء لبنان للمطالبة بتغيير الطبقة الحاكمة.
الربيع اللبناني
وسرعان ما سميت هذه التظاهرات بثورة الربيع العربي اللبناني، ومع تصاعد حدة التظاهرات، استقال رئيس الوزراء سعد الحريري. وتعهدت النخب بإحداث تغيير حقيقي، وماجت الشوارع بالتوقعات والإمكانات.
وقالت رولا، التي أخذت أطفالها إلى هذه التظاهرات “المبهجة”، قالت إن الجميع آمنوا حينها أنها نقطة تحول في لبنان.
وأضافت: “لم يتحدث أحد عن الدين أو الطوائف أو الطبقات. كنا يداً واحدة. لقد كان أمراً جميلًا لدرجة لا توصف”.
لكن بعد 12 شهراً، بعد انهيار الاقتصاد وانفجار الرابع من أغسطس/آب، غادر العديد من المتظاهرين أو يسعون الآن إلى مغادرة لبنان. وادخر البعض الآخر وباعوا ممتلكاتهم لتسفير أولادهم إلى الخارج. أما من لا يملكون ما يلزم للمغادرة، فيشعرون بيأسٍ قاهر.
المتظاهرون فقدوا الأمل ويفضلون الهجرة
لذا انحسرت المسيرات، مع أن الأوضاع تزداد سوءاً. وخرجت دعوات لتظاهرات يوم السبت، 17 أكتوبر/تشرين الأول، بمناسبة مرور عامٍ على انتفاضة أكتوبر، تنتهي بوقفة لتكريم ضحايا ميناء بيروت. لكن القليل يؤمنون بأن هذه التظاهرات قد تحدث أي تغيير حقيقي.
تقول رولا حلبي، ناشطة بارزة أخرى فقدت ثلاثة من أصدقائها وتحطمت مكاتب شركتها في الانفجار: “الناس الآن قلقون بشأن إطعام أطفالهم. لن ينزلوا إلى الشوارع وهم يقاتلون من أجل الحفاظ على حيواتهم”.
وتقول رولا حلبي إن 80% من أصدقائها الذين نجوا من الانفجار غادروا البلاد. وكل من تبقى حاول إخراج أطفاله منها.
والطبقات الأفقر معدمة، والطبقة الوسطى تختفي ببطء، وفقاً لرولا حلبي. وتكمل من حطام مكاتب شركتها: “هذان هما الطبقتان الوحيدتان المتبقيتان: العالقون في بئر بلا قرار، ومن يقودون البلاد وينهبونها. نحن نختنق من كل الجوانب، والجميع يغادرون البلاد”.
تلقت السلطات اللوم بسبب انفجار 4 أغسطس/آب، الذي قتل أكثر من مئتي شخصٍ وجرح نحو 7 آلاف آخرين. وكان الرئيس ورئيس الوزراء ومجلس الوزراء على علمٍ بالمواد المتفجرة سيئة التخزين في ميناء بيروت، ولم يفعلوا شيئاً حيال ذلك.
تُلام الحكومة أيضاً بسبب الاقتصاد المنهار. فمنذ بداية العام انخفض سعر الليرة اللبنانية بنسبة 80%، في حين تضاعفت أسعار السلع الأساسية.
يعيش 60% من أهل لبنان الآن تحت خط الفقر، وفقاً للسلطات، بالمقارنة بالوضع قبل الانتفاضة حين كان ثلث السكان تحت خط الفقر.
وحذر الخبراء من ارتفاع معدلات التضخم في الشتاء القادم مع تعهد الحكومة بخفض الدعم على السلع الأساسية مثل الأدوية والوقود والخبز والكهرباء، في خطوةٍ قد تؤدي إلى زيادة الأسعار إلى أربعة أضعاف المستويات الحالية.
لكن لم يتم تنفيذ أي إصلاحات جادة، والسبب الأكبر في ذلك هو الأزمة السياسية في البلاد.
وقد أشعل الغياب الصادم لأي استجابة من السلطات بعد الانفجار موجة جديدة من التظاهرات في أغسطس/آب، أدى في النهاية إلى استقالة الحكومة بأكملها.
واختير مصطفى أديب رئيساً للوزراء، لكنه استقال في سبتمبر/أيلول قبل تنصيبه.
وتأجلت آخر محاولة لعقد نقاشات لاختيار رئيس وزراء آخر مرة أخرى يوم الأربعاء. والمرشح الأرجح لرئاسة الوزراء حتى الآن هو سعد الحريري.
وتقول ماريانا وهبة، مستشارة العلاقات العامة التي تحدثت إلى صحيفة الإندبندنت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حين كانت تتظاهر كل يوم: “لقد أخذوا كرامتنا وأموالنا ومنزلنا. إنها أزمة تفوق الخيال”.
مثل رولا حلبي، تركز وهبة هذه الأيام على مبادرة لمساعدة الناس بعد الانفجار. وقد أسست مبادرة “باب وشباك” التي أصلحت أكثر من 265 منزلاً متضرراً بالمجان، وتعمل على إصلاح 22 منزلٍ آخر. في حين لم تصلح الحكومة منزلاً واحداً.
وتكمل ماريانا قائلة: “في الرابع من أغسطس/آب كنا في منازلنا ومكاتبنا وفي المقاهي مع أطفالنا، وفي غضونٍ ثوانٍ كنا نسير في الشوارع على الجثث والزجاج المتناثر والدماء”، ووصفت الحياة في لبنان بأنها “جحيمنا”.
“كان السابع عشر من أكتوبر/تشرين الأول الأمل، كان الثورة والغضب لكن في أكثره كان الأمل. أما الآن، نشعر بأنه لا أمل”.
جعنا وانتحرنا وما زالت العصابة حاكمة.. ماذا جنى اللبنانيون بعد عام على ثورة تشرين؟
“الثورة سرقها الزعران”، “إنه الحلم الذي لم يتحقق”، “ضاع وطني هاجر الشباب وبقي اللصوص”، “ثورتنا مكملين”، “ليش فشلت الثورة”.. بهذه العبارات وأكثر كتب اللبنانيون عن ذكرى ثورة 17 تشرين على وسائل التواصل الاجتماعي، هي الذكرى التي لم يأبَ اللبنانيون أن تمر مرور الكرام مهما أصمت الحكومة آذانها، وتغافلت عن مطالب شعبها ودم الشهداء.
ليلة 17 تشرين 2019 لم تكن ليلة عادية بل مهرجاناً شعبياً مليئاً بالفرح والأمل، مهرجان كسرت فيه أصفاد الخوف، نزل غالبية الشعب الصامت المغلوب، وصدحت الحناجر بالكلمة الشهيرة: “كلن يعني كلن”، أمام ذهول العالم أجمع.
الجميع يعرف أن رموز النظام الفاسد بأموالهم ومافياتهم كانوا يرتعدون رعباً داخل قصورهم المشيدة وقلوبهم تكاد تخرج من صدورهم، فهم أمام لحظات حرجة إما أن تكتب نهايتهم المأساوية أو ولادة جديدة صلبة، لكنهم أحكموا قبضتهم، وأخرجوا أوراق لعبهم الماكرة، فمرة لعبوا على ورقة الطائفية، ومرة على ورقة الجيش والشعب، ومرة تراشق الاتهامات، ومرة نظرية المؤامرة العالمية، وضعوا السمّ في الإعلام ثم بدأوا في حملات الاعتقال والضرب والقتل.
ورغم صغر حجم لبنان فإنه يحظى بنظام سياسي متشابك معقد متجذر في الدولة حتى الصميم الأقوى والأذكى، فهو مرتبط بالطائفية، ولا يوجد رجل واحد في الواجهة ولا يوجد فاسد واحد ولا اثنان ولا ثلاثة بل عصابة! عصابة سلبت البلد أمواله وثرواته، بل أحلام شبابه أيضاً! وخلفته شبه بلد، شبه وطن، ما عاد بوطن بل خرابة يتلاعبون بها وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة.
لست هنا من أجل نعي الثورة وإعلان الحداد، ولا حتى لإعلان انتصار كاذب، لكن لأجل النظر بواقعية وتحليل الأحداث والتمحيص، فهناك الكثير من الثغرات والكثير من النضال، لكن الأمل دائماً موجود، وهو حاضر ما دامت هناك روح وحياة.
لعل انهيار الوضع الاقتصادي وتفاقم أزمة الدولار وإصابة لبنان بفيروس كورونا وتداعيات الحجر والغلاء.. كلها عوامل عملت ضد الثورة، فبات الشعب تماماً كمن يحارب بصدر عارٍ، لقد فقد الكثير من اللبنانيين أرزاقهم نتيجة الأزمة الاقتصادية، وانخفضت قيمة المرتبات حتى باتت لا تصل إلى حافة المئة دولار، وازداد الخناق على اللبنانيين الذين تراكضوا خلف أرزاقهم ومعيشتهم وبقي الزعيم مع حاشيته في قصره مبتسماً ضاحكاً.
لقد عرَّتِ الثورة الوضعَ اللبناني على حقيقته، كسرت هيبة رموز الفساد لا بل أهانتهم وطالتهم الشتائم حتى وصلت فضيحتهم إلى الخارج، لقد عرف العالم كله حقيقتهم، وخسروا احترامهم أمام الصحافة العالمية وشعوب العالم. الحقيقة أنهم مجرمون فاسدون، وستظل مزابل التاريخ مأواهم على عدد اللعنات التي تطالهم يومياً.
لقد كشفت الثورة عن لبنان واللبنانيين أيضاً، فسويسرا الشرق تفوح منها رائحة الفقر ويلفها العنف ويغمرها الفساد، فاللبناني يذوق الأمرَّين ليجد لابنه مقعداً في المدرسة، ويموت الكثير من المرضى على أبواب المستشفيات. واللبنانية تُعنف وتُسلب حقوقها في المحاكم أمام سلطة الرجل، والشاب يترك والداه عند الكبر ليبني مستقبلاً في الخارج، مظاهر الترف والرفاهية والحرية الكاذبة التي ظهرت على اللبناني طوال عقود أسقطتها الثورة أيضاً، خاصة عندما شاهد العالم الثلاجات الفارغة على وسائل التواصل، وعندما ارتفعت نسبة الانتحار نتيجة الديون والعوز، فأين ذهب الفرح يا لبنان؟
مرحباً بكم في عالم الواقع، إنه العالم البعيد عن مستحضرات التجميل وتصفيفات الشعر وبرامج الغناء والصور، إنها الحقيقة داخل الأزقة هناك في حي التنك في طرابلس، في شوارع بيروت التي تغمرها النفايات والمدن القديمة المتعبة، حيث العائلات تفترش الأرصفة وتسكن تحت الجسور، هناك تحديداً طفل يبكي وامرأة تبحث عن طعام لا عن عطور أو منتجات تجميلية فاخرة. تتزايد الجريمة يومياً حتى حدث ما هو أنكى وأمرّ انفجار بيروت الذي قضى على آخر جميل في هذا البلد المتعب.
اليوم بعد مرور عام على الثورة لم ترحل رموز النظام بل ازدادت صلابة حتى أمام العقوبات الخارجية والمبادرات التي لاحقت انفجار بيروت، لكن في المقابل هناك في صالات المطار ألف دمعة وداع يومية، وعناق طويل يكاد لا ينتهي، لكنه انتهى مع آخر جثة شاب سقط في انفجار بيروت. مئات الشباب المغادرين وآلاف طلبات الهجرة في أدراج السفارات تنتظر الدراسة، ومن تقطعت بهم السبل يلجؤون إلى البحر.. البحر الذي يلاقي تعساء الحظ من المهاجرين منذ قرون طويلة.
عنوان المرحلة الحالية هو الهجرة، الرحيل بعيداً عن ملوثات هذا البلد البائس فلا النفس ولا القلب ولا حتى الروح تجد ضالتها. لقد توقفت الأرض عن الدوران تحديداً في لبنان، فعجلة الحياة قد أثقلت أحمالها على بقعة جغرافية تسمى لبنان، الذي لم يعد يحتمل الصراع، لذلك سيهاجر اللبناني بكل ما استطاع من قوة علَّه يجد وطناً بديلاً.
يستيقظ اللبناني يومياً ليعد نفسه لمفاجأة متوقعة، حدث أو حتى كارثة، ربما في الطريق أو العمل أو حتى في السوبر ماركت أو الصيدلية، فالفساد لم يقتصر على الطبقة الحاكمة بل كل مَن سوَّلت له نفسه أن يسرق وكانت الفرصة أمامه سيسرق، ويحتكر، ويستغل الظروف الصعبة، فتجار الأغذية لم يرحموا الشعب فارتفعت الأسعار، وغابت اللحوم عن أطباق اللبنانيين وحتى الخضار بات ثقيلاً على جيوبهم، وللدواء حكاية أخرى يرويها أصحاب الأمراض المزمنة، فما عادوا يجدون أدويتهم في الصيدليات كأدوية السكري والضغط والقلب ولا أحد يعلم السبب.
أهلاً وسهلاً بكم في غابة الوحوش، القوي يأكل الضعيف، وطالما السرقة مباحة فلنسرق جميعاً، طالما أن هناك سارقاً كبيراً يحمي أتباعه من السارقين الصغار.
الحالة المأساوية التي وصل لها لبنان بعد مرور سنة على الثورة تدعي التفكير في أنفسنا وفي سلوكياتنا وحياتنا، فحالة الخوف والهلع من انقطاع السلع والدواء أدت إلى سلوكيات لا أخلاقية ولا إنسانية كشراء كل المخزون أو الشجار وحتى لجوء البعض إلى السرقة، فإلى متى سيصمد لبنان على هذا الحال؟ ومتى سنرتقي بالوطن؟
“لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”، فقبل تغيير الزعيم والقائد والرئيس علينا أن ننظر إلى أنفسنا ونقوّم أخطاءنا، ونرتقي بتفكيرنا، نتقبل الآخر ونربط على أنفسنا وقت الأزمات ونتحد.
لعل الثورة لم تنتهِ بعد، لعلها ضاعت خلف دهاليز المؤامرات الخارجية والعصابات الداخلية ولعل جائحة كورونا وما تلاها من أزمات أعاقت الثورة قليلاً لكنها بالطبع لن تنتهي ولن تموت بل ستعود يوماً ما إلى الواجهة.. فلا كتب الاجتماع ولا السياسة والفلسفة تفقه أدب الثورات بقدرنا نحن الشعوب المظلومة! فنحن مَن نضع قواعد الثورة وتعريفها وأنواعها، ونحن سنجدها ونرفع شعارها قريباً. طالما لم ينتهِ الظلم والقهر في هذا الوطن.