كتاب وآراء

سمير عطا الله :الليل والبركان

  إحدى ليالي الأسبوع الماضي، دخلت إلى غرفة النوم والريح تصرّ صرّاً. وتطلّعت من النافذة فوجدتها تطوي الأشجار كمن يلوي عنق ذبيحة. حاولت النوم لكنني أمضيت الليل صاحياً صاغياً إلى ليلة عاصفة لم أعرف مثلها في حياتي، صاغراً أمام فورة هذا البركان من المطر والرياح والأشجار الملتوية إلى نصفها. صباح اليوم التالي، أفقنا على لبنان وهو في الصحو. البحر أزرق صافٍ مثل السماء المعكوسة على مرآته، والأشجار باسقة ومشرئبة. حمدت

سمير عطا الله :مراسلات على الجبهة

| مقال رأي من الممكن أن تضعهُنَّ جميعاً من الجنسية من فئة جنسية واحدة: سيدات. وفي فئة مهنية واحدة: مراسلات. وفي هوية واحدة: عربيات. وفي مهمة واحدة، تغطية حروب العرب. كتاب «نساؤنا في الميدان» الصادر عن «بنغوين» في لندن، قدمت له أشهر مراسلة في العالم اليوم، كريستيان أمانبور، وأشرفت على جمعه زهرة حنكير. عشرون مراسلة عربية يستعدن تجاربهن في أحزان ومآسي العرب، عبر الحروب والقلاقل التي قمن بتغطيتها خلال 20

سمير عطا الله :أسماء بلا شبه

ذات مرة كتبت سيدة صحافية أنها في بداياتها حملت مقالاً إلى أنيس منصور لكي ينشره، وفوجئت في اليوم التالي بأنه نشره باسمه. ومرة أخرى قرأت الرواية نفسها ولكن بقلم صحافي ذكر. ولا أعرف إن كان أنيس قد قرأ يومها ما كتباه لكنه لم ينفهما ولا اهتزت أعصابه. تولّت الأيام ذلك عنه. ظل كاتباً يكبر كل يوم وظلّ الزاعمون يصغرون. وبقي هو أنيس منصور ولم نعثر في الصحافة العربية على أنيس

سمير عطا الله:لماذا تتهم إيران الكويت

  لم تمارس دولة في العالم دبلوماسية المداراة كما فعلت الكويت. كانت أول دولة تولد وتستقل في الخليج وأول دولة خليجية يتدفّق فيها النفط وتنفتح عليها عيون الشرق والغرب وخصوصاً عيون الأشقاء العرب الذين إما بلا نفطٍ على الإطلاق وإما مضاعفة ما لديهم من ثروات. وإضافة إلى العرب كانت قبالتها إيران التي تدّعي كل الخليج بما فيه من نفطٍ وسيادة وعروبة. تصرّف الكويتيون على أن الجغرافيا قدرٌ لا بدّ من

سمير عطا الله:الثلث السحري

الجمعة – 29 جمادى الأولى 1441 هـ – 24 يناير 2020 سمير عطا الله كاتب وصحافيّ لبناني، عمل في كل من صحيفة النهار ومجلتي الاسبوع العربي والصياد اللبنانية وصحيفة الأنباء الكويتية. عندما انفجرت «حرب الرفاق» في اليمن الجنوبي، لم يكن في إمكانك كصحافي أن تكتب عن باريس وعدن تحترق. ولم أكن أريد الكتابة في الموضوع لأن لي عدداً من الأصدقاء بين المتقاتلين. هكذا كتبت عن تجربة الشاعر الفرنسي رامبو في

سمير عطا الله :الشرطي الشاعر

  ذهبتُ إلى فرع المصرف الذي نتعامل معه منذ ثلاثين عاماً، فوجدت للمرة الأولى شرطياً يجلس على كرسي أمام المدخل. ووقف مرحباً قبل أن أقول له ممازحاً: أين هو مكان الاعتصام عندكم؟ فأجاب، ضاحكاً أيضاً: عندنا ليس مسموحاً للكتّاب بالاعتصام. اعتقدت أنه يعرفني من قراءة المقال الأسبوعي في «النهار». لكنه سارع إلى القول إنه يقرأ «الشرق الأوسط» كل يوم. دخلت المصرف، ثم خرجت، لكي أحيي الشرطي القارئ. لكنه أضاف بدماثة

عبد الرحمن الراشد :ليبيا والمواجهة المصرية ـ التركية

  لأنَّ الأتراك على وشك أن يخسروا الحرب في ليبيا، ذهبوا إلى برلين، ساحة الحرب الأخيرة، نتيجة استيلاء الجيش على مدينة سرت قبل أسبوعين ومحاصرته طرابلس. هناك تفاوض المنتصرون والخاسرون، آملين أن تدفع الواقعية الجميع إلى التوصل الى اتفاق ينهي سنوات العنف. الاتفاق تم توقيعه من الأطراف المعنية، ورعته الأمم المتحدة، لكن الأرجح أن يعود كل فريق للاقتتال على الأميال الأخيرة. للحرب مراحل مؤلمة في ليبيا، و2015 كانت السنة التي

سمير عطا الله:الاسم الشعري للكتابة

  سمعتُ، أدام الله السامعين، أديباً عربياً حداثياً يتحدّث عن تجربته الحديثة في عالم النثر والشعر. ويبدو، كما فهمت من شرحه المتميز لتجربة متفرّدة عن سائر الإبداعات، أنه لا يجلس ليكتب إلا إذا كانت نفسه الأبية في حالة «جياشان». ويعبر عنها بالعامية بالقول «شياشان»، كما في قول زياد رحباني شاكياً عن شعور بالكتابة «نفسي شايشة». وعندما يسأله رفيقه ماذا يعني يقول: «يا خيي ما بعرف. بس شايشة». تساءلت ما إذا

سمير عطا الله:لأنَّها واقفة

الاثنين – 25 جمادى الأولى 1441 هـ – 20 يناير 2020 كاتب وصحافيّ لبناني، عمل في كل من صحيفة النهار ومجلتي الاسبوع العربي والصياد اللبنانية وصحيفة الأنباء الكويتية. كان الزميل عادل مالك، أول من جمع بين الصحافة المكتوبة والصحافة التلفزيونية، في لبنان. وكان متقدماً متميزاً، في كلتيهما. كما كان متقدماً في السمعة المهنية الأخلاقية. وفيما انصرف في الجزء المكتوب إلى المقال السياسي، كان يقدّم الأخبار المسائية في التلفزيون، ويعدُّ كلَّ

سمير عطا الله:الرحلة الهولندية

لا أعرف عدد الرحّالة الذين جاءوا إلى الشرق والجزيرة أو إلى المغرب الذين عرفوه باسم أفريقيا الشمالية. لكنّه بالتأكيد عددٌ كبيرٌ جداً. وما أنا متأكدٌ منه أنّ الأكثرية الساحقة من تلك الرحلات تشكّل وصفاً اجتماعياً وجغرافياً وسياسياً بالغ الأهمية لأنحاء الأمّة العربيّة. وبحكم الواقع السياسي والظروف الإمبراطورية، فقد كان معظم أولئك الرحّالة من البريطانيين والفرنسيين، لأن الدولة كانت تموّل رحلاتهم وتمدهم بما يحتاجونه من تكاليف ومن مساعدين. وبين حينٍ وآخر