قبل نحو 113 عاما، وتحديداً في 30 يونيو (حزيران) من عام 1908، اخترق نيزك يبلغ ارتفاعه نحو 60 متراً الغلاف الجوي للأرض فوق شرق منطقة سيبيريا تايغا، بالقرب من نهر تونغوسكا في روسيا، مخلفا انفجارا طاقته تزيد بمقدار ألف مرة عن طاقة قنبلة هيروشيما الذرية.
وبينما كان هذا الانفجار الذي بلغت قوته 12 ميغا طن، يوصف بأنه الأضخم الذي شهدته الأرض، يزعم باحثون من جامعة كاليفورنيا الأميركية، في دراسة نشرت أول من أمس في دورية «ساينتفيك ريبورتيز»، أن انفجارا أقوى حدث (قبل حوالي 3600 سنة أو حوالي 1650 قبل الميلاد)، شهدته «تل الحمام»، وهي مدينة من العصر البرونزي الأوسط في جنوب وادي الأردن شمال شرقي البحر الميت. وتوصل الباحثون لهذه النتيجة بعد أن وجدوا في طبقة العصر البرونزي بالمدينة مواد غير عادية للغاية، جذبت الاهتمام.
بالإضافة إلى الحطام الذي يتوقعه المرء من الدمار بسبب الحروب والزلازل، وجدوا شظايا فخارية ذات أسطح خارجية مذابة في الزجاج، وطوب طيني «فقاعات» ومواد بناء ذائبة جزئياً، وكلها مؤشرات على حدوث ارتفاع غير طبيعي في درجات الحرارة، وأكثر سخونة بكثير من أي شيء آخر، يمكن أن تتيحه الأدوات المتوفرة في ذلك الوقت.
وسبق لجيمس كينيت، الأستاذ الفخري لعلوم الأرض في جامعة كاليفورنيا الأميركية، والذي قاد الدراسة الأخيرة، أن تمكن من وضع تفاصيل قصة انفجار جوي كوني آخر أقدم حدث منذ أكثر من 12 ألف عام، وتسبب في احتراق واسع النطاق وتغيرات مناخية وانقراض للحيوانات، وهو ما ساعده على تخيل ما حدث في تل الحمام.
ويقول «لقد رأينا دليلاً على درجات حرارة أعلى من 2000 درجة مئوية، حيث بدت المواد المتفحمة والمذابة في تل الحمام مألوفة، وانضم إلينا مجموعة من الباحثين، لكتابة وصف أكثر تفصيلا لما حدث في هذه المدينة منذ 3650 عاماً».
وعثر كينيت ورفاقه، على دليل إضافي على الانفجار الجوي من خلال إجراء العديد من أنواع التحليلات المختلفة على التربة والرواسب، حيث ظهرت مكونات صغيرة غنية بالحديد والسيليكا في تحليلهم، وكذلك المعادن المنصهرة. وأشار إلى أن «الكوارتز الصادم، وهي حبيبات رملية تحتوي على شقوق لا تتشكل إلا تحت ضغط عال للغاية، يدل على أن هناك ضغوطا لا تصدق أثرت على بلورات الكوارتز، لأنه أحد أقسى المعادن؛ ومن الصعب جدا التأثير عليه».
هرم «مايا» في السلفادور تم بناؤه للحماية من ثوران بركاني
توصلت دراسة إلى أن هرم «مايا» الضخم في السلفادور جرى بناؤه بعد 5 إلى 30 عاماً فقط من ثوران بركاني هائل قبل 1482 عاماً، ليكون بمثابة «حماية ضد الثورات البركانية المستقبلية». وخلصت دراسة إلى أن هرم مايا القائم فيما يعرف اليوم بالسلفادور بُني في أعقاب انفجار بركاني عملاق أدى إلى تبريد المناخ، وذلك بهدف توفير «حماية من الانفجارات المستقبلية»، حسب صحيفة «الديلي ميل» البريطانية.
ويعد ثوران بركان إيلوبانغو (تييرا بلانكا جوفن) عام 539 بعد الميلاد الذي تكونت بحيرة فوق فوهة اليوم، الأكبر في أميركا الوسطى على امتداد آخر 10 آلاف عام.
ومن المعتقد أن البركان في ثورته أطلق حوالي 20 ميلاً مكعباً من المواد البركانية، أو «التفرا» في الهواء، مما أدى إلى تغطية المنطقة المحيطة برواسب بلغ سمكها حوالي 1.6 قدم.
من جهته، عكف عالم الآثار أكيرا إيتشيكاوا، من جامعة كولورادو بولدر، على دراسة هرم كامبانا في سان أندريس، في وادي زابوتيتان، على بعد 25 ميلاً من إيلوبانغو. وكشف تحليله أن الهيكل جرى بنائه من «التفرا» التي أطلقها الانفجار البركاني في غضون 5 إلى 30 عاماً فقط من هذا الحدث المدمر، واكتمل في غضون 80 عاماً.
ويوحي التوقيت بأن الهرم بُني استجابة للانفجار البركاني، وأنه كان مقدساً لدى شعوب أميركا الوسطى، حسبما أوضح د. إيشيكاوا. وأضاف: «نظراً للثوران الكارثي البركاني، اعتبر العلماء أنه جرى التخلي عن الكثير من الموقع، وأن الأمر استغرق وقتاً طويلاً قبل إعادة إعمار المناطق المتضررة من البركان». ومع ذلك، فإن التوقيت وحجم هرم كامبانا يشيران إلى أن الناس عادوا بسرعة إلى موقع سان أندريس، وجرى تحويله إلى مركز بشري في قلب الوادي المحيط.
جدير بالذكر في هذا الصدد أن هرم كامبانا يتكون من شكل هرمي يبلغ ارتفاعه 43 قدماً (13 متراً)، وجرى بناؤه فوق منصة يبلغ ارتفاعها 23 قدماً (7 أمتار). وبلغ حجم الهيكل الإجمالي حوالي 1165384 قدماً مكعباً (33000 متر مكعب)، مما يجعله أكبر بناء في الوادي وقت بنائه. وإلى جانب وظيفته الدينية المحتملة، يعتقد د. إيتشيكاوا أن بناء هرم كامبانا ربما يكون قد اضطلع كذلك بوظيفة اجتماعية.