نبدأ عرض الصحف البريطانية من مقال رأي لميغان غرين، الزميلة في كلية جون كينيدي للإدارة الحكومية بجامعة هارفارد، في الفايننشال تايمز بعنوان “أوجه القصور في استخدام الولايات المتحدة سياسة العقوبات للتعامل مع روسيا أصبحت واضحة”.
وتقول الكاتبة إنه “من غير المرجح أن يكون تهديد الرئيس جو بايدن بفرض عقوبات اقتصادية لم يسبق لها مثيل على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فعالا بشكل خاص”.
وتشير الكاتبة إلى أن “الإجراءات الاقتصادية عالية التأثير” التي قد تفرضها واشنطن على موسكو في حال غزو أوكرانيا، والتي قال عنها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن بلاده امتنعت “عن استخدامها في الماضي”، قد تشمل “إعاقة قدرة روسيا على تحويل الروبل إلى عملات غربية، وإخراج روسيا من نظام الدفع السريع، وتقييد مشترياتها من الديون السيادية، وتشجيع ألمانيا على وقف خط أنابيب النفط نورد ستريم 2 الذي سيجلب الغاز من روسيا مباشرة إلى أوروبا”.
وتعلق الكاتبة على ذلك بقولها إن “روسيا تخضع بالفعل لعقوبات شديدة.. لا نعرف ما الذي كان سيحدث لولا العقوبات، لكن لا يبدو أنها حلت أزمة أوكرانيا أو قللت من انتهاكات حقوق الإنسان في روسيا أو ردعت الهجمات الإلكترونية الجديدة”.
“زاد استخدام العقوبات الأمريكية بنسبة 933% بين عامي 2000 و2021″، تشير الكاتبة، وتضيف “بعد هجمات 11 سبتمبر، قامت الولايات المتحدة بتسليح نظامها المالي، مما جعل من الصعب على المؤسسات المالية الدخول في معاملات بالدولار مع الحكومات أو الشركات أو الأشخاص الخاضعين للعقوبات. لكن انتشار العملات الرقمية ومنصات الدفع البديلة أوجد ثغرات جديدة حول العقوبات الاقتصادية، مما أتاح للمستهدفين فرصة الاحتفاظ بالأموال وتحويلها خارج النظام التقليدي القائم على الدولار”.
وتعتبر الكاتبة أن “تأثير السقوط يجعل العقوبات الاقتصادية الأمريكية أقل فعالية. من الأسهل على القادة فرض العقوبات بدلا من إزالتها خوفا من الظهور بمظهر ضعيف. الكونغرس هو الوحيد القادر على إلغاء العقوبات المفروضة بموجب القانون وليس بأمر تنفيذي بشكل دائم. إذا لم يكن هناك مسار موثوق به لإزالة العقوبات، فلن يكون لدى المستهدف حافز كبير للتغيير أو التفاوض”.
ويقول دان دريزنر، أستاذ السياسة الدولية بجامعة تافتس إن خوف الخصوم من الولايات المتحدة، وامتلاك الزعماء الأمريكيين أدوات أقل تحت تصرفهم، يعكسان الانحدار الأمريكي ويحفزان ذلك.
“إن العقوبات تستدعي الأعداء، وتزعج الحلفاء، وتفرض التكاليف على الأبرياء، وتقود المستهدفين إلى إيجاد بدائل للنظام المالي الأمريكي، مما يقوّض تفوق الدولار”.
حرب الزومبي
وننتقل إلى تقرير آخر لريتشارد لويد باري محرر الشؤون الآسيوية في التايمز، بعنوان “قد تعلن كوريا الشمالية والجنوبية السلام لكن حرب الزومبي لن تنتهي”.
ويقول الكاتب إن وثيقة إعلان انتهاء الحرب بين الكوريتين “لن تكون معاهدة سلام، الأمر الذي سيستغرق وقتا طويلا وسيتضمن مفاوضات. سيكون تصريحا سياسيا، معبرا عن حسن النية، ولكن بدون أساس قانوني على الإطلاق”.
ويرى الكاتب أنه بالنسبة إلى الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن، الذي كان يروج للفكرة منذ شهور، “سيكون الإعلان بمثابة صدمة كهربائية لإعادة تنشيط الدبلوماسية المحتضرة في شبه الجزيرة”.
ولكن لدى مون سببا آخر لرغبته في الحصول على إعلان قريبا، بحسب الكاتب، وهو كتابة الأمر في سجل تاريخه، علما بأن ولايته ستنتهي في مايو/أيار المقبل.
ويشير الكاتب إلى أن “المشكلة أصبحت اللاعبين الآخرين على الطاولة. لا أحد يريد أن ينظر إليه على أنه معاد للسلام، لذلك فهم لا يقولون لا على الإطلاق، ومن هنا جاءت الاتفاقية من حيث المبدأ التي قدمها كل منهم على ما يبدو. لكن كيم، الرئيس الأمريكي بايدن والرئيس الصيني تشي، ليس لديهم أسباب مقنعة لتأييد الفكرة بقوة”.
فالولايات المتحدة ستكون قلقة بشأن تداعيات إعلان السلام على ترتيباتها الدفاعية، بينما يتمركز 28500 جندي أمريكي في كوريا الجنوبية، وهم “عنصر مهم في الوجود الأمريكي طويل الأمد في شرق آسيا”، سيما في ظل تنامي قوة الصين، وفق الكاتب.
ويوضح الكاتب أن “مثل هذه الفرص لتقويض الوجود الأمريكي تصب في مصلحة الصين، والتي يمكن أن تغتنم الفرصة أيضا للضغط من أجل سحب نظام الدفاع من كوريا الجنوبية، وهو درع أمريكي مضاد للصواريخ تخترق راداراته أراضيها”.
“يمكن القول إن انخراط الولايات المتحدة في كوريا يحد من العتاد العسكري الذي كان سيتمتع بحرية التعامل مع الصين. كوريا الشمالية هي منطقة عازلة لبكين، فالتقسيم المستمر لشبه الجزيرة يؤجل اليوم الذي سيتحد فيه البلدان كدولة حرة وديمقراطية ورأسمالية وموالية للولايات المتحدة على حدود الصين. وفكرة مون لكشف النقاب عن إعلان نهاية الحرب في أولمبياد بكين الشتوية قد لا تروق للحكومة الصينية، التي تتعامل بالفعل مع مقاطعة دبلوماسية من دول عدة”.
أما الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، فيشرح الكاتب أنه “يعلم أن إعلان نهاية الحرب هو مقدمة لجهود جديدة لإقناعه والضغط عليه وخداعه للتخلي عن أسلحته النووية. ليس لديه نية لفعل هذا، بعد أن وجد فيهم بوليصة تأمين مثالية لدولة قمعية ومعزولة وغير ودية تقريبا. على الرغم من أنه سيتم سحق كوريا الشمالية بسرعة في أي حرب كورية ثانية يمكن تصورها، إلا أن قدرته على إنزال قنبلة نووية واحدة على مدينة أمريكية واحدة تفرض تكلفة محتملة لن يرغب أي رئيس أمريكي في دفعها”.
ويختم الكاتب “أصبحت حرب الزومبي في كوريا راسخة حيث يصعب على المشاركين فيها التفكير فيما يتجاوزها. حتى لو تم تحقيق إعلان انتهاء الحرب في الواقع، وليس من حيث المبدأ، فقد لا يحدث أي فرق في الحقائق على الأرض”.
إعادة النظر في سياسة التطعيم
ونعود لنختم مع مقال يعكس وجهة نظر الفايننشال تايمز، بعنوان “التردد في تلقي اللقاح يؤثر على شرق أوروبا”.
وتقول الصحيفة “حتى مع ارتفاع حالات الإصابة بأوميكرون في دول أوروبا الغربية بما في ذلك بريطانيا والدنمارك، في وسط القارة وشرقها، لا تزال موجة دلتا تلحق أضرارا جسيمة. في إحصاءات الوفيات اليومية بسبب كوفيد – 19، تهيمن دول الكتلة الشيوعية السابقة حاليا على المراكز العشرين الأولى. القاسم المشترك هو انخفاض معدلات التحصين عن البلدان الواقعة في أقصى الغرب، مما يجعل المنطقة أكثر عرضة للتأثر بالمتحور الجديد”.
وتضيف “إن معدلات التطعيم متخلفة بشكل ملحوظ في جميع أنحاء المنطقة. وهي تتراوح بين 22% فقط من السكان الذين تلقوا جرعتين في البوسنة والهرسك (أرقام نوفمبر/تشرين الثاني) و 26.7% في بلغاريا إلى ما يقرب من 65% في ليتوانيا ولاتفيا. لكن جميعها أقل من متوسط الاتحاد الأوروبي البالغ 68.2%”.
وأوضحت الصحيفة “كثير منها لديه أنظمة صحية أقل تمويلا وبنية تحتية أكثر فقرا من البلدان الواقعة في الغرب. ولكن على عكس البلدان منخفضة الدخل في أماكن أخرى، فإن المشكلة ليست مشكلة العرض بل مشكلة الإقبال”.
وتشير الصحيفة “غالبا ما كانت الحكومات مترددة في اتخاذ خطوات حازمة لمكافحة التردد في أخذ اللقاحات أو جماعات الضغط القوية المناهضة للقاحات، خوفا على ما يبدو من الاحتجاجات. لقد كانوا مترددين أيضا في حل مشكلة الإقبال المنخفض بفرض قيود مثل تصاريح كوفيد. بدأت الوفيات المتزايدة وتضاؤل أسرة المستشفيات في فرض إعادة التفكير في الأمر”.
وتختم “مخاوف رد الفعل العنيف قد تجعل دول أوروبا الوسطى والشرقية تقاوم بشكل خاص جعل الجرعات إلزامية، على الرغم من أن النمسا تفعل ذلك وقد تتبعها ألمانيا. لكن ورد أن الاتحاد الأوروبي يعد حملات توعية لمعالجة فجوة التطعيم، حيث من المقرر عقد قمة هذا الأسبوع للتأكيد على أولوية مكافحة المعلومات المضللة. في غضون ذلك، أظهرت فرنسا وإيطاليا مدى صرامة تصاريح كوفيد التي يمكن أن تدفع المتذبذبين إلى تلقي اللقاح”.