في بعض مباريات كرة القدم، يخلق المتفرجون أحياناً مشهداً يُعرف باسم «الموجة»، حيث تقف المجموعات المتتالية في انسجام تام للصراخ مع رفع الأذرع في الهواء، الآن، أظهر باحثون من معهد «لايبنيز لبيئة المياه العذبة والمصايد الداخلية» في برلين، في دراسة نشرتها، أول من أمس، دورية «كرنت بيولوجي» أن «أسماك المياه العذبة الصغيرة المعروفة باسم (مولي الكبريت) تفعل شيئاً مشابهاً، لأسباب تتعلق بالحياة أو الموت، حيث تساعد حركة الموجة الجماعية التي تنتجها مئات الآلاف من الأسماك التي تعمل معاً على حمايتها من الطيور المفترسة».
ولفتت هذه الظاهرة انتباه الباحثين، خاصة بعد اكتشافهم أن «هناك ما يصل إلى 4 آلاف سمكة لكل متر مربع تشارك في الموجة الواحدة»، ويمكن للأسماك تكرار هذه الموجات لمدة تصل إلى دقيقتين، بمعدل موجة واحدة كل ثلاث إلى أربع ثوانٍ تقريباً، ولم يفهم الباحثون في البداية ما تفعله الأسماك بالفعل، وبمجرد إدراكهم أنهم يصنعون موجات، تساءلوا عن وظيفتها. وبعد مزيد من الملاحظة، افترض العلماء أن «وجود العديد من الطيور الآكلة للأسماك حول النهر، قد يكون السبب في هذا السلوك، الذي ربما يكون بغرض الدفاع». وقرروا التأكد من هذه الفرضية.
وأكدت ملاحظاتهم أن «موجات الأسماك تضاعف من الوقت الذي تنتظره الطيور حتى تبدأ هجومها التالي، أي أنها تقلل وتيرة الهجوم بشكل كبير، وبالنسبة لأحد الطيور المفترسة، انخفض احتمال الهجوم على الأسماك مع زيادة عدد الأسماك المشاركة بالموجة». وقامت بعض الطيور أيضاً بالبحث عن مكان آخر في كثير من الأحيان.
وتعد هذه النتائج هي الأولى التي تظهر أن الموجة الجماعية مسؤولة عن تقليل مخاطر الافتراس لدى الأسماك. ويقول ينس كراوس، من معهد لايبنيز لبيئة المياه العذبة والمصايد الداخلية في برلين، الباحث الرئيسي بالدراسة، في تقرير نشرته شبكة «سيل برس» بالتزامن مع نشر الدراسة: «نتائجنا تشير إلى أن تلويح الأسماك يقلل من فرص الطيور في تنفيذ هجوم ناجح على أسماك (مولي الكبريت).
أقدم طائر امتلك القدرة على «إخراج لسانه»
نتعلم بسرعة كأطفال أن نخرج ألسنتنا، لكن معظم الزواحف والطيور ليست لديها ألسنة كبيرة وعضلية مثل البشر، باستثناء البط والببغاوات، التي تمتلك لساناً طويلاً لتحريك الطعام في فمها، وإدخال الطعام في فمها، والمساعدة على ابتلاع الطعام، كما تمتلك الطيور الطنانة ونقار الخشب، لساناً عظمياً طويلاً أطول من جماجمها، حيث تستخدمه في اصطياد الحشرات. وعثر الباحثون من معهد علم الحفريات الفقارية وعلم الإنسان القديم (IVPP) التابع للأكاديمية الصينية للعلوم وجامعة تكساس الأميركية، على أقدم مثال على قدرة الطائر على إخراج لسانه، وتوظيفه لأداء نفس الوظيفة التي يقوم بها عند الطيور الطنانة ونقار الخشب حالياً، وكان ذلك في حفرية جمجمة أحد أنواع الطيور المنقرضة من شمال شرقي الصين، والتي عاشت جنباً إلى جنب مع الديناصورات قبل 120 مليون سنة، وتم الإبلاغ عن تشريح هذه الحفرية في العدد الأخير من دورية «علم التشريح».
ويقول الباحثون في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للأكاديمية الصينية للعلوم أول من أمس، إنه «تم الحفاظ على الجمجمة جيداً، وكشف تشريحها أن لها أنفاً قصيراً وأسناناً صغيرة، مع عظام طويلة للغاية ومنحنية للسان (تسمى الجهاز اللامي)». وأطلق العلماء على الطائر اسم (Brevirostruavis macrohyoideus)، والذي يعني «طائر ذو أنف قصير ولسان كبير».
وافترض العلماء أن «الطائر ربما أخرج لسانه لاصطياد الحشرات بنفس الطريقة التي تستخدم بها طيور نقار الخشب الحي ألسنتها لإخراج الحشرات من الثقوب الموجودة في اللحاء والخشب وأغصان الأشجار، وبدلاً من ذلك، ربما كان الطائر يتغذى على حبوب اللقاح أو السوائل الشبيهة بالرحيق من النباتات في الغابة التي يعيش فيها».
وهذا الطائر قصير الأنف واللسان الكبير هو جزء من مجموعة منقرضة من الطيور تسمى «إنانتيورنيثينيس»، أو الطيور «المعاكسة»، وكانت أنجح مجموعة من الطيور خلال العصر الطباشيري (ما بين 66 و145 مليون سنة). ويقول الدكتور وانج مين، المؤلف المشارك للدراسة إننا «نرى الكثير من التباين في حجم وشكل جماجم الطيور، وربما يعكس ذلك التنوع الكبير للأطعمة التي تناولوها وكيف اصطادوا طعامهم، والآن، مع هذه الحفرية، نرى أن التنوع ليس قاصراً على الجماجم، لكنه يشمل ألسنة الطيور أيضاً».