القوات الروسية أكبر ستة عشر محطة نووية في أوروبا بعد مهاجمتها ، مما أدى إلى اندلاع حريق: يقول بوريس جونسون إن ‘أمن أوروبا بأكملها قد تعرض للخطر’ حيث يتهم زيلينسكي بوتين بـ ‘الإرهاب النووي’
عاشت أوروبا ليلة عصيبة بعد أن وردت تقارير تفيد باندلاع حريق قرب أكبر المفاعلات النووية في القارة، بسبب وقوع اشتباكات عنيفة بين القوات الروسية والأوكرانية بالقرب منها، ما أثار قلق كل من أمريكا وبريطانيا اللتين خرج قادتهما للتحذير من خطورة الأمر وعواقبه الوخيمة.
ماذا حدث صباح الجمعة؟
مع الساعات الأولى لصباح الجمعة 4 مارس/آذار 2022، قالت السلطات الأوكرانية إن حريقاً اندلع في مبنى تدريب خارج محطة زابوريجيا، بعد أن قصفته القوات الروسية، بحسب الرواية الأوكرانية.
جاء التقرير الأول من موظف في المحطة، قال إن القوات الروسية أطلقت النار على المنشأة، مؤكداً وجود “تهديد حقيقي بخطر نووي في أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا”.
في تمام الساعة 2:30 صباحاً بالتوقيت المحلي، أكد وزير الخارجية الأوكراني التقارير عبر تغريدة على حسابه بتويتر، وقال إن الجيش الروسي كان “يطلق النار من جميع الجهات على محطة زابوريجيا، متسبباً باندلاع حريق”، ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار للسماح لرجال الإطفاء بالسيطرة على الحريق.
بعد ذلك بوقت قصير، أفادت دائرة الطوارئ الحكومية الأوكرانية أن الإشعاع في المصنع كان “ضمن الحدود الطبيعية” وأن ظروف الحريق في المصنع كانت “طبيعية”. وذكرت أن الحريق اندلع في مبنى خارج محطة الكهرباء.
من جانبها، قالت مفتشية الرقابة النووية في أوكرانيا، إن حجرة المفاعل بمحطة زابوريجيا النووية تعرضت لأضرار دون أن تؤثر على سلامتها.
كما أفادت لاحقاً أن وحدة الطاقة الثالثة في المحطة تم فصلها في الساعة 2.26 صباحاً، ولم يتبقَّ سوى واحدة من الوحدات الست بالمحطة، وهي الوحدة الرابعة، قيد العمل.
ومنذ ساعات الصباح قالت السلطات المحلية إن القوات الروسية تمكنت من السيطرة على محطة زابوريجيا للطاقة النووية.
فيما ذكرت على وسائل التواصل الاجتماعي أن “الطواقم التشغيلية تراقب حالة وحدات الطاقة”.
أين تقع المحطة وما دورها؟
يقع المفاعل النووي في جنوب شرق أوكرانيا في منطقة Enerhodar على ضفاف نهر دنبير، حيث يبعد حوالي 200 كيلومتر عن منطقة دونباس المتنازع عليها و550 كيلومتراً جنوب شرق كييف.
وفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، تنتج مفاعلاتها الستة ما مجموعه 6000 ميغاوات من الطاقة الكهربائية، بحسب صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
وبالمقارنة، كان مفاعل تشيرنوبيل في شمال أوكرانيا ينتج 3800 ميغاوات – أقل بمقدار الثلث تقريباً. (الميغاواط، مليون واط، هي طاقة كافية لإضاءة 10000 لمبة مئة واط).
يذكر أن محطة زابوريجيا بُنِيت عام 1985 حين كانت أوكرانيا لا تزال جزءاً من الاتحاد السوفييتي السابق، وتضم ستة مفاعلات نووية وتوفر جزءاً كبيراً من احتياجات أوكرانيا من الكهرباء.
والآن تعود ملكية وإدارة المحطة من قبل شركة توليد الطاقة النووية الوطنية الأوكرانية، وهي واحدة من أربع محطات نووية عاملة في البلاد، وتولد ما يصل إلى 42 مليار كيلوواط/ساعة من الكهرباء، ما يمثل حوالي 40% من إجمالي الكهرباء المولدة من جميع محطات الطاقة النووية الأوكرانية وخُمس إنتاج الكهرباء السنوي، بحسب ما أفاد موقع “Power Technology”.
قوتها التدميرية
بعد ورود أنباء عن وقوع اشتباكات قرب محطة زابوريجيا، بدأت تصريحات محلية ودولية، تحذر من خطر تضرر هذه المنشأة النووية التي تُعرف بأنها أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا وواحدة من أكبر 10 محطات للطاقة النووية في العالم.
ففي تغريدة على تويتر ناشد وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا القوات الروسية وقف قصفها للمحطة، محذراً من أنه إذا انفجرت سيتسبب الانفجار بكارثة نووية تفوق بعشرة أضعاف كارثة تشيرنوبل.
يذكر أن كارثة تشيرنوبل كانت قد هزت العالم عام 1986، نتيجة وقوع خطأ في تجربة بالمفاعل رقم 4 من المحطة، ما تسبب بأكبر كارثة نووية شهدها العالم.
هل هناك خطر إشعاعي؟
في الوقت الحالي، بعد توقف الاشتباكات وإطفاء الحريق، قالت السلطات الأوكرانية إن منشأة زابوريجيا مؤمَّنة و”السلامة النووية مضمونة الآن”.
من جانبها، قالت الولايات المتحدة إن أحدث معلوماتها لا تظهر أي مؤشر على ارتفاع مستويات الإشعاع في المصنع، فيما قالت وزيرة الطاقة الأمريكية جينيفر جرانهولم، إن المفاعلات “محمية بأبنية احتواء قوية وتم إغلاق المفاعلات بأمان”.
كما أكد بعض المحللين أن محطة زابوريجيا من نوع مختلف وأكثر أماناً من محطة تشيرنوبيل، التي كانت موقعاً لأسوأ كارثة نووية في العالم في عام 1986.
يذكر أن روسيا كانت قد استولت بالفعل على محطة تشيرنوبيل، على بعد 100 كيلومتر شمال كييف.
من جانبه، قال الأستاذ الجامعي توني إروين- الذي شغل محطات الطاقة النووية في المملكة المتحدة لمدة ثلاثة عقود، إن فرص حدوث انفجار أو انصهار نووي أو إطلاق إشعاعي منخفضة.
وقال إن مفاعلات PWR “أكثر أماناً” من مفاعلات تشيرنوبيل، ولا يبدو أنها تضررت بعد. وقال إن المفاعلات بها ملوثات خرسانية كبيرة وأنظمة حماية من الحرائق مدمجة.
ويحذر إروين من أن إطلاق صواريخ ضخمة على المفاعلات “ليس فكرة جيدة”. لأن ما يخشاه الخبراء هو أن مراكز المفاعل النووي مملوءة بالوقود النووي عالي الإشعاع، وما يزيد المخاطر فداحةً في محطة زابوريجيا، للطاقة النووية أنها تضم عدة أحواض من المياه المفتوحة الواقعة خلف المجمع النووي، والتي يُجرى فيها عمليات تبريد قضبان الوقود المستهلك في المفاعل منذ سنوات. وسقوط أي من القذائف في تلك المواقع سيتسبب في حدوث كوارث إشعاعية.
أوكرانيا تطلب من الناتو التدخل
حث نائب عمدة ماريوبول قوات حلف شمال الأطلسي “الناتو” على إرسال قوات إلى أوكرانيا.
وتتعرض مدينة ماريوبول الساحلية لقصف عنيف. وقال نائب رئيس البلدية هناك إن روسيا لن تتوقف حتى تجعل البلاد صحراء وتقتل العديد من المدنيين.
وقال سيرجي أورلوف لا توجد طريقة لمنع بوتين حتى يستيقظ الناتو الذي يبدو أنه لا يفهم أن بوتين لن يتوقف، فهم خائفون وهذا أمر مؤسف.
وأضاف “نتوقع أن يدرك قادة الناتو يوما أن الدعم العسكري المباشر لأوكرانيا ضرورة ملحة أو على الأقل فرض حظر طيران فوق أوكرانيا.”
لكن الناتو اكتفى حتى الآن بإدانة الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا – وهي شريك وثيق للحلف، ودعا روسيا إلى الوقف الفوري لهجومها العسكري وسحب جميع قواتها. ومن غير المطروح على الطاولة في الوقت الحالي إنشاء مهمة قتالية
الحرب في أوكرانيا: بريطانيا تطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن تتعلق بالهجوم على المحطة النووية
دعا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى مناقشة طارئة لمجلس الأمن الدولي في نيويورك عقب الهجوم على المحطة النووية في أوكرانيا وطالب بتكثيف الضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ووصف نائب رئيس الوزراء البريطاني قصف روسيا المحطة النووية الأوكرانية بالخطير والمتهور، وأضاف أن على المجتمع الدولي بأسره أن يأخذ هذه القضية على محمل الجد. وقال دومينيك راب لبي بي سي من غير القانوني مهاجمة موقع مثل هذا. لكنه أضاف أنه لا يوجد خطر مباشر في الموقع.
آخر الأخبار
أوكرانيا: لا تسرب إشعاعياً من محطة زابوريجيا النووية
روسيا “تسيطر” على محطة زابوروجيه النووية في أوكرانيا
آخر تطورات سير المعارك في أوكرانيا وردود الفعل العالمية خلال الساعات القليلة الماضية:
أعلنت القوات المسلحة الروسية السيطرة الكاملة على محطة زابوروجيه النووية في جنوب أوكرانيا – أكبر محطة في أوروبا – بعد اندلاع حريق كبير في القسم التدريبي من محطة زابوروجيه، وتمكنت فرق الإطفاء في أوكرانيا من إخماده.
وبحسب بيان القيادة العسكرية الروسية تمت السيطرة على المحطة بعد اشتباكات مع المسلحين في محيط المحطة، وتقوم الفرق التشغيلية بعملها المعتاد فيها وهي تحت حماية القوات المسلحة الروسية بحسب المصدر الروسي.
وقالت خدمات الطوارئ الحكومية الأوكرانية إنه لم يسجل سقوط ضحايا واقتصرت الخسائر على الماديات ولم يؤثر الحريق على مواقع المفاعلات، وأضاف البيان أن عملية الإخماد نجحت.
لكن الرئيس الأوكراني اتهم روسيا بإثارة الرعب النووي.
وأثار هجوم روسيا إدانة فورية من القادة الغربيين الذين وصفوه بأنه عمل “مروع” و”طائش” يهدد سلامة كل أوروبا.
ودعا الرئيس الأوكراني زيلينسكي قبل ساعات دول العالم إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات ضد ما وصفه بـ”الإرهاب النووي” .
ودعا الأوروبيين إلى “الاستيقاظ” على احتمال وقوع كارثة عالمية مثل كارثة تشيرنوبيل النووية عام 1986 ، وقال إن روسيا أول دولة في التاريخ حاولت قصف محطة للطاقة النووية.
وعلى صعيد المعارك، لاتزال روسيا تعزز حملتها في جنوب أوكرانيا، حيث تقترب من مدينة ماريوبول الرئيسية بعد الاستيلاء على خيرسون قبل يومين.
وفر حتى الآن أكثر من مليون أوكراني إلى دول الجوار.
واتفقت روسيا وأوكرانيا في مفاوضات أمس على إنشاء “ممرات إنسانية” لإجلاء المدنيين، ووافق وفدا البلدين على الاجتماع ثانية دون تحديد موعد اللقاء.
روسيا وأوكرانيا: سيناريوهات التضليل الروسي في سوريا تتكرر في أوكرانيا- التلغراف
نبدأ من صحيفة التلغراف التي نشرت مقالا لمراسلتها جوزي إينسور انطلقت فيه من تجربتها عندما تعرضت قبل سنوات إلى القرصنة الإلكترونية من قبل مجموعة تابعة للحكومة الروسية.
وجاء المقال بعنوان “لقد استُهدفت من قبل آلة الدعاية الروسية في زمن الحرب في سوريا. يجب أن نخاف على أوكرانيا”.
وقالت إينسور “صباح 22 أبريل/ نيسان 2018 وصل البريد الإلكتروني من نائب رئيس الأمن في مايكروسوفت يقول إن فريق استخبارات التهديدات في الشركة اكتشف دليلا على أني مستهدفة من قبل مجموعة APT التابعة للدولة”.
وأضافت “في وقت لاحق من ذلك اليوم أجرت مكالمة هاتفية مع نائب الرئيس عبر خدمة الرسائل المشفرة سيغنال أخبرني أن روسيا هي الجاني، وإنني لم أكن أول صحفي يتم استهدافه”.
وأوضحت المراسلة أن “القراصنة الإلكترونيين بدأوا في إنشاء حسابات على موقع لينكد إن والبريد الإلكتروني باسمي بهدف تشويه تقاريري عن الحرب الأهلية السورية ونشر معلومات مضللة قد تكون ضارة”.
وكانت إينسور تعمل كمراسلة في الشرق الأوسط لصحيفة التلغراف، حيث نشرت مقالا عن هجوم بالأسلحة الكيماوية على مدينة دوما السورية أودى بحياة العشرات.
وقالت “روسيا تدعم نظام بشار الأسد وتقريري لا يتناسب مع روايتهم. لم يكن من المحتمل أن يكون الأسد وراء ذلك، فقد احتج مسؤولو الحكومة الروسية على وسائل الإعلام الحكومية، وتعهدت موسكو بإزالة مخزون دمشق الكيماوي قبل بضع سنوات”.
وأضافت “بذل الكرملين جهودا متضافرة خلال ذروة الصراع السوري لمحاولة تشويه سمعة المعارضة، وشمل ذلك الإعلام الغربي”.
وأكدت إينسور أنه “على مر السنين، أصبحت روسيا واحدة من أكثر مزودي العالم براعة للتضليل والتلفيق”.
وقالت “لقد بدت البيانات الروسية بشأن أوكرانيا هذا الأسبوع مألوفة للغاية لأولئك منا الذين كلفوا بتغطية مساعيها العسكرية السابقة”.
واعتبرت أنه “في حين أن هناك حربا واحدة يتم خوضها على الأرض، هناك حرب منفصلة تماما تُشن عبر الإنترنت”.
وقالت “قبل الهجوم الذي كتبت عنه في أبريل/ نيسان 2018 (الذي دفع إلى القرصنة التي ترعاها الدولة)، نشرت روسيا مزاعم عبر قنواتها الإعلامية بأن المتمردين السوريين كانوا يجهزون أسلحة كيماوية بمساعدة الغرب”.
وأضافت “حتى أنها تضمنت تفاصيل محددة حول وصول مجموعة من الخبراء العسكريين الفرنسيين يُزعم أنهم مسؤولون عن مساعدة المتمردين في التخطيط للهجوم”.
وتابعت “ثم بدأ مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي المؤيدون للنظام، الذين أطلق عليهم المنتقدون الحمقى المفيدين، الترويج للنظريات على يوتيوب وتويتر ومواقعهم الإلكترونية الهامشية”.
على المنوال نفسه، “طلب مسؤولو الدفاع الروس الثلاثاء الماضي من السكان غادرة العاصمة الأوكرانية كييف قبل الضربات المخطط لها”، بهدف “التنصل من مسؤولية قتل المدنيين”، بحسب الكاتبة.
وأشارت إينسور إلى أنه “ربما كان هدف حملة التضليل الروسية الأكثر استمرارا هو الخوذ البيضاء”.
وأوضحت “الخوذ البيضاء، المعروفة رسميا باسم الدفاع المدني السوري، هي مجموعة من عمال الإنقاذ المتطوعين الذين يعملون في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون وينفذون مهام الإنقاذ في أعقاب القصف الحكومي السوري والروسي”.
وكانت موسكو قد زعمت، بحسب المراسلة، “أنها كانت تستخدم بشكل منتظم الجهات الفاعلة في الأزمات وتشن هجمات من أجل دفع الولايات المتحدة وحلفائها إلى حرب للإطاحة بالرئيس الأسد”.
وقالت “بفضل آلة الدعاية الروسية المصممة، أصبحت المنظمة المرشحة لجائزة نوبل للسلام واحدة من أكثر المنظمات تعرضا للتدقيق في العالم”.
وأشارت إلى أن “المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية اتهم يوم الثلاثاء أوكرانيا بتزوير مقتل مدنيين، وقارن الفعل المفترض بقتلى سوريين”.
وأضافت “تتمثل الإستراتيجية الأخرى لروسيا في إغراق النظام البيئي الإعلامي بأكاذيب مصممة لتقويض ثقة الجمهور”.
حتى أن التلغراف رأت ما تعتقد أنهم متصيدون إلكترونيون روس – “يتظاهرون بأنهم مستخدمون مؤيدون لأوكرانيا – يشاركون الصور على تويتر وفيسبوك من غزة وسوريا ونزاعات أخرى، مدعية أنهم من أوكرانيا”.
وتابعت “نشرت حسابات يوم الإثنين صورا للناشطة الفلسطينية المراهقة عهد التميمي وهي تصرخ في وجه جندي إسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة إلى جانب التعليق الخاطئ فتاة أوكرانية تبلغ من العمر 8 سنوات تواجه جنديا روسيًا تطلب منه العودة إلى بلاده”.
وقالت “أشارت وسائل الإعلام الرسمية الروسية إلى المنشورات كدليل على التغطية الإعلامية الكاذبة للنزاع من قبل وسائل الإعلام الناطقة بالإنجليزية.”
وأوضحت أن “هذه الأنواع من العمليات النفسية، هي أدوات قوية في زمن الحرب في القرن الحادي والعشرين”.
وخلصت الكاتبة إلى القول أنها “كانت استراتيجية نجحت، إلى حد ما، في الحرب البعيدة في سوريا – صراع تجاهله المجتمع الدولي إلى حد كبير”.
“عدوى العاطفية”
ننتقل إلى الإندبندنت التي نشرت مقال رأي لحسين كسواني بعنوان “هل تعاني من عدوى عاطفية حول الصراع في أوكرانيا؟ لست وحدك”.
واعتبر الكاتب أن “الطريقة التي يستهلك بها معظم الأشخاص الآن المعلومات عبر الإنترنت تعني أن التفسيرات الشخصية شديدة الانفعال للأحداث الجارية ستكون تلقائية”.
وقال إنه في الأيام الأخيرة شاهدنا الأحداث في أوكرانيا ” تستحوذ على جميع جوانب وسائل التواصل الاجتماعي. لقد رأينا مؤثرين في مجال الموضة وصالة الألعاب الرياضية يشاركون رسوما بيانية ونشطاء مؤثرين ينشرون مقاطع فيديو مزعجة تخاطب فلاديمير بوتين وعلامات تجارية استهلاكية تعبر عن تضامنها مع أوكرانيا”.
وأضاف “جرت مقارنة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في مناسبات عدة، بأبطال خارقين من مارفل وأطلق عليه لقب الرجل الذي تتخيله صديقتك بالفعل، في حين أن عبارات من الحرب، مثل تفاعل القوات الأوكرانية مع سفينة حربية روسية، تحولت بالفعل إلى كوميكس كثيرة”.
وأوضح كسواني أن منصات الوسائل الاجتماعية تمتلئ بالمحتوى المرتبط بالحرب، وفي هذا السياق نشر موقع “ذي هافنتون بوست” مقالات توصي بطرق لإدارة طوفان المحتوى عبر الإنترنت حول الحرب.
ودعا الموقع المستخدمين إلى أخذ استراحات من الأخبار وإلى البكاء للتنفيس العاطفي. لكن المقال أثار انتقادات حيث نُظر إليه “على أنه مؤشر على نطاق واسع لجهل الأنغلوسفير الذي يصر فيه الغربيون المتميزون الذين يعيشون في الديمقراطيات الليبرالية على التمركز حول أنفسهم، معتقدين أنهم هم الشخصية الرئيسية في التاريخ”.
لكن الكاتب يعتقد أيضا أنه “من غير العدل الإشارة إلى أن التغريدات والمشاركات المذعورة حول الإرهاق والتعب في ما يتعلق بالأحداث الجارية هي نرجسية فقط”.
وأكد أنه “في حين أن العديد من الأشخاص الذين يشاهدون الغزو يحدث عبر تويتر وتيك توك قد يعيشون بعيدا عن أوكرانيا ولا يهمهم بوتين، فقد أظهرت الدراسات الحديثة أنه حتى الحد الأدنى نسبيا من التعرض للمحتوى العنيف والرسومات يرتبط بتأثيرات جسدية حقيقية، مثل ضغط حاد وأعراض لاضطراب ما بعد الصدمة، في حين أن التعرض المتكرر للعنف المصور يمكن أن يضخم الاختلالات الحالية في الصحة العقلية، مع آثار طويلة المدى على إدارة الإجهاد أيضا”.
وأضاف أن “هذا لا ينطبق فقط على الكوارث الإنسانية أو الصراع في مناطق الحروب، إذ تشير الأبحاث إلى أن التعرض لوسائل الإعلام السلبية من خلال منصات وسائل التواصل الاجتماعي بشأن القضايا المتعلقة بالصحة العامة أو تغير المناخ يمكن أن يكون له تأثيرات مماثلة، لأسباب ليس أقلها أنه مع إغراق الناس بأخبار أكثر من أي وقت مضى، يصبح من الصعب تفسير كل المعلومات”.
وقال “نتيجة هذه الوفرة من المحتوى الرقمي، من وجهة نظري، هو أنه يصبح من السهل للغاية المبالغة في تقدير وتقليل قربك من الأحداث الجارية، مع وجود تأثير غير مباشر يتمثل في الشعور بالعجز عن الاستجابة بشكل مناسب”.
وألقى الكاتب اللوم في الوقت نفسه على “منافذ الأخبار الرقمية نفسها، والتي أبلغ العديد منها عن الصراع بطرق تعمل على تحسين ظهورها على المنصات من خلال استغلال مخاوف القراء ونقاط ضعفهم، من خلال الإشارة على سبيل المثال، إلى أن الصراع في أوكرانيا قد يشكل تهديدا فوريا ووشيكا للمملكة المتحدة”.
وقال إن “الطلب المستمر على المحتوى من خلال منصات التكنولوجيا ونظام التخصيص المفرط الذي يعملون فيه سيؤدي حتما إلى القصص التي تثير الخوف والقلق، حتى لو كان من غير المرجح أن تتحقق على الإطلاق”.
وأضاف أن “علماء النفس لاحظوا أن المحتوى واسع الانتشار على منصات التكنولوجيا هو نتيجة مشاركة مدفوعة بالعاطفة، ويربط المستخدمون ويفهمون عواطف الشخص الذي يشارك المحتوى معهم، وهي عملية يشار إليها منذ ذلك الحين باسم عدوى العاطفية”.