نسبت وكالة «إيلنا» الإيرانية، إلى الجنرال رحيم صفوي، المستشار العسكري للمرشد الأعلى، أن قوات بلاده متأهبة للحرب «المركبة». قال إن «المشهد السياسي والاقتصادي والثقافي والأمني لبلدان منطقة غرب آسيا آخذ في التغير والتطور، وعلى إيران أن تكون فاعلاً في هذه التغييرات». منطقة غرب آسيا تشمل، الدول العربية في المشرق إلى ضفاف البحر الأحمر.
تفكير طهران العدواني يتصاعد مع الوقت ولا يتراجع، مع اقترابها من تعزيز قدراتها على تصنيع السلاح النووي. وطهران خلال الأسابيع الماضية كررت حديثها بأنها لا تنوي صنع قنبلة نووية وستكتفي بأن تكون مستعدة لإنتاجها. الجاهزية هنا تعني أنه أصبح لديها في المطبخ النووي ما يكفي من اليورانيوم المخصب، وأجهزة التصنيع، والمعرفة، ووسائل نقلها باليستياً، ما يجعلها قوة نووية وشيكة، وفي أي لحظة تحتاجها، من دون التورط مع العقوبات الدولية عليها، وتقلل مبررات أي هجوم إسرائيلي محتمل عليها، وتخشاه كثيراً. واستطراداً لمقال كتبته سابقاً عن أن نظام إيران لا ينوي التوقف، ويبيت النية للتوسع وشن الحروب باتجاه دولنا، فإن تصريحات المسؤولين الإيرانيين الجديدة تلقي المزيد من الضوء على هذا التفكير العدواني.
أمام حشد من القيادات العسكرية في مؤتمر نظمه الحرس الثوري بمدينة قم، عبر مستشار خامنئي العسكري، الجنرال صفوي، عن توجهات النظام بقوله: «يمكن تطوير علاقات شاملة بين إيران وروسيا والصين والهند في إطار (منظمة شنغهاي للتعاون) لتشكيل قوة آسيوية أو أوروآسيوية، وخلق منظور جديد من تشكيل عالم متعدد الأقطاب».
طبعاً، من المستبعد، أن يقدر النظام على خلق هذا التكتل الكبير في مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها، حيث يصعب جمع الهند وروسيا والصين في سلة واحدة، نظراً لتباين أهدافها ومصالحها. إنما حديثه الصريح بعقلية عدوانية ضد غرب آسيا لا يأتي من فراغ. فإيران نظام على عتبة أن يصبح مؤهلاً لسلاح رادع، هو القوة النووية، الذي يمنحه المزيد من الثقة في التقدم على الأرض، على اعتبار أن السلاح النووي سيحميه من أي هجوم كبير مضاد. إيران، قبل تأهيلها النووي، اكتفت في المواجهات الماضية باستخدام العملاء عن بعد، مثل «حزب الله» في لبنان وميليشياتها في العراق والجهاد الإسلامي في غزة، لتمرير مشاريعها العدوانية من دون المخاطرة بحرب معها مباشرة.
الدولة المستهدفة بالدرجة الأولى في منظومة غرب آسيا من قبل النظام هي العراق ثم الخليج، من دون أن يقلل هذا من تهديد البقية، مثل الأردن التي حذر عاهلها الملك عبد الله الثاني، الأسبوع الماضي، من خطر إيران، قائلاً إن تزايد نفوذها في العراق يجعلها على حدود بلاده مباشرة. أما إسرائيل فإن هدف نظام طهران، من خلال سنوات طويلة من تحركاتها في لبنان وسوريا وغزة، ليس في الواقع مهاجمتها، لأنها دولة نووية قادرة على تدمير النظام الإيراني، بل هدف طهران هو شل قدرات إسرائيل، حتى لا تصبح لاعباً إقليمياً ضدها في ساحات حروب المنطقة. تريد تحييدها عند المواجهات في العراق أو الخليج أو سوريا.
ويعني الجنرال صفوي بالحرب المركبة أنها، إضافة إلى القوة العسكرية، تشمل «الاقتصاد والثقافة والتكنولوجيا الجديدة»، وهي جميعاً نشاطات موجهة للجهد الحربي، وليس للتطوير المحلي.
«الكشك» في إجازة
يبدأ الصيف عند الفرنسيين في أول أغسطس (آب). تقفر باريس إلا من السياح، وتغلق نوافذ البيوت والمكاتب، معلنة أن القوم جميعاً في إجازة على الشواطئ وعلى الجبال. والإجازة في فرنسا إشهار. يجب أن يعرف الجميع بأنك مع الأولاد تلهون في مكان ما، ويجب أن يعرف رفاقهم أن الشمس قد حمرتهم على «الكوت دازور» وليس على البلكون. فالفرنسي يمضي حياته في السخرية من البورجوازيين، ويستخدم عبارة البورجوازية في احتقار. أما في قلبه فإن أجمل لقب يتمناه في الحياة هو «بورجوازي صغير». لأن البورجوازية حقيرة، لكن مكوناتها ممتعة: وظيفة دائمة، وسيارة وشقة في العاصمة وإجازة: أما البورجوازي الكبير فهو الذي يتمتع بإجازتين، الصيف والشتاء. الثلج والبحر. الخيل والليل.
ولا معنى لإجازة إذا لم تكن لها علامات: يراك الجيران متعثراً بحقائبك، ويرون جميع نوافذك مغلقة، والشمسية على سطح السيارة. ولا تنسَ كتب القراءات الصيفية والكلمات المتقاطعة، والادعاء بأنك في حاجة إلى القراءات «الخفيفة» لأنك مثقل بقراءات العام وتريد أن ترتاح.
لا أعرف عن شعب بقدر تقاليد الإجازة مثل الفرنسيين. تماماً كما ليس من شعب «يقدس» العمل مثل اليابانيين. ويتقن الفرنسيون الصيف إتقان شعوب القطب والجليد. فهو أقصر الفصول لأنه أجملها. وفيما تطلب الشعوب الصيف في بلدان غير بلدانها، فإن صيف الفرنسي في فرنسا، حيث تصدق الفصول وتكثر أشياء الجمال، ولا يكن الفرنسيون عن شتم البورجوازية وتمنيها معاً، وبسبب تقاليدها يَلحقُ بعض الضرر ببعض الزائرين. ومنه انضمام أصحاب أكشاك الصحف إلى فيالق المجازين. تقاليدهم وتقاليدنا: فقد اعتاد أحدنا أن ينتقي صحفه من الكشك، ويدخل من الباب الآخر إلى المقهى ليقرأها. طرأ تغيران، مؤقت ودائم. المؤقت هو إجازة أغسطس، أما الدائم، تباً لـ«بريكست» ومؤيديه. لقد أغلقت فرنسا في وجه الصحف المطبوعة في بريطانيا، وبينها خضراء الأمم. بل حتى «التايمز» غابت أيضاً، وهناك من يصر على استبدالها بـ«الديلي تلغراف». هناك صحف لست مستعداً لقراءتها حتى لو لم يعد هناك سواها، وهناك كتاب يقعون في هذه الفئة أيضاً أو أشد. كأن تقول «كورونا» على «كوفيد». حفظكم الله، وصيف جميل حيثما «تكونون».