بشهادةِ مُنظمةِ الصِّحةِ العالمية مِن الخطأِ الاعتقادُ بأنّ أيَّ دولةٍ في منأىً عن انتقالِ الكورونا إلى أراضيها وعليهِ فإنّ فيروسَ ووهان الذي هزَّ أمنَ العالمِ الصِّحيّ وضربَ القاراتِ الخمس صار مضحكةً في لبنانَ وعلى اللبنانيين. وزيرُ “لا داعي للهلع” الجوّالُ على الزياراتِ التفقدية لا يزالُ مسيطراً على الوضع وبالنيابةِ عن الوزيرِ الأصيل أعلن أنه حتّى تاريخِه ليس هناكَ ضرورةٌ لإقفالِ المدارس وزيرُ التربيةِ استعان بوزيرةِ الإعلامِ لإطلاقِ حَمَلاتِ التوعيةِ والتشديدِ على تطبيقِ التعميمِ رقْم سبعة والمتعلّقِ بالوقايةِ تحتَ طائلةِ المسؤولية وزيرةُ الإعلام أطلقَت في ملعبِ كورونا معادلتَها الذَّهبية: لا هلعَ ولا استسهال. بعدَ جولاتِ التفاؤلِ وإرشاداتِ المنابر أعلنت وزارةُ الصِّحةِ اللبنانيةُ إصابةً ثالثة وحُكي عن رابعةٍ غيرِ مؤكدة. لبنانُ ليس الصين ولا إيران ولا قارةً بحدِّ ذاتِها وثلاثُ إصاباتٍ قياسًا على هذا البلدِ الصغيرِ المفتوحِ على بعضِه لا يستهانُ بها والهروبُ إلى الأمامِ بدراهمِ الوقايةِ إن وجدت لا تَكفي بل بات لزاماً على مَن هُم في مواقعِ المسؤوليةِ أن يُصارحوا اللبنانيينَ بحقيقةِ أنّ لبنانَ غيرُ محصّنٍ وأنّ المستشفياتِ الحكوميةَ بشهادةٍ مِن أهلِ بيتِها غيرُ مؤهلةٍ إلا بالكادرِ البشريّ وبجيشِ الأطباءِ مِنَ الطلابِ المتطوّعينَ لمواجهةِ المرض وتحديداً مُستشفى رفيق الحريري الحكوميّ المَركزَ الرئيسَ للعزل فهو غيرُ مطابقٍ لمواصفاتِ الوقاية فكيف بالعلاج. وإذا كانَ مِن حقِّ اللبنانيينَ العودةُ إلى بلدِهم فعلى الوِزارةِ المعنيةِ أن تكونَ على قدْرِ المسؤولية ولو كانَ العلاجُ بالجولاتِ والمؤتمراتِ الصِّحافية لَكانَ لبنانُ منذُ إصابتِه بالعدوى قد بدأَ بتصديرِ اللَّقاحِ إلى دولِ العالمِ المنكوبة ولكنْ “مش بالكلام” نحارب العدوى التي بات عددُ المُصابينَ بها خارجَ بلدِ المنشأِ أكبرَ منه في داخلِه واستحوذت إيرانُ على الاهتمام إذ سَجّل مجلسُ تشخيصِ الإصابةِ بالكورونا إصابةَ نائبةِ الرئيسِ الإيرانيّ ووفاةَ سفيرِ الجُمهوريةِ السابقِ في الفاتيكان وفرضَ الحظْرِ على الرِّحْلاتِ الداخلية. وفي السباقِ معَ مرضِ الكورونا خطا لبنانُ خُطوتَه الأولى إلى نادي الدولِ النِّفطية مَسحاً واستكشافاً بمعاينةٍ مباشرةٍ مِن رئيسَي الجُمهوريةِ والحكومةِ اللذينِ أبحرا على متنِ الباخرةِ فوقَ سطحِ النِّفطِ النائم. وفي ظِلِّ الانهيارِ الماليِّ والاقتصاديِّ وتفشّي الفسادِ على مدى ثلاثينَ عاماً فإنّ ورقةَ النِّفطِ والغازِ هي الورقةُ الرابحةُ بيدِ الحكومةِ التي دخلَت في السباقِ بينَ اكتشافِ الغازِ والنِّفطِ وانهيارِ الليرةِ وسَدادِ الديون. وبصرفِ النظرِ عمّن خرطشَ الفكرةَ على ورقةٍ وصارت حفّارة وعمّن نَسَبَ الفضلَ الى نفسِه في رسمِ خريطةِ الطريقِ إلى الأعماقِ وتنفّسَ تحتَ الماء فإنّ هذا المِلفَّ هو بصيصُ أملٍ في نهايةِ النفق وهو أولُ تحدٍ لحكومةِ مواجهةِ التحدياتِ بالتعاطي معَ هذا المِلفِّ مِن مُنطلقِ أنه مُلكُ الشعب وأن يُخصّصَ له صندوقٌ سياديٌ للأجيالِ أُسوةً بالدولِ النِّفطية لا يكونُ صورةً مصغرةً عن صناديقِ الهدرِ والفسادِ المُفصّلةِ على مقاسِ هذهِ الطائفةِ أو ذاك الزعيم. وعلى مردودِ الذهبِ الأسودِ الاتكال.