
من مقابلة أحمد الشرع مع الصحفي والسياسي البريطاني أليستر
كشف الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، عن جوانب جديدة في حياته الخاصة، سواء على الصعيد العائلي، أو خلال سجنه في العراق، أو مشاركته كمقاتل في معارك سابقة، وصولًا إلى تسلمه مهام الرئاسة في سوريا.
جاء ذلك خلال مقابلة الشرع في “البودكاست” السياسي البريطاني “The Rest Is Politics” مع الصحفي والسياسي البريطاني أليستر كامبل، وبثت المقابلة صباح اليوم، الاثنين 10 من شباط.
لدي زوجة فقط وثلاثة أطفال
البرنامج حاول الخوض في تفاصيل حياة الشرع الخاصة، إذ سأله المذيع عن عائلته، ليجيب، “لدي زوجة واحدة، رغم أن الإعلام يشيع غير ذلك”.
وأضاف الشرع، “لدي ثلاثة أطفال. عشنا معًا في ظل ظروف صعبة، لكني حرصت على حمايتهم من أي مخاطر محتملة. قبل دخولنا إلى دمشق، كنت حريصًا على إبقاء معلوماتهم سرية بسبب الوضع الأمني الصعب. كانت الحرب لا تزال مستمرة، وكان من الضروري اتخاذ أقصى درجات الحذر لحماية عائلتي”.
وظهرت زوجة أحمد الشرع بجانبه خلال أداء مناسك العمرة خلال زيارته إلى السعودية مطلع الشهر الحالي، وكان ذلك أول ظهور علني لها معه، واسمها لطيفة الدروبي، وتنحدر من مدينة القريتين في حمص، ثم لأول مرة رسميًا في زيارته إلى أنقرة، حيث التقت بزوجة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.
وحول خصوصية عائلته قال الشرع، “في المنصب الذي أشغله اليوم، سيكون لعائلتي حضور طبيعي في المشهد العام. لا أقصد أنهم سيشاركون في العمل السياسي، ولكن للناس الحق في معرفة من هي عائلتي، ومن هم أطفالي، وكيف نعيش. متطلبات الرئاسة في سوريا اليوم تختلف تمامًا عن إدارة إدلب، وأعتقد أن هذا جزء من الدور الذي يجب أن أتحمله”.
وأشار الرئيس السوري إلى أنه عائلته تنحدر في الأصل من الجولان المحتل، مضيفًا، “وُلدت في المملكة العربية السعودية، وعشت في دمشق، ثم ذهبت إلى العراق، ثم عدت أخيرًا إلى سوريا من أجل الثورة السورية، لذا مرّت حياتي بمراحل عديدة، وخلال هذه الرحلة، تعرّفت إلى العديد من الأفكار”.
وتابع، “في طفولتي، كنت كأي طفل آخر، نشأت في حي ميسور الحال، من الطبقة المتوسطة أو فوق المتوسطة. درست المرحلة الابتدائية في دمشق، ثم المرحلة الإعدادية والثانوية. بعد ذلك، في السنة الأولى من دراستي الجامعية، اندلعت الحرب في العراق، وشعرت أن علي الذهاب إلى هناك”.
ولفت إلى أنه ينتمي إلى عائلة ذات خلفية سياسية، حيث كان والده لاجئًا سياسيًا في العراق، وكتب عن القضايا السياسية في الصحف السعودية والسورية، مضيفًا، “كنا نتحدث عن السياسة في منزلنا”.
السجن في العراق
الصحفي البريطاني أليستر كامبل سأل الرئيس أحمد الشرع عن حياته في أحد السجون العراقية التي بقي فيها لخمس سنوات، وكيف أثرت تلك التجربة في حياته.
وقال الشرع إنه وقع أسيرًا في العراق في وقت مبكر، وتم إرساله إلى سجن “أبو غريب” الشهير، حيث كان الناس يُعذبون، ثم نقل إلى سجن “بوكا”، وبعد ذلك إلى سجن “كوبر” في بغداد، وأخيرًا إلى سجن “التاجي” قبل أن يتم الإفراج عنه.
وتابع، “خلال هذه الجولة في السجون، تعرّفت إلى العديد من الأشخاص، وأصبحت أكثر نضجًا سياسيًا، ورأيت أن هناك فرقًا كبيرًا بين ما كنتُ أؤمن به وبين بعض الأفكار التي كنت أسمعها من سجناء آخرين، والتي كانت صادمة لي، ولا سيما فيما يتعلق بالصراع الطائفي الذي كان مشتعلًا في العراق”.
مقدم “البودكاست” قال للشرع، “من الغريب بالنسبة لي أن أجلس معك الآن لأننا كنا معًا في العراق عام 2003، ولكن على طرفين مختلفين، حيث كنت أنا (المذيع) جزءًا من الجيش الأمريكي البريطاني، بينما كنت أنت (الشرع)، تقاتل في صفوف تنظيم (القاعدة) ضد أمريكا. لم أكن أتخيل أبدًا أنني سأجلس معك بهذه الطريقة”، متسائلًا، “كيف تنظر إلى هذه التجربة بعد كل هذه السنوات؟”.
الشرع رفض الإجابة عن هذا السؤال حيث قال إنه يحتاج إلى إجابة طويلة جدًا، ربما تتطلب عشر حلقات مثل هذه، وأضاف، “أنا مستعد تمامًا لمناقشة هذا الموضوع، لكن في ظل موقعي الحالي، فإن تقديم إجابة مختصرة عن مثل هذا السؤال الكبير سيعرض سوريا لانتقادات كثيرة، ولا أريد أن أضع سوريا في هذا الموقف الآن”.
حياة سرية لـ20 عامًا
الصحفي كامبل سأل أحمد الشرع حول التأثير النفسي لعيش حياة سرية لمدة 20 عامًا، حيث قال له، “ماذا يعني ذلك لعقلك، لجسدك، لروحك أن تعيش حياة سرية لمدة 20 عامًا؟”.
وحول هذا الموضوع قال الرئيس السوري، إن حياته لم تكن سرية بمعنى أن تكون مخفية وغير مرئية طوال الوقت، بل كان لديه الكثير من الأعمال المتعلقة بالاجتماعات اليومية طوال اليوم، إلى جانب الوقت المخصص للعلاقات العامة.
وأشار الشرع إلى أنه لم يكن يختبئ بالطريقة التي قد يتصورها البعض، إلا في بعض الحالات التي تتعلق بالمعارك أو الحرب، والتي كانت تتطلب الحذر، “لذا لم أكن أعيش حياة معزولة عن الناس إطلاقًا. كنت أعيش بينهم بينما أبقي بعض الأمور سرية”.
وأضاف، “الآن، في موقعي الجديد، لا أمانع في مشاركة تفاصيل حياتي مع الجميع لأن ظروف العمل التي كنا نواجهها سابقًا قد تغيرت تمامًا، ونحن اليوم في مرحلة جديدة”.
وحول حياته السرية طُرح سؤال آخر على الشرع مفاده، “عندما كنتُ سياسيًا، وجدتُ صعوبة في الانتقال من الخطاب النظري إلى خطاب أكثر انفتاحًا مع الجمهور، خاصة في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيس بوك. هل من الصعب عليك الانتقال من العمل في منظمة سرية إلى ضرورة مشاركة جزء من شخصيتك مع الناس؟”.
تعليقًا على ذلك قال الرئيس الشرع، “كل مرحلة لها ظروفها. ففي إدلب كنت أتعامل مع الناس بشكل علني وأدير شؤونهم، وألتقي بمختلف فئات المجتمع. كنت سياسيًا هناك أيضًا، ولكن ليس بنفس الدرجة التي أنا عليها الآن في دمشق. وكما تعلم، يختلف الخطاب في زمن الحرب عنه في زمن السلم، حسب الظروف وما هو مطلوب من الناس في كل مرحلة”.
المكافأة الأمريكية لقتلي لم تقلقني
وحول مخاوفه من تخصيص الولايات المتحدة الأمريكية مكافأة قدرها عشرة ملايين دولار لمن يعطي معلومات عنه خلال قيادته “هيئة تحرير الشام” في إدلب قال الشرع، إن ذلك الأمر لم يكن يُسبّب له أي مخاوف، حيث كان يلتقي مع وفود من الخارج وكانت له العديد من التفاعلات مع الصحفيين.
وأضاف الشرع، “كان لدي كذلك اجتماعات منتظمة مع الجامعات والأساتذة والوزارات المختلفة. كنت ملتزمًا بخدمة الناس، والدفاع عنهم، وبناء المؤسسات، والعمل نحو اختراق دمشق لإسقاط هذا النظام وتحرير الشعب السوري، أثناء أداء مهامي، لم أولِ تلك المكافأة الكثير من الاهتمام. لم أكن أعتقد أن أحدًا سيسعى لهذه المكافأة لقاء قتل شخص كان مخلصًا في خدمة الناس”.
وأوقفت الولايات المتحدة الأمريكية رصد مكافأة مالية لمن يدلي عن معلومات حول أحمد الشرع، الذي كان معروفًا حينها باسم “أبو محمد الجولاني”.
مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، وبعد لقائها الشرع في دمشق، في 20 من كانون الأول 2024، قالت في مؤتمر صحفي افتراضي حضرته عنب بلدي، إن الوفد الأمريكي أخبر الشرع أن واشنطن لن تواصل رصد مكافآت للقبض عليه.
وكانت وزارة الخارجية الأمريكية أعلنت في تشرين الثاني 2020، عن مكافأة مالية تصل إلى عشرة ملايين دولار أمريكي مقابل الحصول على معلومات تتعلق بأحمد الشرع.
هل أنت مهووس بالسيطرة؟
كما وجه الصحفي البريطاني أليستر كامبل سؤالًا آخر للشرع، حيث قال له، “يصفك البعض بأنك مهووس بالسيطرة. هل توافق على هذا الوصف؟ وهل تعتقد أن موقعك يفرض عليك أن تكون متحكمًا في كل شيء؟
وتعليقًا على ذلك قال الشرع، “لا يمكن للإنسان أن يقيّم نفسه بنفسه. من الأفضل ترك الحكم للآخرين. أنا أحب أن يتم إنجاز العمل بإتقان، وأن يكون كل شخص على دراية بمسؤوليته. الأمر لا يتعلق بالسيطرة، بل بمسؤولية القيادة”.
وأضاف الشرع، “لو لم يكن هناك انضباط واحترام للقرارات، لكانت هناك فوضى عارمة تهدد السلم الوطني. عندما كنا نتقدم نحو دمشق عبر حلب وحماة وحمص، كنا نواجه مجتمعًا منقسمًا بسبب سياسات النظام. لو لم يكن هناك تنظيم وسيطرة على القوات، لكانت هناك تجاوزات قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار”.
وفي سؤال آخر، قال الصحفي كامبل، “هل كنت دائمًا ترغب في أن تكون رئيسًا؟ حتى عندما كنت مقاتلًا، هل كنت تفكر أن هذا جزء من السياسة؟”.
الشرع أجاب بالقول، “من يمر بتجربة مثل تجربتنا لا يهتم كثيرًا بالمناصب التي يحصل عليها. نحن نعيش في زمن يصنع فيه القائد المنصب. وليس المنصب هو الذي يصنع القائد. واجهنا تحديات كبيرة، وكنا بحاجة إلى مستوى عالٍ من النزاهة الأخلاقية للوصول إلى ما نحن عليه اليوم. السعي نحو الرئاسة كهدف نهائي هو عقلية خاطئة. نحن نركز على خدمة الناس بغض النظر عن المنصب الذي نشغله”.
“هل ما زلت تعتبر نفسك ثوريًا؟”
الصحفي البريطاني وجه سؤالًا للشرع مفاده، “هل ما زلت تعتبر نفسك ثوريًا؟”، حيث أجاب قائلًا، “أعتقد أن العقلية الثورية لا تستطيع بناء دولة. نحتاج إلى عقلية مختلفة عندما يتعلق الأمر ببناء دولة وإدارة مجتمع كامل. بالنسبة لي، انتهت الثورة بالمعنى السابق بإسقاط النظام”.
وأضاف الرئيس السوري، “الآن انتقلنا إلى مرحلة جديدة، تتعلق بإعادة بناء الدولة، والتنمية الاقتصادية، والسعي نحو الاستقرار والأمن الإقليمي، وطمأنة الدول المجاورة، وإقامة علاقات استراتيجية بين سوريا والدول الغربية والدول الإقليمية”.
وتابع الشرع قائلًا، “لقد كنتُ مقاتلًا، لكن ليس لأنني رغبتُ في القتال. واليوم أنا رئيس، ولكن ليس لأنني رغبتُ في أن أكون رئيسًا، عندما كنت مقاتلًا، كنت حريصًا جدًا على التأكد من أن المدنيين لم يتعرضوا للأذى في معاركنا، لا أزعم أنني خالٍ من الأخطاء، على العكس تمامًا. ارتكبنا بعض الأخطاء، ولكنها لم تصل إلى حد إيذاء المدنيين”.
كان الشرع قال في لقاء مع صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية، في 20 من كانون الأول 2024، “نحن اليوم في مرحلة بناء الدولة. الثورة السورية انتهت مع سقوط النظام ولن نسمح بتصديرها إلى أي مكان آخر، ولن تكون سوريا منصة لمهاجمة أو إثارة قلق أي دولة عربية أو خليجية مهما كان”.
رؤية الشرع لمستقبل سوريا
مقدم “البودكاست” البريطاني سأل الشرع، أن الكثيرين يريدون معرفة متى سيُعقد مؤتمر الحوار الوطني، ومتى يمكنهم الحصول على ضمانات بشأن الدستور، ومتى يمكنهم أن يأملوا في رؤية الانتخابات؟
ويرى الشرع أن سوريا تمر بمراحل عديدة، وأن الأولوية كانت لتثبيت الحكومة لمنع انهيار مؤسسات الدولة، “كان لدينا حكومة إدلب جاهزة لتولي المسؤولية بمجرد السيطرة على دمشق. منحنا ثلاثة أشهر لهذا الهدف، ثم سننتقل إلى المرحلة التالية التي تشمل إعلانًا دستوريًا، ومؤتمرًا وطنيًا، واختيار الرئيس”.
وأضاف الشرع، “قمنا بتعيين الرئيس وفق الأعراف الدولية بعد التشاور مع خبراء دستوريين. القوات المنتصرة عينت الرئيس، وألغت الدستور السابق، وحلّت البرلمان القديم. الآن سننتقل إلى الحوار الوطني، الذي سيشمل طيفًا واسعًا من المجتمع، وسيؤدي إلى توصيات تمهّد لإعلان دستور جديد، كما سيتم تشكيل برلمان مؤقت، وسيتولى هذا البرلمان تشكيل لجنة دستورية لصياغة الدستور الجديد”.
وحول العقوبات المفروضة على سوريا قال الشرع، إنه تم فرض العقوبات على النظام السابق بسبب جرائمه، مثل المجازر الجماعية، ولكن بعد سقوط النظام وتفكيكه، لم يعد هناك مبرر لهذه العقوبات، “لذا يجب رفعها فورًا”.
وختم أحمد الشرع حديثه بالقول، “ورثنا دولة مدمرة تمامًا بسبب النظام السابق. لكن هذا هو التحدي الذي يجب أن نواجهه كسوريين. علينا أن نعيد بناء بلدنا. صحيح أن هناك صعوبات، لكن لا شيء مستحيل. بالإرادة والعمل الجاد، يمكننا النهوض بسوريا وجعلها قصة نجاح إقليمية وعالمية”.
الشرع: لن نفرض التجنيد الإجباري وآلاف المتطوعين ينضمون الى الجيش السوري الجديد
دمشق- (أ ف ب) – قال الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، في مقابلة تمّ بثها الاثنين، إن آلاف المتطوعين ينضمون الى الجيش السوري الجديد، عقب إطاحة نظام الرئيس بشار الأسد وحلّ جيشه وأجهزة أمنه.
وفي مدونة صوتية (بودكاست) مع أليستر كامبل المتحدث السابق باسم رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، وروري ستيورات، الوزير البريطاني المحافظ السابق، قال الشرع وفق تصريحاته المترجمة الى اللغة الانكليزية إنه لم يفرض التجنيد الإجباري بل اختار التجنيد الطوعي، لافتا الى أن الآلاف انضموا إلى الجيش السوري الجديد.
قنصلية اسطنبول تستأنف إصدار جوازات السفر
استأنفت القنصلية السورية في اسطنبول استقبال طلبات استخراج وتجديد جوازات السفر.
وبدأت القنصلية اليوم، الاثنين 10 من شباط، تسلم الأوراق من المواطنين لبدء إجراءات إصدار الجوازات وتجديدها، وفق ما أكده موظف في القنصلية لعنب بلدي.
وأوضح الموظف أن التقدم للحصول على جواز سفر يتم عبر نظام الحجز الإلكتروني.
ويجب على المواطنين الراغبين بالحصول على جواز سفر جديد أو تجديد جوازاتهم الدخول إلى “المركز القنصلي الإلكتروني” عبر الرابط (www.ecsc-expat.sy)، وإنشاء حساب شخصي.
بعد ذلك، يتم الدخول إلى قسم “معاملاتي” في الصفحة الرئيسة واختيار خدمة “حجز دور في السفارة”، ثم استكمال البيانات المطلوبة.
وأشار الموظف إلى أن الحساب يتم إنشاؤه لمرة واحدة، مع ضرورة الاحتفاظ بمعلومات الدخول لاستخدامها لاحقًا.
كما نوه إلى أن منصة حجز المواعيد ستكون متاحة بشكل شهري، ما يسمح لكل شخص حجز موعد واحد فقط شهريًا.
وكانت وزارة الخارجية السورية أعلنت استئناف إصدار جوازات السفر للمواطنين السوريين المغتربين عبر السفارات والمكاتب القنصلية.
احتواء خليجي لسوريا.. ملفات على الطاولة
منذ سقوط نظام الأسد، بدأت الوفود الدولية تتهافت إلى دمشق بشكل شبه يومي، في محاولة لإعادة احتواء سوريا بعد سنوات من حربٍ عصفت بها وحوّلتها إلى مسرح لحربٍ بالوكالة بين الدول.
على رأس هذه الوفود، كانت الخليجية، في وقت تسعى فيه دول الخليج العربي إلى تعزيز العلاقات مع سوريا، واحتوائها كخطوة تهدف إلى إعادة سوريا إلى محيطها العربي.
التحركات الخليجية تجاه سوريا بعد سقوط الأسد مردّها أسباب كثيرة، تتعلق بنفوذ القوى الإقليمية في البلاد، وبتغيرات إقليمية ودولية، فضلًا عن رغبة هذه الدول بإيجاد حلول للأزمة السورية وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
مشهد سوري جديد
التغيرات الكبيرة المفاجئة التي طرأت على المشهد السوري فرضت مسارًا سياسيًا جديدًا على الدول انتهاجه، وخاصة دول الخليج العربي.
واتجه الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، إلى المملكة العربية السعودية، في 2 من شباط الحالي، في أول زيارة رسمية خارجية له بعد توليه منصب الرئاسة قبل أيام.
وقبيل التوجه إلى السعودية، زار أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، العاصمة دمشق، في 30 من كانون الثاني الماضي، وبحثت الزيارة العلاقات بين البلدين وسبل دعمها وتطويرها في مختلف القطاعات والمجالات، وبناء شراكة مستقبلية تعود بالنفع على البلدين وشعبيهما.
باهتمام كبير
الأكاديمي الإماراتي وأستاذ العلوم السياسية الدكتور عبد الخالق عبدالله، قال في حديث إلى عنب بلدي، إن “دول الخليج العربي تراقب المشهد السوري الجديد عن كثب وباهتمام كبير، فسوريا مهمة واستقرارها أولوية عربية وخليجية وابتعادها عن المحور الإيراني مكسب سياسي واستراتيجي ضخم”.
لذلك كانت دول الخليج العربي سباقة لزيارة دمشق واستقبال وفود سورية، بحسب عبد الله، بما فيها زيارة الرئيس احمد الشرع إلى الرياض كأول زيارة خارجية له بعد اختياره رئيسًا انتقاليًا لسوريا.
وتوقع الدكتور المزيد من التقارب الخليجي السوري والكثير من الدعم الخليجي بكل أشكاله كي تستعيد سوريا عافيتها.
يشاطره الرأي المحلل السياسي والعسكري السوري العقيد أحمد حمادة، الذي أكد لعنب بلدي أن “العلاقات السورية الخليجية علاقات متينة وقوية وخاصة بعد انتصار الثورة السورية، بالتوازي مع وقوف معظم الدول الخليجية مع القضية السورية”.
ويعتقد حمادة أن “زيارة الشرع إلى السعودية جاءت من أجل ضمان العلاقات السعودية السورية وبث الطمأنينة في الداخل السوري وخارجه، لما لديها من قوة اقتصادية وسياسية، وهي دولة كبرى في الإقليم والوطن العربي”.
ضمان العلاقات
من جانبه، يرى الخبير السياسي والأمني الأردني الدكتور عامر سبايلة أن “هناك رغبة حقيقية من سوريا ومن بعض الأطراف الخليجية لبدء علاقات جيدة مع سوريا، وهذا ينعكس بوضوح على سر السباق القطري والسعودي تجاه محور سوريا.
وتنعكس أهمية زيارة الشرع للسعودية بأنها أول محطة له خارج سوريا، وهي برمزيتها تأخذ بعدًا كبيرًا في فكرة اختياره السعودية، التي تحدث عنها في عدة لقاءات بشكل إيجابي جدًا، واعتباره لها نموذج يحتذى به، وفق الدكتور سبايلة.
وتحدث الشرع عن السعودية بأنها دولة إقليمية هامة جدًا، ولها تأثير كبير على الدول الكبرى، والشراكة بينها وبين سوريا الحديثة سيكون له أثرًا كبيرًا، وأبدى إعجابه برؤية المملكة السعودية لـ2030، معتبرًا أنها انقذت المملكة من خطأ استراتيجي في البنية الاقتصادية.
واختار الشرع أن يكون ظهوره الإعلامي الأول عربيًا عبر قناة “العربية” السعودية، ومع صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية كأول حوار مع صحيفة عربية.
إعطاء المساحة العربية فرصة واضحة
وفي حديث إلى عنب بلدي، فسر الدكتور عامر سبايلة توجه الشرع نحو السعودية بسياستها الواضحة، فـ”الرياض تريد أن تحتوي المنطقة، إذ أن هناك فرصة للدبلوماسية العربية الممثلة بالسعودية وملء الفراغ الإيراني الذي تشكل في سوريا ولبنان، وبالتالي نتحدث عن توجه سوري لاستيعاب الأمر، وإعطاء المساحة العربية فرصة واضحة بعد التحرير”.
ويمكن قراءة زيارة أمير قطر وفق زاوية خليجية، بحسب سبايلة، ولكن “هناك بعد أكبر بالنسبة لقطر، باعتبارها الدولة الوحيدة التي أصرت على مشروع عدم الاعتراف ببشار الأسد والإبقاء على دعمها المعلن للثورة السورية”.
وأوضح، “وأيضًا من ناحية تحالفها مع تركيا وعلاقتها الجيدة مع إيران، وهذا كله يشير لمحاولة قطر بإعلانها أنها اللاعب الأبرز في سوريا حاليًا”.
وبدوره، يعتقد العقيد أحمد حمادة أن “هناك قواسم مشتركة بين الدول العربية ككل وبين سوريا، كونها استطاعت طرد القوات الإيرانية من سوريا وهذا كان مطلبًا خليجيًا وعربيًا”.
وكانت طهران صاحبة النفوذ الأكبر في سوريا، إلى جانب موسكو، منذ عام 2011، لكن حضورها بات معدومًا تقريبًا مع سقوط النظام السابق، في 8 من كانون الأول، وتولّي إدارة الشرع مسؤولية المرحلة الانتقالية.
الأمن ثم الاقتصاد.. ملفات تنتظر الحل
ترتقب الأوساط السياسية الملفات التي ستفتح ويتم التركيز عليها بين سوريا ودول الخليج العربي، متسائلة: هل سيكون التركيز أولًا على الشأن السياسي السوري بما فيه الملف الأمني أم على الدعم الاقتصادي في محاولة إسعافية لدول الخليج العربي لإنعاش الاقتصاد السوري؟
وهنا، أشار الأكاديمي الإماراتي الدكتور عبد الخالق عبد الله إلى أن “هناك ملفات عديدة تستحق الحوار بين دمشق والعواصم الخليجية، ربما في المقدمة محاربة الإرهاب واحتواء ما تبقى من (داعش) على الأرض السورية، ثم هناك ملف إنهاء صناعة المخدرات والتأكيد على عدم استئنافه من جديد”.
وأضاف أن “دول الخليج العربي ستسهم في عودة النازحين واللاجئين إلى ديارهم، ثم هناك مهمة إعادة إعمار سوريا، ولدى دول الخليج العربي القدرة والرغبة في تحديث البنية التحتية التي تضررت كثيرًا خلال السنوات الـ15 الأخيرة”.
تضاف هذه الملفات إلى “المساعدة في بناء جيش سوري على أسس جديدة وإعادة تأهيل الإدارة السورية وفق معايير عالمية، وهنا سيكون للإمارات السبق في هذا المجال”، بحسب عبد الله.
في حين يعتقد الدكتور عامر سبايلة أن “سوريا يمكن أن تبدأ بالتركيز على إعادة بناء سياساتها بدءًا من الإقليم، فالبعد العربي مهم جدًا، واختيار السعودية عنوان مهم في رسم سياستها، والملفات المهمة التي يتم التركيز عليها عنوانها الأساسي ينبغي أن يكون الملف الأمني والاستقرار ومحاربة المخدرات”.
ورجح أن “هذه الأوراق بيد الإدارة السورية اليوم بشكل كبير، والجزء الثاني يتبلور في المصالح الاقتصادية التي يمكن أن تبنى بمصالح طويلة الأمد، عبر مشاريع كبرى وهذا يكون أحد أهم العناوين التي يمكن أن تجعل من سوريا قادرة على إعادة بناء علاقاتها مع الإقليم بطريقة متزنة”.
فيما يرى العقيد أحمد حمادة أن “الدول الخليجية قوى اقتصادية وسياسية كبرى لديها علاقات مع الدول العربية وأمريكا، والسعودية وبعض الدول الخليجية لعبت دورًا في الرفع الجزئي لمدة عام من العقوبات الدولية على سوريا”.
واعتبر أن “العلاقات الخليجية ستقوي العلاقات السورية العالمية، وستكون الدول العربية والخليجية عاملًا إيجابيًا من أجل الثقة في هذه الحكومة والقيادة الجديدة بسوريا، وبالتالي بعض الدول ستحذو حذو الدول الخليجية نحو سوريا”.
تخوف من النفوذ التركي
ونتيجة الدعم التركي لـ”قوى المعارضة” منذ بداية تشكلها، والتي أنتجت هيئات تسلمت الحكم اليوم في سوريا، تكمن بعض المخاوف العربية من استبدال النفوذ الإيراني بالنفوذ التركي.
وخاصة أن لتركيا مصالح سياسية وعسكرية في سوريا، أهمها القضاء على “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في شمال وشرقي سوريا، لمنع إقامة هذه القوات “إقليمًا انفصاليًا” حسب ما تسميه تركيا، الذي يشكل خطرًا على أمنها الحدودي.
وقال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن القيادة السورية الجديدة عاقدة العزم على اجتثاث من وصفهم بـ”الانفصاليين” هناك.
وأضاف أن “الإدارة الجديدة في سوريا تظهر موقفًا حازمًا للغاية في الحفاظ على وحدة أراضي البلاد وهيكلها الموحد”.
وعلق الدكتور عبد الخالق عبدالله أن “تركيا دولة مهمة بالنسبة لسوريا بحكم قربها الجغرافي وعلاقاتها الأمنية والعسكرية الواسعة مع قادة (هيئة تحرير الشام)، لذلك من المهم التنسيق مع تركيا مع التأكيد على ألا تصبح سوريا الجديدة ولاية تركية”.
يمكن القول، بحسب عبد الله، أن بعد مرور نحو شهرين على سقوط نظام البعث في سوريا، هناك جوانب مشرقة في المشهد السوري الجديد وهو ما يجب البناء عليه وتعزيزه مستقبلًا.
فيما يعتقد الدكتور عامر سبايلة أننا لا نتحدث عن حالة المنافسة مع تركيا بالنسبة للسعودية بقدر عدم رغبة السعودية بترك الفراغ الذي تشكل في سوريا، آخذًا بعين بالاعتبار محاولات التقارب بين السعودية وتركيا بعد الأزمة الخليجية.
ورجح أن “الأمر أقرب إلى صيغة التفاهمات على المصالح، فيمكن اعتبار أن السعودية تقوم بدورها ولا تظهر أي رغبة بأي اصطدام أو منافسة أو إخراج أي طرف من سوريا”.
وتبقى التوقعات بعودة سوريا لمكانتها السياسية وخصوصيتها العربية رهن سير الأحداث المرتبطة بالتغيرات الإقليمية والدولية، وخاصة قرارات الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، وكيفية تعاطيه مع الملف العربي عامة والسوري خاصة.
روسيا تبدي استعدادها لدعم إعادة إعمار سوريا
قال المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، إن موسكو مستعدة لمساعدة سوريا في مرحلة إعادة الإعمار.
وأضاف نيبينزيا أن المباحثات الأخيرة بين روسيا وسوريا أكدت التزام الطرفين بمواصلة بناء التعاون الثنائي متعدد الأوجه على أساس “مبادئ الصداقة التقليدية والاحترام المتبادل”، .
جاء ذلك في مقابلة لنيبينزيا مع وكالة أنباء “ريا نوفوستي” الروسية نشرتها اليوم، الاثنين 10 من شباط، قال فيها إن روسيا مستعدة لتقديم المساعدة اللازمة للسوريين، مع التأكيد على قدرة الشعب السوري على “التعامل مع التحديات دون تدخل خارجي”.
وأشار المندوب الروسي إلى أن الصداقة بين روسيا وسوريا قد “اختُبرت عبر الزمن ولا تعتمد على الوضع السياسي”.
وأوضح أن موسكو مهتمة بأن تشارك جميع القوى السياسية والمجموعات العرقية والدينية في البلاد في حوار شامل يسهم في تحقيق الاستقرار والتعافي.
وأكد أهمية دور الأمم المتحدة بدعم العملية السياسية في سوريا ضمن حوار شامل.
مباحثات مستمرة
أبدت وزارة الدفاع السورية استعدادها للسماح لروسيا بالاحتفاظ بقواعدها الجوية والبحرية على الساحل السوري، شرط أن تخدم أي اتفاقات مع موسكو مصلحة البلاد.
وقال وزير الدفاع في حكومة دمشق المؤقتة، مرهف أبو قصرة، في 6 من شباط الحالي، إن موقف روسيا تجاه الحكومة السورية الجديدة تحسن منذ سقوط النظام السابق.
وأشار إلى أن دمشق تدرس مطالب موسكو ضمن نهجها “البراغماتي” في إعادة رسم التحالفات.
ومن جانبه، قال وزير الداخلية في حكومة دمشق المؤقتة، علي كده، في 4 من شباط الحالي، إن التعاون مع روسيا يخدم المصلحة السورية.
كما أشار إلى أن العلاقة بين البلدين تقوم على الاحترام المتبادل للسيادة.
وأضاف أن المفاوضات حول القواعد الروسية مستمرة، ومن المتوقع الإعلان عن نتائجها قريبًا.
وبالمقابل، أشار وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إلى وجود تحديات تواجه السلطات السورية الجديدة، مؤكدًا ضرورة تعزيز الحوار الوطني.
كما انتقد محاولات الغرب لإبعاد روسيا والصين وإيران عن التسوية السورية، قائلًا، “إن هذه المحاولات، لا يمكن أن تكون مدفوعة بالنيات الحسنة، لكنها تكشف مع ذلك عن خطط الغرب لدفع منافسيه للتنحي جانبًا”.
وكان مكتب الرئاسة الروسية (الكرملين) أعلن، في 3 من شباط الحالي، أن روسيا ستواصل الحوار مع السلطات السورية الجديدة حول مختلف القضايا، بما في ذلك الاتفاقات المتعلقة بالقواعد العسكرية الروسية في سوريا.
وزار وفد روسي سوريا، نهاية كانون الثاني الماضي، وقال المبعوث الروسي الخاص للشرق الأوسط، ميخائيل بوغدانوف، إن الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، ترأس المباحثات مع الوفد الروسي، واصفًا اللقاء بأنه كان “بناء وعمليًا”.
وتعد زيارة الوفد الروسي الأولى من نوعها لمسؤولين روس إلى دمشق بعد إسقاط نظام بشار الأسد، وهروبه إلى موسكو في 8 من كانون الأول 2024.
قبيل سقوط النظام السوري، تحدثت الإدارة السورية الجديدة أن روسيا يمكن أن تكون شريكًا محتملًا في المستقبل.
“رئاسة الوزراء” تحل اتحاد الصحفيين في سوريا

رئيس الوزراء في حكومة دمشق المؤقتة محمد البشير خلال حفل تكريم ذوي قتلى معارك ردع العدوان بالمركز الثقافي في إدلب – 7 شباط 2025 (رئاسة مجلس الوزراء/ تلجرام)
أعلنت رئاسة الوزراء بحكومة دمشق المؤقتة عن حل المؤتمر العام لاتحاد الصحفيين السوريين وتشكيل مكتب مؤقت لإدارة الاتحاد.
وتضمن القرار الذي صدر في 6 من شباط الحالي، ونشرته وكالة الأنباء السورية (سانا) اليوم، الاثنين 10 من شباط، تعيين محمود الشحود رئيسًا للمكتب المؤقت، إضافة إلى ستة أعضاء هم إسماعيل الرج ومحمود أبو راس وميلاد فضل وماجد عبد النور وعلي الأمين وبراء عثمان.
ووفق القرار الموقع من رئيس مجلس الوزراء، محمد البشير، يمارس المكتب المؤقت كل صلاحيات المكتب التنفيذي ومجلس الاتحاد.
معظم الأعضاء الجدد في المكتب المؤقت عملوا في الشمال السوري قبل سقوط النظام السابق، بمناطق سيطرة الفصائل المعارضة حينها في وسائل إعلامية متعددة.