نواب “الكونجرس” يمهدون طريق دمشق

عضو الكونجرس الأمريكي مارلين ستوتزمان أمام سجن صيدنايا بدمشق – 19 نيسان 2025 (عنب بلدي/ أنس الخولي)
– موفق الخوجة
تشهد العلاقات الأمريكية- السورية بعد سقوط النظام السوري السابق انفتاحًا حذرًا ومشروطًا، تشير إليه زيارات نادرة لوفود أمريكية ولقاءات من دبلوماسيين من واشنطن، مقابل شروط ثمانية وضعتها الأخيرة أمام منح الثقة ورفع العقوبات.
تمثلت أحدث زيارة أمريكية إلى سوريا بقدوم وفد أمريكي إلى العاصمة السورية دمشق، يرأسه النائبان في “الكونجرس” الأمريكي، مارلين ستوتزمان من ولاية إنديانا، وكوري ميلز من ولاية فلوريدا، وهما من الحزب “الجمهوري” الذي ينتمي إليه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.
الوفد جاء بصفة غير رسمية، ورافقه أفراد من الجالية السورية في أمريكا، إلا أنه تزامن مع طرح الولايات الأمريكية شروطها الثمانية على الإدارة السورية.
ما شكل العلاقات؟
العلاقات بين سوريا والولايات المتحدة الأمريكية بعد حكم حزب “البعث” والأسدين، حافظ وبشار الأسد، شهدت فتورًا وصل حد القطيعة، إذ اتجه النظام السابق إلى المعسكر الشرقي، نحو روسيا والصين ومن دار في فلكهما.
وتلقت سوريا سلسلة من العقوبات الأمريكية، افتتحتها عام 1979، بسبب التدخل السوري في الحرب اللبنانية، وموقفها من بعض الأحزاب الفلسطينية.
وضيّقت واشنطن خناق العقوبات على دمشق بعد مجيء بشار الأسد لسدة الحكم، بشكل متسلسل، لعدة مراحل وأسباب مختلفة.
وبعد سقوط النظام، سرت العلاقة بين الحكم الجديد والإدارة في واشنطن بوتيرة تشي بانفتاح جزئي وحذر من الجانب الأمريكي.
أول تواصل رسمي جرى بعد أيام من سقوط الأسد، في 20 من كانون الأول 2024، وأعقبه إيقاف رصد مكافأة مالية لمن يدلي بمعلومات عن الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع.
زيارة النائبين
جاءت زيارة النائبين في “الكونجرس” ميلز وستوتزمان، في 18 من نيسان الحالي، وتخللتها جولات لأماكن مدمرة بفعل العمليات العسكرية، ولسجن “صيدنايا” سيئ الصيت، إضافة إلى لقاء رجال دين مسيحيين ومسؤولين سوريين.
أبرز ما حدث في الزيارة هو لقاء النائبين بشكل منفرد مع الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع.
اللقاء الأول تم مع ميلز، في مساء اليوم الأول لقدوم الوفد، واستمر 90 دقيقة، وتناول عدة ملفات، منها العقوبات وإيران، وفق وكالة “رويترز”.
وفي مقابلة لميلز على التلفزيون “العربي” القطري، قال إنه ناقش مع الشرع رؤيته لعملية الانتقال السياسي في البلاد، والانتقال إلى الحوكمة والديمقراطية الحرة، بعد سقوط النظام السوري السابق.
وذكر أن الطرفين تحدثا عن العلاقة مع إسرائيل، مؤكدًا أن الشرع أبدى انفتاحًا للعلاقة مع تل أبيب.
تركيز على أمن إسرائيل
العضو الآخر، ستوتزمان، التقى أيضًا بالشرع في ختام زيارة الوفد الأمريكي، في 21 من نيسان.
وبمقابلة لستوتزمان مع صحيفة “جيروزاليم” الإسرائيلية، أكد النائب الأمريكي أيضًا أن الشرع منفتح على علاقة مع إسرائيل وفق اتفاقات “أبراهام”.
اتفاقيات “أبراهام” هي سلسلة من اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية التي توسط فيها ترامب خلال ولايته الأولى.
وبحسب ستوتزمان، طرح الشرع عدة شروط، أهمها بقاء سوريا دولة موحدة ذات سيادة.
“انطباعات جيدة”
أشار ستوتزمان في لقائه مع “جيروزاليم” إلى أن المحادثة مع الشرع كانت “جيدة جدا” قائلًا، إنه “كان هادئًا ومتفهمًا، ومن الواضح أنه يبذل جهدًا كبيرًا في كل ما يحدث، منذ أن تولى السلطة في سوريا”.
الباحث بمركز “جسور للدراسات” وائل علوان، أشار إلى أن هناك دلالة “جيدة” للزيارات المتتالية للمسؤولين الأمريكيين إلى دمشق، والتي كان أحدثها لوفد من “الكونجرس” الأمريكي.
تشير هذه الدلالات، بحسب حديث علوان لعنب بلدي، إلى بناء انتقال سياسي جديد في سوريا، مؤكدًا أن الزيارات المتتالية ستثمر تفاهمات.
في ذات الوقت، قال الباحث علوان، إن هناك انفتاحًا مشروطًا من الولايات المتحدة الأمريكية، يقع ضمن الانفتاح الغربي الكامل على الانتقال السياسي الذي بدأ فعلًا بسقوط نظام الأسد، لكن بوتيرة أقل.
وأضاف أن مسار العلاقات الغربية مع دمشق، ومنها الأمريكية، سيكون في تطور مستمر.
ماذا عن العقوبات؟
العضوان، ومن خلال لقاءاتهما التي أعقبت الزيارة، أكدا أن قرار رفع العقوبات عن سوريا، هو بيد الرئيس ترامب.
ستوتزمان أكد للصحيفة الإسرائيلية، أن الرئيس السوري، الشرع، لا يريد الأموال من الولايات المتحدة، وهو يحتاج فقط إلى رفع العقوبات، ويعتقد النائب الأمريكي أن ذلك الأمر “يستحق النظر فيه”.
وخلال زيارة ستوتزمان لسجن “صيدنايا”، قال في مؤتمر صحفي، حضرته عنب بلدي، إن “رفع العقوبات سيكون دفعة اقتصادية كبيرة، لكن القرار في نهاية المطاف يعود للرئيس الأمريكي دونالد ترامب”.
النائب ميلز، ربط رفع العقوبات بمعايير تنسحب على ضمان ألا تُصبح سوريا أداة للنظام الإيراني، وأن تكون لواشنطن القدرة على تنفيذ العمليات في الإقليم، إضافة إلى توقف “الاضطهاد” المبني على الجندر والمعتقد الديني والمستوى الاجتماعي، وفق تعبيره.
ووعد عضو “الكونجرس” الأمريكي ميلز أن يشارك زملاءه والرئيس الأمريكي مشاهداته في سوريا، مشجعًا على القدوم إليها لرؤية التغييرات التي تحدث، وفق تعبيره.
من جانبه، قال الباحث علوان، إن النائبين في “الكونجرس” هما جزء من صناعة القرار الأمريكي، مؤكدًا أن الأهمية تكمن بالرسائل المنقولة من واشنطن إلى دمشق وبالعكس، والتي يرى علوان أنها ستكون إيجابية.
ما رسائل واشنطن؟
تزامنت زيارة عضوي “الكونجرس” مع عرض واشنطن ثمانية شروط مقابل بناء الثقة مع دمشق، وتخفيف العقوبات.
العضوان من خلال مقابلاتهما أشارا إلى حديث دار مع الشرع بالملفات التي تضمنتها الشروط الثمانية، إلا أنهما لم يؤكدا نقل رد مباشر من دمشق لواشنطن.
ثمانية شروط وضعتها واشنطن أمام دمشق مقابل ”بناء الثقة” وتخفيف العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا:
-
تشكيل جيش مهني وعدم وضع المقاتلين الأجانب في مناصب قيادية حساسة.
-
الوصول إلى جميع منشآت السلاح الكيماوي والبرنامج الخاص به.
-
تشكيل لجنة للمفقودين الأمريكيين بينهم الصحفي أوستون تايس.
-
تسلم عائلات تنظيم “الدولة الإسلامية” من معسكر “الهول” الواقع تحت سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) شمال شرقي سوريا.
-
التزام علني بالتعاون مع التحالف الدولي في محاربة تنظيم “الدولة”.
-
السماح لأمريكا بتنفيذ عمليات مكافحة “الإرهاب” على الأراضي السورية ضد أي شخص تعتبره واشنطن تهديدًا للأمن القومي.
-
إصدار إعلان رسمي عام يحظر جميع التنظيمات الفلسطينية والأنشطة السياسية في سوريا، وترحيل أعضائها لتهدئة المخاوف الإسرائيلية.
-
منع تموضع إيران وتصنيف كل من “الحرس الثوري” الإيراني و “حزب الله” اللبناني تنظيمات إرهابية.
ماذا ردت دمشق؟
بحسب وكالة “رويترز”، ردت دمشق على معظم الشروط الأمريكية، دون أن تشير إلى كيفية إيصال الرسالة، لكنها قالت إنها وصلت في 14 من نيسان الحالي.
الوكالة قالت إن وزير الخارجية السوري سيناقش محتواها مع الإدارة الأمريكية خلال زيارته إلى نيويورك.
وتضمنت الرسالة الرد على خمسة مطالب، في حين بقيت المطالب الأخرى “معلقة” للنقاش، ومن أبرز ما جاء في الرسالة:
- تعهدات بشأن إنشاء مكتب للتواصل للعثور على الصحفي الأمريكي المفقود أوستن تايس.
- تفصيل عمل دمشق في التعامل مع مخزونات الأسلحة الكيماوية.
- عدم التسامح مع أي تهديدات للمصالح الأمريكية أو الغربية في سوريا.
- تشكيل لجنة لمراقبة أنشطة الفصائل الفلسطينية، وعدم السماح للفصائل المسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة بالعمل.
- تواصل مستمر بين سلطات مكافحة الإرهاب السورية وممثلي الولايات المتحدة في عمان بشأن مكافحة تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وبقيت ملفات مثل المقاتلين الأجانب وتنفيذ ضربات أمريكية في سوريا معلّقة للنقاش، فيما لم تذكر الوكالة نقطة تسلّم دمشق إدارة مخيمات شمال شرقي سوريا التي تضم عوائل ومقاتلي تنظيم “الدولة”.
“دمشق لا تربكها الشروط”
الباحث علوان يرى أن دمشق لا ترتبك كثيرًا بالشروط الأمريكية، لأنها بمجملها توافق التوجه السوري.
يتمثل التوجه السوري، وفق علوان، بنقل سوريا من دولة هي محور بنقل المشكلات وإثارة النزاعات على مستوى المنطقة، إلى دولة تكون محورًا للأمن والاستقرار.
وأضاف أن هناك توافقًا كبيرًا على جملة من الشروط، لافتًا إلى أن بعضها أكدت القيادة السورية أنها ناقشتها مع الولايات المتحدة الأمريكية سابقًا، متوقعًا الوصول إلى صيغ توافقية.
مقابلات إعلامية تتحول إلى محاكمات علنية في سوريا

مقابلة إعلامية مع المتورط بانتهاكات بحق السوريين، تيسير محفوض – 23 نيسان 2025 (جميل الحسن/ لقطة شاشة)
عنب بلدي – حسن إبراهيم
من داخل غرفة وبحضور عناصر من إدارة الأمن العام السوري، أطل إعلاميون عبر عدسات كاميراتهم، وعرضوا فيديوهات متفرقة لمقابلات إعلامية حول ملابسات القبض على المتورط بانتهاكات بحق السوريين تيسير محفوض.
هذه المقابلات أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط الصحفية والحقوقية، وانتقادات بخرق المعايير المهنية والأخلاقية للعمل الإعلامي، إذ يرى البعض فيها خطوة لكشف الحقيقة وتوثيقًا للجرائم ومرتكبيها، في حين يعتبرها آخرون انتهاكًا لحقوق المتهمين، وتجاوزًا لدور الإعلام بتحوّله إلى أداة “تحقيق ميداني”.
مقابلات أم تحقيق؟
وفق رصد عنب بلدي، أجرى كل من الناشطين الإعلاميين هادي العبد الله وجميل الحسن وظلال قطّيع، ثلاث مقابلات منفصلة مع تيسير محفوض، تضمنت أسئلة مماثلة، وكانت أشبه بأخذ اعترافات منه، بينما بدت آثار الكدمات على وجهه.
هذه المقابلات كانت في 23 من نيسان الحالي، بعد أن ألقى الأمن العام القبض على تيسير محفوض، الذي كان يعمل لدى فرع الأمن العسكري “215” (سرية المداهمة)، والمتهم بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين في العاصمة دمشق، ترقى لأن تكون جرائم حرب، بحسب ناشطين حقوقيين.
وتركزت الانتهاكات التي ارتكبها محفوض في أحياء المزة وكفرسوسة، بالإضافة إلى مسؤوليته عن تغييب أكثر من 200 شخص، غالبيتهم من أبناء هذين الحيين، في سجون النظام البائد.
لم تكن المقابلات الأولى من نوعها، فقد سبقتها، في شباط الماضي، مرافقة أحد الإعلاميين لعناصر الأمن العام خلال اعتقال أحد المتورطين في مجازر حي التضامن، وتضمنت مقابلة الإعلامي مع المتورط أسئلة مماثلة، وكانت أشبه بأخذ اعترافات، كما أنه حمل بين يديه عظمة ذكر بأنها تعود لأحد الضحايا، دون التنبّه لأهمية المكان واعتباره “مسرح جريمة”.
في آب 2024، قال المعتقل السابق في سجون “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، محمد نور دعبول، إن مراسل قناة “العربية” جمعة عكاش تعامل معه كمحقق وليس كمراسل، وأجبره على الإدلاء باعترافات غير صحيحة.
الشاب قضى خمس سنوات في سجون “قسد”، وخرج بصفقة تبادل بين الأخيرة و”الجيش الوطني السوري” حينها، فوجئ بتسجيل مصور عبر قناة “العربية”، يتضمن اعترافات له بمشاركته في معارك ليبيا كـ”مرتزق”.
وقال الشاب لعنب بلدي، إنه أعطى أقوالًا محددة تحت الضغط وخوفًا من التعذيب، وأكد على تواطؤ مراسل “العربية” مع المحققين في انتزاع أقوال منه، معتبرًا أن القناة شوهت سمعته، مطالبًا إياها بتوضيح واعتذار رسمي، دون أن يناله حتى الآن.
خروقات مهنية
بالنظر إلى المواثيق والمعايير المهنية والأخلاقية للصحافة، فإن هذا النوع من المقابلات يتضمن خروقات عدة منها التشجيع على العنف، والانتقام المعنوي، وانتهاك خصوصية وحقوق الأفراد.
مدير مركز الحريات الصحفية في “رابطة الصحفيين السوريين”، إبراهيم حسين، قال لعنب بلدي، إن قيام الإعلاميين بإجراء لقاءات مع متورطين بانتهاكات وخاصة في خضم العمليات الأمنية الهادفة لاعتقالهم يتضمن مآخذ مهنية وأخلاقية كبيرة.
وأضاف أن هناك انتهاكًا لقرينة البراءة، إذ إن ظهور شخص متهم بارتكاب انتهاكات في الإعلام، والتعامل معه على أنه مجرم دون محاكمة عادلة أو إدانة قضائية مبرمة يشكل خرقًا لقاعدة أساسية من قواعد العدالة، وهي أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، كما قد يشكل عرضه بهذه الطريقة ضغطًا غير مباشر على وجدان الهيئة القضائية التي يفترض بها محاكمته لاحقًا دون انحياز ودون تأثر.
إذا كانت المقابلة الإعلامية تتخذ طابع التحقيق مع المتهم، فإنها تشكل خلطًا خطيرًا بين مهمة الصحفي وواجبه وبين وظيفة القاضي، مما يخل بالدور الأصلي للصحافة المتمثل بنقل المعلومات دون إصدار الأحكام.
إبراهيم حسين
مدير مركز الحريات الصحفية في “رابطة الصحفيين السوريين”
من جانب آخر، ذكر حسين أن نشر مقابلات مع محتجزين بعناوين مثيرة، وأسئلة تستدعي مشاعر الغضب، قد يؤجج الكراهية، ويعزز الرغبة في الانتقام لدى الضحايا أو ذويهم.
وأوضح أن تصوير الشخص، ونشر تفاصيل هويته، وذكر وقائع وأدلة مهمة على العلن، قد يؤدي للإضرار بسلامته أو سلامة عائلته، لافتًا إلى أنه انتهاك واضح للخصوصية وحقوق الإنسان، وربما يندرج في إطار الحض على العنف.
من يضبط التجاوزات المهنية؟
يعزو ناشطون وإعلاميون تجاوزاتهم وخروقاتهم المهنية إلى تحقيق العدالة ونقل أصوات الناس المهمشين، ويرى بعضهم أنه يخوض معركة أخلاقية ضد الظلم، ويشفي صدور الناجين وذوي الضحايا، ما يعيد طرح تساؤلات حول المسؤول عن ضبط هذه التغطيات، سواء في حالة الإعلامي المنتمي لمؤسسة أو الناشط الإعلامي المستقل.
مدير مركز الحريات الصحفية في “رابطة الصحفيين السوريين”، إبراهيم حسين، يرى في حالة الصحفي الذي يعد المادة لمؤسسة إعلامية أن إدارة التحرير في المؤسسة عليها الامتناع عن نشر مواد كهذه، ووجوب اعتماد سياسات تحريرية واضحة تمنع هذا النوع من التغطيات أو تضبطها وفق المعايير المهنية والأخلاقية، مؤكدًا ضرورة مراجعة المواد قبل نشرها وتقدير ما إذا كانت تلتزم بالمعايير أم لا.
أما الإعلامي المستقل، فواجبه الشخصي أن يلتزم بالمواثيق الأخلاقية حتى دون تعاقده مع مؤسسة إعلامية، وقد يعرض نفسه بالطبع لعقوبات ربما تفرضها القوانين إن أدى فعله لوقوع ضرر أكيد أو حصول تأثير على الأدلة، أو إذا اعتبر تدخلًا في عمل السلطات.
ومن وجهة نظر حسين، فإن الأطر النقابية الإعلامية لها دور كبير يجب أن تمارسه في توعية الناشطين والإعلاميين الشباب، وتعريفهم بالمعايير الأخلاقية والمهنية للصحافة، وكذلك تعرية هذه الأخطاء ونقدها علنًا، كخطوة قد تسهم في ضبط الانفلات الإعلامي، وتحفيز الالتزام بمواثيق شرف المهنة وآدابها.
وفي 7 من كانون الثاني الماضي، دعت منظمة “مراسلون بلا حدود” إلى أهمية تنفيذ سبعة إجراءات من قبل الإدارة السورية الجديدة لتحسين حرية الصحافة في سوريا، منها تحقيق العدالة للصحفيين الذين وقعوا ضحايا لنظام الأسد السابق، وإلقاء الضوء على مصيرهم ومكان وجودهم.
إفراجات عن متورطين بجرائم حرب تثير غضب السوريين
حسن إبراهيم
بعد ساعات من توقيفه، أطلقت الحكومة السورية سراح زياد مسوح، أحد قادة ميليشيا “نسور الزوبعة”، الجناح العسكري للحزب “السوري القومي الاجتماعي”، رغم ملفات ثقيلة واتهامات تلاحقه بارتكاب انتهاكات موثقة ضد المدنيين السوريين خلال سنوات الحرب.
الإفراج السريع عن مسوح في بلدة مرمريتا بمنطقة وادي النصارى في ريف حمص، دون إعلان رسمي أو توضيحات عن الأسس القانونية أو السياسية التي اعتمدت للإفراج، خلق حالة غضب في الشارع السوري، وتساؤلات حول مدى التزام الأجهزة الأمنية بمحاسبة المتورطين في جرائم حرب.
مسوح واحد من عدة أشخاص أفرجت السلطات السورية عنهم مؤخرًا، في خطوة يراها سوريون وذوو الضحايا تقوض مسار المحاسبة والعدالة الانتقالية، وتزيد الاحتقان في أوساط السوريين الذين لا يزالون يتطلعون لتحقيق العدالة.
ودعت إلى إلغاء جميع الإجراءات والممارسات التي تقوم بها الجماعات الحكومية وغير الحكومية التي تعوق عمل الصحفيين ووسائل الإعلام، وإطلاق سراح الصحفيين الذين وقعوا ضحايا لفصائل المعارضة، والبحث عن الصحفيين المختطفين، وتحديد جميع الأطراف المسؤولة عن الجرائم ضد الصحفيين وتقديمهم للعدالة، وضمان ترسيخ حرية الصحافة.
ما خيارات الحكومة السورية أمام تحركات تنظيم “الدولة”

مقاتلون في تنظيم “الدولة الإسلامية” يشاهدون إصدارًا للتنظيم بعنوان “حياة الجهاد” (معرف غرب إفريقيا التابع للتنظيم)
عنب بلدي – خالد الجرعتلي
لم يخفِ تنظيم “الدولة الإسلامية” عداءه للإدارة السورية الجديدة منذ سقوط نظام الأسد في دمشق، في 8 من كانون الأول 2024، إذ اعتبر أن فصائل المعارضة السورية التي أسقطت النظام هي “بيادق تركية” تتحارب مع “بيادق إيرانية”.
وتوعد التنظيم السلطات السورية باستمرار قتالها، في وقت رُصد فيه ارتفاع نشاطه في الشرق السوري، تزامنًا مع عمليات أمنية ينفذها حلفاء أمريكا في المنطقة، لمنع التنظيم من استغلال المشهد.
وفي 9 من نيسان الحالي، قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، إن التنظيم أظهر نشاطًا متجددًا في سوريا واستعاد قوته، كما استقطب مقاتلين جددًا وزاد من عدد هجماته، وفقًا لمسؤولين من الأمم المتحدة والولايات المتحدة، ما يزيد خطر عدم الاستقرار في سوريا.
وذكرت الصحيفة أن تنظيم “الدولة” وإن كان بعيدًا عن قوته التي كان عليها قبل عقد من الزمان، عندما كان يسيطر على أجزاء واسعة من سوريا والعراق، فإن الخبراء يحذرون من أنه قد يجد طريقة لتحرير آلاف من مقاتليه المتمرسين المحتجزين في سجون “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).
وعلى وقع المطالب الأمريكية، والدفع التركي، لمحاربة التنظيم في سوريا، انخرطت الإدارة السورية في غرفة عمليات مشتركة مع العراق والأردن وتركيا، بهدف محاربة التنظيم، دون إظهار أي تقدم معلن في هذا الملف، في وقت حاول فيه التنظيم تنفيذ هجمات في العمق السوري، عقب سقوط النظام.
تحركات مضادة للتنظيم
تزامنًا مع التحركات العسكرية التي أفضت إلى سقوط النظام، كانت تحركات التنظيم ضمن أولويات الإدارة الأمريكية التي تقود التحالف الدولي، إذ شنت ضربات جوية متكررة عقب سقوط الأسد، قالت إنها استهدفت مواقع للتنظيم، الذي كان يحاول استغلال حالة الفوضى في سوريا.
وتحرك حلفاء واشنطن في أكثر من اتجاه للحد من تحركات التنظيم، إذ أعلنت “قسد” عن تحركها باتجاه مدينة دير الزور شرقي سوريا، بهدف منع التنظيم من السيطرة على أراضٍ جديدة، بينما تحرك “جيش سوريا الحرة” للسيطرة على ريف حمص الشرقي للهدف نفسه، ولا يزال منتشرًا في هذه المناطق.
ونشط التنظيم على مدار السنوات الماضية في منطقة البادية السورية المحاذية للحدود مع العراق، بين محافظتي حمص ودير الزور.
وفي حديث سابق لعنب بلدي قال قائد “جيش سوريا الحرة”، سالم تركي العنتري، إن “الجيش” انطلق من قاعدة “التنف” تزامنًا مع تقدم فصائل المعارضة نحو دمشق، من مبدأ حماية المدنيين، ودرء خطر تنظيم “الدولة” وقطع طرق تنقله.
وأضاف أن مجموعات التنظيم أرادت استغلال انسحاب قوات النظام المخلوع من المنطقة الوسطى، وتحرك بهدف السيطرة على أسلحة ومعدات كان قد تركها النظام المخلوع، والميليشيات الموالية له، والقوات الروسية في المنطقة، ما استدعى تحرك “جيش سوريا” لمنعها.
وقال العنتري، “ما دامت لدينا مهمة محاربة التنظيم فسلاحنا موجود من أجل محاربته ومن أجل حماية المدنيين”، ولفت إلى أن فصيله وسلاحه يقفان إلى جانب من يريد قتال تنظيم “الدولة” وحماية سوريا من خطره، وهو ما يركز عليه الفصيل اليوم، وفق تعبيره.
ما الخيارات الحكومية أمام التطورات
في 11 من كانون الثاني الماضي، أعلن جهاز الاستخبارات العامة في الإدارة السورية الجديدة عن إحباط محاولة تفجير داخل مقام “السيدة زينب” في العاصمة السورية دمشق، وهي محاولة الاستهداف الأولى التي حملت بصمات التنظيم منذ سقوط النظام.
ونقلت الوكالة السورية الرسمية للأنباء (سانا) حينها، عن مصدر بجهاز الاستخبارات العامة (لم تسمِّه) قوله، إن السلطات نجحت بإحباط محاولة تفجير داخل مقام “السيدة زينب”.
واتهم المصدر تنظيم “الدولة” بالوقوف خلف التخطيط للتفجير، وفق “سانا”.
وعقب إحباط هذه المحاولة، لم تظهر محاولات أخرى للتنظيم في تنفيذ عمليات استهداف في سوريا، لكن التقرير الذي تحدثت فيه صحيفة “نيويورك تايمز” عن زيادة نشاط التنظيم في سوريا، قال إن كبار مسؤولي الاستخبارات الأمريكية قدموا إلى الكونجرس، في آذار الماضي، تقييمهم السنوي للتهديدات العالمية، وخلصوا إلى أن تنظيم “الدولة” سيحاول استغلال سقوط نظام الأسد لتحرير السجناء وإحياء قدرته على التخطيط وتنفيذ الهجمات.
كيف أثر سقوط النظام على التنظيم
مع التقدم المتسارع لفصائل المعارضة السورية تحت لواء معركة “ردع العدوان” في نهاية العام الماضي، كان نظام الأسد يركز قواته في مراكز المدن، ويسحبها من النقاط العسكرية الواقعة في المناطق الريفية، خصوصًا تلك التي نشط بها التنظيم شرقي سوريا.
الانسحابات المتكررة لقوات النظام شكلت فراغًا حاول التنظيم استغلاله، إذ ترك النظام أسلحة ومعدات عسكرية وراءه، وسحب قواته باتجاه وسط سوريا.
ويعتقد الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية عبد الرحمن الحاج، أن سقوط النظام أفضى إلى تغيير جذري فيما يتعلق بنشاط التنظيم على الأراضي السورية.
وقال، لعنب بلدي، إن سقوط النظام أحدث تغييرًا في طبيعة عمليات التنظيم، وهو ما يمكن ملاحظته من خلال نوعية العمليات وأهدافها، إذ لوحظ مؤخرًا أن التنظيم يستهدف زعزعة استقرار الحكم وإثارة الطائفية، من خلال محاولة تفجير مقام السيدة زينب في دمشق.
كما أن معظم عمليات التنظيم لا تزال تستهدف أماكن احتجاز السجناء في مناطق سيطرة “قسد”، والحواجز ونقاط التفتيش التي في معظمها فارغة.
وفي الوقت نفسه، يرى الباحث أن آثار عمليات التنظيم لا تزال محدودة، كما أن الطيران الحربي للتحالف زاد من عملياته لمواجهة هذه الزيادة بعد أن دمرت إسرائيل كل الطيران الحربي السوري.
وأضاف الحاج أن أطرافًا دولية لا تزال تسعى لإضعاف السلطة المركزية وتمنع استقرارها، وأن دعمًا مباشرًا أو غير مباشر من هذه الأطراف يمكن أن يساعد التنظيم على مزيد من الهجمات، وإعادة تنظيم صفوفه.
واستبعد الباحث أن يزيد التنظيم من قوته مرة أخرى كما حدث من قبل، لأن البيئة السياسية تغيرت، والمظلومية السنية التي يتغذى عليها لم تعد موجودة في سوريا، ما سيحرمه من إيجاد قاعدة اجتماعية يتمدد فيها.
خبرة “استثنائية”
في 10 من شباط الماضي، حذر وكيل الأمين العام لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب من قدرة تنظيم “الدولة” على مواصلة أنشطته وتكييف أسلوب عمله، على الرغم من الجهود الدؤوبة لمكافحة الإرهاب التي تبذلها الدول الأعضاء والشركاء الدوليون والإقليميون، وفق تعبيره.
المسؤول الأممي، فلاديمير فورونكوف، قال إن الوضع المتقلب في سوريا “يثير قلقًا كبيرًا”، في ظل خطر وقوع مخزونات من الأسلحة المتقدمة في أيدي “الإرهابيين”.
وأضاف أن منطقة البادية السورية ما زالت تستخدم كمركز للتخطيط العملياتي الخارجي لتنظيم “الدولة”، ومنطقة حيوية لأنشطته.
ولفت إلى أن عدم الاستقرار في سوريا يؤثر على المعسكرات ومراكز الاحتجاز وغيرها من المرافق في شمال شرقي البلاد، مضيفًا أن 42500 فرد، بعضهم لهم صلات مزعومة بالتنظيم، لا يزالون محتجزين، ويشمل ذلك 17700 مواطن عراقي و16200 مواطن سوري، فضلًا عن 8600 مواطن من بلدان أخرى.
الباحث عبد الرحمن الحاج اعتبر، خلال حديثه لعنب بلدي، أنه على الرغم من زيادة وتيرة عمليات التنظيم، لا تزال فرص بقائه وانتشاره تتضاءل، ويمكن أن يفهم من زيادة وتيرة العمليات ومحاولة القيام بعمليات ذات طبيعة استعراضية، مثل تفجير مقام “السيدة زينب”، أنها تهدف أيضًا إلى اجتذاب مقاتلين جدد وضمهم للتنظيم واغتنام الفرصة الراهنة.
وينظر الباحث إلى الإدارة السورية الجديدة، على أنها تملك “خبرة استثنائية” في مكافحة التنظيم، بالنظر إلى صلة “جبهة النصرة” (نواة تحرير الشام التي قادت عمليات إسقاط الأسد) القديمة بقيادة التنظيم، ومعرفتها بطرق التجنيد والتمويل، وقدرتها على الوصول.
واعتبر أيضًا أن خبرة مكافحة التنظيم التي اكتسبتها الإدارة الجديدة خلال وجودها في إدلب ودرعا، ستمنح الحكومة المركزية قدرة “كبيرة” على مكافحة التنظيم ومنعه من البقاء.
واعتبر أن التنظيم لا يزال يتغذى على وجود “قسد” والمظلومية التي أوجدتها في شرق الفرات، ويعتمد بشكل رئيس على مقاتلين غير سوريين.
الحاج قال أيضًا إن انسحاب الولايات المتحدة قد يعزز فرص بقاء التنظيم لمدة أطول، لكنه لن يكون سببًا لعودة انتشاره في سوريا، أو سيطرته على أراضٍ تسمح له بإقامة سلطة وجهاز تنفيذي.
وأضاف أن الوجود التركي في البادية السورية، يمكن أن يسهم بمنع التنظيم من الانتشار وتعويض الفراغ الأمريكي، ولكن القضاء على التنظيم لا ينجح إلا بإتمام انسحاب “قسد” من مناطق سيطرتها شرق نهر الفرات، لأنها تشكل مظلومية تمد التنظيم بالدعاية اللازمة للتجنيد، وفق الحاج.
دلالات استئناف السفارة اليمنية أعمالها في دمشق

الرئيس السوري الانتقالي في سوريا أحمد الشرع يلتقي رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي – 4 آذار 2025 (مجلس القيادة الرئاسي اليمني/ فيس بوك)
تعود السفارة اليمنية التابعة لحكومة عدن (المعترف بها دوليًا) لتستأنف عملها بشكل رسمي في دمشق، غدًا الأحد 27 من نيسان.
وأعلنت الخارجية اليمنية، في بيان رسمي، نُشر اليوم السبت، استئناف عمل سفارة اليمن في سوريا، تنفيذا لتوجيهات وزيري خارجية البلدين، واستنادا إلى العلاقات التاريخية والمتميزة التي تجمع بينهما.
وكلفت الوزارة المستشار محمد عزي بعكر قائمًا بالأعمال بالنيابة.
واعتبرت الوزارة أن “عودة السفارة لمزاولة مهامها بعد أن سيطرت المليشيات الحوثية الإرهابية عليها منذ العام 2016، بدعم من النظام السوري السابق، يمثل لحظة تاريخية ودبلوماسية فارقة في علاقات البلدين والشعبين الشقيقين”، وفق البيان.
وأعربت الخارجية اليمنية عن تطلعها، إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين اليمن وسوريا، من خلال إعادة افتتاح السفارة، بما يمهد لمرحلة جديدة من التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.
ما دلالات العودة
الرئيس التنفيذي لـ “الاتحاد العام للإعلاميين اليمنيين”، محمود الطاهر، قال إن إعادة افتتاح السفارة اليمنية التابعة للحكومة الشرعية في دمشق بعد تسع سنوات من سيطرة “الميليشيات الحوثية” عليها، يمثل خطوة دبلوماسية مهمة تعكس تحولات جيوسياسية لافتة.
وفي حديث لعنب بلدي، اعتبر الطاهر أن عودة السفارة تؤكد “استعادة الشرعية لجزء مهم من حضور اليمن في الساحة الدولية، خصوصًا في ظل سعي الحكومة إلى تعزيز علاقاتها مع مختلف الدول العربية، وخصوصًا سوريا الجديدة الي أزاحت أيضًا السيطرة الإيرانية”.
وبحسب الطاهر، فإنه طوال السنوات الماضية، كانت السفارة في دمشق رمزًا لواقع الانقسام الذي فرضته “المليشيا الحوثية” المدعومة من إيران، وقد استخدمت السفارة لخدمة أجندات خارجة عن الإرادة الوطنية اليمنية، على حد تعبيره.
إلى ذلك يعتقد الدبلوماسي السوري السابق، بشار الحاج علي، أن هذه الخطوة تمثل إشارة سياسية مهمة بأن سوريا الجديدة تتجه نحو الانفصال عن سياسة المحاور، والانخراط من جديد في محيطها العربي الرسمي والشعبي، استنادًا إلى مواقف تعزز الأمن العربي المشترك.
الحاج علي، قال لعنب بلدي، إن هذه الخطوة “ليست عادية” ولا تأتي في سياق شكلي، بل تعكس توجهًا سوريًا جديدًا لإعادة التموضع ضمن الفضاء العربي بعيدًا عن المحور الإيراني.
وتؤكد استعداد الإدارة السورية الجديدة للانسجام مع أولويات الأمن العربي، بما في ذلك الابتعاد عن دعم الميليشيات العابرة للحدود، بحسب الدبلوماسي السوري، كما أن إعادة العلاقات مع الحكومة اليمنية الشرعية تحمل رسالة سياسية بأن دمشق باتت أكثر انفتاحًا على النظام العربي الإقليمي، بما يعزز فرص الاستقرار ويعيد سوريا إلى دورها الطبيعي.
دعم مقبل؟
وبحسب الحاج العلي، فإن دول الخليج ستقرأ هذا التطور على أنها إشارة إيجابية إلى أن دمشق ابتعدت فعليًا عن النفوذ الإيراني، وبناء عليه، قد نشهد دعمًا سياسيًا أوسع لسوريا الجديدة، يوازيه تحريك تدريجي لمشاريع دعم اقتصادي تهدف إلى تعزيز استقرارها الداخلي.
غير أن هذا الدعم سيظل مشروطًا ومقيدًا برفع العقوبات، بحسب الحاج علي، ويقع على عاتق الإدارة الجديدة اتباع سياسات وممارسات واضحة ومستدامة تظهر الاستجابة للمتطلبات الداخلية و تتسق مع السيادة السورية وتؤكد استمرارية سوريا في هذا المسار العربي، بعيدًا عن سياسات الاصطفاف السابقة.
وفي 30 من كانون الأول 2024، أجرى وزير الخارجية اليمني شائع محسن الزنداني، اتصالًا بوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني.
وخلال الاتصال، أكد الزنداني على أهمية تعزيز الروابط الأخوية بين البلدين الشقيقين، ووقوف الحكومة اليمنية إلى جانب الحكومة السورية الجديدة وتهانيها للشعب السوري بمناسبة انتصاره، وفقًا لما قالت الخارجية اليمنية، حينها.
وأشار الوزير الزنداني، إلى أن الحكومة اليمنية ستعمل على إعادة فتح سفارتها في دمشق في أقرب وقت ممكن لتعزيز العلاقات والتواصل المباشر بين البلدين.
من جانبه أكد وزير الخارجية السوري اهتمام بلاده بالعلاقات الأخوية مع اليمن وأهمية العمل على إحياءها وتطويرها بما يخدم مصالح الشعبين والبلدين الشقيقين.
صراع السفارة
وزير الخارجية اليمني السابق، أحمد عوض بن مبارك، أعلن في 11 من تشرين الأول 2023، تسليم حكومة النظام السوري السفارة اليمنية في دمشق، إلى الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا عوضًا عن الممثل التابع لـ “الحوثيين”.
قال بن مبارك لموقع “إندبندنت عربية“، حينها، أن وزير الخارجية السوري السابق، فيصل المقداد، أبلغه بأنهم أخرجوا الحوثيين من مبنى السفارة اليمنية في دمشق”.
وأضاف أن “هذا الأمر جاء ثمرة لقاءاتنا الأخيرة مع الأشقاء السوريين في مصر والسعودية”، في إجراء يشير للدور السعودي في إعادة العلاقات بين النظام والدول العربية.
وعن الإجراء الحكومي المنتظر أكد الوزير اليمني أن حكومته “مستعدة فورًا لتعيين بعثة دبلوماسية هناك في الفترة المقبلة”.
وتدعم السعودية الحكومة الشرعية باليمن ضد جماعة “الحوثيين” المدعومة من إيران، والتي تسيطر على عدة مدن رئيسة مثل العاصمة صنعاء.
ونتيجة لفقدانهم “الشرعية الدولية”، كان “الحوثيون”، المدعومون من إيران، لا يمتلكون أي تمثيل دبلوماسي خارجي إلا في إيران وسوريا.
واعترف المدير في وزارة المالية التابعة لـ “الحوثيين”، خالد العراسي، بإبلاغ السلطات السورية ممثلي الجماعة بإخلاء السفارة اليمنية في دمشق، معتبرًا ذلك فشلًا في “الاختبار الوحيد للتمثيل في العلاقات الدولية”.
وكان اليمن ضمن الدول العربية التي قاطعت النظام السوري السابق دبلوماسيًا، بعد عام 2011، فيما زادت حالة القطيعة بين البلدين عقب تدخل التحالف بقيادة السعودية باليمن في آذار 2015، بعد وقوف النظام مع “الحوثيين”، وإقامته علاقة دبلوماسية مع جماعة “أنصار الله” (الحوثيين)، التي عيّنت سفيرًا لليمن بدمشق، في آذار 2016.
وعيّنت جماعة “الحوثيين” القيادي في حزب “البعث اليمني” (جناح سوريا)، نايف أحمد القانص، سفيرًا لها بدمشق، الذي شغل منصب نائب رئيس “اللجنة الثورية العليا”.
وفي تشرين الثاني 2020، أعلنت الجماعة تعيين الإعلامي عبد الله علي صبري سفيرًا لها في دمشق خلفًا للقانص، لترد الحكومة اليمنية بإعلانها بدء ملاحقة ثلاثة من قيادات من الجماعة تتهمهم بـ”انتحال صفات دبلوماسية في إيران وسوريا”، منهم السفيران السابقان.
“نقاش مثمر” بين الشيباني وبيدرسون في نيويورك

وزير الخارجية السورية حسن أسعد شيباني خلال اجتماعه مع المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون في مدينة نيويورك الأمريكية- 26 من نيسان 2025 (وزارة الخارجية السورية)
قال مكتب المبعوث الأممي إلى سوريا إن المبعوث الخاص، غير بيدرسون، أجرى “نقاشًا مثمرًا” مع وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، تناول عددًا من القضايا الرئيسة المرتبطة بالعملية السياسية.
وتحدث بيدرسون خلال اللقاء، وفق ما نشره حساب مكتبه الخاص عبر “إكس”، اليوم السبت 26 من نيسان، عن أن “الشمولية والشفافية تعدان أساسيتين في أي خطوات قادمة ضمن مسار الانتقال السياسي”.
وقال إنه من المهم ضمان أن يرى السوريون مجلس الشعب المؤقت، المنتظر تشكيله، على أنه يمثل وحدة سوريا وتنوعها.
ورحّب بيدرسون بالاتفاق الذي جرى بين الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، وقائد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) مظلوم عبدي، مشددًا على أهمية التوصل إلى حلول وسط لتحقيق تقدم حقيقي.
المبعوث الأممي لفت إلى ضرورة “تعميق الحوار” بهدف دمج مناطق شمال شرقي سوريا ضمن عملية سورية- سورية مشتركة، معتبرًا أن بناء الثقة بين الأطراف جميعها “أمر جوهري للمرحلة المقبلة”.
ونشرت وزارة الخارجية السورية من جانبها، اليوم، صورًا تظهر اجتماع الشيباني مع مبعوث الأمم المتحدة في نيويورك.
ولم تقدم الوزارة مزيدًا من التفاصيل حول النقاشات التي تطرق لها الاجتماع.
وأمس الجمعة، عرض وزير الخارجية السوري، مطالب حكومته في أول حضور له بجلسة لمجلس الأمن.
ودعا الشيباني المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لإيقاف توغلها في محافظات الجنوب السوري، وضرباتها المستمرة، والالتزام باتفاقية “فض النزاع” الموقعة عام 1974.
وجدد الشيباني المطالب برفع العقوبات المفروضة على سوريا، معتبرًا أنها “تثقل كاهل البلاد، واستمرارها يمنع رؤوس الأموال من الدخول”.
وربط رفع العقوبات بإنعاش الاقتصاد في سوريا وتحقيق الاستقرار.
وحمل حديث الشيباني خلال اجتماع مجلس الأمن، ردودًا جزئية على المطالب الأمريكية من سوريا، إذ قال إن تعاون سوريا مع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية يظهر أنّ أفعال الحكومة السورية تتماشى مع كلماتها، وفق تعبيره، مطالبًا بتقديم “الدعم المكثف” لها.
ويعتبر تدمير ترسانة الأسلحة الكيماوية التي كان يحتفظ فيها النظام السابق في سوريا من المطالب الرئيسية الأمريكية لرفع العقوبات عن سوريا.
وتطالب الولايات المتحدة أيضًا بمحاربة “التنظيم الإرهابية” في سوريا، وقال الشيباني حول هذا الملف، خلال الاجتماع نفسه، إن حكومته تنسق مع المجتمع الدولي لمواجهة “التهديدات الإرهابية”.