سوريا مطيّة لأحلام روسيا التوسّعية في شرق المتوسط
عملت روسيا خلال الأشهر القليلة الماضية على تعزيز وجودها العسكري في سوريا وليبيا وشرق البحر الأبيض المتوسط ككل، في خطوة نجمت جزئياً عن التطورات الأخيرة، لا سيما التوسع العسكري التركي. شرق المتوسط
حيث تكمن المصالح الرئيسية للكرملين على المدى الطويل في مواجهة الحصار الغربي المتصوَّر، من خلال توسيع الوجود السياسي والعسكري الروسي وترسيخه على الجهة الجنوبية من منطقة “حلف شمال الأطلسي” (الناتو).
ويعتبر المحرك لهذه الخطوة جزئياً هو موقع موسكو الحالي في سوريا، والسنوات التي أمضتها في توسيع نفوذها بصمت في ليبيا حيث يعمل المتعاقدون الروس مع الشركات العسكرية الخاصة (أو المتعاقدون العسكريون من القطاع الخاص) ربما منذ عام 2018.
وبحسب المقال المنشور في موقع الحرة، فقد نشرت الصحافة الروسية سلسلة من المقالات الناقدة للأسد، صدر معظمها عن وكالة الأنباء الفيدرالية “ريا فان” التي يملكها الأوليغارشي السيء السمعة يفغيني بريغوزين، المسؤول أيضا عن إدارة الشركة العسكرية الخاصة “مجموعة فاغنر” الغامضة.
وبحسب المقال، فقد قامت موسكو في الأيام الأولى من تفشي وباء كورونا العالمي في أواخر مارس، بإرسال سيارات إسعاف عسكرية إلى سوريا في بادرة دعم لبشار الأسد، ثم عملت في الأسابيع التالية على ترسيخ موطئ قدمها في منطقة شمال شرق سوريا التي يسيطر عليها الأكراد.
واعتبر الكاتب أنّه مهما كانت الرسالة التكتيكية للحملة الإعلامية لـ “ريا فان”، إلا أن وسائل الإعلام التابعة للدولة لم تُعِد نشر هذه المقالات، كما لم يغيّر المسؤولون الروس خطابهم عن الأسد أو الغرب (بصرف النظر عن استيائهم المفترض من دمشق على انفراد). وعلى العكس من ذلك، كثّفت الصحافة التابعة للدولة خطابها المعادي لأميركا، وشددت على أن موسكو لا تتخلى عن سوريا على الرغم من محاولات التفرقة بينهما. شرق المتوسط
وأشار إلى أنّه منذ بداية التدخل العسكري الروسي عام 2015، سيطرت روسيا على الأجواء السورية عبر نشر نظام أسلحة حظر الدخول/منع الوصول تضمّنت صواريخ أرض-جو من نوع “أس-400″، وصواريخ باليستية تكتيكية، وصواريخ موجّهة، وصواريخ موجهة متطورة مضادة للسفن ومعدات حربية إلكترونية. ووفر الأسطول الروسي الشرق أوسطي الدعم أيضاً.
كما أضافت روسيا عدة سفن حربية إلى هذا المسرح، من بينها الطراد الصاروخي “موسكفا” ـ الذي أطلق عليه “الناتو” لقب “قاتل الحاملات”، لدعم قوة تتألف أصلا من عشر سفن على الأقل مزودة بصواريخ قوية من نوع “كاليبر”.
وأشار إلى أن القوات الروسية كانت قد دخلت الرقة بعد إعلان الرئيس دونالد ترامب عن انسحاب الولايات المتحدة من سوريا في أواخر عام 2019، وأفادت بعض التقارير أن موسكو تعمل في الأسابيع الأخيرة على إنشاء قاعدة جوية في تلك المحافظة لتشغيلها بالتعاون مع الجيش السوري. ومن المحتمل أن تساعد هذه القاعدة روسيا على رد توسّع تركيا المجاورة وتعزيز مكانتها في البلاد، ومساعدة الأسد.
بالإضافة إلى ذلك، لا يزال الأسد يعتبر محافظة إدلب العائق الأخير أمام استعادة السيطرة على سوريا، ولذا أرسلت موسكو نحو 12 مقاتلة متطورة من نوع “ميغ-29” إلى حميميم المجاورة لدعم جيشه. شرق المتوسط
وأفادت بعض التقارير أنها سمحت للقوات الإيرانية باستخدام مطار حميميم العسكري بعد أن استهدفتها إسرائيل في أماكن أخرى في سوريا.
فضلاً عن أن سوريا بمثابة نقطة انطلاق للعمليات الروسية في ليبيا، والتي شملت نشر الطائرات دعما للمتعاقدين مع الشركات العسكرية الخاصة. وتحارب “مجموعة فاغنر” منذ شهور في المنطقة الغربية من ليبيا لدعم خليفة حفتر والتصدي لتركيا التي تدعم “حكومة الوفاق الوطني” المعادية.
جدير بالذكر أن موسكو قد تمكّنت من الحفاظ على نفوذها على الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، واستخدمت خطر تدفّق المزيد من اللاجئين السوريين من إدلب للضغط عليه. ولكن في النهاية، لا بوتين ولا إردوغان يريدان مواجهة مباشرة، بل يواصلان التعاون عندما يكون ذلك ممكناً ويبرمان صفقات ظرفية.
وأضاف أن “المعلومات الأولية تشير إلى أن الحافلة كانت تقل نحو 40 جنديا في الجيش السوري”.
ووفقا له، فإن “الحصيلة الأولية للاعتداء الإرهابي هي 8 شهداء و23 جريحا”.
وقال إن “الفرق الطبية تقوم حاليا بنقل الشهداء والجرحى إلى مشافي درعا الوطني ومشفى إزرع ومشفى بصرى الشام”.
وفي السياق نقلت الوكالة عن مصدر أمني، قوله إن “اعتداءا إرهابيا استهدف حافلة عسكرية للجيش السوري بشكل مباشر ما تسبب بارتقاء عدد من الشهداء وأضرار كبيرة في منطقة الانفجار”.
وذكرت روسيا اليوم أنه خلال زيارة خاصة قام بها الرئيس السوري وعقيلته مع أفراد عائلتهما لمدينة بلودان بريف دمشق، توقفا عند إحدى النقاط العسكرية في المنطقة وتبادلا الحديث مع الجنود.
أفادت مصادر إعلامية بأن مخيمات اللاجئين الواقعة إلى الشمال الغربي من إدلب، شهدت سيولاً وأمطاراً غزيرة أودت بحياة 5 أطفال. مخيمات إدلب
حيث توفي 5 أطفال، يوم أمس، غرقاً في السيول التي شكلتها غزارة الأمطار الصيفية، في بحيرة بالقرب من مخيمات النازحين غرب إدلب.
وبحسب مصادر المرصد السوري، فإن الأطفال الخمسة هم من نازحي قرية الغدفة في ريف إدلب الشرقي، غرقوا جميعا أثناء محاولة إنقاذ بعضهم البعض.
فيما تسببت العاصفة الهوائية والأمطار الغزيرة في تضرر عشرات من الخيام العشوائية في عدة مناطق في ريف إدلب، التي تؤوي عائلات نازحة من ريفي إدلب وحماة .
كما تضررت عشرات الخيام جراء عاصفة هوائية ضربت “مخيم التح” في شمال إدلب، حيث اقتلعت الرياح نحو 20 خيمة تأوي عائلات نازحة من بلدة التح في ريف إدلب.
وتجدر الإشارة إلى أنّ أن “مخيم التح” يقع غرب مدينة معرة مصرين ويؤوي نحو 350 عائلة، تم تشييده تزامنا مع العملية العسكرية الأخيرة التي أدت إلى سيطرة قوات النظام على مساحات واسعة من أرياف إدلب وحلب وحماة.
إلى ذلك، رصد المرصد السوري قبل نحو أسبوع، تضرّر مخيمات الشيخ بحر للمرة الثانية حيث اقتلعت الرياح عدة خيام وتضررت العشرات منها، إثر عاصفة هوائية ضربت المنطقة. مخيمات إدلب
وكان مدير مبادرة “منسقو الاستجابة في شمال سوريا”، محمد الحلاج، قد أفاد قبل أكثر من أسبوع بأن الهجمات الجوية الروسية أدت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية إلى نزوح 5 آلاف و834 مدنياً من إدلب نحو المخيمات المقامة قرب الحدود مع تركيا. وأشار الحلاج إلى أن 285 ألفاً و403 مدنيين كانوا قد عادوا إلى منازلهم أثناء فترة الهدوء التي أعقبت تطبيق وقف إطلاق النار في 6 آذار/ مارس الماضي، وفق وكالة الأناضول. مخيمات إدلب
دعوات للتظاهر بدمشق احتجاجاً على الأوضاع المعيشية المُتردية
قالت مصادر المرصد السوري في غوطة دمشق الشرقية اليوم الجمعة، أن شبان عمدوا إلى إشعال عدد من الإطارات المطاطية في مدينة سقبا خلال الساعات الفائتة، ومن ثم وضعها على الطرقات الرئيسية في المدينة، لفصلها عن مدينة حمورية المجاورة لها. دعوات للتظاهر
ووفق مصادر المرصد السوري، فإن الشبان ألقوا بعدد من المنشورات التي تدعو الأهالي بالخروج في مظاهرات، نتيجة تردي الأوضاع المعيشية، في ظل الانهيار الاقتصادي المتواصل، وعدم استطاعة الناس تأمين احتياجاتهم اليومية نتيجة غلاء الأسعار، وعدم وجود فرص للعمل.
وبعد الواقعة، بعثت دورية تابعة للمخابرات الجوية والمتمركزة في بلدة حمورية إلى المنطقة، ضمن مساعي اعتقال الشبان الذين لاذوا بالفرار بدورهم، فيما قام عناصر المخابرات بإعادة فتح الطرقات وإزالة الإطارات، بالإضافة إلى بحثهم عن المناشير الورقية.
وكان قد أصدر مصرف سوريا المركزي، الأحد\الرابع عشر من يونيو، قراراً منع بموجبه المصارف العامة والخاصة من الإقراض والتسهيلات الائتمانية، لاعتقاده أن المقترضين والحاصلين على التسهيلات البنكية يقومون بالمضاربة على الليرة السورية في أسواق الصرف لتحقيق أرباح.
وعلى خلاف مع تصريحات النظام بأنه ستتم مواجهة القانون عبر الصمود ومساعدة الحلفاء، يهين قلق كبير في الشارع السوري من ارتدادات العقوبات الامريكية على الوضع المعيشي وزيادة الأزمة الاقتصادية.
وقبيل الانهيار الأخير في سعر الصرف بداية يونيو الجاري، شددت دراسات وتقارير أن أكثر من 87% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، وذلك مع زيادة الأسعار بما بين 40 و60 ضعفاً منذ بدء الحرب، وبقاء الحد الأعلى للمرتبات الشهرية للموظفين في القطاعات الحكومية على حاله عند 50 ألف ليرة وهو ما بات يعادل أقل من 25 دولاراً
لونا وطفة- قصص من الشمال السوري
جسيمةٌ هي معاناة السوريين، سواءً في الداخل أم في الخارج. ففي يوم اللاجئين العالمي والذي يصادف اليوم العشرين من شهر حزيران بحسب ما أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2000، تتصدر المشهد منذ عدة سنوات، أعدادٌ هائلةٌ للاجئين السوريين كجزءٍ لايستهان به من أكبر تعداد للاجئين في تاريخ البشرية، بحسب إحصائيات رسمية أُجرِيَت عام 2018، تفيد بأن عددهم قد وصل حول العالم لأكثر من 68.5 مليون لاجئ، منهم ما لايقل عن 6 ملايين سوري، موزعين في أصقاع الأرض بين المخيمات ودول اللجوء الأوربية خارجياً.
اقرأ المزيد: في اليوم العالمي لللجوء.. انتهاكات مختلفة يتعرّض لها اللاجئون السوريون
أما داخلياً، فبحسب تقريرٍ سابقٍ صدر عام 2018 عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، “فإن عدد النازحين داخلياً بلغ 6.2 مليون شخص. ولا تزال الاحتياجات الإنسانية في سوريا هائلة من حيث الحجم والشدة والتعقيد، مع استمرار وجود مخاطر كبيرة على صعيد الحماية في عدد من المناطق.
هناك حوالي 12.8 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية منهم 5.2 مليون شخص بحاجة ماسَّة للدعم”. ولأن الحرب السورية لازالت مستمرة منذ تسع سنواتٍ، كان لقصص اللجوء بشقيها الداخلي والخارجي رصيداً كبيراً من آلامنا اليومية.
في هذه السلسلة سأكتب قصصاً عن المعاناة في منطقة الشمال السوري بلسان أصحابها، بعضهم نازحٌ والبعض الآخر مُتأثرٌ بطبيعة الحال. القصص ليست خيالية، وتمتّ للواقع بكل صلةٍ ندركها أم لا، سمعناها أو شاهدناها أو نقلناها عن غيرنا. غايتها الأسمى أنهم يستحقون أن يرووا قصصهم وأن يجدوا لها أذناً صاغيةً، ولو بعد حين.
في كل جزءٍ قصةٌ تحكي ألم إنسان رأى أحدهم ما حلَّ به وأخبرنا عنه، أو أخبرنا عن ذلك بنفسه -اللهم إن كُتبت له النجاة لفعل ذلك- بيد أن ما لم يُقلْ سيبقى هو الموجع المسكوت عنه في حياتهم حتى هذه اللحظة.
راوي قصتنا لهذا اليوم طبيبٌ مختصٌ في قسم الإسعاف بإحدى مشافي المناطق المحررة في الشمال السوري، ويدعى عبد الله.
أثناء عمل الطبيب عبد الله، يتردد إلى المشفى عدد من المرضى ممن يَدَّعون المرض وخاصة من المراهقين والأعمار المتوسطة كما يخبرنا، وذلك يعود لأسباب نفسية وأحياناً اجتماعية كاستدرار العطف من المحيط ومحاولة لفت النظر لوضعٍ مؤلمٍ يمر به الانسان دون القدرة على الحديث عنه، مقارنة بهول المآسي المحيطة به وعائلته.
في شتاء عام 2019 برزت ظاهرة ادعاء المرض لدى كبار السن والعجائز. وفي يوم شديد البرودة من ذاك الشتاء حضرت امرأةٌ عجوزٌ إلى قسم الإسعاف. ” لم تحاول الادعاء بالمطلق بل قالت لي بكل وضوح: أنا لا أعاني من شيء، ولكن أرجوك يا بني اقبلني اليوم كمريضة لديكم واسمح لي بالبقاء في المستشفى.. أريد أن أشعر بقليلٍ من الدفء، لقد قتلني البرد!”. لم استطع رفض طلبها، أعددت لها أوراق القبول وأدخلتها بحجة إجراء بعض الفحوصات الطبية اللازمة.
أثناء وقوفي معها للدردشة، حَلَّ وقت الغداء وقام الممرضون بتوزيع وجبات الطعام على المرضى. نظرَت إلى وجبتها بطريقة أعجز عن وصفها وتكاد لا تفارق مخيلتي، صمتَت قليلاً ثم قالت: “أقسم لكَ يا بني أنني لم أذق طعاماً منذ أشهرٍ طِوالٍ سوى الخبز المنقوع بالماء”. أثناء مناوبتي ترددت كثيراً على الجناح الذي وُضعت به هذه السيدة، وفي كل مرَّةٍ كنت أمر بها أراها تَغطُّ بنومٍ عميق متشبثةً بدثارها الدافئ كأغلى ما تملك.
بعد عِدَّةِ أيامٍ انتهت مناوبتي ولم أعرف متى تمّ إخراجها من المشفى. عندما عُدتُ بعد ذلك وخلال مناوبتي في قسم الإسعاف جاءت سيَّارة الاسعافِ بحالة توقف قلب. أسرعنا بأخذ الحالة ومحاولة اسعافها في قسم الانعاش، بيد أننا كنا متأخرون جداً، سبقنا الموت إليها، كانت ذات السيدة العجوز.
لم تُتح لها هذه المرة فرصة القدوم إلينا طلباً للمساعدة، كان كل شيء منتهياً، الوفاة حدثت منذ عدة ساعات، والسبب هو البرد، لقد قتلها بحقٍ هذه المرة.