فرنسا: انطلاق عملية تجميع المفاعل الهيدروجيني العملاق “إيتير” لتوليد طاقة نظيفة آمنة ولا تنضب
إذا كان الشرق تقدم في سباق التقنية العالمي بفضل شركات مثل “هواوي” و”علي بابا” و”تنسنت”، التي غذت نفوذه أمام الغرب في هذا المجال، فإنه يمتلك لاعبًا آخر يشكل مصدر تنافسية كبيرا في مجال دار حوله الصراع منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، لكنه ليس صينيًا هذه المرة.
أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء عبر فيديو مسجل في الافتتاح الرسمي لعملية تجميع المفاعل الهيدروجيني العملاق “إيتير”، المخصص لإتقان تكنولوجيا اندماج الهيدروجين وتوليد طاقة لا تنضب وصديقة للبيئة، بأن هذا المشروع “وعد بالسلام والتقدم”. ويضم مشروع المفاعل العملاق 35 دولة وتأسس بموجب معاهدة وقعت عام 2006 أملا في إيجاد بديل للوقود الأحفوري (الفحم والنفط) عبر تقنية الاندماج الهيدروجيني المشابهة لعمليات إنتاج الطاقة في الشمس والنجوم.
في حفل كبير أقيم في سان بول ليه دورانس جنوب فرنسا انطلقت رسميا الثلاثاء عملية تجميع المفاعل الضخم لمشروع “إيتيْر” الدولي لإتقان تقنية اندماج الهيدروجين وتوليد طاقة لا تنضب تقريبا، مثل طاقة الشمس. وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في شريط فيديو تم تسجيله مسبقا، أنه “مع التحكم بالاندماج، يمكن أن تكون الطاقة النووية واعدة للمستقبل”، من خلال توفير “طاقة غير ملوثة وخالية من الكربون وآمنة وخالية عمليا من المخلفات”. وقال ماكرون إن “المشروع هو وعد بالسلام والتقدم”.
انطلق المشروع الدولي بموجب معاهدة جمعت عام 2006، 35 دولة هي كامل أعضاء الاتحاد الأوروبي مع المملكة المتحدة، وسويسرا وروسيا والصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة.
وتحدث ممثلو سبعة من شركاء “إيتير” خلال الحفل، جميعهم عن بعد في مقاطع فيديو مسجلة مسبقا. وأشاد رئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن بما وصفه بانه “أكبر مشروع علمي في تاريخ البشرية” وبالبحث عن “حدود علمية وتكنولوجية جديدة”، مع هذا “الحلم المشترك في إنشاء طاقة نظيفة وآمنة بحلول عام 2050”.
انطلق مشروع “إيتيْر” قبل نحو 15 سنة على ضفاف نهر دورانس على بعد حوالي أربعين كيلومترا من إيكس أون بروفنس، ويهدف إلى إعادة إنتاج الطاقة غير المحدودة التي تنتجها الشمس والنجوم عبر اندماج الهيدروجين أملا في إيجاد بديل للوقود الأحفوري.
وفي الأشهر الأخيرة، سُلم العديد من مكونات هذا المفاعل التجريبي المسمى “توكاماك” – وبعضها يصل ارتفاعه إلى ارتفاع مبنى مكون من أربعة طوابق ويزن عدة مئات من الأطنان – إلى الموقع من الهند والصين واليابان وكوريا الجنوبية وإيطاليا.
وقال برنارد بيجو المدير العام للمشروع إن عملية التجميع ستستمر حتى نهاية عام 2024.
وسيتيح هذا المفاعل العملاق إعادة إنتاج تفاعل اندماج الهيدروجين الذي يحدث بشكل طبيعي في قلب الشمس: وسيتم تحديدا تحقيق هذا الاندماج عن طريق تسخين مزيج من نظيرين للهيدروجين إلى درجة حرارة تصل إلى 150 مليون درجة مئوية حين يتحول الهيدروجين إلى بلازما.
ويمكن أن ينتج المشروع أول بلازما في أواخر عام 2025 وأوائل 2026 ويمكن أن يصل المفاعل إلى طاقته الكاملة في عام 2035.
وإذا تم إتقانه، فسيتيح اندماج الهيدروجين الاستغناء عن الوقود الأحفوري. ونظرا لأنه يتم خلال العملية دمج الماء والليثيوم، فإن ميزتها تكمن في عدم توليد نفايات مشعة، على عكس المفاعل النووي التقليدي.