المؤلفات التي صدرت عن الملك عبد العزيز آل سعود، في الغرب وروسيا ولغات أخرى، كثيرة جداً. كما ظهرت انطباعات شخصية ومطالعات عنه ضمن كتب متنوعة عن تاريخ الجزيرة العربية. والأكثرية الساحقة من هذه المؤلفات، إن لم تكن جميعها، تعبّر عن انبهار بشخصية الرجل الذي سوف يعرفه العالم الغربي باسم «ابن سعود».
إذن، بماذا يختلف هذا الكتاب الحديث عما سبقه؟ يعيد الدكتور عبد الرحمن السعيد (الجزيرة 5 فبراير/شباط) قراءة المؤلف الذي وضعه مايكل دارلو وباربرا براي، ويجد فيه عرضاً لوقائع تحدث عنها المؤرخون من قبل: الفارس الذي لم يخرج من الصحراء، ومع ذلك يبهر بدبلوماسيته، رجالاً مثل روزفلت وتشرشل. والرجل القوي الذي يلجأ غالباً إلى اللين والعفو والكرم.
الفارق، يقول لنا الدكتور عبد الرحمن السعيد، إن الشهادة لا تأتي هذه المرة من مؤرخين أصدقاء أو محايدين، وإنما من كاتبين من مشاهير أهل اليسار في بريطانيا. والمعجب بشخصية «ابن سعود» هذه المرة – أو المعجبان – بدآ مشروع البحث على أساس وضع سيرة نقدية، وانتهيا إلى سيرة انبهار مثل سواهما. بل يذهب المؤلفان إلى تصويب الصورة الشائعة عن علاقة الملك عبد العزيز والمبعوث البريطاني وليم شكسبير. إذ بسبب سياساتهم خسر البريطانيون العلاقة مع الملك المؤسس؛ مما جعله يتجه لإقامة العلاقة الاقتصادية النفطية مع الولايات المتحدة، وهي خسارة لا تزال بريطانيا نادمة عليها حتى الآن.
يعتقد الدكتور السعيد، الذي أمضى عمراً في ثقافات الغرب والعرب، أن مؤلَف دارلو وبراي هو «كتاب الكتب» فيما صدر عن الملك المؤسس. فلم يترك المؤلفان وثيقة، أو شريطاً، أو محضراً، أو برقية من دون سبر أغوارها.
يقول السعيد: «… وفي هذا، فإن حجم التفاصيل التي احتواها الكتاب وجمال التصوير، توافر عناصر الحيادية والمصداقية والثقة في الطرح، تشكل حلقة مهمة من هذا المسعى. وهذا مكمن الإعجاب بهذا الكتاب الذي لا مصلحة لمؤلِفَيّه، ولا غاية إلا الحقيقة كما يَرَيانها».