عشر سنوات مرت على الحرب في سوريا، والأزمة تراوح مكانها، وسط إحباطات متتالية، لكل من حلموا باحداث تغيير سياسي في البلاد، فقبل عشر سنوات، وحين بدأت الاحتجاجات سلمية ضد النظام، ثم مالبثت أن تحولت إلى صراع مسلح، كان المتفائلون من المحللين، يرون أن النظام لن يصمد طويلا، أمام عوامل ضغط تكاتفت جميعها ضده، بين ضغط الشارع في الداخل، وضغط المجتمع الدولي في الخارج وضغط المعارضة المسلحة.
غير أنه وبعد مرور عشر سنوات، يبدو أن كل من تفاءلوا بالتغيير السياسي في البلاد، أوغلوا كثيرا في طموحاتهم، فهاهو الرئيس السوري بشار الأسد، يستعد لفترة رئاسية رابعة، وقد نجا من الصراع بدعم روسي إيراني لا محدود، في وقت فشلت فيه المعارضة السورية في تقديم بديل للنظام حتى الآن، ويبقى السؤال مطروحا هل مازال من الممكن إيجاد نهاية للأزمة السورية التي تتحدث عن نفسها في صورة شعب يعاني التشرد والنزوح في الداخل والخارج؟
سؤال يشغل العالم
هل مايزال من الممكن بالفعل إيجاد نهاية للأزمة في سوريا؟ سؤال شغل سياسيي العالم، وهيأته الأممية، مع حلول الذكرى العاشرة لإندلاع الحرب في سوريا، في وقت بدا فيه أن القضية لم تغب عن الفاعلين الدوليين، وأنهم على مايبدو مصرون، على إيجاد نهاية لهذه الأزمة، رغم حالة الجمود التي سيطرت على مساعي الحل، في وقت يتفاءل فيه كثير من المعارضين، بوجود رئيس ديمقراطي للولايات المتحدة يبدو عازما على حلحلة الأزمة في سوريا.
أحد دلائل الاهتمام الدولي، في الذكرى العاشرة للحرب السورية، هو البيان المشترك، الصادر عن الولايات المتحدة وأربع دول أوربية، والذي قالت فيه، إنها لن تعترف بالانتخابات الرئاسية، المقرر إجراؤها في سوريا العام الحالي، وجاء في البيان المشترك الصادر عن وزراء خارجية كل من أمريكا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، أن “الانتخابات الرئاسية السورية، المقررة هذا العام، لن تكون حرة ولا نزيهة، ولا يجب أن تؤدي إلى أي إجراء دولي للتطبيع مع النظام السوري”.
وأكد الوزراء الخمسة في بيانهم، على “تمسكهم بالحل السلمي” للنزاع في سوريا، بناء على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، وأنهم سيسعون لمحاسبة المسؤولين “عن الجرائم الأكثر خطورة”، وسيواصلون دعم لجنة دولية لتقصي الحقائق وأضافوا أن “على النظام وداعميه أن ينخرطوا بجدية في العملية السياسية ويسمحوا بدخول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحتاجة إليها”. مؤكدين على دعم بلدانهم لجهود المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا (غيير بيدرسون).
وكان بيدرسون قد قال في كلمة له، عبر تقنية الفيديو أمام جلسة لمجلس الأمن الدولي، بشأن الأزمة السورية يوم الإثنين 15 آذار/مارس،إن الصراع في سوريا، بات دوليا كما أن معظم عناصر الحل ليس بيد السوريين، مطالبا النظام السوري والمعارضة والأطراف الدولية، بالعمل على تنفيذ القرار الدولي رقم 2254 بشأن الأزمة السورية، لكن بيدرسون اتهم أيضا المجتمع الدولي، بالفشل في تخليص السوريين من الحرب، قائلا إن كل من ارتكب جرائم حرب أفلت من العقاب.
من جانبها قالت السفيرة الأمريكية، لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، في نفس الجلسة إنه ” لا يمكن أن تكون الذكرى الحادية عشرة للأزمة السورية، مثل الذكرى العاشرة”. وأضافت غرينفيلد ” لقد حان الوقت، لتحقيق الوحدة والتقدم بحل سياسي حقيقي يمنح الشعب السوري المستقبل الآمن والمستقر والأمل الذي يستحقه”. وأشارت السفيرة الأمريكية إلى أنه “ينبغي تقديم المساعدة لتحديد مصير عدد من الأشخاص المخفيين قسرا على الأراضي السورية لا سيما أولئك الذين يحملون الجنسية الأميركية”.
آفاق الحل
رغم تأكيد معظم الأطراف الدولية، على ضرورة أن يكون حل الأزمة السورية سياسيا، فإن هناك فروقا جوهرية في مايطرحه كل جانب بشأن الحل، ففي حين تنتهج الولايات المتحدة ودول غربية حليفة لها، نهجا متشددا إزاء النظام السوري، في معرض البحث عن الحل، وتضع شروطا لهذا الحل السياسي، أهمها ضرورة محاسبة النظام السوري على الانتهاكات التي ارتكبها خلال الفترة الماضية، فإنه لايبدو على الجانب الآخر أن حلفاء النظام السوري سيتخلون عنه بسهولة.
وفي الوقت الذي تسعى فيه واشنطن مع حلفاء غربيين، لوضع تصور لحل الأزمة السورية، قدم أعضاء بارزون في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، مشروع قرار من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، يتبنى مواصلة الدعم لـ”الثورة السورية” ويتوعد بمحاسبة الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه وداعميه الإيرانيين والروس في الذكرى العاشرة لـ”الثورة السورية”.
على الجانب الآخر، تحدثت تقارير عن أن تعويم النظام في سوريا، كان في صلب الجولة الأخيرة، لوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، في منطقة الخليج ،وأشارت تلك التقارير إلى أن لافروف، الذي يدرك حجم الضغوط الغربية على النظام السوري، سعى خلال جولته لإقناع سلطات تلك الدول، بضرورة إعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية، في محاولة لتخفيف الضغط، والحصار المفروض على هذا النظام، الذي يبدو أنه يعاني من العقوبات الدولية، وتداعيات قانون قيصر والعقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، بسب برنامجها النووي.
ويطرح التباين بين رؤى الولايات المتحدة، وحلفائها الغربيين من جانب، وذلك الدعم المتواصل من قبل موسكو وطهران للنظام السوري من جانب آخر، مزيدا من الشكوك بشأن إمكانيات حل سياسي توافقي، يتطلب مشاركة، من الأطراف الدولية، التي باتت جزءا من الأزمة السورية، وهو ما يعني أن مساعي الحل، قد تواجه بعراقيل جديدة، قد تطيل أمد المعاناة بالنسبة للمواطنين السوريين.