تبدو الفرص عالية ليشهد نهائي دوري أبطال أوروبا في كرة القدم مواجهة إنكليزية خالصة للمرة الثانية خلال ثلاثة مواسم، مع تواجد مانشستر سيتي وتشيلسي في وضع مريح نسبياً قبل إياب الدور نصف النهائي أمام باريس سان جرمان الفرنسي وريال مدريد الإسباني توالياً الأسبوع الحالي.
ففي العام 2019، عندما فاز ليفربول على مواطنه توتنهام (2-صفر) في نهائي دوري الأبطال في مدريد، كان تشلسي عائداً من باكو متوجا بلقب مسابقة الدوري الأوروبي (يوروبا ليغ) على حساب جاره اللندني أرسنال (4-1).
كان الحديث آنذاك عن حقبة جديدة من الهيمنة الإنكليزية في أوروبا. وبعد عامين، ورغم الضربتين المتتاليتين مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتفشي جائحة كورونا، فإن سيناريو مماثلاً بات احتمالاً قوياً.
يستضيف رجال المدرب الإسباني بيب غوارديولا باريس سان جيرمان الثلاثاء بعد فوزهم 2-1 في العاصمة الفرنسية، ما وضع سيتي على مشارف خوض أول نهائي له بالتاريخ في المسابقة القارية العريقة.
في المقابل، غيّر تعيين الألماني توماس توخل على رأس الجهاز الفني لتشلسي، وجه الفريق، وتعادله مع ريال 1-1 في مدريد، جعله مرشحاً أيضاً للوصول إلى أول نهائي منذ فوزه باللقب في العام 2012.
في غضون ذلك، يبدو مانشستر يونايتد حسم مبكراً مسألة بلوغه نهائي مسابقة يوروبا ليغ بعد اكتساحه روما الإيطالي 6-2 على ملعب أولد ترافورد الخميس الماضي.
وقد يكون أرسنال غريم “الشياطين الحمر” في النهائي المرتقب بمدينة غداسك البولندية في وقت لاحق من الشهر الحالي، في حال تمكن “المدفعجية” من قلب خسارتهم ذهابا أمام فياريال الإسباني 1-2.
– الكل متعلق بالمال –
من الصعب استخلاص استنتاجات حاسمة حيال معنى النتائج في المراحل الإقصائية في أوروبا، إذ أن المواجهات غالباً ما تحددها التفاصيل الصغيرة.
لكن هناك نمطاً ناشئاً، والمؤشر إلى ذلك هو بعض النتائج في صيغة المباريات العام الماضي التي اقيمت بنظام التجمع من مباراة واحدة في ربع ونصف النهائي على أرض محايدة والتي قد تبدو غريبة بعض الشيء.
بعد تسعة أشهر من خسارته أمام ليون الفرنسي في ربع النهائي في لشبونة، يبدو سيتي جاهزاً للوصول إلى هذا النهائي الحلم بعد أكثر من عقد من الاستثمار الضخم من ملاكه الإماراتيين.
ولا تقتصر مسيرة تشيلسي على توخل فحسب، بل تتعلق جزئياً أيضاً بقراره إنفاق نحو 250 مليون يورو (300 مليون دولار) على التعاقدات الجديدة الصيف الماضي.
تواجه الأندية في كل أنحاء أوروبا صعوبات مالية خطيرة ناجمة عن تأثير الوباء، تماماً كما الحجة التي طرحها رئيس ريال مدريد فلورنتينو بيريس لتبرير مشروع الدوري السوبر الذي كان من أكبر داعميه وفشل بعد 48 ساعة من إعلانه.
ريال مدريد وباريس سان جيرمان هما من أكثر الأندية ثراء في العالم، وفي الواقع كان العملاق الإسباني في المركز الثاني قريباً من برشلونة في دوري المال لكرة القدم بحسب تقرير مؤسسة “ديلويت” للأندية التي حققت أعلى إيرادات الموسم الماضي.
رغم ذلك، فإن عقود البث المحلية والدولية الضخمة للدوري الإنكليزي الممتاز تضع أنديتها في وضع تُحسد عليه.
فبحسب مدونة “سويس رامبل” المختصة باقتصاد كرة القدم والتي نشرت الأسبوع الماضي فإنه “على الصعيد المحلي، تتفوق صفقة حقوق البث التلفزيوني في الدوري الإنكليزي الممتاز على الدوريات الأخرى، بقيمة 3,6 مليار يورو سنوياً، متفوقة بذلك على الدوري الإسباني (ملياري يورو)، الدوري الألماني (1,4 مليار)، الدوري الإيطالي (1,3 مليار)، والدوري الفرنسي (0,8 مليار)”.
وأضافت أن ذلك “يساعد في تفسير سبب حماسة الأندية غير الإنكليزية للدوري السوبر”.
– الساعة تدق –
في البداية، كانت الأندية “الستة الكبار” مشاركة في الدوري السوبر، لكنها الأقل حاجة إليه.
ستواصل تلك الأندية الظهور بشكل كبير في الأدوار الأخيرة في أوروبا، حيث تجتذب الجزء الأكبر من أفضل اللاعبين. والساعة الآن تدق بالنسبة للإنكليز.
فازت الفرق الإنكليزية مرتين فقط في آخر 12 نسخة لمسابقة دوري أبطال التي شهدت هيمنة ريال مدريد وبرشلونة وبايرن ميونيخ الألماني.
وفي الواقع، مع 11 لقباً، فقد فاز العملاقان الإسبانيان بأكثر من ضعف عدد ألقاب الأندية الإنكليزية مجتمعة (5 ألقاب) في دوري الأبطال منذ العام 1998.
ويبدو سيتي الآن صاحب الحظ الأوفر إذ أنه الفريق الأكثر اكتمالاً، ناهيك عن امتلاكه أفضل مدرب في جيله.
قال غوارديولا بعد الفوز في باريس “إذا لعبنا كما نحن، فربما تكون لدينا فرصة للوصول إلى النهائي”.
يملك تشلسي مدربا جيدا، وبعض المواهب الشابة اللامعة، ويضم سان جرمان الثلاثي المرعب: البرازيلي نيمار، كيليان مبابي، والأرجنتيني أنخل دي ماريا.
ورغم ذلك، يحتفظ ريال مدريد بروحية الفريق الذي فاز بأربعة ألقاب في دوري الأبطال بين 2014 و2018، مدعوماً بمدربه الفرنسي زين الدين زيدان الذي كان مهندساً لثلاثة منها.
من الفرنسي رافاييل فاران والكرواتي لوكا مودريتش وصولاً إلى الألماني توني كروس والفرنسي كريم بنزيمة، فإن خبرة الفريق الملكي تعني حتماً عدم استبعاد احتمال فوزه على تشلسي والظفر باللقب في اسطنبول في 29 أيار/مايو.
هو طموح ترجمه زيدان عندما قال بعد التعادل مع تشلسي “نحن على قيد الحياة، وسنذهب إلى مباراة الإياب بفكرة الفوز”.