على ارتفاعِ ألفينِ وخمسِمئةِ دولارٍ عن سطحِ بحرِ المصارفِ حَلّقت العُملةُ الصَّعبةُ مِن دونِ ضوابطَ تُعيدُها إلى سعرِها الرَّسميِّ سِوى الإسراعِ في دورانِ العجَلةِ الحكومية.الصرّافون آلهةٌ على الأرض ووِزارةُ الاقتصاد لا تَضرِبُ بيدٍ مِن حديد وتكتفي بتسطيرِ محاضرَ غيرِ قابلةٍ للصرف. ومعَ استمرارِ عملياتِ الصعودِ وإصابةِ الليرة بوهْنِ الهبوط كانَ تداولُ العُملةِ الحكومية يَستقرُّ على ” لا تأليف ولم يَخرُجْ مِن تلةِ الخياط ما يؤشّرُ الى قُربِ صدورِ التشكيلة معَ اكتفاءِ الرئيسِ المكلّفِ بإرسالِ إشاراتِ البقاءِ على قيدِ الحياةِ الحكومية وأنه لن يعتذِر وسوف يشكّلُ حكومةَ اختصاصيين وَفقًا لما وَعَدَ به. لكنْ ما الموانعُ التي حالت دونَ ذلك ؟ تَبَعًا لما كشَفه النائبُ اللواء جميل السيد فقد جرى التوافقُ على ثمانيةَ عَشَرَ وزيراً تكنوقراط بلا وزراءَ مِنَ الحكومةِ السابقة لكن الرئيس نبيه بري جنح الى حُكومةٍ مختلطة مؤكدا ان دياب خلافاً لكلِّ ما يُشاع مُصرٌّ على تكنوقراط ولن يَعتذِرَ عن عدمِ التكليف. هذا الكشفُ المَيدانيُّ للنائب السيد يُثبِّتُ على رئيسِ المجلسِ تُهمةَ التعطيلِ أو التراجعِ إلى التكنوسياسية بذريعةِ استشعارِ الخطَرِ في المِنطقة . وكان لافتاً ما أعلنه موقِعُ المستقبل هذا المساء وفيه أنّ بري قد يصوّتُ لهذه الحكومةِ لتجنّبِ اتهامِه بعرقلتِها لكنّه لن يشاركَ بالتأكيد في حكومةٍ كهذه تَعتمدُ معاييرَ لا تركبُ على قوسِ قُزَح. يتفيّأُ بري ظلالَ الِمنطقةِ لفرضِ حكومةٍ تُعيدُ السياسيينَ الى مقاعدِهم الوزارية لكنَّ أميركا وإيرانَ أنفسَهما لا تريدانِ الحربَ وتتبادلانِ رسائلَ التسوياتِ مِن فوقِ البحار. وقدِ ارتفعت إشاراتُ التهدئةِ مِن طِهرانَ إلى واشنطن مروراً بإدلب أكثرِ المُدُنِ التهاباً بنيرانِ الحربِ التي أُعلن فيها وقفُ إطلاقِ النار بعدَ جولةِ فلاديمير بوتن مِن سوريا إلى تُركيا وبموجِبِ ذلك فإنّ الاحتقانَ التزمَ حدودَه فيما المرجِعيةُ الدينيةُ العليا في العراق آيةُ الله السيد علي السيستاني وجّه انتقادًا لكلٍّ مِن أميركا وإيران بضرورةِ احترامِ سيادةِ العراق أما مجلسُ النوابِ الأميركيّ فقد حَجَرَ على دونالد ترامب عسكريًا وأصدرَ قرارًا يمنعُ الرئيسَ القيامَ بعملٍ عسكريٍّ جديدٍ ضِدَّ إيران هذا التطويقُ السياسيُّ والمَيدانيُّ لا يترُكُ للبنان ذريعةً للسيرِ في حكومةِ يَقبِضُ عليها السياسيون إلا إذا كانت السلطةُ على قناعةٍ بأنّ دخولَها في لُعبةِ تغييرِ المواقفِ سوف يُعطيها فرصةً جديدةً للهربِ مِنَ المُساءلة . وعلى هذا التقدير فإنّ الشارعَ الذي ترنّح قليلاً وصوّبَ معركتَه باتجاهِ بنكِ أهدافٍ محدّدةٍ بينَ الاتصالاتِ والمصارف بات عليهِ اليومَ العودةُ الى الضغطِ بقوةِ التظاهرات من دونِ أن تسرِقَ وجهَها الأحزاب