-
- قسم المتابعة الإعلامية
- بي بي سي
ناقشت صحف عربية الانتخابات الرئاسية السورية، التي تم إجراؤها أمس في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة.
ويخوض الرئيس بشار الأسد الانتخابات أمام مرشحين اثنين، هما: عبد الله عبد الله، الذي شغل منصب نائب وزير في السابق، ومحمود مرعي، الذي يرأس حزبا معارضا يحظى بموافقة رسمية.
ورفضت المعارضة الانتخابات ووصفتها بـ”المهزلة”، كما انتقدت الولايات المتحدة ودول أوروبية الانتخابات باعتبارها غير حرة وغير عادلة.
” فوز الأسد وهزيمة الإنسانية”
يناقش مصطفى علوش في الجمهورية اللبنانية “تكرار مظاهر الاحتفال ببشار الأسد في بعل محسن، يقوم بها فقراء حَوّل بعضهم نظام الأسد إلى شبّيحة”، حيث يقول “إنّ هذا النظام للأسف سيستمر في استخدام الطائفة العلوية، أينما وجدت، متراساً وضحية لمشاريع تمسّكه بالسلطة”.
ويضيف علوش “في الماضي كنت أظن أنّ هذا التوصيف ينطبق فقط على العلويين، لكن بعد مشاهدة آلاف السوريين اللاجئين يتجمهرون لتجديد البيعة لخاطفهم، تأكدت أنّ متلازمة ستوكهولم تتخطى منطق الطائفية”.
يقول أمين العاصي في العربي الجديد اللندنية “لم يشارك في انتخابات اليوم سوى نسبة محدودة من السوريين، أكان بإرادتهم أم تحت التهديد بعدما لم يوفر النظام وسيلة لضمان مشاركة كل من يستطيع ترهيبه. وبالتالي لن يُقدّم هذا الاستحقاق صورة “الشرعية الشعبية” المزيفة، التي يحاول الأسد وحلفاؤه ترويجها للبقاء أولاً في الحكم لسبع سنوات مقبلة، ثم الترويج بأن الحرب انتهت في سورية وأن الانتخابات تُبرز نوعاً من الاستقرار”.
وتحت عنوان “فوز الأسد وهزيمة الإنسانية”، تقول القدس العربي اللندنية في افتتاحيتها “فوز الأسد المعلوم مسبقا، بهذه المعاني، هزيمة ليس للسوريين فحسب، من الذين حلموا بنظام آخر لا يعاملهم كرهائن وسجناء ومشاريع خطف وقتل وتعذيب، بل للعالم أيضا، الذي عجز عن إيقاف المجازر على مدى عشر سنوات، وهو ما جعل الأسد نموذجا للطغاة، بمن فيهم إسرائيل، التي تحلم نخبها العنصرية المتطرفة بتنفيذ عمليات التهجير الجماعي ضد الفلسطينيين، وباستخدام ترسانتها الحربية ضدهم”.
وفي الجريدة ذاتها، كتب سهيل كيوان مقالاً بعنوان “مسرحية الانتخابات السورية”، يقول فيه “مهزلة الانتخابات لا تنطلي حتى على أكثر المتحمسين لهذا النظام، فمن هذا الذي ما زال مقيماً في سوريا ويعارض النظام ونهجه، ويستطيع أن يرشح نفسه للرئاسة في مواجهة الأسد، سوى أن يقوم بدور كومبارس هامشي جدا”.
ويضيف الكاتب “الاسم الحقيقي لهذه الجولة هو اغتصاب السلطة مرة أخرى، رغم أنف أكثرية أبناء الشعب السوري، والمسرحية باتت نكتة بائخة وفاشلة، ربما كانت في سنين سابقة مادة للضحك والتندر، ولكنها تحولت إلى مأساة لأن هناك جداول من دماء جرت، وما زالت تجري والله يعلم إلى متى في داخل سوريا وخارجها”.
“تحوّل تاريخيّ”
اهتمت الصحف السورية بالانتخابات الرئاسية، حيث يقول علي نصر الله في الثورة “لا شك في أنّ إنجاز الاستحقاق الانتخابي الرئاسي يُمثل من عَديد ما يُمثل – بمَعاني السيادة والاستقلال والقوّة – ثَمرة من غَلَّة ثمار الصمود الأسطوري الذي أظهرته سورية – شعباً وجيشاً وقيادةً – بمُواجهة محور الشر الصهيوأميركي، إلا أنه سيكون أيضاً الرافعة للنهوض بِجَبّه (أمام) تَحديات المرحلة القادمة التي تَعِدُ بغدٍ مُشرق ومُستقبل مُزدهر؛ خَياراته وَطنية خالصة مَفتوحة آفاقها على قِطاف ثَرٍّ (كثير) يُعمّق تجربة دولة المؤسسات، يُلبّي الطموحات والرغبات، ويُحقق التطلعات برسم خطوطٍ بيانيّةٍ سياديةٍ سوريةٍ صاعدةٍ أبداً”.
كما يقول عاطف عفيف في تشرين “لقد انتصرت سورية في حربها ضد الإرهاب بسواعد جنودها وإرادة شعبها القوية، واليوم تتوج نصرها بالنصر السياسي بإقامة الانتخابات الرئاسية في موعدها، لتثبت للعالم إرادتها الحرة رافضة كل الإملاءات”.
ويطالب الكاتب “بتضافر جهود الجميع فكل شخص يجب أن يعمل من موقعه وأن يخلص لعمله، هكذا يمكن تحقيق الرسالة التي يحملها الرئيس لبناء سورية الحديثة التي نريد، فالمستقبل القادم هو رسالتنا جميعاً”.
وتحت عنوان ” ليس مجرد انتخاب رئاسيّ، هذا تحوّل تاريخيّ”، يقول ناصر قنديل في البناء اللبنانية “هذا أكثر من انتخاب رئاسيّ بكثير، فهو التحوّل التاريخيّ الذي يعبر عن انتقال الشرق من مرحلة إلى مرحلة، مرحلة عنوانها الضياع والتفكك والحروب الأهلية والفتن الطائفية والمذهبية، إلى مرحلة نهوض الدولة الوطنية وتكامل نماذجها في الإقليم الأشد خطراً في الانزلاق إلى الفوضى”.
ويضيف الكاتب أن “صعود سورية مجدداً يتزامن مع تراجع مكانة ومهابة وسطوة كيان الاحتلال، بما يردّ الاعتبار لفرص الاستقرار بنظام إقليمي تكون سورية ركيزته، ولا يكون كيان الاحتلال جزءاً منه، بعدما كان أحد أهداف الحرب على سورية تمهيد الطريق لنظام إقليميّ يتزعمه كيان الاحتلال”.
احتدام انقسام السوريين في الانتخابات الرئاسية
أقبل سوريون في مناطق سيطرة القوات الحكومية أمس، على مراكز الاقتراع لانتخاب رئيس للبلاد، بالتزامن مع مقاطعة معارضين في شمال غربي سوريا وشمالها الشرقي وجنوبها، وسط توقعات بفوز محسوم للرئيس بشار الأسد، الأمر الذي عزز الاعتقاد بأن هذه الانتخابات أدت إلى احتدام الانقسامات السورية.
واعتبر وزراء خارجية الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا، في بيان ليل الثلاثاء – الأربعاء، أن الانتخابات «لن تكون حرة ولا نزيهة»، وحضّوا المجتمع الدولي على أن «يرفض من دون لبس هذه المحاولة من نظام الأسد ليكتسب مجدداً الشرعية».
ورد الأسد على الانتقادات أمس، بقوله لصحافيين في مدينة دوما، التي كانت معقلاً سابقاً للمعارضة قبل أن تستعيدها قوات الحكومة: «الحراك الذي رأيناه في سوريا، خلال الأسابيع الماضية كان الرد الكافي والواضح وهو يقول لهم: قيمة آرائكم هي صفر وقيمتكم عشرة أصفار».
وفي «المربع الأمني» التابع للنظام في مدينة الحسكة (شمال شرق) الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية»، أغلقت مراكز الاقتراع أبوابها بعد إقبال ضعيف، في وقت شهدت مناطق المعارضة شمال غربي سوريا الخاضعة لسيطرة المعارضة احتجاجات واسعة ضد الانتخابات.
وفي الجنوب، استهدف مجهولون مراكز مخصصة للاقتراع في «مناطق التسويات» وسط مظاهرات ضد الانتخابات.
أقبل الناخبون السوريون في مناطق سيطرة القوات الحكومية منذ صباح الأربعاء على مراكز الاقتراع لانتخاب رئيسهم، اذا في استحقاق هو الثاني منذ اندلاع النزاع المدمر، ومن شأنه أن يمنح بشار الأسد، الذي صوّت أمس في دوما المعقل السابق للمعارضة، ولاية رابعة من سبع سنوات.
رد الأسد، بعد اقتراعه وزوجته أسماء في مدينة دوما، أحد أبرز معاقل المعارضة سابقاً قرب دمشق، على المواقف الغربية التي شككت في «نزاهة» الانتخابات حتى قبل حصولها. وقال على وقع هتافات مؤيديه: «قيمة آرائكم هي صفر».
فتحت مراكز الاقتراع أبوابها عند السابعة صباحاً (04.00 ت غ). وعرض التلفزيون السوري مشاهد تُظهر صفوفاً طويلة من الناخبين تتشكل أمامها في عدد من المناطق.
وعلى وقع إجراءات أمنية على مداخل دمشق والساحات والنقاط الرئيسية، شهدت مراكز الاقتراع في الجامعات خصوصاً إقبالاً باكراً من الطلاب. وأفاد مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية، بتجمعات طلابية هتف المشاركون فيها «بالروح بالدم نفديك يا بشار». وقال كنان الخطيب (26 عاماً)، وهو طالب في جامعة دمشق: «جئت أنتخب الرئيس بشار الأسد لأنه الرجل الوحيد الذي صمد طيلة عشر سنوات من الحرب». وأضاف: «لا أعرف المرشحين الآخرين على الإطلاق وأحترم ترشحهما لكن صوتي بكل تأكيد للرئيس بشار الأسد».
اتخذ الأسد (55 عاماً) عبارة «الأمل بالعمل» شعاراً لحملته الانتخابية، في محاولة لتسليط الضوء على دوره المقبل في مرحلة إعادة الإعمار، بعد عقدين أمضاهما في سدة الرئاسة، نصفهما خلال نزاع مدمر أودى بحياة أكثر من 388 ألف شخص وشرّد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
إلى جانب الأسد، يخوض مرشحان السباق الرئاسي هما وزير الدولة السابق عبد الله سلوم عبد الله (2016 – 2020) وكان نائباً لمرتين والمحامي محمود مرعي، من معارضة الداخل المقبولة من النظام، وسبق أن شارك بين ممثليها في إحدى جولات المفاوضات برعاية الأمم المتحدة في جنيف، التي اتسمت بالفشل.
وارتفعت الأعلام السورية وصور المرشحين الثلاثة في المراكز الانتخابية، لكن صوراً عملاقة للأسد اكتسحت الشوارع والساحات العامة.
قدر وزير الداخلية محمد خالد رحمون، خلال مؤتمر صحافي عقد الثلاثاء، عدد مَن يحق لهم الانتخاب في كامل المناطق السورية وخارجها بأكثر من 18 مليون شخص.
ويبلغ عدد المراكز الانتخابية، وفق الداخلية، أكثر من 12 ألفاً، ستفتح أبوابها حتى السابعة مساء (16.00 ت غ). ويحق للناخب أن يُدلي بصوته في أي مركز، على اعتبار أن «سوريا دائرة انتخابية واحدة»، على أن تصدر النتائج خلال 48 ساعة من إغلاق صناديق الاقتراع.
وتجري الانتخابات في مناطق سيطرة الحكومة المقدرة بأقل من ثلثي مساحة البلاد، ويقطن فيها نحو 11 مليون شخص، فيما تغيب عن مناطق سيطرة الأكراد (شمال شرق) ومناطق سيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل موالية لأنقرة، في شمال وشمال غربي سوريا.
وأعلن مجلس سوريا الديمقراطية، الجناح السياسي لقوات سوريا الديمقراطية في مناطق سيطرة الأكراد، أنه «غير معني» بالانتخابات. ووصف الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، والمدعوم من تركيا ومقره إسطنبول، الانتخابات بـ«المسرحية».
وشارك عشرات الآلاف، الخميس، في عملية الاقتراع في سفارات بلادهم وقنصلياتها في اليوم المخصص للمقيمين خارج سوريا، ممن يحملون جوازات سفر سارية وتركوا البلاد بطريقة شرعية، وهو ما لا يسري على ملايين اللاجئين الذين فروا من المعارك والقصف.
واعتبر وزراء خارجية الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا، في بيان مشترك، الثلاثاء، أن الانتخابات الرئاسية «لن تكون حرة ولا نزيهة». وحضّوا المجتمع الدولي على أن «يرفض من دون لبس هذه المحاولة من نظام الأسد ليكتسب مجدداً الشرعية من دون أن يوقف انتهاكاته الخطيرة لحقوق الإنسان ومن دون أن يشارك في شكل ملحوظ في العملية السياسية التي سهلتها الأمم المتحدة بهدف وضع حد للنزاع».
ورد الأسد، الأربعاء، على الانتقادات. وقال لصحافيين في مدينة دوما: «نحن كدولة لا نقبل أبداً بمثل هذه التصرفات، لكن الأهم مما تقوله الدولة أو تصمت عنه، هو ما يقوله الشعب». وأضاف: «أعتقد أن الحراك الذي رأيناه خلال الأسابيع الماضية كان الرد الكافي والواضح وهو يقول لهم: قيمة آرائكم هي صفر وقيمتكم عشرة أصفار».
وبدا لافتاً اختيار الأسد دوما للإدلاء بصوته والتصريح للصحافيين، إذ شكلت المدينة، التي استعادت قواته السيطرة عليها عام 2018 إثر هجوم واسع بدعم روسي أعقب سنوات من الحصار، أحد أبرز معاقل المعارضة خلال سنوات النزاع. واتهمت دول غربية دمشق باستخدام غاز الكلور خلال الهجوم، ما دفعها إلى شن ضربات جوية، فيما نفت دمشق مسؤوليتها عنه.
ويحل الاستحقاق الانتخابي فيما ترزح سوريا تحت أزمة اقتصادية خانقة خلفتها سنوات الحرب، وفاقمتها العقوبات الغربية. وشهدت الليرة تدهوراً غير مسبوق مقابل الدولار. وبات أكثر من 80 في المائة من السوريين يعيشون، وفق الأمم المتحدة، تحت خط الفقر.
استبق الأسد موعد الانتخابات بإصدار سلسلة قرارات وقوانين في محاولة لتحسين الوضع المعيشي والخدمي، وأصدر عفواً رئاسياً شمل الآلاف من مرتبكي الجرائم المختلفة.
بعدما ضعفت في بداية النزاع وخسرت مناطق كثيرة، استعادت القوات الحكومية بدعم عسكري مباشر من حليفتيها إيران وروسيا مساحات واسعة. ورغم توقف المعارك إلى حد كبير، لا تزال مناطق غنية، تضم سهولاً زراعية وآبار نفط وغاز، خارج سيطرتها.
ويعمل الأسد ومن خلفه حلفاؤه، وفق محللين، على جذب «مانحين محتملين» لتمويل عملية إعادة الإعمار. ويقول دبلوماسي أوروبي متابع للشأن السوري إن الأسد حالياً «يراهن على أن يكون الثابت الوحيد في بلد مدمر».