إن لم تستحِ فأحكُمْ ما شئت وبعدَ ثلاثةِ أشهرٍ من انهيارِ البلد البلدُ لا يَحكُمُه ولا حتّى ولد سُلطةٌ لا تشعرُ بالسقوط ولا تتحسّسُ إلا رِقابَها ومِن مقاعدِهم وقصورِهم ومنتجعاتِهم السياسية يشترطونَ ويَتفنّنونَ في تعذيبِ الناس يختبئونَ خلفَ عدمِ التدخّل لكنّهم يتدخّلونَ وبالمُعجّلِ المكرّر ويساومونَ ويفرِضونَ ثُمّ يطالبونَ بـ”لمِّ الشمل” فعُذراً شملُكم هو السُّمُّ السياسيُّ الذي يتجرّعُه اللبنانيونَ يومياً ولم يعدِ الناسُ يصدّقونَ أنَّ التئامَكم هو لمصلحتِهم بل تلتئِمونَ على لؤم وعلى غَرزِ الألمِ في جسدِ الوطنِ مِن جديد وعلى حمايةِ مكتسابتِكم السياسيةِ التي عَمّرت مجدَها في ثلاثينَ عامًا وعلى هذا الوجعِ ضرَبَ الشارعُ موعدًا معَ ثلاثاء غاضب فأقفل شوارعَ وأقام تجمعاتٍ واعترضَ وأَحرقَ وتمادى في استعمالِ كلِّ ما يَمُتُّ إلى الرفض من دونِ أن يلامَ على غضبِه الناسُ أفرغت احتقانَها لكن كيفَ تلقّفتِ السلطةُ اهتزازَ الأرضِ مِن جديد؟ لا قلق وكأنّ الريح ليسَت تحتَها فرئيسُ الجُمهورية استقبل السّلكَ الدِّبلوماسيَّ بأسلاكٍ سياسيةٍ شائكةٍ وضعها أمامَ التأليف وهو قال إنّ تأليفَ هذه الحكومةِ يتطلّبُ اختيارَ أشخاصٍ جديرينَ يستحقونَ ثقةَ الناسِ والمجلسِ النيابيّ ما استلزمَ بعضَ الوقت ويؤشّرُ هذا التوصيفُ إلى أنّ تشكيلةَ حسّان دياب لم تحصُلْ على المعدّلِ الرئاسيّ بعد وأن لدى عون ملاحظاتٍ على أسماءٍ قدّمها الرئيسُ المكلف وإذا كان خِطابُ عون يَحمِلُ دبلوماسيةَ السلك فإنّ رئيسَ التيار ِالوطنيِّ جبران باسيل كان يمرّرُ رسائلَ غيرَ مشفّرةٍ الى دياب, وبما يشبهُ التهديد طالب باسيل الرئيسَ المكلّفَ بأن يقومَ بواجباتِه ” وما يحط التكليف بيجبتو ويقول ما حدا بيقدر ياخدو مني ” فالناسُ تستيطعُ أن تأخذَه والثقةُ في مجلسِ النوابِ أيضاً ونفى رئيسُ التيار أن يكونَ قد تدخّل أو أن يكونَ له أيُّ مطلَبٍ أو أنه وضعَ شرطَ الثلثِ المعطِّل والحِصص، معتبراً أنّ كلَّ ذلك افتراء وإذ لمّح باسيل الى موقفٍ تصعيدي كان بصددِ اتخاذِه اليومَ فإنّ اوساطَ التيار اشارت الى مُهلةٍ لا تتعدّى الايامَ القليلةَ لحكومةِ دياب والمُهلةُ صُودف أَنها مُنحت بعد لقاءٍ جمع باسيل بالرئيس نبيه بري حيث كانت الأجواءُ إيجابية. ولم يتّضحْ من هذه الإيجابية سِوى كلامٍ كان يردّدُه رئيسُ المجلس أمامَ ضيفِه قائلاً: “قاعدين حد هالحكومة والحكومة قاعدة حّدنا” وبموجِبِ هذا المشهد السياسي فإن الارض تغلي وبري يرسّمُ حدودَها حكومياً باسيل يُعطي دياب البيان رقْم واحد عون ينتظر تبديلَ الاسماء وسعد رجع لا ليصرف الاعمال إنما ليشهدَ على تنفيذِ الانقلاب الحيّ ضد الخلف اما الرئيسُ المكلفُ فقد كُلّف الصمت ايضاً لكنَّ مصادرَه قالت إنّه أسّسَ للائحةٍ وزاريةٍ كانت مبنيّةً على اتفاقٍ واضحٍ وشفّاف معَ مَن التقاهُم وبينَهم المكوّناتُ السياسية أي حكومةُ اختصاييبن ووعلى مبدأ الاختصاص المناسب في المكانِ المناسب تشكيلتُه جاهزة وتنتطرُ اشارةً ايجابية والى تاريخِه فإنّه لا يعتزمُ الاعتذار وثابتٌ على موقفِه غيرَ أنه قد يخرجُ ببيان رقْم اثنين ليطالبَ بوقفِ “القضم