يبدو أن هالة الغموض المحيطة بكيفية هجرة الطيور لمسافات طويلة عبر البر والبحر أصبحت قاب قوسين أو أدنى من التلاشي. ومن خلال دراسة الروبوتات، وجد علماء أدلة على كيفية شعور الطيور بالمجال المغناطيسي للأرض. تماماً كما يمكنك الوصول إلى بوصلة مغناطيسية لمعرفة الاتجاه الشمالي أو الجنوبي، يعتقد أن الطيور لديها «بوصلة حية» مدمجة. وكشفت دراسة جديدة نشرت في مجلة «نيتشر» أن وجود مادة كيميائية في العين حساسة للمغناطيسية يمكن أن يكون بمثابة دليل على هذه النظرية.
في هذا الصدد، قال بيتر هور، أستاذ الكيمياء في جامعة أكسفورد، إنه يمكن للطيور أن «ترى» المجال المغناطيسي للأرض، رغم أننا لا نعرف ذلك على وجه اليقين. وأضاف في تصريحات لـ«بي بي سي نيوز»: «نعتقد أننا ربما حددنا الجزيء الذي يسمح للطيور المغردة الصغيرة المهاجرة باكتشاف اتجاه المجال المغناطيسي للأرض، وهو ما يمكنهم فعله دونما شك، واستخدام هذه المعلومات لمساعدتهم في الملاحة عندما يهاجرون آلاف الكيلومترات».
ويذكر أنه طوال عقود، عكف العلماء على دراسة كيفية إحساس الحيوانات مثل الطيور والسلاحف البحرية والأسماك والحشرات بالمجال المغناطيسي للأرض واستخدامها لإيجاد طريقها. ويعتبر طائر «أبو الحناء» الأوروبي واحداً من المحاور الرئيسية التي دارت حولها الدراسات المعنية بالبوصلة الحية بالحيوانات. ومن المعتقد أن أحد الحلول المحتملة هو «جزيء» في شبكية العين يعرف باسم الكريبتوكروم.
ودرس فريق أكسفورد شكلاً منقى من «الجزيء» في المختبر لمعرفة ما إذا كان مناسباً للغرض كمستشعر مغناطيسي. ووجدوا أن لديه القدرة على تكوين أزواج من «الجذور» التي تتميز بحساسية مغناطيسية عالية. من ناحيته، قال البروفسور هور إن الآلية التي كانوا يحققون فيها تتضمن تفاعلات كيميائية حساسة مغناطيسياً بدأها الضوء داخل عيون الطائر – في شبكية عينهم، على وجه الدقة.
وأوضح: «يبدو من الممكن – ولن أصف الأمر بألفاظ أقوى من ذلك في الوقت الحالي – أن هذه التفاعلات الكيميائية يمكن أن تعطي الطائر معلومات حول اتجاه المجال المغناطيسي للأرض وبهذه الطريقة تشكل بوصلة مغناطيسية». تجدر الإشارة إلى أن طائر أبو الحناء الأوروبي يعتبر مشهداً مألوفاً في العديد من حدائق المملكة المتحدة، حيث يقضي معظم فصل الشتاء في بريطانيا.