وقعت اشتباكات عنيفة بين محتجين وقوات أمن في لبنان في ليلة ثانية من أحداث العنف التي تشهدها البلاد خلال ما سماه المتظاهرون بـ”أسبوع الغضب”.
واستهدف محتجون خلال اليومين الماضيين عدة مصارف وحطموا واجهاتها بأعمدة حديدية وطفايات حريق.
ويطالب المحتجون المصارف بالعدول عن القيود التي فرضتها مؤخرا على التوفير وتحويل الأموال إلى الخارج، كما ينددون بفشل محاولات تشكيل حكومة جديدة خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية.
لبنان: مخاوف من “الإفلاس” بسبب تأزم الوضع السياسي في البلاد
حذر كُتّاب في صحف عربية من تدهور الوضع الاقتصادي في لبنان بعد أن تجددت التظاهرات في العاصمة بيروت ومناطق أخرى احتجاجا على الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد.
ووقعت اشتباكات بين قوات الأمن اللبنانية ومحتجين بالقرب من المصرف المركزي في العاصمة بيروت.
واندلعت في لبنان موجة احتجاجات كبرى في أكتوبر/تشرين الأول الماضي ضد النخبة الحاكمة التي يتهمها المحتجون بالفساد والتسبب في تردّي الأوضاع الاقتصادية.
” غياب الرؤية السياسية”
كتبت صحيفة الأخبار اللبنانية تقول: “عاد المنتفضون إلى الشارع بقوة. ما كان متوقعا، بسبب الأزمة الاقتصادية والمالية والنقدية الخانقة كما بسبب غياب الرؤية السياسية للحل، صار واقعاً. المنتفضون الذين انتشروا في الطرقات، أمس، وحاول بعض السياسيين ركوب موجتهم لوضع برنامج أهداف لا صلة له بما يصيب الناس مباشرة، حلّوا أمس ضيوفا على شارع الحمرا في بيروت، وتحديدا أمام مصرف لبنان، الذي يرون فيه أصل البلاء الحالي الواقع عليهم”.
وأضافت الصحيفة: “سياسات ‘النظام’ التي نفّذها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والتي أوصلت معظم السكان إلى حدود الإفلاس، وتُضخِّم يوما بعد آخر عدد الفقراء في لبنان، لم تعد قادرة في زمن الأزمة على إقناع المنتفضين بأنها قادرة على إخراجهم من الواقع الذي وضعتهم فيه”.
مصدر الصورةEPAImage captionمتظاهرون في ساحة الشهداء في بيروت احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية
وخلصت إلى أنه: “لأجل ذلك، لا يمكن تنفيذ أي حل لا يكون على رأس بنوده رحيل [حاكم مصرف لبنان] رياض سلامة، ومحاكمته، ومعه جمعية المصارف، بأعضائها كافة، وتحرير الاقتصاد والموازنة العامة من هيمنة المصارف والسياسات النقدية”.
وقالت نور نعمة في صحيفة الديار اللبنانية: “بات واضحا أن أركان السلطة التي سمّت الرئيس المكلف حسان دياب لتأليف الحكومة غارقة في تصارع نفوذ وحقائب وزارية لدرجة أنها لا تسمع وجع الناس وأنينهم وخوفهم على المستقبل، كما يبدو أن هذه القوى السياسية تعيش في حالة إنكار فهي إمّا غير مدركة لخطورة الأزمة المالية والاقتصادية التي تتفاقم يوما بعد يوم أو إمّا هي غير آبهة لتدهور وضع البلاد ومتمسكة فقط بحصتها الحكومية”.
وأضافت نعمة: “والحال أن القوى السياسية تتعاطى بسطحية قلّ مثيلها مع الأزمة المالية والاقتصادية التي تهدد بانهيار لبنان ومؤسساته وعُملته وهي في موقع المتفرج لا تخطو خطوة لمعالجة الوضع المتأزم لا بل تزيد الطين بلّة بسجالات سياسية تؤذي الدولة وترخي بظلالها على المصارف وعلى القدرة الشرائية للمواطن وعلى الشركات التي تتقلص ميزانياتها بسبب سوء الأوضاع المالية في لبنان”.
وانتقدت أنديرا مطر في صحيفة القبس الكويتية “الطبقة السياسية بفسادها وسوء إدارتها”.
وأشارت مطر إلى أن هذه الطبقة كانت “سببا رئيسيا في تأجيج انتفاضة أكتوبر الفائت، وكانت هذه المرة أيضا عاملا في إحيائها بسبب مماطلتها وإنكارها ما يدور في الشارع على مدى 90 يوما، مع فارق أن المسار الانحداري للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية قد يحوّل مسار الانتفاضة السلمية حتى الآن، ويدفعها باتجاه وسائل عنيفة لتحقيق أهدافها. فالصور التي تتوالى من مختلف المناطق تنذر بكوارث اجتماعية على كل المستويات”.
“لبنان وحيداً”
وحذرت صحيفة العرب اللندنية من أن الوضع اللبناني “زاد تأزما” بعد نزول المواطنين إلى الشارع وإغلاق الطرقات في معظم المناطق.
وأضافت الصحيفة :”تخوّف سياسيون لبنانيون من أن يكون لبنان مقبلا، في ظلّ حال الانسداد السياسي، على فوضى كبيرة واضطرابات وصدامات في الشارع، بعد قرار اتخذه حزب الله بالمشاركة في التصعيد الشعبي بغية تنفيس أزمته الداخلية التي يعبر عنها جمهوره بسبب الانهيار الاقتصادي والمالي الذي يعاني منه البلد. ولوحظ أن مطالب الثوّار الذين نزلوا مجددا إلى الشارع وصلت إلى حد المطالبة بتشكيل حكومة مستقلين في غضون 48 ساعة، فيما بدأت مجموعات عدّة تدعو إلى استقالة رئيس الجمهورية ميشال عون”.
وتحت عنوان “لبنان وحيدًا في أزمة إفلاسه!”، أبدت صحيفة القبس الكويتية تشاؤما لأن “المشهد يزداد قتامة، مع صعوبة تأليف حكومة، وتنازع على الحقائب، واستهتار شبه كامل بالتداعيات الاقتصادية المتسارعة التي ستؤدي في القريب العاجل إلى بلوغ نسبة الفقر %50 من السكان، وفقا لتقديرات البنك الدولي، إذا انحدرت المؤشرات أكثر، لا سيما تقهقر سعر صرف الليرة، التي فقدت %40 من قيمتها حتى الآن”.
وأضافت الصحيفة: “تداعيات الاختناق الاقتصادي لم تظهر كلها بعد، وشبح الإفلاس لم يعد كلاماً من متشائمين، بل هو قاب قوسين أو أدنى من الوقوع”.
من جانبه رأى نبيل بومنصف في صحيفة النهار اللبنانية أنه “إذا كانت حقيقة تلازُم احتدام الانتفاضة مع الانهيارات المتسارعة أمرًا ثابتا سيبقى طاغيا على المشهد اللبناني لمدة يستحيل التكهّن بمداها، فإن الحقيقة الأخرى الأشدّ دراماتيكية التي يتعيّن على الثوار وغيرهم من مؤيدي الحراك الثوري أن يواجهوها تتشكل في ثورة ضد ‘لا دولة’ رغم استمرار الشكليات والطقوس الدستورية الخالية من أي مضمون والتي تزعم أنه لا تزال في لبنان دولة وسلطة”.
.