في مدينة دوسلدورف الألمانية، جرت مباراة فريدة من نوعها لكرة القدم، حيث جمعت قساوسة مسيحيين في فريق، والطرف الآخر كان أئمة مسلمين، فيما تولى قيادة المباراة حَكَم حبر يهودي.
وأقيمت المباراة برعاية لاعب المنتخب الألماني (مسعود أوزيل) تحت عنوان (مباراة عبر الأديان)، وألقى العمدة كلمة قبل المباراة معبراً عن سعادته بهذا النهج لتسامح الأديان، ودهشته من وجود حبر يهودي كحكم قائلاً: إنه ليس خبيراً في قوانين كرة القدم.
وأحلى ما في هذا الخبر هو فوز فريق الأئمة بأربعة أهداف مقابل هدفين، رغم أن حارس المرمى الإمام المسلم يزيد وزنه ما شاء الله على 95 كيلو، وطوله 160 سم، ويتمتع بكرش لا يُحسد عليه.
وقد أُجريت المباراة بحضور عدد كبير من جمهور الجانبين وتصافح الجميع في دعوة غير مباشرة للتعايش والتسامح.
الحمد لله أن القساوسة رغم هزيمتهم في المباراة، كانت روحهم الرياضية (عالية)، بعكس جماهير الفريق المهزوم في بطولة كأس أوروبا.
***
بينما كنت أمام التلفزيون أشاهد كارثة الحريق الذي استعر في أحد مستشفيات العراق، وراح ضحيته أكثر من (100) قتيل حرقاً، وكنت ساعتها في حالة يرثى لها، وإذا بأحدهم يبعث لي بالصدفة (واتساب) لفتاة عراقية، تلقي فيها أبياتاً شعرية باللهجة الدارجة، وكأنها ترثي بها وطنها العراق، فأعدت المقطع عدة مرات حتى استطعت أن أكتبها وهي طويلة، ولكني اقتطفت لكم منها هذه الأبيات (الصادقة والمؤثرة)، وتلقيها الشاعرة (شهد) التي تقول فيها:
منريد منكم كهرباء ومنريد منكم حصة/ ومنريد منكم مدرسة ومنريد منكم فرصة
أخذوا النفط لأبو النفط لأبو البواري الما تجي وتمصه/ شحصلنا من نفط العرب للروم رايح نص وللفرس رايح نصه
لا عدنا أمان ولا نفط ولا كهرباء ولا ماي فهمونا شنو القصة/ دجلة فرات شنشفة شط العرب كله ملح للبحر صاير نصه
من مات حمورابي الملك تدري شكتب وشوصة/ وهذا عراق أبو الحسنين حيدرنا علي نعرف هواه ونخصه
وهذا عراق عمرنا العادل الفاروق أبو حفصة/ من كالك اختلفنا على النبي وآل النبي وصحبة النبي
ذول النجوم العالية بجبد السما وجبد السما ما نصه
***
أكدت الفنانة اللبنانية (هيفاء وهبي) أنها طوال حياتها كانت تتمنى أن تبقى في جوار حسن نصر الله، الذي ارتسمت له صورة خاصة في ذاكرتها، لا سيما أنه رمز يعني الكثير لها ولعائلتها – انتهى.
ولا أملك إلا أن أقول: الله يهني سعيدة بلحية سعيد.
وسمير عطا الله:إيطالي بلا غناء
تنتشر عبر السنين بين الأمم، صفات وسمات وكنايات من تلقاء نفسها. إذا قلت سباغيتي قلت إيطاليا، وإذا قلت فرنسا قلت العطر، وإذا قلت انجلترا قلت شكسبير. لكن ما أفظع القاعدة إذا دخلت في الشذوذ: إيطاليا تصبح عرياً في الشوارع، وانجلترا تصبح جنوناً غير بشري في البيكاديللي.
في فوزها على انجلترا في نهائي أوروبا، تغولت الدول المتحضرة مرة واحدة. غضباً أو فرحاً. لم تعد إيطاليا بلاد الفنون والرسوم والموسيقى والأناقة. طافت فجأة في الشوارع تترجم متعة الانتصار إلى انتقام نفسي من كل الهزائم، بما فيها الكورونا التي دمّرت البلاد وهزمتها قبل أن تتراجع. وبدورهم قبض «الهوليغانز» البريطانيون على معجب إيطالي ومثلوا به في مشهد وحشي يذكّر بساعات القذافي الأخيرة. تتساوى عند الجماهير مشاعر الخسارة والانتقام مع مشاعر الفوز والربح. ويعبر الفريقان بطريقة واحدة عن مشاعر متناقضة تماماً. ويفرغ كلاهما أسوأ ما لديه ظاناً أن هذا أفضل ما عنده.
صحيح أن خيبة أمل الانجليز لا توصف بعد 54 عاماً من الانتظار. لكن ما هذه الطريقة الوحشية في التعبير عن الحزن والأسى؟ المثال الأشهر في حروب الكرة كان النزاع الدموي بين السلفادور وهندوراس العام 1969. خاضت الدولتان حرباً ميدانية وسياسية استمرت حتى 1980 انطلاقاً من خلاف حول نتائج مباراة كروية. أما الحقد التاريخي بينهما فلا يزال قائماً.
صنع رزيارد كابوشنسكي من هذا الحدث الذي غطاه بنفسه، تحفة أخرى، من تحفه الصحافية التي تحوّلت من حدث عابر إلى رائعة كلاسيكية. وتتعرض الصورة العامة عن الأمم والشعوب إلى انفجارات كالتي تعتري نظام الطبيعة. وتختفي صورة الإيطالي المغني اللامبالي لتظهر صورته القبيحة في مباراة كروية. ولا تعود صورة الانجليزي، صورة الرجل الذي وضع «الماغنا كارتا» والمساواة وحقوق الإنسان، بل تظهر صورته نافرة كرجل لا يقبل المساواة ولا حق الفوز لسواه، حتى في المباريات الرياضية.
في داخل البشر وحش يدعو دائماً إلى القتل. نمجد الفروسية وهي تعني القتل. حتى الكسندر بوشكين، أعظم شعراء روسيا، دعا غريمه إلى مبارزة وقتل فيها، وفي رائعة إيفان تورغينيف «الآباء والأبناء» يدرب متبارزان أحدهما الآخر على وسائل الانتصار خطوة خطوة، وعندما لا يعثران على «حكم» بالمسدسات يقرران المضي فيها من دونه.
ذاع في الستينات عنوان فيلم سينمائي عن «الأميركي البشع». ثم أدرك العالم أن في كل شعب رجلاً بشعاً. إنه الإنسان في طبعته الأولى، ولا يضبطه إلاَّ القانون.