ناقشت صحف عربية مستقبل المشهد السياسي والاقتصادي في لبنان، في ظل جهود رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي لتشكيل الحكومة.
وأعرب كتاب عن تخوفهم من “العراقيل” التي تواجه تشكيل الحكومة، بينما أبدى البعض تفاؤلاً حيال نجاح ميقاتي في مهمته.
“بارقة أمل”
قال موقع العين الإخباري الإماراتي: “تبقى الأنظار موجهة إلى ما ستكون عليه مهمة ميقاتي، وعما إذا ستكون ميسرة، أم أنه سيواجه مطبات سياسية، على غرار التعقيدات التي واجهها سلفه في التكليف سعد الحريري، وأدت إلى اعتذاره نتيجة السباق على الحصص الوزارية، ولا سيما من قبل فريق العهد المتمثل برئيس الجمهورية وصهره النائب جبران باسيل”.
وأشاد منير الربيع في صحيفة المدن اللبنانية بـ”موجة إشاعة الأجواء الإيجابية حول تشكيل الحكومة، إلا أنه رأى أن “الوقائع السياسية لا تبشر بذلك… فوتيرة حركة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي تتسارع في لقاءاته مع رئيس الجمهورية، ويحرص على التنسيق والتواصل معه. لكن المسائل العالقة لا تزال على حالها: كيفية توزيع الحقائب، آلية التسمية، وزارتا العدل والداخلية.
وفي مقابل الأجواء الإيجابية التي تذيعها القوى المختلفة، تؤكد مصادر متابعة أن الجميع يضع احتمال الفشل نصب عينيه”.
وأعرب وفيق إبراهيم عن تفاؤله في جريدة البناء اللبنانية، إذ قال “تبدو حكومة ميقاتي إذاً آخر آلية لمنع الانهيار اللبناني نهائياً مع إعادة واضحة للتوازنات الإقليمية والدولية إليه، على قاعدة تتعادل فيها أحجام حزب الله وحلفائه مع الجناح المؤيد لـ’إسرائيل'”.
وتساءل الكاتب “هل ينجح ميقاتي في تشكيل حكومة؟ يبدو أن الظروف الإقليمية والدولية مؤاتية لهذا الأمر، وذلك على قاعدة الحاجتين الإقليمية والدولية إلى استتباب لبنان، وجعل الأوضاع فيه قادرة على منعه من توتير الصراعات السورية الإسرائيلية، في مرحلة تبدو فيها القوى الإقليمية والدولية في مرحلة إعادة بناء قواها في جزيرة العرب وبلاد الشام”.
وكتبت فاطمة عواد الجبوري في صحيفة رأي اليوم اللندنية “شكّل تكليف نجيب ميقاتي (رجل الأعمال اللبناني) بتكشيل الحكومة بارقة أمل لدى اللبنانيين، للتخلص من طوابير الذل وأزمة الكهرباء والخبز والأزمة الاقتصادية، التي عصفت بلبنان ما بعد تفجير بيروت”.
وحذرت الكاتبة “قد يكون تكليف نجيب ميقاتي مسكن ألم لجروح اللبنانيين، الذين يعانون هذه الأيام من نقص الدواء والكهرباء والخبز وكل شيء، إلا أن المعادلة أكبر من مجرد تشكيل حكومة. المعادلة تأخذ صوراً متعددة في الانتخابات البرلمانية والتحضير للسيطرة على كرسي الرئاسة، وتتم هذه المشاريع (وللأسف) بأيدي داخلية. الهدف من كل هذا هو إخراج لبنان من معادلة الصراع والكرامة، وتصوير أزمة لبنان على أنها أزمة اقتصادية بحتة يتم حلها بمجرد تهميش أكثر أحزابه شعبية ومكانة في لبنان، ونحن نقصد حزب الله”.
“مخاض عسير”
وحذرت افتتاحية عكاظ السعودية من أنه “لا يمكن القطع بأن الجهود التي يبذلها رئيس الوزراء المكلف، نجيب ميقاتي، لتشكيل حكومة لبنانية تعني زوال الخطر الذي يحاصر لبنان على أكثر من جبهة، خصوصاً الوضع الاقتصادي المنهار والمخاطر الأمنية المتفاقمة. وفي حين يتعامل كثيرون بـ’حيادية إزاء تكليف ميقاتي؛ إلا أن الأطراف الأخرى تصدر إشارات متضاربة، توحي بأن الأزمة اللبنانية أبعد من أي حل قريب. فقد ذُكر أن الرئيس ميشال عون صرح بأنه لن يعطي ميقاتي ما لم يعطه لسلفه، الرئيس المستقيل سعد الحريري. كما أن مواقف التيار الوطني الحر التصعيدية، التي بلغت حدّ التهديد بالاستقالة من المجلس النيابي، تؤكد بوضوح أن هذا التيار الذي يمثل عون وجبران باسيل لن يكف عن عرقلة أية حكومة جديدة لا تخضع لشروطهما. والأهم أن حكومة ميقاتي التي تمر بمخاض عسير سيكون حزب الله اللبناني؛ المنفذ للإرادة الإيرانية في لبنان، طرفاً فيها”.
بالمثل، قالت صحيفة النهار اللبنانية “إذا كانت وتيرة مسار التأليف مع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي تتميز بسرعة قياسية، على مقياس اجتماع كل يوم مع رئيس الجمهورية ميشال عون، بدليل إنعقاد ثلاثة اجتماعات بينهما منذ تكليف ميقاتي، فإن ذلك لا يحجب واقع أن المخاض الشاق للتأليف بدأ عملياً أمس، في الاجتماع الثاني الذي عقداه حتى البارحة في إطار مسار التأليف. ويبدو أن الرئيس ميقاتي يبدو مغالياً في إضفاء الأجواء التفاؤلية، التي يريد لها أن توحي بأن ولادة الحكومة ستكون سريعة، ولو أنه يتبع في ذلك الأسلوب الضاغط الضمني لاستعجال مسار التأليف، وعدم السقوط في هوة العرقلة والمماطلة والتأخير بلوغاً ربما إلى التعطيل”.
في السياق ذاته، أشارت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية إلى أن ميقاتي قد يصطدم “بالحسابات والمصالح نفسها التي أبعدت أديب والحريري! هذا مع العلم أن هناك أكثر من مؤشر يشي أن ‘حزب الله بات مدركاً أن فرصة استمرار انفراده الفعلي بالحكم، كما هو الحال منذ سقوط حكومة الحريري في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، عملية مكلفة جداً، وهو يرى أن تحكمه في الوضع، ولو بالتعاون مع القصر الجمهوري وتياره، حوّل البلد إلى ‘تيتانيك قديمة تقترب بسرعة من جبل الجليد”.