تندلعُ النيرانُ مِن مَصدرَينِ اثنين .. فالمُناخُ الحراريّ تولّى جبهةً امتدّت من الشَّمالِ الى الشرق فيما الاحتباسُ السياسيّ أُسندَ الى تيارٍ يلعبُ بالأنواءِ الحكومية
وبين نارَين كانت عكّار والهرمل في مرمى الاحتراقِ بأداةٍ اتُّهمت بها الطبيعةُ التي عَطلّت دورةَ الحياة وأذاقتِ المواطنينَ طعمَ جَهنّم .. أما صنّاعُ جَهنّمَ مِن السياسيين فقد تمسّكوا بتعطيلِ الدورةِ الحكوميةِ بطبعتِها الجديدة ..وسعّر جبران باسيل من حِدةِ صبِّ الزيتِ على أحراجِها وغاباتِها الموعرة واستعانَ بمشهدِ الاشتعالِ الشَّماليّ مستخدماً عبارة ” الي بدو يحرقنا رح نحرقوا”.
وإذا كان لهَبُ عكّار والهرملغيرُ مفتعلٍ فإنَّ رئيسَ التيارِ افتعلَ بالتأليفِ وأضرمَ نيراناً لا يبدو أنّ مِروحياتِ ميقاتي وخراطيمَ مياهِه السياسية سيُمكِنُها إخمادُها فالرئيسُ المكلّفُ يصارعُ الآنَ ضِمنَ الجولةِ الرابعةِ الاثنين حيث جاءتِ الزيارةُ رقْم ثلاثة لتتجنّبَ حلْقةَ النارِ المتمثّلةَ في حقيبتَي الداخليةِ والعدل وفي المعلوماتِ أنّ ميقاتي استفاضَ اليومَ في شرحِ أهميةِ وزراءَ مِن ذوي الاختصاص يتولَّونَ الحقائبَ الخِدْماتيةَ التي تشكّلُ عصَبَ الوضعِ الاقتصاديِّ المنهارِ كالطاقةِ والاقتصادِ والاتصالات وأبلغ رئيسَ الجمهوريةِ أنه يَهتمُّ حالياً بقِطاعِ الخِدْماتِ وهدفُه وضعُ أسماءٍ على مستوى الإنقاذ وحلُّ الأَزَمات ومِن ذوي الاختصاص وليس ” تنفعية سياسية”
وقد تُركتِ الأمورُ التي مِن شأنِها أن تُسعّرَ الخلافاتِ إلى الاثنين .. أي إنّ الطرفينِ لا يجدانِ ضرورةً عاجلةً للعملِ في أيامِ آخرِ الأسبوع وَلَكأنّ اللبنانيين ” مرتاحين ع وضعن ” .. فثلاثةُ أيامٍ للفحصِ العينيّ تؤشّرُ إلى أنّ الرئيسينِ ميشال عون ونجيب ميقاتي قدِ اقتربا من خطوطِ اندلاعِ النيران التي مهّد لها رئيسُ التيارِ بالأمسِ في سلسلةِ مواقفَ شكّلت كُتلةً حارقةً لأيِّ رئيسٍ مكلّف
فقد برّأ جبران نفسَه من كلِّ تعطيل واتّهم الجميعَ وظهرَ على صورةِ المسهّلِ الأليفِ والرجلِ الذي لا ينامُ قبلَ أن تتألّفَ الحكومة.. لكنّه وعلى مقابلةٍ واحدة كان لا يريدُ المشاركةَ وسيَقضِمُ مِنَ الحكومةِ حِصصاً وأسماءً .. لن يمنحَ الثقة لكنّه يريدُ الاطّلاعَ على البرنامجِ الحكوميّ
ليس شريًكا في التأليف .. غيرَ أنّه يحاججُ في المداورةِ وإسنادِ الماليةِ الى الشيعة مهدّدًا بحجبِ الثقةِ إذا ثُبِّتَ هذا المبدأ .. علماً أنه لم يعلنْ مرةً منحَ ثقتِه لا بسببِ هذه الوزارةِ ولا غيرِها .
هو خارجَ الصَّحنِ الحكومي .. لكنّ رئيسَ الجمهورية يفاوضُ من أجلِه .. ويستعدُّ لتَكرارِ التجرِبةِ معَ الرئيس ميقاتي ومنازلتِه في الشروطِ التي سبق وفُرضت على سعد الحريري والرئيس ” القويُّ بالتيارِ ” يتهيّأُ الاثنينِ لبَدءِ المصارعةِ الحرةِ في عملياتِ انتزاعِ الوِزراتِ ذاتِ الصّلةِ بالانتخاباتِ قبل أن تنطلقَ جولةُ الثُلثِ المعطِّلِ القاضية .لكنّ هذه الجولاتِ ستلاكمُها ذكرى الرابعِ مِن آب .. واليها يتسابقُ الكُتلُ لرفعِ المسؤوليةِ وقد بدأت كُتلةُ المستقبل جولتَها على المرجِعياتِ السياسيةِ لتوفيرِ الحَشدِ النيابيِّ اللازمِ لمشروعِ قانونِ رفعِ الحَصاناتِ في قضيةِ انفجارِ مرفأِ بيروت ومِن عبارةٍ للسيد المسيح كان يكرّرُها الرئيسُ ميشال عون انطلق رئيسُ مجلسِ النواب نبيه بري قائلاً : تعرفونَ الحقيقة .. الحقيقةُ تحرّرُكم ” واعتبر أنّ أصابعَ الاتهامِ لا توجّهُ الى مَن تعاونَ وسيتعاونُ مع القضاء بل يجبُ أن توجّهَ الى من يحاولُ الاستثمارَ على الدماءِ لأغراضٍ باتت مكشوفة وعليه .. فإنّ الكلّ يرفعُ المسؤولية ..ويحاذرُ يوماً قد يُعيدُ فيه ذوو الشهداءِ حقوقَهم بخبطةِ اَقدامِهم ..#وحياة_الي_راحوا