المهم أن يتم استخدام هذه الأموال بحكمة
قالت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستينا جورجيفا، الأربعاء 4 أغسطس/آب 2021، إن لبنان سيحصل على ما قيمته 860 مليون دولار، من احتياطيات حقوق السحب الخاصة، مشيرةً إلى أن المهم أن يتم استخدام هذه الأموال بحكمة.
وحق السحب الخاص (SDR)، هو أصل احتياطي دولي مدرٌّ للفائدة، أنشأه الصندوق في 1969، كعنصر مكمل للأصول الاحتياطية الأخرى للبلدان الأعضاء، وترتكز قيمة حق السحب الخاص على سلة عملات دولية، تتألف من الدولار الأمريكي، والين الياباني، واليورو، والجنيه الإسترليني، واليوان الصيني.
جورجيفا لفتت إلى أن “احتياطيات حقوق السحب الخاصة لن تحل مشكلات لبنان الهيكلية طويلة الأمد، ما الذي يحتاج إليه الأمر؟ نحتاج حكومة يتم تمكينها من القيام بالإصلاح وتنعش من جديد اقتصاد لبنان المتعثر”.
أشارت جورجيفا أيضاً إلى إن حقوق السحب الخاصة الجديدة للبنان المتوقع توزيعها في 23 أغسطس/ آب الجاري “يجب أن تُخصص لتحقيق أقصى منفعة للبلد وشعبه”.
كذلك اعتبر صندوق النقد، في بيان، أن “من حق الشعب اللبناني أن يعرف ما الذي ستفعله حقوق السحب الخاصة لهم”.
كان مجلس محافظي صندوق النقد الدولي قد وافق خلال وقت متأخر من الإثنين الماضي، على توزيع عام لما يعادل 650 مليار دولار من وحدات حقوق السحب الخاصة (456 مليار وحدة) لدعم السيولة العالمية.
جورجيفا وصفت القرار بأنه “تاريخي، وأكبر توزيع لمخصصات حقوق السحب الخاصة في تاريخ الصندوق”.
يأتي حصول لبنان على هذه الاحتياطات في الوقت الذي ما يزال الساسة يفشلون في انتخاب حكومة جديدة للبلاد، ووسط تراكم الأزمات الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.
كذلك فإن قرار صندوق النقد الدولي جاء بالتزامن مع مؤتمر دولي تنظمه فرنسا والأمم المتحدة، اليوم الأربعاء، دعماً للبنان، تزامناً مع الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت، ويهدف المؤتمر لجمع مساعدة عاجلة بقيمة 350 مليون دولار؛ للاستجابة لحاجات السكان، وفق ما أعلنته الرئاسة الفرنسية، الإثنين الماضي.
هذا المؤتمر هو الثالث الذي تنظمه فرنسا والأمم المتحدة لتقديم مساعدات إنسانية منذ انفجار المرفأ المروّع الذي أودى قبل عام، بحياة أكثر من مئتي شخص ودمّر أجزاء كاملة من العاصمة وفاقم الأزمتين الاجتماعية والاقتصادية والانقسام السياسي الحاد في البلاد.
كان المؤتمر الأول قد جمع، في التاسع من أغسطس/آب 2021، بعد أيام من انفجار المرفأ، مساعدات بقيمة 280 مليون يورو، وفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية.
في المقابل، لم تنجح الضغوط الدولية على الطبقة السياسية، التي مارستها فرنسا خصوصاً، منذ الانفجار، في تسريع ولادة حكومة يشترط المجتمع الدولي أن تضم اختصاصيين وتُقبل على إصلاحات جذرية مقابل تقديم الدعم المالي.
أما المجتمع الدولي، فيكتفي بتقديم مساعدات إنسانية عاجلة، من دون المرور بالمؤسسات الرسمية، رغم تكرار السلطات مناشدتها الجهات المانحة عدم ربط دعمها للبنان بتشكيل حكومة.
محتجون لبنانيون يحاولون اقتحام البرلمان وقوات الأمن تتصدى لهم.. عشرات الجرحى جراء المواجهات
حاول محتجون لبنانيون اقتحام مقر البرلمان في العاصمة بيروت، الأربعاء 4 أغسطس/آب 2021، فيما أصيب عشرات الأشخاص خلال الاحتجاجات التي تطالب برفع الحصانة عن المسؤولين وتحقيق العدالة، بالتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت.
وكالة الأناضول نقلت عن شهود عيان، قولهم إن مجموعة من الشباب توجهوا إلى إحدى البوابات الحديدية المقابلة لمجلس النواب، ورشقوا السياج المحيط به بالحجارة، مع محاولات لإزالة الأسلاك الشائكة المثبّتة فوق البوابة.
حاول أحد المحتجين تسلق البوابة الحديدية للعبور إلى الجهة الأخرى، لكن لم يتمكن أي محتجٍّ من العبور إلى الساحة الداخلية للبرلمان؛ في ظل وجود أمني مشدد.
من جانبها، أطلقت قوات أمنيةٌ قنابل غاز مسيلة للدموع؛ لتفريق المتظاهرين في محيط البرلمان، فيما أفاد الصليب الأحمر اللبناني، عبر حسابه في “تويتر”، بإصابة 54 شخصاً.
كانت الاحتجاجات قد بدأت في وقت سابق من اليوم الأربعاء، وجاب متظاهرون شوارع بيروت، وصولاً إلى المرفأ عند تمثال المغترب وسط العاصمة.
حمل آلاف المحتجين الأعلام اللبنانية، مطالبين بالحقيقة والعدالة ورفع الحصانة عن المسؤولين، ومحاسبة كل من كانت له يد في الانفجار، وسط إجراءات أمنية مشددة.
كان مرفأ بيروت قد شهد في 4 أغسطس/آب الماضي، انفجاراً ضخماً أسفر عن مصرع 217 شخصاً وإصابة نحو 7 آلاف، فضلاً عن أضرار مادية هائلة في أبنية سكنية ومؤسسات تجارية.
وفق تحقيقات أولية، وقع الانفجار في عنبر 12 من المرفأ، الذي تقول السلطات إنه كان يحوي نحو 2750 طناً من مادة “نترات الأمونيوم” شديدة الانفجار، كانت مصادَرة من سفينة ومخزنة منذ عام 2014.
من جانبها، تقول جهات حقوقية داخل وخارج البلاد، إن مسؤولين لبنانيين يضعون عراقيل أمام القضاء، ما يؤخر سير التحقيقات، في ظل رفض جهات رسميةٍ خضوع مسؤولين حاليين وسابقين للتحقيق بشأن انفجار المرفأ.
منظمة العفو الدولية أصدرت تقريراً بعنوان “بعد عام من انفجار بيروت.. السلطات تعرقل العدالة دون خجل”، رصدت فيه كيف ظل المسؤولون اللبنانيون على موقفهم الرافض لاستكمال جهات التحقيق عملها، من خلال التمترس وراء الحصانة بكل أنواعها، بينما أهالي الضحايا يعانون في انتظار تحقيق العدالة.
في السياق نفسه، خلص تقرير أصدرته منظمة هيومن رايتس ووتش، الثلاثاء 3 أغسطس/آب 2021، إلى وجود أدلة قوية تشير إلى أن بعض المسؤولين اللبنانيين علموا وقبلوا ضمنياً بالمخاطر التي تشكلها مادة نترات الأمونيوم التي كانت مخزنة في مرفأ بيروت قبل الانفجار المروع.
استند تقرير المنظمة إلى وثائق رسمية ومقابلات مع مسؤولين كبار، منهم رئيس البلاد ميشال عون، ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، ومدير الأمن العام اللواء طوني صليبا، وتتبَّع التحقيق أحداثاً ترجع إلى عام 2014 وما بعده في أعقاب جلب الشحنة إلى مرفأ بيروت، كما رصد تحذيرات متعاقبة من خطورة هذه الشحنة إلى عدة جهات رسمية.
يُذكر أن الانفجار في مرفأ بيروت زاد الأوضاع سوءاً ببلد يعاني منذ نحو عامين، أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث، مع تدهور مالي ومعيشي، وانهيار للعملة المحلية (الليرة) مقابل الدولار، وشح في السلع الغذائية والأدوية والوقود.