اهتمت الصحف البريطانية الصادرة الاثنين بمواضيع متعددة مرتبطة بالشرق الأوسط، أهمها تبادل الضربات الأخير على الحدود بين لبنان وإسرائيل واحتمالات نشوب حرب جديدة، ووضع النساء الأفغانيات تحت حكم حركة طالبان في المناطق التي سيطرت عليها أخيراً، بالإضافة إلى الاكتشاف الأثري الحديث قبالة السواحل المصرية.
وننطلق في عرضنا هذا من تقرير كتبته مراسلة الإندبندنت في لبنان، بل ترو، تحت عنوان “ظهور شبح حرب أخرى بين لبنان وإسرائيل في الأفق”.
وتحدثت ترو في التقرير الذي حمل عنوانا ثانويا هو: “التهديد بحرب مع إسرائيل هو آخر ما يحتاجه الشعب اللبناني” عن الضربة الجوية وإطلاق الصواريخ التي تبادلها حزب الله والقوات الإسرائيلية يوم الأربعاء الماضي.
وتقول ترو إن الحرب في العادة تمثل كارثة على المدنيين “لكن في لبنان من الصعب التعبير عن مدى الدمار الذي ستجلبه الحرب”. نظراً لكون لبنان يشهد ما قال البنك الدولي إنه “أحد أكثر الانهيارات الاقتصادية شدة في السنوات الـ 150 الماضية”، حيث “ثلاثة أرباع البلاد (التي تضم أيضا أكبر عدد من اللاجئين في العالم نسبة إلى عدد سكانها) لا تملك ما يكفي من الطعام أو المال لشراء الطعام”.
وكانت الأمم المتحدة قد حذرت من أنه في غضون أسابيع قليلة، لن يتمكن أربعة ملايين شخص في لبنان من الوصول إلى المياه الصالحة للشرب، بما في ذلك مليون لاجئ. كما ارتفعت أسعار المواد الغذائية في بعض الحالات إلى ستة أضعاف. ولا توجد طاقة كهربائية كافية إلى حد كبير.
وأضافت ترو أن يوم الأربعاء الماضي الذي صادف الذكرى السنوية الأولى لانفجار المرفأ في بيروت، أطلقت فجأة قذيفة صاروخية من جنوب البلاد على إسرائيل. وردت إسرائيل بالمدفعية والغارات الجوية في اليوم التالي، وهي المرة الأولى التي تقول فيها إسرائيل إنها قصفت لبنان منذ سبع سنوات. ثم أطلقت جماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران وابلا آخر من الصواريخ في المقابل.
وتقول المراسلة إن الناس بدأوا فجأة يتحدثون عن الحرب، مشيرة إلى أنه “كان هناك رد فعل عنيف فوري في جميع أنحاء البلاد”.
وأوضحت أنه “في تحد نادر لحزب الله، حاصر السكان المحليون من منطقة درزية في الجنوب تسمى شويا منصة إطلاق الصواريخ التابعة لحزب الله أثناء محاولته المرور عبر الحي. حتى أن حزب الله اعترف بأن “عددا من المواطنين اعترضهم لكنه أكد أن الإطلاق تم في منطقة بعيدة تماما عن المناطق السكنية، حفاظا على أمن المواطنين”.
وأضافت “اشتعلت النيران في مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان، ودعا الناس إلى الهدوء الفوري. وحذر سعد الحريري من أن استخدام الجنوب كمنصة لصراعات إقليمية يعد أمرا خطيرا جدا جدا ويضع لبنان في مرمى حروب الآخرين، في اشارة إلى إسرائيل وايران”.
وتقول ترو “في الوقت الحالي، على الرغم من المواقف، لا أعتقد أن إسرائيل أو حزب الله يريد الحرب. فاللغة من جميع الجوانب تعكس ذلك. وقد تحدث نصرالله عن رد مناسب ومتناسب على إسرائيل وأكد على أنهم اختاروا إطلاق النار على أرض مفتوحة… لإرسال رسالة”.
وتضيف أن “هناك أيضا شهية قليلة للحرب في إسرائيل التي يقودها حاليا تحالف من الجماعات اليمينية المتشددة المؤيدة للمستوطنين واليساريين وحزب عربي بأغلبية ضئيلة للغاية ومعرضة لخطر التفكيك المستمر”.
وتشير ترو إلى أن “الحدود متوترة للغاية لدرجة يبدو كما لو أن مجرد سوء تقدير واحد، أو جهود مجموعة مارقة، يمكن أن يؤدي إلى انهيار أرضي وربما صراع إقليمي أوسع، ما يجر إيران أكثر إلى هذا الخليط، والذي سيكون مدمرا تماما للبنان”.
“ملايين النساء سيواجهن الاضطهاد والعنف”
وفي الصحيفة نفسها، كتبت رابينا خان مقال رأي عن وضع النساء الأفغانيات مع عودة حركة طالبان إلى السيطرة على أجزاء واسعة من البلاد.
وقالت خان “في عام 2001، عندما استولت طالبان على السلطة، حُرمت النساء من التعليم والعمل، ولم يكن بإمكانهن زيارة المراكز الصحية وأجبرن على ارتداء البرقع – لم يكن هذا اختيارا، كما هو الحال في المملكة المتحدة”.
وأضافت: “تحاول طالبان الآن إثبات أنها تغيرت من خلال البحث عن حلفاء – ودعم – خصوم سابقين. فهم يقولون إن النساء يمكن أن يحصلن على وظائف وتعليم، وهذا يتفق مع المبادئ الإسلامية والتقاليد الأفغانية. ومع ذلك، لدى طالبان تفسيرهم المشوه لما هو صواب”.
لكن خان تشير إلى أن النساء الأفغانيات اللواتي يواجهن القهر يقلن إن “طالبان لم تتغير أيديولوجيّا على الإطلاق”.
وترى الكاتبة أن الانسحاب الكامل لقوات دول التحالف بحلول 11 سبتمبر/ أيلول 2021، يعني أن “هناك ناس تركوا لتدبر أمورهم بأنفسهم”.
وتروي خان قصة شابة أفغانية هربت عائلتها من طالبان وتحولت “من ارتداء الملابس السرية في حفلات الزفاف إلى التستر لتجنب التعذيب، وفرت الأسرة عبر خمس دول قبل أن تستقر في المملكة المتحدة. تتكون الأسرة من ست بنات وابن واحد. مع عودة النساء من عائلاتهن الممتدة إلى أفغانستان، فإنهن يخشين أنه مع احتلال طالبان لمزيد من الأراضي، ستواجه ملايين الفتيات والنساء الاضطهاد والعنف”.
وتنقل عن إحدى الفتيات قولها: “عندما حكمت طالبان أفغانستان، منعونا من الذهاب إلى المدرسة لمنعنا من الحصول على التعليم، في حال أصبحنا أقوى وأصبحنا قادة”.
وتضيف “منذ الإطاحة بنظام طالبان قبل عقدين من الزمان، تم إحراز تقدم في تعليم الفتيات عندما أتاحت المساعدات الدولية بناء المدارس والوصول الآمن إلى التعلم. وهو لم يكن تقدما مثاليا، لكنه على الأقل كان خطوة في الاتجاه الصحيح”.
وقالت خان “في مايو/ أيار 2021، في كابول، تعرضت مدرسة سيد الشهداء للهجوم، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 85 شخصا، من بينهم العديد من طالبات المدارس العازمات على الحصول على التعليم. هذه علامة أخرى على أن سيطرة طالبان تؤثر بشكل غير متناسب على الفتيات والنساء، وخصوصا اللواتي يحاولون صنع مستقبل أكثر إشراقا لأنفسهن”.
لمس الماضي
أما صحيفة الغارديان، فقد خصصت مقالا افتتاحيا فيها لتناول اكتشاف أثري حديث قبالة سواحل مصر، هو عبارة عن سلال تحتوي على فاكهة قديمة.
وهو الاكتشاف الذي احتل عناوين الاخبار على الرغم من بساطته، وهو ما تعيده الصحيفة إلى سحر اكتشاف الحياة اليومية في الماضي وتفاصيلها البسيطة.
وجرى اكتشاف هذه السلال التي يبلغ عمرها 2400 عاما ولا تزال تحتوي على ثمار دوم ممتلئة بالداخل، قبالة سواحل مصر بين بقايا “ثونيس-هيراكليون”، التي كانت مدينة مزدحمة على البحر الأبيض المتوسط و بدأت تغرق في خليج أبو قير في وقت ما من القرن الثاني قبل الميلاد.
وتقول الصحيفة إنه على الرغم من أن الكنوز الاثرية القديمة لها بريق وجاذبية أكثر وضوحا من مجرد بضع فواكه تشبه التمر، وأن “الآثار العظيمة في العصور القديمة تتمتع أيضا بالقدرة على الإثارة: كالبارثينون، أو قلعة ماتشو بيتشو العظيمة، أو أهرامات مصر. ولكن في كثير من الأحيان، فإن الأشياء المتواضعة اليومية هي التي تستحوذ على الخيال، وتجعل المشاهد يشعر أنه يمكنه اجتياز فجوة في الزمن ولمس الماضي”.
وتقول إن الاكتشاف الأثري “يمكن أن يكون مجرد صندل جلدي محفوظ في فيندولاندا على جدار هادريان في شمال إنجلترا، ولا يزال نعله يحمل بصمة القدم التي ارتدته من قبل”.
وأشار المقال الافتتاحي إلى أنه “مع مرور الوقت الكافي، قد يصبح البسيط وغير المهم ساميا تقريبا. ففي ماست فارم بالقرب من بيتربورو في بريطانيا، وهي مستوطنة من العصر البرونزي احترقت قبل أن تنضغط تحت طين عمره ثلاثة آلاف عام، اكتشف علماء الآثار، بين 2015 و2016، خيوطا لا تزال تتشبث بالمغزل؛ وإناء وملعقته لا يزالان ملطخين بالطعام؛ وكتلة من فضلات كلب؛ وأثر قدم رجل تقابل تقريبا الحجم الحديث 10 في قياسات الأحذية”.
وأضاف “تأتي الكوارث وتذهب، وكذلك الثورات والحروب، ويبدو أن هذه الأشياء البسيطة تقول، لكن البشر لا يزالون بشرا، وما زالوا يأكلون العصيدة بملعقة من وعاء”.
وشدد المقال على القول “إن وعاء الفاكهة ليس مجرد وعاء من الفاكهة – في سياقات ثقافية مختلفة، للأشياء أغراض ومعان مختلفة. وربما كان وضع الثمار في ثونيس-هيراكليون، على سبيل المثال، كقربان جنائزي، وفقا لعلماء الآثار الذين قاموا بالتنقيب عنها”.