لم يصل الصيف إلى ذروة حرارته حتى اندلعت حرائق الغابات في شتى بقاع الأرض وعلى كل القارات، نيران برية لا يمكن السيطرة عليها انتشر دخانها لعشرات الآلاف من الكيلومترات ملوثة مدناً بأكملها، لا يعلو على صوتها إلا صوت الدعاء بهطول الأمطار.
أكثر من 1067 حريق غابات على سبيل المثال، اندلعت في كندا في العام 2021 مقارنة بـ489 حريقاً في العام 2020. وفي روسيا اندلع ما لا يقل عن 250 حريقاً، ناهيك عن الولايات المتحدة، وتحديداً كاليفورنيا، واليونان والجزائر والمغرب وتونس ولبنان والكثير من الدول.
فإذا ما تحولت هذه الحرائق إلى الواقع الجديد الذي سيصبح عنوان مواسم الصيف مع الاحتباس الحراري، فإننا نُعدد في هذا التقرير بعض النصائح لحماية نفسك وعائلتك من استنشاق الدخان.
بدوره قال عالم الصحة البيئية بجامعة كاليفورنيا، طارق بن مارهني، لموقع Smithsonian: “أصبح هذا الأمر تعرضاً مزمناً، كانت حرائق الغابات حدثاً شديد التطرف قد يحدث كل بضع سنوات، ولكن لا يمكن قول ذلك بعد الآن”.
أولاً: قيم مخاطر التعرض لدخان حرائق الغابات
يتكون دخان حرائق الغابات من غازات وجزيئات مختلفة بتركيبات كيميائية مختلفة، على الرغم من أن العديد من هذه المكونات يمكن أن تكون سامة فإن أكثرها ضرراً هي الجسيمات الدقيقة التي تسمى PM2.5.
يبلغ قطر هذه الجسيمات 2.5 ميكرومتر، أو حوالي 1/30 من عرض شعرة الإنسان، ونظراً لصغر حجمها يمكن استنشاق هذه الجزيئات في عمق الرئتين وفي بعض الأحيان تشق طريقها إلى مجرى الدم.
وبالتالي، تحدث فوضى في أعضاء الجسم الحيوية، ما يتسبب في مشاكل في القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي وحتى مشاكل عصبية.
ربطت الدراسات بين التعرض لجسيمات PM2.5 وأمراض الربو والسكتة الدماغية والأكزيما وبعض أنواع السرطان وغيرها الكثير.
تنشأ مثل هذه الجسيمات في تلوث الهواء من حركة المرور والصناعة والزراعة، لكن تلك الموجودة في دخان حرائق الغابات تضر أكثر بالجسم.
وفي دراسة نُشرت في مارس/آذار في مجلة Nature Communications، وجد الباحثون أن مادة PM2.5 من دخان حرائق الغابات يمكن أن تزيد حالات دخول المستشفى لمشاكل الجهاز التنفسي بنسبة 10%، مقارنة بـPM2.5 من مصادر أخرى.
وعندما تتراكم مستويات عالية من PM2.5 في الهواء، يظهر ضباب رمادي في بعض الأحيان.
في أوقات أخرى، تظل الجسيمات غير مرئية إلى حد كبير، وهذا هو سبب أهمية فحص جودة الهواء في المناطق المهددة.
ثانياً: مؤشر جودة الهواء
ومؤشر جودة الهواء هو مقياس طوّرته وكالة حماية البيئة، والذي يمتد من 0 إلى 500، علماً أن رقم 500 هو الأكثر تلوثاً.
ويراعي هذا المؤشر 5 ملوثات رئيسية للهواء: الأوزون الأرضي وتلوث الجسيمات (بما في ذلك PM2.5)، وأول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت وثاني أكسيد النيتروجين.
ويتم ترميز المقياس بالألوان لمساعدة أعضاء المجموعات الحساسة وعامة الناس على فهم مدى تلوث الهواء بسرعة.
تشمل المجموعات الحساسة الأطفال وكبار السن والأفراد الذين يعانون من أمراض الجهاز التنفسي أو القلب والأفراد، والحوامل والعاملين في الهواء الطلق الذين يتعرضون لفترة طويلة للدخان.
يمكن الاطلاع على إحداثيات هذا المؤشر عبر هذا الرابط.
ثالثاً: الكمامات خط الدفاع الأول
عندما تكون جودة الهواء رديئة بشكل خاص، تقول المهندسة في جامعة كولورادو مارينا فانس، إنه من الأفضل تجنب الخروج من المنزل، وإذا ما اضطررت فلا بد من استخدام كمامة للوجه.
وكما هو الحال عند حماية نفسك والآخرين من فيروس كورونا، فإن أي غطاء للوجه سيكون أفضل من عدم تغطيته.
ولكن على عكس فيروس كورونا، يمكن للجسيمات الضارة الناتجة عن دخان حرائق الغابات أن تخترق بسهولة أغطية القماش وتنتشر عبر الفجوات بين القناع ووجه الشخص.
رابعاً: مرشح الهواء الصحيح
البقاء داخل المنزل قد يحمي بشكل كبير من التعرض لدخان حرائق الغابات، ومع ذلك يمكن أن يتسرب الهواء الملوث إلى المبنى، ما يزيد من المخاطر الصحية، خاصة للأفراد الذين يعانون من نقص المناعة أو الذين يعانون من أمراض تنفسية مزمنة.
لذا، توصي فانس بإغلاق الممرات المحتملة عن طريق إغلاق جميع الأبواب والنوافذ واستخدام مكيف الهواء.
وفي بعض الظروف القاسية، يمكن لصق أغطية بلاستيكية حول النوافذ لضمان إحكام إغلاقها بشكل أفضل.
ولتنقية الهواء في المنزل أو المبنى، يمكن شراء مجموعة متنوعة من أجهزة تنقية الهواء المحمولة.
يعمل العديد من هذه الأجهزة باستخدام مروحة لتدوير الهواء من خلال مرشح جسيمات الهواء عالي الكفاءة (HEPA).
ومرشحات HEPA تقنية مستخدمة منذ الحرب العالمية الثانية، وهي تقنية الترشيح القياسية.
تتم صناعة هذه المرشحات من العديد من الألياف المرتبة بشكل عشوائي لتمتص ميكانيكياً الجزيئات الدقيقة المحمولة في الهواء مثل حبوب اللقاح والأوساخ والغبار وبعض البكتيريا والفيروسات.
وخامساً: التخطيط المسبق
بغض النظر عن الطريقة التي تختارها لحماية نفسك من تلوث الهواء، فمن الأفضل أن تضع خطة الآن، قبل أن تشتد حرائق الغابات، فالعديد من هذه المنتجات تختفي عن أرفف المتاجر عندما تكون في أمسّ الحاجة إليها.