أياً كان المحتجون، المتظاهرون، الفاعلون، الغاضبون، المشاغبون، والمكسِّرون المحطِّمون سَواءٌ نُقلوا من طرابلس أم حُملوا من عكار والبقاع الغربي أو من بلاد الأطراف فإن طرفاً واحداً يتحمّل مسوؤليةَ نارِ بيروت وغضِبها وجرحاها من قوى أمن ومتظاهرين وهذا الطرف تُمثّله سلطةٌ من التماسيح, تتغاوى بصمودها, وتحاربُ لأجلِ بقائها حجمُ التحليلات فاق الخيال واستقدم متآمرين من لبنان الى اسطنبول لكن الحقيقة الاقرب ان الحكم في لبنان لم يشعر ان الارض تهتز من تحته وبعد ثلاثة اشهر من عمر الثورة راح يفاوض ويساوم وينتزع حصصا ومقاعد ويثبت مرجعيات وسط البلد اليوم كان رسالة ً لكل حكام البلد بمعزل عن القادمين الى المدينة وعن فوضى تركت فوضاها على الارض وعن الاعتدءات المتبادلة من قوى الامن واليها , من ناشطين وامنيين فماذا فعلت السلطة في يوم اصاب بيروت برصاص مطاطي وسالت دموعها بقنابل َ جعلتها كتلة نار ؟ لا شيء سوى تسيطر بيانات الاستنكار والرفض والاستعانة بالمزيد من القوى الامنية . جرحى من الطرفين قوى امن ومواطنيين مدنيين فمن يداوي هؤلاء ؟ الحزب القومي عندما يحصل على مقعد ؟ ام المردة عندما ينتقم من التيار ؟ ام طائفة الروم الكاثوليك حالما يتم تمثيلها بمقعدين ؟ او المير طلال إذا ما انصف الدروز بالصناعة الوطنية ؟ السبت الاحمر على اسود يقول لكم اليوم كفى
وضُعت العِصيُّ السياسيةُ أمامَ دواليبِ دياب .. فتوقّفتِ العجَلاتُ الحكوميةُ في انتظارِ إجراءِ صيانةٍ طائفيةٍ سياسيةٍ تؤهّلُ التركيبةَ للصعودِ الى قصرِ بعبدا وفي مراجعةٍ لآخرِ المعطِّلين يتبينُ أنّ السلطةَ انقضّت على مسارِ التأليف فاستحلّت وتوسّعت ولعِبت بتوزيعِ المقاعد لكأنّها في ظرفٍ عاديٍّ يَحمِلُ كلَّ تَرَفِ “البغددة” السابقة فرئيسُ المجلسِ نبيه بري رَمى بفخِّ توسيعِ الحوضِ الحكوميِّ .. المردة التي يتحدّثُ رئيسُها سليمان فرنجية وضعَت حِصةَ التيارِ شرطاً للموازنةِ السياسيةِ في المقاعد .. القوميُّ استفاقَ حردانُه على حِصة بعدما رأى آخرينَ ” يتزاحمون” .. المير أطلقَ النفيرَ صَونًا لطائفةِ الموحِّدين … وطائفةُ الرومِ الكاثوليك خرجت بصوتِ بطريركِ أنطاكية وسائرِ المَشرق يوسُف العبسي فاشتكت اجحافَها مِنَ الوزيرِ الواحد لكنّ حسان دياب كان بصوتٍ واحد وأكّد أنّ محاولةً لتشويهِ صورةِ التشكيلةِ الحكومية إنما ستؤدّي إلى إضعافِ قدرتِها على التصدّي للكارثةِ الاقتصاديةِ والماليةِ والاجتماعيةِ وأنّ القفزَ فوقَ انتفاضةِ اللبنانيينَ هو تجاهلٌ للوقائعِ وجَهلٌ بالواقع، والرئيسُ المكلّفُ لن يقبلَ بإدارةِ الظّهرِ لها ولا بتمييعِ مطالبِ اللبنانيينَ الذين يُعبّرونَ عن غضَبٍ صادقٍ على ما وَصلَت إليهِ أحوالُ وطنِهم. موقِفُ الرئيسِ المكلّفِ ممهورٌ بعبارة ” لا تُهدّدوني بالثقة” وبموجِبِ هذا الخطِّ المعاندِ لأيِّ خرقٍ فإنّ كلَّ مَن يطالبُ بحِصة ولم يَجدْها لن يكونَ عليهِ سِوى تسجيلِ رأيِه في مجلسِ النوابِ وجلسةِ الثقة .. فإما منحُها لحكومةِ دياب وإما الذَّهابُ الى خِيارِ المعارضة وهذا يشكّلُ قِمةَ الديمقراطية ومطلبًا صِحيًا يحتاجُ إليهِ الشارع وهو الشارعُ الذي اصبحَ في سباقٍ اليومَ معَ حكومةٍ تقضمُ سياسيًا وطائفيًا وتأخذُ الجميعَ الى انهيارٍ سريع. ومعَ انقضاءِ مُهلة الثماني والاربعينَ التي حددّتها الثورةُ بدا أنّ أحدًا لم يتعلّمْ أيَّ درسٍ مِن هذا الانهيار .. وربما كانَ البطريركُ الراعي في صلاةِ المسبحةِ الوردية أصدقَ مَن أطلقَ الأوصاف عندما قال إنّ مَن يعرقلونَ الحكومةَ هُم أعداءُ لبنان وهُم مَن جعلَ شبابَنا عُرضةً للاذلالِ والقهر وما مِن بلدٍ في العالمِ يتعمّدُ المسؤولونَ فيه الى خرابِه كما يحدثُ في لبنان … صلّى الراعي لتوبتِهم لكن يبدو أنّ الصلاةَ وحدَها لا تشفعُ لشياطين .. لمجموعةٍ قابضةٍ على الأنفاس لا تزالُ تتنفّسُ حِصصاً ومغانمَ وتلتفُّ على التأليفِ لتعزِفَ على أوتارٍ سياسية .. فيما الدولارُ ” هربان ” .. الشرِكاتُ تقفلُ تِباعاً .. الموظفونَ في أكبرِ نسبةِ عطالةٍ عن العمل .. صرفٌ جَماعيٌّ منَ المؤسسات ..طلابٌ خارجَ مدارسِهم ومدارسُ خارجَ التعليم ..مستشفياتٌ تشكو نقصَ المُستلزمات.. أطباءُ خرجوا الى الشارعِ اليوم بالثوبِ الأبيض وفي المقابل فإن هناك من يقترحُ حكومةَ الأربعةِ والعشرين .. وتشكيلة التمثيل الطائفي يَستدعي الرئيس بري الرئيسَ المكلّفَ على طاولة غداء ليسلمه الاسمين الشعيين .. فيحتفظ بالاسماء ويمتنع عن التسمية ليبقي باب السراي مفتوحا على عودة سعد الحريري وآخرون .. يندسون في فراش التأليف ويفضون ما تبقى من تشكيل الحكومة .. يزرعون اسماء ووجوها مقنعة لنصبح امام توليفة ” هاشلي بربارة”