هناك أدلة متزايدة على أن الإشارات المرسلة من أعضائنا الداخلية إلى الدماغ تلعب دوراً رئيسياً في تنظيم العواطف ودرء القلق والاكتئاب الذي يتنامى بسرعة عالية، حسب صحيفة «الغارديان» البريطانية.
إذا كنت جالساً في وضع آمن ومريح، أغلق عينيك وحاول أن تشعر بأن قلبك ينبض في صدرك. هل يمكنك ذلك، من دون تحريك يديك للإحساس بالنبض، أن تشعر بكل حركة وتحسب إيقاعها؟ أم أنك تكافح لاكتشاف أي شيء على الإطلاق؟ هذا الاختبار البسيط هو مجرد طريقة واحدة لتقييم «الحس الداخلي» الخاص بك – وهو تصور عقلك لحالة جسمك، الذي يتم نقله من المستقبلات على جميع أجهزتك الداخلية.
وقد يكون الحس الداخلي أقل شهرة من الحواس «الخارجية» مثل البصر، والسمع، والذوق، واللمس، والشم، ولكن له عواقب كبيرة على صحتك. لقد أثبت العلماء أن حساسيتنا للإشارات الواقية من الممكن أن تحدد قدرتنا على تنظيم مشاعرنا، وإحساسنا اللاحق بالمشاكل الصحية العقلية مثل القلق والاكتئاب.
وهو واحد من أسرع المجالات تطوراً في مجال علم الأعصاب وعلم النفس، مع المؤتمرات الأكاديمية المخصصة لهذا الموضوع، وهناك ثروة من البحوث الجديدة التي تصدر كل شهر. يقول البروفسور مانوس ساكاريس، العالم النفساني في رويال هولواي، بجامعة لندن: «إننا نشهد نمواً متسارعاً في الأبحاث التفاعلية».
والأهم من ذلك، أن هذه النتائج تشتمل على طرق جديدة واعدة تمكنك من «التناغم» مع جسمك وتغيير تصورك للإشارات الداخلية – وهي الأساليب التي قد تساعد في علاج مجموعة كبيرة من مشاكل الصحة العقلية. ويبدو أنه فقط بالاستماع إلى القلب يمكننا الاعتناء بالعقل بشكل أفضل.
أولاً، بعض التعريفات. ويشتمل الحس الداخلي على جميع الإشارات من الأعضاء الداخلية، بما في ذلك نظام القلب والأوعية الدموية، والرئتين، والمعدة، والمثانة، والكليتين. يقول ساكاريس: «هنالك حوار تواصل دائم بين الدماغ والأحشاء».
وتُعالج الكثير من هذه الإشارات تحت الإدراك الواعي: لن تكون على دراية بالتغذية التلقائية المرتجعة بين الدماغ والجسم، والتي تساعد على الحفاظ على مستوى ضغط الدم، على سبيل المثال، أو الإشارات التي تساعد على استقرار مستويات السكر في الدم. ولكن كثيراً من هذه الأحاسيس مثل التوتر في العضلات، أو التقلصات في المعدة، أو نبض القلب، لا بد أن تكون متاحة للإدراك الواعي، على الأقل في بعض الأحيان. والطريقة التي تقرأ بها هذه المشاعر وتفسرها سيكون لها عواقب مهمة على صحتك.