هاجمت إعلامية موالية لبشار الأسد الأجهزة الأمنية للنظام السوري، وذلك بعد تعرّض منزلها للسرقة من قبل أشخاص معروفين، إلا أن قوات أمن النظام لم تتحرك ضدهم.
الإعلامية المعروفة بموالاتها لنظام بشار، كنانة علوش، ظهرت في بث مباشر على صفحتها على موقع فيسبوك، حيث وجّهت انتقادات لنظام الأسد والقوات الأمنية التابعة له، بسبب تقصيرهم في القبض على اللصوص، رغم أنها أعطتهم كل المعلومات والتفاصيل المتعلقة بهم.
كنانة قالت إن قوات أمن النظام لم تتحرك في القضية، كما طالبت بمساعدتها في استرداد ما وصفته ” بشقا عمرها”، مشيرة إلى أن القضية مفتوحة منذ شهرين لكن لم تحدث أي تطورات رغم تقديمها معلومات تتضمن اسم السارق وعنوان بيته ورقم هاتفه، والطريقة التي اقتحم بها المنزل.
وانتقدت كنانة تقصير قوات أمن النظام في عملها، مؤكدة أن مدينة حلب أصبحت تشهد يومياً في الفترة الأخيرة جرائم قتل واعتداءات وسرقة، دون أن تحرك الأجهزة الأمنية ساكناً.
كنانة كشفت في الفيديو أن قوى النظام قامت بإغلاق الملف، واكتفت بتحويل شخص مقرب من رئيس العصابة التي سرقتها إلى القضاء دون المساس بالمجرمين الحقيقيين، مشيرة إلى أن استجابة قوات أمن النظام تختلف عندما يتعلق الأمر بمواطن عادي.
ويشار إلى أن كنانة علوش من مشاهير سوريا الموالين للنظام، وقد تفاخرت في وقت سابق يوم بالتقاط صور “السيلفي” أمام جثث مواطنين السوريين الذين قتلوا في قصف لنظام الأسد.
أخيراً شاهدنا التلفاز.. كيف غيرت الطاقة الشمسية حياة النازحين السوريين بعد قطع الأسد الكهرباء عنهم؟
- ترجمة
كنز ثمين حرصت هذه الأسرة السورية على اصطحابه معها وهي تهرب من قصف قوات الأسد لمنزلها، لوح للطاقة الشمسية، سيصبح هذا اللوح البسيط جزءاً من ثورة الطاقة الشمسية بشمال سوريا حيث تسيطر المعارضة.
فعندما هاجمت الحكومة السورية القرية التي يعيشون فيها، سارعت عائلة رضوان الشمالي بإلقاء ملابسهم وبطانياتهم ومراتبهم داخل شاحنتهم، وفرّوا ليبدأوا حياة جديدة لاجئين، وتركوا وراءهم منزلهم ومزرعتهم وتلفازهم، متوجهين لمعقل المعارضة السورية في محافظة إدلب.
ولكن كانت هناك تكنولوجيا ثمينة من بين الممتلكات التي أبقوها معهم: لوح للطاقة الشمسية مُثبت الآن فوق الصخور بالقرب من الخيمة البالية التي يعدونها “منزلهم” في بستان زيتون بالقرب من قرية هرنابوش شمال غرب سوريا، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The New York Times الأمريكية.
قال رضوان الشمالي متحدثاً عن اللوحة الشمسية التي تولد 270 واط، والتي تعد المصدر الوحيد للكهرباء لدى عائلته: “إنها مهمة للغاية لحياتنا، عندما تكون هناك شمس أثناء النهار، نستطيع الحصول على إضاءة في الليل”.
ثورة الطاقة الشمسية بشمال سوريا
بشكل غير متوقع، انطلقت ثورة الطاقة الشمسية بشمال سوريا، جراء الأوضاع المزرية في الجيب المحاصر الذي تسيطر عليه المعارضة المسلحة في محافظة إدلب، حيث لجأ عدد كبير من الأشخاص الذين انقلبت حياتهم رأساً على عقب بسبب الحرب الأهلية المستمرة في البلاد منذ 10 سنوات، إلى استخدام تكنولوجيا الطاقة الشمسية، لأنها بكل بساطة أرخص مصدر كهرباء حولهم.
وعلى العكس من إدلب، لا تواجه المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في سوريا مشكلة في الطاقة، لأنهم يسيطرون على معظم نفط سوريا، ويبيعون النفط لنظام الأسد، بل ويحاولون استغلال الأزمة الناتجة عن العقوبات التي فرضها قانون قيصر الأمريكي على النظام السوري للحصول على حق بيع نفط البلاد الذي يسيطرون على أغلبيته في الأسواق الدولية.
تتبدى ثورة الطاقة الشمسية بشمال سوريا حيث تسيطر المعارضة، في الألواح الشمسية بأحجام كبيرة وصغيرة، وموديلات جديدة وقديمة، في كل مكان بمحافظة إدلب السورية على الحدود مع تركيا.
وتكون هذه الألواح مجهزة في أزواج أو مجموعات ثلاثية على الأسطح والشرفات الخاصة بالوحدات السكنية، وكذلك مثبتة أعلى خيام اللاجئين وبالقرب من المزارع والمصانع فوق أرصفة ضخمة تدور كي تتبع مكان الشمس في السماء.
ومنذ 12 ديسمبر/كانون الأول 2018، تشرف منظمة “بنفسج” على مشروع لإنارة منشآت طبية وصحية بالطاقة الشمسية في الشمال السوري، كما انتعشت تجارة الألواح الشمسية في مناطق النظام، خاصة في أوقات تفاقم أزمات النفط التي أثرت على خدمات الكهرباء.
يرى كثيرون في الغرب أن ألواح الطاقة الشمسية من مظاهر الثراء، واستثمرت بلاد غنية مثل الولايات المتحدة مليارات الدولارات للترويج لهذه الطاقة البديلة.
لكن ثورة الطاقة الشمسية بشمال سوريا لا ترتبط بالخوف من التغير المناخي ولا الرغبة في تقليل الآثار الكربونية، حسب الصحيفة الأمريكية.
بل إنه الخيار الوحيد المتاح أمام كثيرين في منطقة قطعت الحكومة الطاقة عنها، وحيث يفوق استيراد الوقود للمولدات الخاصة إمكانيات غالبية الأشخاص.
قال أكرم عباس، وهو مستورد لوحات طاقة شمسية في مدينة الدانا: “ليس هناك بديل. الطاقة الشمسية هي نعمة من الله”.
الأسد قطع عنهم الكهرباء فلجأوا للمولدات
برزت إدلب في بداية الحرب بوصفها معقلاً للمعارضة المسلحة، وذلك هو السبب الذي جعل الحكومة السورية تحذفها من شبكة الطاقة الوطنية، التي تزوَّد بالوقود عن طريق محطات طاقة تعمل بالغاز وسدود كهرومائية قائمة على نهر الفرات.
لجأ السكان المحليون في البداية إلى المولدات، وصار الزئير الدائم والعادم الضار الناتجان عن هذه المولدات جزءاً أساسياً من نمط الحياة في المدن التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة.
كان معظم الوقود لبعض الوقت يأتي من الآبار النفطية الموجودة في شرق سوريا، التي كان يسيطر عليها تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، وتذهب للنظام السوري في صفقات بعضها معروف بين الطرفين. وكان يجري تكريرها محلياً وتكون قذرة للغاية، ما يعني أنها تفسد المولدات، وهو ما يتطلب صيانة دورية مكلفة.
وعندما خسر داعش آخر معاقله في سوريا في عام 2019، كان الجزء الشمالي الغربي من سوريا يستورد الوقود من تركيا، وكان أنقى بكثير، لكنه يكلف ضعف السعر، إذ يصل إلى حوالي 150 دولاراً للبرميل بحجم 58 غالوناً من الديزل التركي، مقارنة بـ60 دولاراً للبرميل من النفط القادم من شرق سوريا قبل أعوام قليلة من ذلك الوقت، خاصة أن تركيا دولة غير نفطية وأسعار الوقود فيها محررة.
الألواح الشمسية.. ثمن باهظ عند الشراء
دفع ارتفاع الأسعار المستهلكين إلى أحضان الطاقة الشمسية، فيما أطلق عليه ثورة الطاقة الشمسية بشمال سوريا، وذلك حسبما قال أحمد فلاحة، الذي يبيع ألواحاً شمسية وبطاريات في مدينة بنش بمحافظة إدلب.
كان فلاحة يبيع في الأساس المولدات، ولكنه أضاف إلى بضاعته الألواح الشمسية في عام 2014. لم تكن هذه الألواح شائعة في البداية، لأنها أنتجت طاقة أقل، ولكن عندما ارتفعت أسعار الوقود لاحظ الناس في الليل أن جيرانهم الذين يملكون الألواح الشمسية كان لديهم ضوء بينما كان الآخرون يعيشون في ظلام. ارتفع الطلب على الألواح الشمسية، وتوقف فلاحة عن بيع المولدات في عام 2017.
وأوضح قائلاً: “الآن نعمل باستخدام الطاقة الشمسية نهاراً وليلاً”.
وتعد الألواح الكندية 130 واط الأعلى مبيعاً، فقد استوردها إلى سوريا بعد سنوات قليلة من وجودها في مزرعة شمسية في ألمانيا، وتكلف كل لوحة منها 38 دولاراً.
أما الأشخاص القادرون على دفع المزيد من المال فيمكنهم شراء ألواح طاقة شمسية صينية تولد 400 واط وتكلف 100 دولار.
وأوضح أن الباقة الأساسية لأي منزل متوسط تتكون من 4 ألواح، وبطاريتين، وكابلات وتجهيزات أخرى، وتكلف 550 دولاراً. يمكن لغالبية العائلات أن تستخدم هذه الألواح لتشغيل الثلاجات أو الغسالات ليلاً ونهاراً، وكذلك تشغيل التلفاز في المساء.
ومع اعتياد الناس على استخدام الطاقة الشمسية بدأ أحمد فلاحة في بيع أجهزة طاقة شمسية كبيرة للورش ومزارع الدواجن. فقد باع مؤخراً أكبر صفقة حتى الآن، وهي 160 لوحاً شمسياً مقابل 20 ألف دولار، واشتراها مزارع أوشك على الإفلاس بسبب شراء الديزل من أجل تشغيل ماكينات الري، وكان في حاجة إلى بديل أرخص.
قال فلاحة: “إنها باهظة الثمن في البداية، لكنها مجانية بعد ذلك”. وعرض فيديو على هاتفه لرشاشات ري مدعومة بالطاقة الشمسية، بينما كانت تسقي حقلاً أخضر مورقاً.
لكنها أنقذت الزراعة
أعرب المزارعون الذين تبنوا الطاقة الشمسية عن تقديرهم لميزاتها وأبرزها التخلص من الضوضاء والدخان الناتجين عن المولدات، لكن الأسعار هي التي مثلت أهمية بالنسبة لهم.
قال فلاحة: “هنا، البيئة هي آخر شيء يفكر فيه الناس”. وفي الجوار، سكب زميل له الحمض المستخدم للبطارية في بالوعة المتجر.
كان مأمون كيبي، 46 عاماً، يقف خارج البلدة وسط الحقول المورقة للفول والباذنجان والثوم.
في السنوات الأخيرة ارتفع سعر الوقود اللازم لمضخات الري الخاصة بعائلته، التي تعود لـ40 عاماً، ما جعل أرباحه شبه معدومة. ولذا في العام الماضي دفع حوالي 30 ألف دولار لتركيب 280 لوحاً 400 واط فوق سطح مزرعة دواجن خارج الخدمة.
كانت غالبية ألواحه فوق قاعدة متأرجحة مرتبطة برافعة كي يتمكن من تعديل زاويتها مع مكان الشمس على مدى اليوم. وعندما يكون الطقس مشمساً يواصل النظام إمداد الطاقة للمضخات على مدى 8 ساعات. ويعمل بكفاءة أقل في الأيام الغائمة، لكنه كان مسروراً بما صارت عليه محاصيله حتى الآن.
وقال: “إنها تكلف الكثير في البداية، ولكنك بعد ذلك تنساها لوقت طويل”.
أخيراً شاهدنا التلفاز
غالبية الأشخاص في شمال غرب سوريا تكون احتياجاتهم من الطاقة أبسط بكثير، ولا يحتاجون إلا لقليل من المال لاستثماره في هذه الألواح.
ولذا فإن غالبية عائلات اللاجئين التي تعيش في خيام مكتظة تملك لوحاً شمسياً واحداً على الأقل، يكفي لشحن هواتفها وتوليد الطاقة اللازمة للإضاءة في الليل. بينما تملك عائلات أخرى 3 أو 4 ألواح شمسية توفر الطاقة لمظاهر الرفاهية الأخرى، مثل أجهزة راوتر الإنترنت والتلفاز.
يعيش عامل الإطفاء السابق أحمد بكار مع عائلته في مدينة إدلب، وقد استقر في الطابق الثاني لبناية تتكون من 4 طوابق سطحها تعرض لقصف جوي.
قال بكار إن العائلة انتقلت 6 مرات أثناء الحرب، وخسرت كل شيء تقريباً. وغالبية الغرف في شقة العائلة الحالية ليس بها نوافذ، ما اضطره لتعليق البطانيات لمنع الرياح. فلم يستطيعوا تحمل تكلفة شراء زيت التدفئة، ولذا يحرقون قشر الفستق كي يدفئهم.
لكنه استطاع شراء 4 ألواح شمسية مستعملة وضعها في الشرفة في مواجهة السماء.
عندما تسطع الشمس، توفر هذه الألواح طاقة كافية لضخ المياه إلى شقته، ولذا لا يكونون في حاجة إلى حملها والصعود بها، ويشحنون بطارياتهم كي يكون لدى العائلة أضواء في الليل.
قال بكار، 50 عاماً: “إنها مناسبة لنا لأنها طاقة مجانية”.
كان ابن شقيقه، واسمه أيضاً أحمد بكار، أقل انبهاراً بهذه التكنولوجيا.
إذ قال: “إنها بديلة”، ولكن إذا كان الوضع في سوريا أفضل واستطاع منزل العائلة الاتصال بشبكة الكهرباء “لكان ذلك أفضل”، وذلك بحسب كلماته.
هل يوقف لقاء ملك الأردن ورئيس روسيا سفك الدماء في درعا السورية؟
يبدو أن زيارة عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني إلى روسيا تحمل أجندةً دسمة يتصدرها الملفُ السوري، في ظل تكثيف قوات نظام بشار الأسد هجماتها على درعا، فأي تفاهم قد يصل إليه الملك وبوتين؟
وكانت قوات النظام السوري قد كثفت من قصفها درعا، رداً على الاحتجاجات المناهضة للنظام هناك، وتسبب القصف في مقتل ما لا يقل عن 90 شخصاً، من بينهم 27 طفلاً. وبحسب تقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أجبر القتال 24 ألف شخص على الفرار من منازلهم هناك.
وتريد قوات النظام، المدعومة من روسيا وإيران، تجريد المعارضين في درعا، مهد الثورة السورية، من الأسلحة الخفيفة بعد أن تركوا أسلحتهم الثقيلة في إطار اتفاقية السلام الموقعة في 2018، وهو ما تخرقه قوات النظام سعياً للقضاء على أي معارضة متبقية وفرض سيطرتها على كامل محافظة درعا، المجاورة للأردن.
لقاء بين ملك الأردن وبوتين
وفي ظل هذه التطورات على الجبهة السورية، أعلن الكرملين عن لقاء مرتقب الإثنين 23 أغسطس/آب، يجمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالعاهل الأردني لبحث ملفات مختلفة، أبرزها الأزمة السورية.
وكانت التطورات الدامية التي تشهدها سوريا الجارة الشمالية للمملكة الأردنية قد دفعت عمان إلى إغلاق كامل حدودها مع سوريا في 31 يوليو/تموز الماضي؛ جراء الأوضاع الأمنية في محافظة درعا.
وفي 25 يونيو/حزيران الماضي، فرضت قوات النظام السوري والميليشيات التابعة لها حصاراً على “درعا البلد”، بعد رفض المعارضة تسليم السلاح الخفيف، باعتباره مخالفاً لاتفاق تم بوساطة روسية عام 2018، ونص على تسليم السلاح الثقيل والمتوسط.
وتدرك موسكو، الحاضرة بقوة وتدعم النظام السوري منذ بداية الأزمة عام 2011، أهمية الدور الأردني في حسم الملف، وخاصة في القطاع الجنوبي، لذا فإن اتصالات القادة والمسؤولين من البلدين لم تنقطع طيلة السنوات الماضية.
وفي الأعوام الماضية، اجتمع الرئيس بوتين مع ملك الأردن عبد الله الثاني، وبحث معه معظم ملفات المنطقة، وكان آخرها على هامش مشاركة الأخير في أعمال منتدى “فالداي” للحوار في سوتشي الروسية عام 2019.
ومع اشتداد الأزمة في درعا، واتخاذها بُعداً دولياً واسعاً؛ لما تفرضه قوات النظام السوري من حصار على أهالي المحافظة، مهد الثورة في بلادهم، وما ترتب عليه من قتل وتجويع، فإن روسيا تسعى لإيجاد حل يرضي جميع الأطراف ويزيل “نقطة سوداء” من سجلها، وفق ما يراه مراقبون.
إذ كانت صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية قد نشرت تحليلاً تناول ما يعنيه تجدد القتال في سوريا بالنسبة لاستراتيجية روسيا، التي يبدو أنها اكتشفت أن الحفاظ على السلام في سوريا أصعب من القتال في حربها الأهلية. ويرجع ذلك إلى الاعتداء الشرس من جانب قوات النظام السوري ضد إدلب، المعقل الأخير للمعارضة السورية، وفي درعا يؤدي إلى في تقويض الهدف الأساسي لموسكو الرامي إلى ترسيخ أقدامها بوصفها وسيطاً قوياً رئيسياً في المنطقة.
ما أهمية لقاء عبدالله وبوتين؟
محمد المومني، عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأعيان الأردني (الغرفة الثانية للبرلمان)، وصف في حديث له مع الأناضول، اللقاء المرتقب بين ملك البلاد والرئيس بوتين، بأنه “مهم للغاية لما تشهده قضايا المنطقة والعالم من تطورات تستدعي تكاتف الجهود؛ للحيلولة دون تفاقمها”.
وأضاف المومني: “الأردن يسعى عبر دبلوماسيته إلى المشاركة الفاعلة في إنهاء الأزمات التي تشهدها المنطقة والعالم”، وزاد: “اللقاء المرتقب بين الملك وبوتين سيحسم الكثير من الأمور، خاصة على صعيد الأزمة السورية”.
وقال المومني: “التطورات في محافظة درعا السورية تتطلب من موسكو وضع حد لما يجري فيها، كما أن الأردن حريص على الوصول إلى حل سلمي ينهي ما يجري هناك”، مضيفاً: “أعتقد أن هذا الملف سيكون حاضراً بقوة على طاولة الملك وبوتين، باعتبار أن روسيا ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالنظام السوري، وبإمكانها أن تلعب دوراً بارزاً في هذا الملف”.
ولم يستبعد المومني أن تكون هناك ملفات أخرى، بما فيها إيران وأفغانستان، لكنه رجح أن ينهي اللقاء تطورات درعا السورية، ويتم التوصل إلى تفاهمات مع موسكو تضمن عدم التأثير على استقرار المملكة.
ولا تزال دبابات النظام السوري تواصل قصف منطقة “درعا البلد” في محافظة درعا (جنوب)، رغم التوصل لاتفاق بوقف إطلاق النار السبت الماضي، بين روسيا والنظام من جانب، واللجنة المركزية للتفاوض عن أهالي درعا من جانب آخر، وإطلاق جولة جديدة من المفاوضات.
هل يحمل الملك خارطة طريق للملف السوري؟
من جانبه، رأى بدر الماضي، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الألمانية الأردنية (حكومية)، في حديثه للأناضول، أن “الزيارة تأتي في إطار الاشتباك السياسي الذي استطاع الأردن أن يخوضه في الفترات الماضية، حيث إن الملك عاد من زيارة ناجحة للولايات المتحدة”.
“شهدت عمّان في الأسابيع الماضية حراكاً دبلوماسياً كبيراً ومهماً جداً، انتهت بزيارة لوزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، ولذلك أعتقد أن الملك سيحمل خارطة طريق تتعدى موضوع درعا إلى الأزمة السورية بشكل عام”.
وشدد الماضي على أن “اللقاء المرتقب سيؤدي إلى الضغط على النظام السوري عبر علاقاته مع موسكو، للحد من وصول الميليشيات المسلحة، والمدعومة إيرانياً من حدود المملكة”.
واعتبر الأكاديمي الأردني أن العلاقات الأردنية الروسية تتسم بالتوازن والمرونة، ما يتيح لعمان التنويع في خياراتها الاستراتيجية، ومناقشة ملفات أخرى لا تقل أهمية عن الأزمة السورية مثل التطورات على الساحة الأفغانية، مضيفاً: “روسيا بالنسبة للأردن هي مفتاح الحل والحليف الموثوق لتأطير السلوك الإيراني في المنطقة، وبالتالي استقرار للأوضاع الأمنية، وانعكاسه إيجابياً على مصالح الدول، بما فيها الأردن”.
الكهرباء من الأردن إلى لبنان
أما المحلل السياسي عامر السبايلة، فقد ذكر في حديثه للأناضول، أنه “لا يمكن فصل سياق الزيارة عن التطورات التي حدثت في الأسابيع الأخيرة، خصوصاً بعد زيارة الملك الأردني إلى واشنطن (يوليو/تموز الماضي)، والحديث عن رغبة أردنية في الدخول إلى الملف السوري، والايحاء بالحصول على المساحة الواسعة للمناورة في عدد من الملفات”.
“عندما نتحدث مع روسيا اليوم، فلا شك بأن الملف الأساسي هو درعا والجنوب السوري في المقام الأول”، مضيفاً: “اللقاء قد يتناول أيضاً الفكرة الطموحة بتوفير واستجرار الطاقة من الأردن لدعم لبنان، وهو أمر لا يمكن السير به عملياً دون الحديث مع روسيا، فموسكو هي العامل الفعلي على الأرض السورية، وفي حال نفذ مشروع جر الطاقة للبنان سيكون عبر الأراضي السورية”.
واتفق السبايلة مع سابقيه حول احتمالية التطرق الى ملفات أخرى، بما فيها أفغانستان والعراق، وغيرها من القضايا، لكنه شدد على أن ملف سوريا ومحاولة تسويق فكرة ربط لبنان بكهرباء الأردن سيكون هو الأبرز.
وكانت وسائل إعلام روسية قد نقلت الجمعة 20 أغسطس/آب عن يوري أوشاكوف مساعد بوتين قوله في تصريح صحفي، رداً على سؤال حول ما إذا كان من المخطط أن يزور الملك عبد الله روسيا الأسبوع المقبل: “نعم، وسيتم عقد لقاء عمل (مع الرئيس بوتين) الإثنين”.
كانت روسيا قد وضعت ثقلها العسكري والسياسي في الميزان لإنقاذ نظام بشار الأسد حتى تَحقق لها ما أرادت، لكن القتال المتجدد في درعا وسقوط عشرات الضحايا بين المدنيين يقوض فرصة موسكو لفرض النفوذ في الشرق الأوسط.
وكان وقف إطلاق النار عام 2018 بين قوات بشار الأسد والمعارضة في منطقة درعا، مهد الثورة السورية، فكرة روسية تلاها توقيع اتفاقيات أخرى مشابهة في مناطق أخرى، كانت تسيطر عليها المعارضة، وصولاً إلى الاتفاق الخاص بإدلب بمشاركة تركيا.
وبالتالي فإن انتهاك نظام بشار الأسد لتلك الاتفاقيات الآن، بعد أن أصبح يسيطر على غالبية مناطق سوريا، يثير القلق من سقوط مزيد من الضحايا بين المدنيين وموجات أخرى من النزوح واللجوء، وهو ما يثير قلق دول الجوار ومنها الأردن بطبيعة الحال.
قوات الأسد تستهدف المدنيين في درعا، لماذا يمثل ذلك ضربة موجعة لأهداف روسيا بالمنطقة؟
- ترجمة
وضعت روسيا ثقلها العسكري والسياسي في الميزان لإنقاذ نظام بشار الأسد حتى تَحقق لها ما أرادت، لكن القتال المتجدد في درعا وسقوط عشرات الضحايا بين المدنيين يقوض فرصة موسكو لفرض النفوذ في الشرق الأوسط.
كانت روسيا قد فرضت عام 2018 وقفاً لإطلاق النار بين قوات بشار الأسد والمعارضة في منطقة درعا، مهد الثورة السورية، وتلا ذلك توقيع اتفاقيات أخرى مشابهة في مناطق أخرى، كانت تسيطر عليها المعارضة، وصولاً إلى الاتفاق الخاص بإدلب بمشاركة تركيا.
وتمثلت استراتيجية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في دعم بشار الأسد لتحقيق هدف رئيسي، هو ترسيخ أقدام موسكو في منطقة الشرق الأوسط، بوصفها شريكاً يمكن الاعتماد عليه، في وقت يشهد النفوذ الأمريكي التقليدي تراجعاً ملحوظاً.
ماذا يعني تجدد القتال في سوريا؟
تناولت صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية ما يعنيه تجدد القتال في سوريا بالنسبة لاستراتيجية روسيا، التي يبدو أنها اكتشفت أن الحفاظ على السلام في سوريا أصعب من القتال في حربها الأهلية.
ويرجع ذلك إلى الاعتداء الشرس من جانب قوات النظام السوري ضد إدلب، المعقل الأخير للمعارضة السورية، في تقويض الهدف الأساسي لموسكو الرامي إلى ترسيخ أقدامها بوصفها وسيطاً قوياً رئيسياً في المنطقة.
وأدت هجمات قوات الأسد إلى ارتفاع أعداد الوفيات، وهو ما يهدد بفسخ الهدنة التي رعتها روسيا، والتي كان من المفترض لها أن تُشكل نهاية اللعبة للمعارضة المسلحة في درعا، وتُقدم نموذجاً لإنهاء الصراعات في مناطق أخرى تسيطر عليها المعارضة المسلحة في البلاد.
إذ تضمّنت تلك الاتفاقية وقف الأعمال العدائية التي تفاوضت عليها سوريا وتركيا في شمال غرب محافظة إدلب، وهي منطقة تشكل أكبر جزء لا يزال تحت سيطرة المعارضة المسلحة في سوريا. وتهدد الصراعات الآن بتقويض الثقة في روسيا، بوصفها حكماً سياسياً في سوريا، رغم المكاسب التي حققتها من خلال مؤازرة الرئيس السوري بشار الأسد ومساعدته في البقاء في سدة الحكم.
احتجاجات ضد الأسد وقصف درعا
ففي الأسابيع الأخيرة كثفت قوات النظام السوري من قصفها درعا، رداً على الاحتجاجات المناهضة للنظام هناك. وفي المقابل، هاجمت المعارضة المسلحة بعض المواقع العسكرية الحكومية، مع أنهم صاروا مسلحين بأسلحة هجومية خفيفة بعد ترك أسلحتهم الثقيلة في إطار اتفاقية السلام الموقعة في 2018، وذلك حسبما أفاد سكان ومقاتلون محليون في صفوف المعارضة المسلحة.
وتسبب القصف في مقتل ما لا يقل عن 90 شخصاً، من بينهم 27 طفلاً. وبحسب تقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أجبر القتال 24 ألف شخص على الفرار من منازلهم هناك. قال أبو علي المحاميد، أحد وجهاء درعا البلد، للصحيفة الأمريكية: “لا نملك الخبز، ولا الكهرباء، ولا الحد الأدنى من الأساسيات الضرورية للمعيشة”.
وادّعى مسؤولو الجيش الروسي، في أواخر يوليو/تموز، أن القوات السورية نجحت في فرض الاستقرار على الموقف في سوريا، مع أن الناس على أرض الواقع يقولون إن جهود روسيا في التفاوض من أجل وقف القتال تفتقر إلى الحماسة.
ويقول المحللون إن أيادي موسكو يمكن أن تصير أقوى إذا استطاع حليفها السيطرة على كامل المنطقة، وليس من المرجح أن يؤدي القتال المتصاعد في درعا إلى تدمير التحالف الأوسع بين روسيا والأسد، ولن يؤثر على قواعد روسيا العسكرية الموجودة في مناطق أخرى بسوريا.
وبينما لم ترد الحكومة الروسية على طلب وول ستريت جورنال للتعليق، أعرب النظام السوري عن رفضه انتقادات الغرب للهجمات التي ينفذها، وقال إنه يقاتل “الإرهابيين”، حسب وصفه.
وقبل عقد من الزمن، وفي أوج ثورات الربيع العربي، أسفرت عن الاحتجاجات في درعا ثورة حاشدة تطالب الرئيس السوري بشار الأسد بالرحيل، قبل أن تتحول إلى معارضة مسلحة. سيطرت المعارضة المسلحة على مناطق من محافظة درعا لحوالي 7 سنوات، حتى استعاد النظام السوري، المدعوم من روسيا وإيران وحزب الله اللبناني، أغلب هذه المناطق عن طريق هجوم عسكري شنّه في عام 2018.
وقسم اتفاق وقف الأعمال العدائية لعام 2018 الذي تفاوضت روسيا للوصول إليه، قسّم المحافظة إلى قسمين: أحدهما عادت السيطرة عليه كلياً إلى قوات النظام السوري، فيما مُنح الآخر حكماً ذاتياً جزئياً. وافقت المعارضة المسلحة على تسليم المدفعية والأسلحة الثقيلة الأخرى، ووافق بعض أفرادها على الاندماج في جيش النظام.
سوريا نقطة ارتكاز لنفوذ روسي أوسع
كانت المبادرة الروسية -التي دعمت حكومة الأسد أولاً ثم أعادت تهيئة نفسها لتكون صانعة سلام- محور جهود أوسع لكسب مزيد من النفوذ في الشرق الأوسط. فقد أرسلت روسيا طائرات مقاتلة وقوات شبه عسكرية -مجموعة فاغنر- للقتال إلى جانب زعيم ميليشيات شرق ليبيا خليفة حفتر في ليبيا، كما توددت إلى حلفاء أمريكا التقليديين، من أمثال مصر والسعودية، في جهود للضغط على الولايات المتحدة للخروج من المنطقة، وذلك حسبما يقول المحللون.
ونشرت هيئة الإذاعة البريطانية BBC تقريراً الأربعاء 11 أغسطس/آب بعنوان “مرتزقة حفتر الروس: في قلب مجموعة فاغنر”، كشف المزيد عن تفاصيل جرائم الحرب التي ارتكبها المرتزقة الروس، والتي شملت قتل الأسرى والمدنيين بدم بارد، وزرع الألغام في المناطق السكنية والبيوت، دون إشارات تحذيرية، وهي جرائم حرب بتوصيف القانون الدولي.
ولا شك أن هذه الجرائم تنال من صورة الدب الروسي في المنطقة، رغم النفي المتكرر لروسيا أن لها أي علاقة رسمية مع مجموعة فاغنر، التي تنشط أيضاً على الساحة السورية، وتواجه اتهامات مشابهة لتلك التي كشف عنها تقرير بي بي سي في ليبيا.
وبالإضافة إلى ذلك يطرح تجدُّد القتال في درعا تساؤلاً حول قدرة موسكو على الاضطلاع بدور الوسيط بنجاعةٍ، في الوقت الذي يحاول خلاله نظام الأسد السيطرة على جميع مناطق جنوب سوريا، بدعمٍ جزئيٍّ من إيران ووكلائها.
ويمكن أن يكون هناك سقوط في مكان آخر في البلد الذي مزقته الحرب، إذ يعيش ملايين السوريين في جيبٍ منفصل تسيطر عليه المعارضة المسلحة ويقع في شمال غرب البلاد، وتهاجمه أحياناً القوات المؤيدة للحكومة، رغم اتفاق وقف إطلاق النار الروسي التركي.
وقالت جمانة قدور، الزميلة الأقدم غير المقيمة في المجلس الأطلسي بواشنطن، وعضوة في اللجنة الدستورية السورية التي يسرتها الأمم المتحدة: “لا أعتقد أننا رأينا نهاية الملحمة السورية. بالنسبة للأماكن التي اعتقدنا أنها ستستأنف الحياة الطبيعية، لا أعتقد أنه ينبغي لنا الشعور بتلك الثقة”.
وتطلب مجموعات المعارضة السورية من الولايات المتحدة أن تضغط على روسيا للمساعدة في وقف هجوم النظام السوري. وفي تغريدة نُشرت في 4 أغسطس/آب، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن: “ندين الاعتداء الدموي الذي شنّه نظام الأسد على درعا، ونطالب بإنهاء فوري للعنف، الذي قتل المدنيين وشرد الآلاف الذين يعانون من نقص الغذاء والدواء”.
تنازعت إدارة بايدن فعلياً مع روسيا حول سوريا، إذ تفاوضت واشنطن في يونيو/حزيران على تجديد قرار سمح بتدفق عمليات المساعدة الأممية إلى مناطق شمال غرب سوريا، التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة، وتجنبت تهديداً باستخدام روسيا حق الفيتو لنقض القرار الذي كان من الممكن أن يقطع ما يمثل شريان إغاثة لملايين من الأشخاص.
وفي غضون ذلك، يبدأ السكان داخل المنطقة المحاصرة بدرعا في الشعور بالعبء الكامل للصراع، الذي تسارعت وتيرته بعد مطالبة النظام بأن تسلم المعارضة المسلحة الأسلحة الخفيفة التي سُمح لهم بالإبقاء عليها بموجب اتفاقية 2018. يتهم بعض الأشخاص روسيا بالفشل في الوفاء بمسؤولياتها المتعلقة بضمان الهدنة. قال عدنان مسالمة، وهو محامٍ ومفاوض باسم المعارضة: “المفاوضات مُختلَّة وظيفياً”.
فيما يقول آخرون إن الغذاء والمياه النظيفة صارت نادرة الآن. وبحسب جماعات المساعدة، أُغلقت العيادة الوحيدة التي كانت مخصصة للمنطقة بسبب قصف الحكومة. وقال تيم الأحمد، وهو ناشط إعلامي يعيش في المنطقة المحاصرة: “أعتقد أن هناك احتمالية كبيرة لحدوث مذبحة طائفية إذا لم يُحل هذا الأمر”.