موهبة جزائرية صغيرة يُحدث زلزالاً في الكرة الفرنسية خلال 70 دقيقة
«ما فعله هذا الفتى في 70 دقيقة من اللعب يفوق ما قدمته خلال 11 عاماً كاملة من اللعب الاحترافي»، بهذه الكلمات اختصر إيمانويل إيمورو، مهاجم فريق كاين الفرنسي والمحلل الرياضي الحالي، المعجزة التي فعلها الشاب ريان شيركي، والتي أحدثت هزة واضحة في كرة القدم الفرنسية، منذ أن أبهر المتابعين بما قدمه في مباراة فريقه ليون أمام نانت في كأس فرنسا.
وأصبح شيركي، الذي لا يزيد عمره على 16 عاماً و140 يوماً فقط، أصغر لاعب في تاريخ نادي ليون يسجل هدفين في مباراة واحدة، حيث شارك الفتى في المباراة التي جمعت فريقه مع نانت يوم السبت 18 يناير/كانون الثاني، في دور الـ32 لكأس فرنسا، فسجّل هدفين وصنع هدفين، كما تسبب في ركلة جزاء لفريقه، أهدرها زميله موسى ديمبلي.
وينحدر اللاعب الصغير المبهر من أصول جزائرية، حيث وُلد في فرنسا لأبوين جزائريين على غرار زين الدين زيدان، مدرب ريال مدريد الحالي، وكريم بنزيمة وسمير نصري، واسمه كما ينطقه أبواه ماتيس ريان شرقي.
ونتيجة المستوى الخرافي الذي قدمه شيركي، أو شرقي كما ينطق اسمه بالعربية، خصصت مجلة L’Equipe الفرنسية العريقة صفحتها الأولى بالكامل له، وكتبت تحت صورة له من مباراة نانت: «عرض شيركي».
ونقلت صحيفة Marca الرياضية الإسبانية مديح الفرنسي كريستيان غوركوف، مدرب نانت، الذي سبق له تدريب المنتخب الجزائري، للاعب الشاب، حيث قال إنه لاعب جيد جداً، مضيفاً: «لم أسمع به من قبل، لكن من المؤكد في ضوء المستوى الذي قدمه أن أمامه مستقبلاً لامعاً للغاية».
لكن مدرب ليون رودي غارسيا كان أكثر تحفظاً في الثناء على اللاعب الذي قلب الإعلام الرياضي في فرنسا رأساً على عقب، حيث قال إن «على ريان أن يواظب على تقديم المستوى الجيد الذي قدمه في مباراة نانت، والأهم أن يدرك أنه لم يحقق أي شيء بعد.. لا يزال المشوار طويلاً أمامه لكي يضع قدمه على طريق النجومية»، لكنه أردف ذلك بكلمات ثناء يستحقها اللاعب الشاب، حيث قال إنه ذكي وموهوب للغاية، كما أن مساهمته الدفاعية ملموسة، وكل هذه أمور ستجعل منه لاعباً كبيراً إذا واصل العمل الجاد واستمع للملاحظات على أدائه.
من ناحيته، قال شيركي، في تصريح له عقب أول مباراة يشارك فيها مع ليون من البداية، إن النجاح الذي حققه يدين به لزملائه في الفريق، خصوصاً المهاجم موسى ديمبلي الذي يشعر كما لو أنه أخ له داخل الملعب.
خريج «أكاديمية محمد السادس» أغلى لاعب في تاريخ إشبيلية.. كيف وصل النصيري لهجوم الأندلس؟
يوسف النصيري يصبح أغلى صفقة في تاريخ نادي إشبيلية
شهد الأسبوع الماضي حدثاً مميزاً بالنسبة للمحترفين العرب بأوروبا، تمثل في تعاقد المغربي يوسف النصيري مع نادي إشبيلية الإسباني، قادماً من فريق ليغانيس الإسباني مقابل 20 مليون يورو، ليكون بذلك أغلى صفقة في تاريخ هذا النادي الأخير، الذي عرف كيف يستثمر في المهاجم الشاب الذي اشتراه، قبل 18 شهراً فقط، بـ10ملايين يورو.
ومن المؤكد أن كثيراً من المتتبِّعين الرياضيين يعرفون أن النصيري من اللاعبين المغاربة المتألقين بالدوري الإسباني لكرة القدم، خلال السنتين الماضيتين، لكن عديداً من هؤلاء المتتبعين قد لا يعلمون أن يوسف أحد اللاعبين القلائل في التشكيلة الحالية لمنتخب «أسود الأطلس» الذين لم يتخرجوا في المدارس الكروية الأوروبية، بل تلقوا تكوينهم ببلد مولدهم ونشأتهم، المغرب.
وُلد يوسف النصيري بمدينة فاس المغربية، يوم 1 يونيو/حزيران 1997، وقد بدأ ممارسة رياضة كرة القدم ضمن نادي المغرب الفاسي، في موسم 2010-2011، قبل أن ينضم في الموسم الموالي إلى أكاديمية «محمد السادس» في مدينة «سلا»، بالقرب من عاصمة المغرب، الرباط.
أكاديمية برئاسة السكرتير الخاص لملك المغرب
وقد تم تأسيس الأكاديمية باقتراح من ملك المغرب «محمد السادس»، لتكون نموذجاً وطنياً لتطوير كرة القدم بالبلد، حيث بدأت أشغال بنائها في مايو/أيار 2008، بتكلفة تقارب 13 مليون يورو، ويرأسها منير الماجيدي، السكرتير الخاص للملك محمد السادس، والذي يشغل أيضاً رئاسة نادي الفتح الرباطي.
وبدأت الأكاديمية العمل رسمياً في سبتمبر/أيلول 2009، بدفعة تضم 45 طفلاً، تتراوح أعمارهم بين 12 و13 عاماً، بإشراف فني من المغربي ناصر لارغيت، المدير الحالي للمركز التكويني لنادي أولمبيك مارسيليا الفرنسي، والذي يملك خبرة كبيرة في تكوين اللاعبين الشبان وتطويرهم، إذ سبق أن أدار مراكز تكوينية لعدة أندية فرنسية أخرى، في الفترة ما بين 1990 و2004، على غرار روان وكان وكون وستراسبورغ.
أكاديمية الملك محمد السادس لكرة القدم
واستمر لارغيت في العمل ضمن «أكاديمية محمد السادس» إلى غاية سنة 2014، وقد كان النصيري من اللاعبين الذين تلقوا تكوينهم الرياضي تحت إشرافه. دخل الطفل يوسف إلى الأكاديمية ضمن دفعة مواليد 1997 و1998، وغادرها في عام 2015، نحو نادي ملقة الإسباني في عمر 18 سنة.
ومن أبرز اللاعبين الذين زاملهم يوسف النصيري في أكاديمية محمد السادس، كل من الظهير الأيسر حمزة منديل، الذي ينشط في الموسم الجاري ضمن نادي ديجون الفرنسي، مُعاراً من نادي شالكه الألماني، وأنس نوادر، مدافع نادي نانسي الفرنسي.
الاحتراف بأوروبا من بوابة ملقة
وكان نادي ملقة، إذن، بوابة يوسف النصيري نحو الاحتراف الأوروبي، حيث انضم إليه في صيف 2015 على سبيل الاعارة موسماً واحداً، ثم اشترى النادي الأندلسي عقدَ اللاعب الشاب في الموسم الموالي مقابل 125 ألف يورو.
يوسف النصيري بقميص نادي ملقة
وكانت بداية النصيري مع الاحتراف بشكلٍ تدريجي، بحيث باشر مشواره مع نادي ملقة ضمن فريق الرديف قبل أن ينضم إلى الفريق الأول في موسم 2016-2017، تحت إشراف المدرب ميشال، النجم السابق لنادي ريال مدريد الإسباني.
وشارك النصيري مع الفريق الأول بملقة في 41 مباراة رسمية من 2016 إلى 2018، سجل خلالها 5 أهداف فقط، قبل أن يرحل عنه في صيف 2018، بعد سقوط النادي إلى دوري الدرجة الثانية.
وكانت المحطة الثانية للنصيري في إسبانيا نادي ليغانيس، الذي تعاقد معه يوم 17 أغسطس/آب 2018، 5 سنوات، مقابل 10 ملايين يورو، ليصبح بذلك أغلى صفقة شراء في تاريخ النادي، وأيضاً أغلى لاعب تكوين بالمغرب.
وبعد بداية صعبة، انفجر المهاجم المغربي الشاب مع فريقه الجديد في النصف الثاني من موسم 2018-2019، الذي أنهاه بتسجيل 11هدفاً في 33 مباراة، من بينها «هاتريك» في مرمى نادي ريال بيتيس يوم 10 فبراير/شباط 2019، لحساب مسابقة «الليغا».
وواصل تألقه في الموسم الجاري (2019-2020)، بمشاركته في 18 مباراة بالدوري الإسباني مع ليغانيس، سجَّل خلالها 4 أهداف وقدَّم تمريرتين حاسمتين، قبل أن يرحل، في الميركاتو الشتوي الحالي، نحو نادي إشبيلية، الذي خاض معه مباراته الرسمية الأولى، السبت الماضي، أمام ريال مدريد.
وقد دخل النصيري في مباراة ريال مدريد، بالدقيقة الـ66، بديلاً لزميله الإسباني، المغربي الأصل، منير الحدادي. وعلى الرغم من أنه لم يكن مؤثراً في نتيجة اللقاء ولم يُجنِّب فريقه إشبيلية، الهزيمة أمام النادي الملكي (1-2)، فإن الموعد قد يكون انطلاقة نحو تألق جديد رفقة أحد أكبر الأندية الأوروبية، والذي اعتاد، في السنوات القليلة الماضية، خوض المسابقات القارية بانتظامٍ.
طموح كبير إلى التألق أوروبياً
وأشار النصيري إلى طموحه الكبير إلى بلوغ آفاقٍ جديدةٍ رفقة إشبيلية، عندما صرح للصحافة الإسبانية، عقب توقيع عقده مع النادي الأندلسي، قائلاً: «أرغب في اللعب بأوروبا وخوض مزيد من المباريات سواء في الدوري الأوروبي أو دوري الأبطال».
هدف النصيري في مرمى البلوغرانا
وأضاف: «هذا فريق كبير، ويجب العمل يوماً بعد يوم واكتساب الثقة ومعرفة أناس جدد. أتوجه بالشكر إلى الفريق الذي ساعدني والمدرب جولين لوبيتيغي الذي سعى لوجودي في الفريق».
ونحن كعرب نتمنى أن يحقق النصيري طموحاته، ويطور أداءه ومستواه ضمن نادٍ كبير بحجم إشبيلية، ونحيي فيه هذا الطموح ورغبته الكبيرة في النجاح، على غرار كل اللاعبين المتميزين خريجي «أكاديمية محمد السادس» .
ومن المؤكد أن نجاح يوسف النصيري بمشواره الرياضي في أوروبا يؤكد تكوينه الجيد ضمن أكاديمية بلده، ويدفعنا إلى تمني تعدُّد مثل هذه المراكز التكوينية في مختلف البلدان العربية، على غرار أكاديمية «بارادو» الجزائرية، التي قامت بتصدير 6 لاعبين إلى القارة العجوز في الأعوام الخمسة الماضية، ويتعلق الأمر بكل من رامي بن سبعيني (بوروسيا مونشنغلادباخ الألماني)، ويوسف عطال وهشام بوداوي (نيس الفرنسي)، وفريد الملالي وهيثم لوصيف (أنجي الفرنسي)، وزكريا نعيجي (جيل فيسنتي البرتغالي).