بعد تطورات درعا.. هل يتحمل الأردن التكاليف العالية للصراع المتجدد في جنوب سوريا؟
في ظل ظروف اقتصادية خانقة فاقمتها جائحة فيروس كورونا، يواجه الأردن تحدياً صعباً مع تفجر الأوضاع في محافظة درعا السورية ومناشدة أعضاء في لجنة التفاوض ووجهاء العشائر الملك عبدالله الثاني السماح للأهالي بدخول أراضي المملكة، بعد انتهاك النظام السوري لاتفاق وقف إطلاق النار.
وكانت قوات النظام السوري قد شنت حملة قصف عنيف على درعا منذ مايو/أيار الماضي، تزامناً مع الانتخابات التي أقامها نظام بشار الأسد، واندلاع احتجاجات رافضة لها في مهد الثورة السورية، وتسبب القصف في مقتل المئات من المدنيين، بينهم عشرات الأطفال، كما أجبر القصف عشرات الآلاف على الفرار من منازلهم هناك.
ورغم أن درعا كانت تخضع لاتفاقية سلام بين المعارضة والنظام السوري برعاية روسية منذ عام 2018، تخلّت بموجبها المعارضة المسلحة في المنطقة عن أسلحتها الثقيلة، لكن قوات النظام -المدعومة من روسيا وإيران وحزب الله اللبناني- انتهكت بنود تلك الاتفاقية سعياً للقضاء على المعارضة وفرض السيطرة بالكامل على محافظة درعا.
وقبل أيام، تم التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار جديد، دخلت بموجبه الشرطة العسكرية الروسية ولجنة أمنية تابعة للنظام السوري إلى المنطقة، بغرض تثبيت وقف إطلاق النار، وتسلم السلاح الخفيف من أشخاص حددهم النظام، وعددهم 34.
وتضمّن اتفاق وقف إطلاق النار عدم تهجير أي شخص خارج المنطقة، وتمركز قوات النظام وفرع الأمن العسكري التابع له في 4 نقاط من المنطقة كقوى أمنية، وعودة مخفر الشرطة وعناصره للمنطقة، بعد خروجهم منها جراء الأحداث الأخيرة. كما تضمن الاتفاق انسحاب الفرقتين الرابعة والتاسعة التابعتين للنظام من محيط منطقة درعا البلد، وفك الحصار عنها.
الأردن وموجات اللاجئين
يمتلك الأردن حدوداً مع سوريا يصل طولها إلى 375 كلم، وتعتبر المملكة من دول جوار سوريا التي تأثرت بالأزمة السورية المستمرة منذ عام 2011، فقد استقبلت أراضيها قرابة 750 ألف لاجئ، توزعوا على مختلف محافظاتها ومدنها، فضلاً عن وجود عدد مماثل دخلوا قبل بدء الثورة بحكم النسب والمصاهرة والمتاجرة.
وعلى مدار سنوات طويلة لم تغلق عمان أبوابها في وجوه طالبي اللجوء، إلا أنها قررت إغلاق الحدود مع سوريا بعد تفجيرات الرقبان التي جرت في حزيران/يونيو 2016، وأودت بحياة 7 عسكريين أردنيين.
وحتى ذلك القرار لم يخل من استثناءات، فقد جرى خلال فترات متفاوتة السماح بإدخال حالات مرضية لنازحي مخيم الرقبان، الواقع في المنطقة “المحرمة” بين البلدين على الحدود الشمالية الشرقية للمملكة، والذي يضم ما يزيد على 85 ألف نازح سوري، كانوا ينتظرون السماح بدخولهم إلى الأراضي الأردنية.
كما سمح الأردن عام 2018 للأمم المتحدة بتنظيم مرور نحو 800 عنصر من الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، عبر أراضيه؛ لتوطينهم في دول غربية، لـ”أسباب إنسانية بحتة”.
والسبت 4 سبتمبر/أيلول، ناشد أعضاء في لجنة التفاوض ووجهاء عشائر في مدينة درعا جنوبي سوريا العاهل الأردني السماح للأهالي بدخول أراضي المملكة، بعد انتهاك النظام لاتفاق وقف إطلاق النار، والتقدم بمطالب إضافية لم يتضمنها الاتفاق بين الطرفين.
ورجح محللون سياسيون أردنيون عدم التفات عمان لتلك المناشدة، خاصة مع الضغط “الهائل” الذي تعاني منه المملكة من تواجد أعداد كبيرة من اللاجئين على أراضيها، لكنهم توقعوا في الوقت ذاته أن يكون لبلادهم دور في حل سياسي يعيد الأمور إلى نصابها، ويحول دون تهجير الآلاف منهم.
سعي الأردن لحل سياسي في سوريا
الكاتب والمحلل السياسي فايز الفايز، قال للأناضول: “لم يعد خافيا الجهود التي بذلها الأردن وعلى أعلى مستويات الحكم في سبيل الحل السلمي والسياسي للصراع في سوريا والذي تجاوز عقداً من الزمن.
“لكنه اليوم بات على بعد قذيفة من الهجمات الحربية للنظام السوري المدعوم من القوات الروسية والميليشيات الإيرانية، فمدينة درعا المتاخمة للحدود باتت ساحة حرب ضروس بعدما خرقت الأطراف الرئيسة شروط الهدنة والاتفاقات التي تم التوافق عليها مع السكان”.
وأشار الفايز إلى أنه من الناحية الرسمية، “ينظر الأردن بعين الحذر للتطورات المقلقة التي قد تهدد استقرار حدوده والتي حافظ على هدوئها عبر سنوات خلت”، مضيفا أن “الملك عبدالله نقل تصوراته ووجهات نظر العديد من الخبراء في الاستراتيجية الجيوسياسية إلى طاولة البيت الأبيض خلال محادثاته مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، وضغط بشدة لفتح المعابر الإنسانية والتجارية؛ لضمان حركة النقل وتقديم المساعدات للشعب السوري”.
“استطاع (الأردن) أن يضمن فتح حدوده الرسمية مع سوريا، بيد أن تفجر الوضع من قبل الميليشيات والجيش السوري مدعوماً بغطاء روسي أفشل العملية السلمية برمتها حتى اليوم”.
واعتبر الفايز أن “الأردن قد عاد إلى المربع الأول في الأزمة السورية، خصوصاً مع استمرار قصف القطاعات العسكرية لمدينة درعا ودرعا البلد، وهي مهد الثورة على النظام، ولكنه لا يستطيع العودة بصفته ملجأ للمواطنين السوريين التي تتحمل الدولة السورية ضمان أمنهم”.
وأكد أنه “رغم ما قيل من مناشدات الأهالي في درعا للأردن كي يفتح حدوده، فإن ذلك ليس في الوارد، فالتنسيق ما بين عمان وموسكو تعدى حدود التفاهمات الأمنية والعسكرية بل إن الملك عبدالله قام بزيارة لموسكو والتقى الرئيس فلاديمير بوتين (أغسطس/آب الماضي)، ومن المؤكد أن الأزمة السورية كانت هي الأبرز في المحادثات، والدفع بالمصالحة وعودة المهجرين الى منازلهم”.
وأردف الفايز: “لكن بعدها لم تترك اليد الإيرانية مجالاً للمزيد من التعاون الأردني لإعادة استتباب الأمن في المدينة المنكوبة، وحتى وفد العشائر الذي كان منخرطاً بالوصول لاتفاق مع أحياء درعا البلد تم قصف قافلتهم بالمدفعية”.
ومضى قائلاً: “لهذا لا يمكن للأردن أن يتحمل التكلفة العالية للصراع المستجد في الجنوب السوري الذي عادت سيطرة القوات الإيرانية والتغطية الروسية عليه فضلاً عن قوى النظام”.
محاولات إيران لزعزعة استقرار الأردن
الفايز أشار أيضاً إلى أن “قطاعات حرس الحدود الأردنية باتت يقظة على مدار الساعة؛ لصد عمليات التسلل لجماعات تتقصد تهريب الأسلحة والمخدرات عبر حدوده، وترصد الاستكشافات العسكرية الأردنية العشرات من مصانع المخدرات التي تتزود من الأراضي اللبنانية”.
ورأى أنه “من هنا يظهر بوضوح المشروع الإيراني الذي يستهدف الأردن أيضاً، بعدما تم تهجير الآلاف من درعا وقراها إلى شمال سوريا، ومحاولة التغيير الديموغرافي للوصول إلى محاذاة الحد الأردني”.
ومتابعاً في السياق ذاته أن “الأردن لن يقبل بهذا، ومثله الدعم الروسي للحفاظ على سيطرته رغم النظام، ويبدو أنهم تحركوا مجدداً للجنوب السوري كمناورات غير مباشرة أمام قواعد الجيش الأمريكي داخل الأراضي السورية في الجنوب الشرقي وفي الأراضي الأردنية”.
واختتم الفايز “أي تهديد للأراضي الأردنية سيقطع أي أمل بالسلام، والحل أن يتخلص النظام السوري من عقلية المغالبة التي ورطته فيها قوات طهران بالوكالة واستوطنت الأرض السورية ولا يهمها الاستقرار ولا حماية المواطنين الأبرياء”.
هل يتم التوصل لحل سياسي في درعا؟
وقال خالد شنيكات، أكاديمي ومحلل سياسي، للأناضول إن “الأردن في موقف ليس سهلاً، بموضوع اللاجئين؛ لأن لديه أعداداً هائلة تزيد على 1.3 مليون منهم، لكنه رغم ذلك متأهب لكل الخيارات”.
ولفت إلى أن “زيارة الملك عبدالله الأخيرة إلى روسيا ربما تناولت شيئاً من هذا الموضوع، والأردن يفضل أن يحل الموضوع سلمياً داخل سوريا؛ منعاً لموجات نزوح جديدة من اللاجئين باتجاه أراضي المملكة”.
“إذا لم يتم الاتفاق بين المعارضة والنظام في درعا، قد نشهد موجات لاجئين، لكن يبدو أن هناك اتفاقاً برعاية نائب وزير الدفاع الروسي، يتمثل في الرجوع لاتفاق عام 2018 بنقاط أمنية مشتركة ومعالجة موضوع اللاجئين والمقاتلين، وبالتالي حل الموضوع داخل سوريا”.
واعتبر أن ما يقلق بلاده من تطورات درعا السورية هو “فقدان الاستقرار في سوريا وتبعاته الاقتصادية، واستمرار دورة العنف، وما يتبع ذلك من تداعيات، وبالتالي المزيد من التكلفة لما يجري هناك”.
صايل السرحان، أستاذ العلوم السياسية في جامعة آل البيت (حكومية)، كان أكثر تفاؤلاً من سابقيه، حيث قال: “أعتقد أن موضوع أزمة درعا الأخيرة المتعلقة بالمسلحين المتحصنين في حي المحطة في طريقها إلى الحل”.
وأرجع السبب في ذلك إلى “أن المقاومين يواجهون ضغطاً من الجيش السوري الأقوى عدداً وعدة، وضغطاً من جانب الأهالي بضرورة الاستجابة لدعوات وقف إطلاق النار والانصياع للتسوية بالرعاية الروسية”.
ونوه السرحان بأن “عدداً قليلاً سيتم ترحيله إلى إدلب، وأعتقد أن الأردن لن يستقبل موجة لجوء جديدة”، مضيفاً: “الأردن يرحب بتسوية للصراع السوري بشكل عام، وفي درعا بشكل خاص؛ ليمهد الطريق لاستئناف فتح المعبر بين البلدين للنهوض بالحياة الاقتصادية التي تشكل قضية ملحة له، وقد أشار الملك عبدالله قبل أكثر من شهر إلى ذلك بشكل واضح وصريح”.
وكانت صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية قد نشرت تحليلاً تناول رغبة روسيا في الحفاظ على الوضع الراهن وعدم تجدد القتال في سوريا بعد أن اكتشفت موسكو أن الحفاظ على السلام في سوريا أصعب من القتال في حربها الأهلية. ويرجع ذلك إلى الاعتداء الشرس من جانب قوات النظام السوري ضد إدلب، المعقل الأخير للمعارضة السورية، وفي درعا يؤدي إلى تقويض الهدف الأساسي لموسكو الرامي إلى ترسيخ أقدامها بوصفها وسيطاً قوياً رئيسياً في المنطقة.
وأكد السرحان أن “مصلحة الأردن العليا تكمن في الوقت الحالي، وفي ضوء ما أسفر عنه الوضع، في تسوية تحفظ وحدة سوريا لما فيه مصلحة شعبها، والحاجة الملحة إلى منح المملكة وضعاً خاصاً في علاقته معها؛ في ظل قانون قيصر المفروض أمريكياً”. واستطرد: “وبالفعل تم التوصل إلى تفاهمات حول ذلك خلال زيارة الملك إلى واشنطن مؤخراً (يوليو/تموز الماضي) ولقائه الرئيس الأمريكي جو بايدن”.
قادة طالبان الأكثر سرية.. من هم أبرز وزراء الحكومة الجديدة في أفغانستان؟
أعلنت حركة طالبان رسمياً تشكيل حكومة انتقالية في أفغانستان مساء الثلاثاء 7 سبتمبر/أيلول، واستعانت في مجلس وزرائها بزعماء لهم باع طويل الأمد في الحركة منذ السنوات الأولى لحكمها في تسعينيات القرن الماضي.
ومع أن عديداً من كبار الشخصيات في الحكومة الجديدة كان لهم في الحركة أدوار مماثلة لتلك المهمات الموكولة إلى الوزارات التي تولوها، فإن معظمهم لا يُعرف سوى القليل عنه. وفيما يلي تفاصيل حول بعضهم، استناداً إلى تقارير واردة عن صحيفة The New York Times الأمريكية.
1- الملا محمد حسن آخوند رئيس الوزراء
لمَّا كان أحد الأعضاء المؤسسين لحركة طالبان في التسعينيات، كان من المتوقع أن يتولى الملا محمد حسن منصبَ رئيس الوزراء المعنيّ بإدارة شؤون البلاد يوماً بيوم.
سبق أن تولى الملا محمد حسن منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية في حكومة طالبان التي تولت السلطة في التسعينيات.، إلا أنه ظل بعيداً عن الأضواء خلال عقدين من مقاومة الحركة للاحتلال الأمريكي، وساعد من الظل في تنسيق شؤون مجلس قيادة طالبان في كويتا الباكستانية وإدارة أموره.
2- الملا عبد الغني برادر نائب رئيس الوزراء
الملا برادر الذي تقول وثائق الإنتربول إنه وُلد في ولاية أروزغان عام 1968، سبقَ أن قاتل مع الملا عُمر، مؤسس حركة طالبان، في الحرب ضد الاحتلال السوفييتي. ثم شغل عدة مناصب رفيعة في حكومة طالبان الأولى، ابتداءً من عام 1996، وشاع عنه أنه أحد أكثر القادة شراسة في ساحة المعارك التي سعت فيها طالبان إلى قمع خصومها في “التحالف الشمالي” المناهض لحكمها.
كان يشغل منصب نائب وزير الدفاع في عام 2001، ولجأ مثل غيره من قادة الحركة إلى باكستان مع الاجتياح الأمريكي.
بعد التعديلات التي خضعت لها الحركة مع تحولها إلى حركة مقاومة ضد الاحتلال، كان برادر قد أصبح النائب الأول للملا عمر، وقائد العمليات العسكرية للحركة. وقد أشرف على تصعيد حاد لعمليات المقاومة العسكرية ضد الاحتلال في عام 2006، لكنه شارك أيضاً في مفاوضات سرية مع مبعوثي الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي ومنظمات المساعدة الدولية.
اعتُقل الملا برادر في مداهمة أمريكية باكستانية مشتركة عام 2010، وقال مسؤولون باكستانيون في وقت لاحق إن الهدف كان قطع الطريق على مفاوضاته مع حكومة كرزاي. لكن بسبب الاحترام الذي يحظى به داخل الحركة وانفتاحه السابق على الحوار، ضغطت الولايات المتحدة على باكستان للإفراج عنه حتى يشارك في قيادة المحادثات التي بدأت في عام 2019 بهدف التوصل إلى اتفاق انسحاب القوات الأمريكية مع إدارة ترامب.
وفي أثناء المحادثات، خلص عديد من المسؤولين إلى أن الملا برادر يتمتع بعلاقة جيدة مع المبعوث الأمريكي زلمي خليل زاد. وفي الأيام الأخيرة، نُظر إلى تحركاته داخل أفغانستان -أولاً إلى قندهار، معقل حركة طالبان، ثم إلى كابول، حيث اجتمع مع بقية قيادات الحركة- مؤشراً على اقتراب الإعلان عن حكومة طالبان الجديدة.
3- سراج الدين حقاني وزير الداخلية
يُعتقد أن سراج الدين حقاني يبلغ من العمر 48 عاماً، وهو نجل جلال الدين حقاني أحد قادة الجهاد الأفغاني ضد الاتحاد السوفييتي، ومؤسس ما يُعرف بـ”شبكة حقاني” التي تعد إحدى الأذرع العسكرية الضاربة لحركة طالبان.
في عام 2016، أصبح جلال الدين حقاني أحد نائبي أمير حركة طالبان وزعيمها، الملا هيبة الله آخوند زاده، وتولى الإشراف على شبكة مترامية الأطراف من المقاتلين والمدارس الدينية، وقاد الكثير من العمليات العسكرية لطالبان.
كانت شبكة حقاني التي يرأسها جلال الدين، والتي يُنسب إليها علاقات وثيقة بجهاز الاستخبارات الباكستاني، إحدى أشد المجموعات مقاومة للوجود الأمريكي في أفغانستان. واتهمت الشبكة بالمسؤولية عن عمليات أخذ رهائن واغتيالات لشخصيات حكومية وتفجيرات انتحارية، كما يُزعم أن حقاني وشبكته لها علاقات وثيقة وطويلة الأمد مع تنظيم القاعدة.
ويقول توماس جوسلين، وهو أحد الباحثين البارزين في مؤسسة “الدفاع عن الديمقراطيات” الأمريكية وكبير المحررين في موقع Long War Journal التابع للمؤسسة، إن “شبكة حقاني تمثل حلقة الوصل بين طالبان وتنظيم القاعدة، وهي أحد الجسور الرئيسية” في العلاقة بين التنظيم والحركة.
4- الملا محمد يعقوب وزير الدفاع
الملا محمد يعقوب، الذي يُعتقد أنه في الثلاثين من عمره، هو رئيس اللجنة العسكرية لحركة طالبان، والابن الأكبر للملا عُمر مؤسس الحركة.
التفت الرأي العام إليه بوصفه أحد المرشحين لقيادة طالبان في عام 2016، وكان يحظى بالفعل بدعم بعض القادة العسكريين للحركة، لكن المخاوف بشأن صغر سنه كانت حاسمة في القرار النهائي باختيار الملا هيبة الله أميراً للحركة.
في السنوات التي تلت ذلك، برز الملا محمد يعقوب بوصفه أحد أبرز قادة الحركة. وفي الأيام الأخيرة، ازداد دوره علانية في الحفاظ على النظام بين مقاتلي الحركة المنتشين بانتصارها، وتواترت تحذيراته بأن أي شخص يُقبض عليه بتهمة النهب أو السرقة “سيُتعامل معه بحسم”، وأن أي سرقة لممتلكات حكومية ستكون خيانة للبلاد، قائلاً: “ليس هناك أي تصريح بأخذ سيارة أو منزل أو أي شيء مملوك لشخص آخر”.
5- الملا أمير خان متقي وزير الخارجية
كُوفِئ أمير خان متقي، الذي كان حتى وقت قريب رئيس “لجنة الدعوة والإرشاد” القوية التابعة للحركة والمسؤولة عن إقناع العديد من أفراد الجيش الأفغاني وقوات الشرطة بالاستسلام في الأشهر الأخيرة، بمنصب وزير الخارجية.
شغل أمير خان متقي منصب وزير الإعلام والثقافة، ثم وزير التعليم، في حكومة طالبان الأولى. وعلى مدار عقدين من مقاومة طالبان للاحتلال الأمريكي، أسهم في تشكيل استراتيجية الحركة للدعاية والحرب النفسية، قبل أن يتولى تمثيل طالبان وعضوية وفدها السياسي في المفاوضات التي عُقدت في قطر.
على الرغم من السرية التي عُرفت بها الحركة في تسيير أمورها، كان متقي أحد قلة من الوجوه العامة الثابتة للحركة منذ التسعينيات. وكان أحد قادة طالبان الذين أجروا محادثات عبر قنوات خلفية مع المسؤولين الأمريكيين على مدار السنوات الماضية، وكان من أوائل الشخصيات البارزة في طالبان الذين شُوهدوا وهم يجتمعون مع مسؤولين أفغان سابقين، مثل الرئيس السابق حامد كرزاي ووزير خارجية أفغانستان الأسبق عبدالله عبدالله، بعد سيطرة الحركة على كابول.
6- عبد الحق واثق رئيس الاستخبارات
الملا عبد الحق واثق من مواليد مدينة غزنة الأفغانية ويُعتقد أنه في أوائل الخمسينيات من عمره. كان واثق أحد معتقلي سجن غوانتانامو الخمسة الذين أُطلق سراحهم مقابل الإفراج عن أسير الحرب الأمريكي، الرقيب بو بيرغدال. وبعد إطلاق سراحه، وصل إلى الدوحة وأصبح أحد الأعضاء البارزين في مفاوضات طالبان مع الولايات المتحدة، حيث أمضى شهوراً في التفاوض مع خاطفيه على مغادرة بلاده أفغانستان.
في الوقت الذي تولى فيه جميع المعتقلين الخمسة الذين أُفرج عنهم في صفقة التبادل مع بيرغدال مناصب عليا في الحكومة الجديدة -ثلاثة منهم في مناصب وزارية، ونائب وزير ومحافظ- عُيِّن واثق في قيادة وكالة الاستخبارات التي كان نائبها في حكومة التسعينيات. وكان لوكالة الاستخبارات دور مركزي في إحكام الحركة سيطرتها على السلطة في ولايتها الأولى.
تُورد وثائق التحقيقات مع واثق في الفترة التي أمضاها بمعتقل غوانتانامو اتهامات بأن له علاقات وثيقة مع تنظيم القاعدة، شملت التنسيق بأن يتولى التنظيم تدريب عملاء في جهاز الاستخبارات التابع لحكومة طالبان.
7- ذبيح الله مجاهد نائب وزير الإعلام والثقافة
يقول ذبيح الله مجاهد إنه يبلغ من العمر 43 عاماً وينحدر من ولاية بكتيا الأفغانية، وقد كان المتحدث الرسمي الرئيسي للحركة وكبير مسؤولي الدعاية فيها لسنوات، تولى خلالها الرد على استفسارات المراسلين وكتابة المنشورات الداعمة للحركة على وسائل التواصل الاجتماعي. مع ذلك، فإن العالم لم ير وجهه حتى 17 أغسطس/آب من هذا العام، عندما أجرى أول مؤتمر صحفي للحركة في كابول.
منذ ذلك الحين، يضطلع مجاهد بدور رئيسي في محاولة حث الأفغان والعالم على قبول طالبان بوصفها حاكماً شرعياً لأفغانستان، وفي التصريح بأن الجماعة تراجعت عن بعض سياساتها القاسية في فترة توليها الأولى للسلطة.
8- خليل حقاني وزير شؤون اللاجئين
خليل حقاني هو الممثل الخاص لأمير حركة طالبان، وعم نائب زعيم الحركة (سراج الدين حقاني). ولطالما كان له دور مهم في جمع التبرعات لشبكة حقاني، ويتمتع بعلاقات وثيقة في منطقة الخليج، وهو مدرج في قوائم الولايات المتحدة والأمم المتحدة للإرهاب العالمي.
في الأيام الأخيرة، كان له دور علني في تعزيز سلطة طالبان في كابول. وبعد أيام قليلة من سيطرة الحركة على المدينة، ظهر في أحد أبرز مساجدها وخطب في الحشد المبتهج بأن “الأولوية الأولى لطالبان في أفغانستان هي إرساء الأمن، إذا لم يكن هناك أمن، فلن تقوم حياة”.
كما أن خليل حقاني كان شخصية رئيسية في تأمين البيعة للحركة من شخصيات أفغانية بارزة خلال الأسبوعين الماضيين.
250 اتصالاً يومياً من مجهولين وإبعاد كاميرات المراقبة لتضليل الشرطة.. تغطية فلسطينية على هروب الأسرى
مع انقضاء اليومين الأولين على حادثة هروب ستة من أسرى سجن جلبوع العسكري شمال فلسطين المحتلة، تعيش دولة الاحتلال حالة من الاستنفار الأمني، في محاولة الوصول إلى معلومات عن مسار تحرك الأسرى، الذي يزداد الغموض حول مصيرهم مع انقضاء كل ساعة لا تستطيع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية الوصول إليهم.
القلق الذي تعيشه إسرائيل هو تزامُن هذا الحدث مع بدء الاحتفالات برأس السنة اليهودية، ما دفع بالشرطة الإسرائيلية إلى فرض قيود أمنية على الكنس اليهودية ومناطق الترفيه والحدائق والمتنزهات العامة في مراكز المدن شمال فلسطين المحتلة؛ خشيةً من هجمات قد ينفذها هؤلاء الأسرى.
آخر التحديثات التي أعلن عنها من قبل جهاز الشرطة الإسرائيلية هو تقليص عدد حواجز التفتيش من 200 حاجز في عموم البلاد إلى 80 حاجزاً، تركزت معظمها في مناطق شمال فلسطين المحتلة، مع إبقاء القيود الأمنية على مداخل المدن، هذا بالإضافة إلى تعزيز قوات من حرس الحدود مع حدود المملكة الأردنية ومناطق غلاف غزة؛ خوفاً من عملية تسلل قد يلجأ إليها الأسرى الهاربون إلى هذه المناطق.
اتصالات لتشتيت البحث
هذا وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن جهاز الشاباك تلقى اليوم أكثر من 250 اتصالاً من مجهولين من شرائح تتبع لشركتي سيلكوم وأورانج الإسرائيليتين، قدموا معلومات مضللة عن أماكن تواجد الأسرى، وأثناء عملية المتابعة لم يكتشفوا شيئاً، ما قد يشير إلى أن جهداً قد يموّل عبر الفصائل يبذل من داخل الضفة الغربية أو قطاع غزة لتشتيت الانتباه حول عملية البحث والمطاردة.
ومنذ اليوم الأول لعملية الهروب من المعتقل، دعت الفصائل الفلسطينية المواطنين وأصحاب المحال التجارية في الضفة الغربية إلى تعطيل كاميرات المراقبة وإعادة توجيهها بعيداً عن الشوارع الرئيسية، وإتلاف التسجيلات الأخيرة، والتوجه نحو نقاط التماس مع الجيش الإسرائيلي لتحطيم كاميرات المراقبة على الشوارع الالتفافية والطرق الاستيطانية الخاضعة لسيطرة الجيش.
ولاقت هذه الدعوات استجابة لدى الشارع الذي بدأ بتعطيل الكاميرات وتحطيمها تحديدا في مدينة جنين.
ومع مرور الوقت بدأت قضية هروب الأسرى من المعتقل تأخذ زخماً سياسياً داخل الشارع الفلسطيني، إذ تظاهر آلاف المواطنين في قطاع غزة في مسيرة دعت إليها حركة الجهاد الإسلامي، أطلقت من خلالها الحركة عدة رسائل سياسية أبرزها تحذير إسرائيل من أن أي مس بحياة الأسرى الهاربين؛ سيقابل برد عسكري من قبل الفصائل، كما أصدر المجلس الثوري لحركة فتح بياناً أكد من خلاله التأييد الكامل لما قام به الأسرى في سجن جلبوع، وحمل البيان إسرائيل المسؤولية الكاملة عن حياة الأسرى.
حصر مناطق البحث
في خضم عمليات البحث الجارية، اقتحمت قوة من شرطة الاحتلال في حدود الساعة السادسة من مساء الثلاثاء بلدة الناعورة الواقعة إلى الشمال الشرقي من مدينة جنين، وقامت بعمليات تفتيش لعدد من منازل المواطنين أسفرت عن اعتقال ثلاثة أشخاص يشتبه بأنهم ساعدوا الأسرى الهاربين على عملية الهروب.
ذكر مصدر صحفي من منطقة المثلث في الداخل المحتل -أخفى هويته لـ”عربي بوست”- أن أمس الثلاثاء شهد تركيزاً في عمليات البحث والمطاردة عن الأسرى في المدن والبلدات العربية في منطقة المثلث، وتحديداً قرى الناعورة وطمرة الزعبية، من خلال تواجد لقوات كبيرة من الشرطة الإسرائيلية تساندها عناصر من جهاز الشاباك.
وأضاف أنه جرى معاينة كاميرات المراقبة على مداخل المساجد والمحال التجارية والمطاعم، إضافة إلى استجواب المواطنين والتحقيق معهم وأخذ إفادات عن أي أشخاص مجهولين دخلوا المنطقة أو طلبوا استعانة برقم هاتف لإجراء مكالمة.
ما يمكن الإشارة إليه أن التقديرات الإسرائيلية تراجعت منذ يوم الإثنين بشأن نجاح الأسرى الهاربين في اجتياز أي من الحدود خارج فلسطين المحتلة، فوفقاً لما نشره موقع “والا” يوم الثلاثاء عن مصدر في الجيش قوله إن الأسرى لم يجتازوا الحدود مع الأردن أو سوريا، هم لا يزالون داخل الأراضي الإسرائيلية.
ما يزيد من تعقيدات عمليات البحث هو عدم امتلاك الجيش أو الشرطة أي دليل حول مكان تواجد الأسرى، فعملية المطاردة ازدادت تعقيداً في ظل تأكيد الكثير من الأوساط الإسرائيلية أن الأسرى انقسموا إلى مجموعتين، وقد يكونان اتخذا مسارين مختلفين.
مؤمن مقداد، محرر الشؤون الإسرائيلية في شبكة الهدهد الإخبارية، قال لـ”عربي بوست” إن التقدير لدى جهاز الشاباك والشرطة الإسرائيلية في اليوم الثاني لعملية الهروب هو حصر عمليات البحث ضمن نقطتين جغرافيتين، وهما مناطق الخط الأخضر ومدينة جنين، ومن شأن ذلك تركيز البحث على إحدى المجموعتين ما يسهل الوصول إلى باقي الأسرى.
ويعد انقضاء اليومين الأولين دون الوصول إلى أي معلومة عن الأسرى بمثابة انتصار لهم في عملية الهروب، من خلال منحهم مناورة ووقتاً أطول للتخفي أو تغيير أماكن تواجدهم، في المقابل تعد كل ساعة تنقضي دون وصول الأجهزة الأمنية إلى أي معلومة عن الأسرى بمثابة إخفاق وحالة استنزاف لقوات الجيش والشرطة والشاباك، التي قد تصل إلى نتيجة نهائية بإغلاق الملف في حال فشل عمليات البحث والمطاردة.
استنفار أمني
ويشارك في عمليات البحث والمطاردة كل الوحدات التابعة للمؤسسة الأمنية والشرطية في إسرائيل، حيث تنتشر قرابة 700 دورية للشرطة في جميع أنحاء إسرائيل، يساندها نشاط استخباري وأمني يقوده الشاباك أرضاً وجواً، إضافة إلى وحدات المستعربين التي يتركز نشاطها داخل مدن وقرى الضفة الغربية يعملون كعملاء للجيش، علاوةً على نشر الجيش سريتين تابعتين له على مداخل معبر “الجلمة” شمال مدينة جنين.
محمد حسام الخبير والمختص في الشؤون الأمنية قال لـ”عربي بوست” إن “المتتبع لتصريحات مسؤولي الشرطة والجيش يلاحظ أن عملية البحث والمطاردة ستكون معقدة بشكل كبير، فهم لا يتعاملون مع سجناء تقليديين يمكن أن يرتكبوا أي خطأ يؤدي إلى الكشف عن أماكن تواجدهم، كما أن هؤلاء الأسرى ذوي خلفية عسكرية، وأمضوا سنوات طويلة في الأسر، وبذلك يدركون الثقافة الإسرائيلية وبالإمكان التخفي لفترات طويلة داخل المجتمع دون أن يصل إليهم أحد”.
وأضاف المتحدث: “لا تزال عملية البحث والمطاردة في مرحلتها الأولى، وهي تستمر حتى 72 ساعة، ويتركز نشاطها في البحث الميداني بصورة أكبر منه الاستخباري للوصول إلى الهدف بأقصر فترة ممكنة، وبعد ذلك يتم الانتقال إلى المرحلة الثانية التي يتركز نشاطها في البحث عن أكبر قدر ممكن من المعلومات عن الأشخاص المستهدفين”.
المتتبع لطبيعة التعامل الإسرائيلي مع عملية هروب الأسرى يلاحظ أن فشلاً أمنياً واستخباراتياً وقعت به إسرائيل ساعد الأسرى على عملية الهروب، وهو ما دفع بوزارة الداخلية، الثلاثاء، إلى إجراء تحقيق مع 14 من حراس المعتقل، تم استجوابهم لمعرفة الظروف التي أدت إلى وقوع هذا الحدث.
سبق ذلك أن أصدرت محكمة إسرائيلية، الإثنين الماضي، قراراً بحظر النشر في قضية الهروب لمدة شهر حتى تاريخ 6 من أكتوبر/تشرين الأول القادم، ما يدلل على عمق الأزمة التي تسببت بها عملية الهروب.
عصمت منصور، الأسير المحرر والخبير في الشؤون الإسرائيلية، قال لـ”عربي بوست” إن “افتراض حدوث اختراق أمني داخل المعتقل لا يبدو وارداً في قضية هروب من أكثر المعتقلات الإسرائيلية تحصيناً، كمعتقل جلبوع، ولكن العلاقة التي تربط الأسرى القدامى بالسجانين يمكن أن تتطور مع مرور الوقت، وبذلك قد يستغل الأسير هذه العلاقة لتمرير بعض المواد كالهواتف أو طلب الانتقال من غرفة داخل السجن إلى أخرى، كما جرى مع زكريا الزبيدي مقابل رشوة مالية”.
هآرتس: هروب الأسرى الفلسطينيين من سجن جلبوع قد يكون عود الثقاب الذي يشعل انتفاضة جديدة
وصفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية هروب 6 أسرى فلسطينيين من ذوي الأحكام العالية من سجن جلبوع صباح الإثنين 6 سبتمبر/أيلول 2021، بـ”النبأ الذي لا يُصدّق”، مضيفة أن الفلسطينيين استقبلوه بنوع من “الفخر والابتهاج العجيب” مع الكثير من الحديث عن تشابه تفاصيل ما حصل بقصة فيلم The Shawshank Redemption الشهير، وذلك على عكس الإسرائيليين الذين استقبلوا نبأ هروب الأسرى بنوع من “الخزي والصدمة”.
وتضيف الصحيفة أن عملية الهروب هذه بطريقتها “الهوليوودية”، كشفت عن حجم الإخفاقات الهائل من مصلحة السجون الإسرائيلية، وأن ما حصل ينطوي أيضاً على العديد من المخاطر الأمنية بالضفة الغربية وقطاع غزة. كيف ذلك؟
“هروب الأسرى من سجن جلبوع سيشجّع الفلسطينيين على المقاومة”
تحوّل الأسرى الستة إلى “أبطالٍ مغاوير” في الأراضي الفلسطينية بحسب وصف الصحيفة العبرية، ومن المتوقع أن يضخ نجاحهم قوة جديدة في فصائل المقاومة بالضفة الغربية وقطاع غزة -وربما تؤدي إلى موجةٍ جديدة من الهجمات في حال انتهت عملية مطاردتهم إلى اشتباكات مع قوات الاحتلال.
ويدور الحديث عن عملية الهروب من سجن جلبوع في الأوساط الفلسطينية الآن باعتبارها الإهانة الثانية لإسرائيل، بعد الإهانة الأولى حين انتشرت صور ومقاطع فيديو واقعة مقتل ضابط حرس الحدود الإسرائيلي باريل شمولي برصاصة من المسافة صفر على حدود قطاع غزة.
ولا شكّ أنّ الهروب سوف يُعزز صورة حركة الجهاد الإسلامي التي ينتمي إليها غالبية الأسرى الفارين. كما انضم إلى أعضاء الجهاد الإسلامي في العملية شخصيةٌ تُعتبر أسطورةً قائمة بذاتها وهو زكريا زبيدي، الذي كان أحد قادة كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح في مخيم جنين أثناء الانتفاضة الثانية.
وتقول الصحيفة، إن بعض التحقيقات تشير إلى أنّ “الأسرى الستة ربما سلكوا المسار الواضح باتجاه شمالي الضفة الغربية. ولكن ليست هناك معلومات استخباراتية كافية تدعم هذا الافتراض على حد علمنا. كما أن احتمالية عبورهم الحدود باتجاه الأردن ليست مستبعدة، لذا زادت أعداد قوات الأمن بطول الحدود وارتفعت مستويات التنسيق الأمني مع الأردنيين”.
كذلك تُعتبر منطقة شمالي الضفة الغربية من المناطق المضطربة، وخاصة مخيم جنين حيث كان يعيش زبيدي قبل اعتقاله آخر مرة. حيث زادت مؤخراً هيمنة الفصائل المسلحة داخل المخيم، لتمنع بشكلٍ شبه كامل عمليات قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية هناك. وفي الوقت ذاته، باتت كل محاولة من جيش الاحتلال لاقتحام المخيم واعتقال أحد أبنائه تُقابَل بوابلٍ من النيران.
“تحديات أمنية خطيرة ستواجهها إسرائيل خلال الفترة القادمة”
تقول هآرتس: المنطقي افتراض أن السلطة الفلسطينية سوف تنأى بنفسها قدر الإمكان عن هذه الأحداث الساخنة. لذا في حال عثرت إسرائيل على الأسرى الستة قريباً، فسوف تضطر لاعتقالهم باستخدام قواتها. وستشهد الأيام القليلة المقبلة الكثير من التوترات الأمنية المتعلقة بمحاولات تحديد موقعهم. وفي حال وقوع خطأ ما، أو تنفيذ الهاربين لعملية اختطاف مثلاً؛ فسوف تُواجه حكومة وجيش الاحتلال تحديات خطيرة.
وحتى الآن، يبدو أنّ الواقعة صارت الأزمة الأمنية الأهم على طاولة الحكومة الجديدة، لأنّها أذهلت الرأي العام ووسائل الإعلام داخل إسرائيل، وأثارت في الوقت ذاته المخاوف من محاولة تكرار العملية وتقليدها على الجانب الفلسطيني.
ومن المتوقع أن تركز لجنة التحقيق (التي سيتم تشكيلها) على الإخفاقات المباشرة التي سهّلت عملية الهروب. إذ قالت مفوضة مصلحة السجون صباح الإثنين بدهشةٍ كبيرة إنّ الزنزانة كانت مبنيةً على أعمدة فوق مساحةٍ فارغة. فضلاً عن أنّ طبقة التصفيح المعدنية الملحومة أسفل مرحاض الزنزانة كانت العقبة الوحيدة في الطريق بين السجناء وبين طريق الحرية. ولكن يبدو أنّ القصة أكبر من ذلك.
فوفقاً لمسؤولين بارزين في مصلحة السجون، كانت هناك مسافة تصل إلى 20 متراً على الأقل تفصل بين طبقة التصفيح المعدنية وطريق الهروب، مما يعني أنّهم اضطروا لحفر كل هذا التراب من أجل المرور أسفل جدار السجن. أي أنّهم من المحتمل أن يكونوا قد بدأوا الحفر قبل أشهرٍ طويلة دون أن تنتبه لهم أجهزة الاستخبارات داخل أو خارج السجن.
ولنا أن نتساءل بالطبع إن كان الأسرى الهاربين قد تلقوا مساعدات من الخارج. وسنجد أنّ حقيقة اختفائهم من المكان بسرعةٍ كبيرة نسبياً تُشير إلى أن شخصاً ما قد اصطحبهم بسيارة من أمام السجن. فضلاً عن العثور على ملابس السجن في الأرض بموقع الهروب، على مقربةٍ من فتحة النفق. فهل كانوا على تواصل مع أشخاصٍ يُساعدونهم من خارج السجن؟
وتتمتّع مصلحة السجون بتاريخٍ طويل من التفاوض مع السجناء الأمنيين مقابل الحفاظ على الهدوء العام، مثل إيقاف عمل أجهزة التشويش التي تمنع وصول شبكة الهواتف إلى داخل السجن.
وقبل أشهرٍ قليلة، كان زبيدي وزملاؤه الخمسة من الفلسطينيين محتجزين داخل عنبر خاص يُعرف باسم “الخزنة” في سجن هداريم حيث تُوجد أبراج تشويش قوية على شبكة الهواتف المحمولة. لكنهم نُقِلوا لسببٍ ما إلى سجن جلبوع. ولم تُتبع معهم عادة نقل السجناء بين العنابر بعد بضعة أشهر لإحباط محاولات الهروب. علاوةً على الشكوك في أنّ إدارة السجن لم تُشغّل أجهزة التشويش بالكثافة الكافية.
“هروب الأسرى الفلسطينيين قد يبشر بانتفاضة”
وفي كتابهما “انتفاضة”، تحدّث زئيف شيف وإيهود يعاري عن إحدى الوقائع التي بشّرت باندلاع الانتفاضة الأولى.
ففي الـ18 من مايو/أيار عام 1987، فرّ 6 سجناء تابعين لحركة الجهاد الإسلامي من سجنٍ في مدينة غزة، التي كانت ما تزال تحت الإدارة الإسرائيلية آنذاك. إذ ذكر الكتاب: “إنّ عملية الهروب الجريئة تلك كانت بداية قصة الأسطورة البطولية، والهالة التي نُسِجَت سريعاً حول المنظمة الصغيرة… وكانت قصص الهاربين بمثابة عود الثقاب الذي أشعل النيران في مشاعر المحنة والإذلال التي انتابت الفلسطينيين”. واستمرت المطاردة لشهورٍ طويلة حتى الاشتباك معهم واغتيالهم. وبعد شهرين من استشهادهم، اندلعت الانتفاضة الأولى في الأراضي المحتلة.
تقول الصحيفة الإسرائيلية في النهاية، إن “التاريخ لا يُكرّر نفسه بشكلٍ كامل، لكن من المحتمل للغاية أن تكون الفصائل الفلسطينية قد عثرت على عود الثقاب الذي كانت تبحث عنه لإشعال النيران -إذا لم تُسيطر إسرائيل على الوضع بسرعة”، حسب تعبير الصحيفة.
دول عربية تتفق على خارطة طريق لإمداد لبنان بالكهرباء والغاز.. تسعى لإحياء الخط العربي للطاقة
اتفق وزراء الطاقة والنفط في الأردن ومصر وسوريا ولبنان، الأربعاء 8 سبتمبر/أيلول 2021، على خارطة طريق لإمداد البلد الأخير بالكهرباء والغاز الطبيعي المصري، لحل أزمة طاقة مزمنة يعاني منها منذ شهور.
وعقد وزراء الطاقة والنفط في الدول الأربع اجتماعاً في العاصمة الأردنية عمان، بناءً على دعوة من الأخيرة، اتفقوا خلاله على إعادة إحياء الخط العربي لنقل الغاز والكهرباء.
وزيرة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية هالة زواتي قالت في مؤتمر صحفي، عقب الاجتماع، إن الخط العربي بحاجة إلى إصلاحات فنية للتأكد من جاهزية البنى التحتية لإمداد الغاز المصري إلى لبنان.
فيما قال وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية إن بلاده تعمل مع البنك الدولي لتدبير التمويل لخطة توريد الغاز المصري إلى الأردن بهدف توليد الكهرباء وتزويد لبنان بها، وأضاف الوزير ريمون غجر في مؤتمر صحفي: “نعمل مع البنك الدولي لتوفير الغطاء المالي الصحيح”.
وزير البترول المصري بدوره قال إن بلاده تأمل في تصدير الغاز المصري في أسرع وقت ممكن إلى الأردن بهدف توليد الكهرباء ونقلها إلى لبنان.
وبينما يحتاج لبنان إلى قدرة 3200 ميغاواط من الكهرباء، انخفض إنتاجه مؤخراً إلى 800 ميغاواط، الأمر الذي زاد عمليات القطع وقلل فترات إمدادات الطاقة، مقارنة بحوالي 2100 ميغاواط قبيل الأزمة في أكتوبر/تشرين الأول 2019.
منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990، يعاني لبنان انقطاع الكهرباء، حيث تشهد مناطقه كافة تقنيناً للتيار.
إلا أن الأزمة الاقتصادية، القائمة منذ الربع الأخير 2019، ضاعفت ساعات التقنين على السكان (6 ملايين نسمة)، حتى بات انقطاع التيار يصل إلى 20 ساعة في بعض المناطق.
وبلغت تكلفة استيراد الوقود المخصص لتوليد الكهرباء 900 مليون دولار في 2020، في وقت سجل فيه احتياطي العملات الأجنبية في المصرف المركزي انخفاضاً غير مسبوق، من قرابة 40 مليار دولار إلى 16 ملياراً.
أزمة في لبنان
يأتي هذا في وقت يعاني فيه لبنان منذ صيف 2019 من انهيار اقتصادي، فقدت خلاله الليرة اللبنانية أكثر من 85% من قيمتها، وبات أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر.
كذلك بدأ احتياطي المصرف المركزي اللبناني بالدولار يتضاءل، وتدرس السلطات بدفعٍ من المصرف المركزي منذ أشهر، ترشيد أو رفع الدعم عن استيراد السلع الرئيسية كالطحين والوقود والأدوية.
كان البنك الدولي قد حذر من أن أزمة لبنان الاقتصادية والمالية تُصنّف من بين أشدّ عشر أزمات، وربما من بين الثلاث الأسوأ منذ منتصف القرن التاسع عشر، منتقداً التقاعس الرسمي عن تنفيذ أي سياسة إنقاذية وسط شلل سياسي.
ويعاني لبنان أزمة نقص حادة في إمدادات الكهرباء لنقص وفرة الوقود اللازم لتوليد الطاقة، إلى جانب ارتفاع حاد في أسعار المشتقات بفعل انهيار الليرة، وعدم وفرة النقد الأجنبي اللازمة للاستيراد.