اذا كانت “الرشوة والوساطة والابتزاز الجنسي” أبرز مظاهر الفساد في العالم العربي فقد حلت أربع دول عربية ضمن قائمة أشد عشر دول فسادا في العالم، وفق التقرير السنوي لمؤشرات مدركات الفساد الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية.
والدول الأربعة هي السودان وليبيا واليمن وسوريا.
ورصد التقرير تراجع سوريا بـ 13 نقطة، مقارنة بعام 2012. كما تراجع اليمن ثماني نقاط خلال الفترة ذاتها.
وفي المقابل، كانت الإمارات العربية المتحدة هي الأقل فسادا بين الدول العربية، تليها قطر بفارق تسع نقاط.
“حملة بن سلمان”
وذكر التقرير أن المملكة العربية السعودية حقق تقدما في مكافحة الفساد. وتقدمت في درجات المؤشر بأربع نقاط مقارنة بالعام الماضي.
إلا أن التقرير وحساب المؤشر لا يتناول معطيات أخرى مثل سجل حقوق الإنسان المتردي في المملكة، أو القيود المفروضة على الصحفيين والنشطاء السياسيين والمعارضة، والمواطنين بشكل عام.
وكان ولي العهد، محمد بن سلمان، قد دشن حملة في عام 2017 لمكافحة الفساد، كجزء من خطته الإصلاحية في البلاد.
وأعلنت المملكة لاحقا أن هذه الحملة نجحت في استعادة حوالي 106 مليارات دولار أمريكي من الأصول والثروات “المنهوبة”. لكن العملية تمت في غياب أي نوع من الشفافية، و لم يُعلن عن أي تحقيقات أو محاكمات عادلة للمشتبه بهم.
وأوصى التقرير المملكة بضرورة استغلال رئاستها لقمة العشرين لإنهاء جميع أشكال قمع الحريات السياسية، ودعم الشفافية والمحاسبة في الجهاز التنفيذي.
جمود تونسي
وخصص التقرير جزءا لتونس، إذ ذكر أنها تعاني من حالة جمود خلال السنوات الخمسة الماضية في ما يتعلق بمؤشرات الفساد.
وحققت تونس 43 من أصل مئة نقطة في مؤشر مدركات الفساد.
وخلال الفترة التي ذكرها التقرير، أجرت تونس تعديلات قانونية من شأنها حماية المبلغين عن الفساد، وتحسين القدرة على الوصول للمعلومات، وإفساح المجال للمجتمع المدني وإرساء المحاسبة المجتمعية.
إلا أن هذه القوانين لم تكن كافية لتحسين موقع تونس في مؤشرات الفساد، وهو ما ترجعه المنظمة لعدم تطبيق القانون بشكل فعال.
وقال التقرير إن تطبيق القانون هو التحدي الأكبر أمام تونس في مكافحتها للفساد.
وأوصى بضرورة توفير الموارد المالية والبشرية لتقوية هيئة مكافحة الفساد، ومنحها المزيد من الاستقلال.
كما أرجع التقرير جمود موقف تونس لعدم محاسبة أي من المسؤولين السياسيين على الجرائم المتعلقة بالفساد أو رد أي من الأموال المنهوبة. وهو ما يرجع في جزء منه لغياب الاستقلال التام للقضاء.
توصيات عالمية
ويعتمد المؤشر على تقييم الدول وفق مقياس من مئة نقطة، بحيث يقل الفساد كلما زادت أعداد النقاط التي حصلت عليها الدولة.
وشمل المؤشر 180 دولة، ثلثها فقط حصل على أكثر من خمسين نقطة.
وقُسمت الدول إلى ست مناطق، هي الأمريكيتين وغرب أوروبا والاتحاد الأوروبي، والصحراء الأفريقية، والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وشرق أوروبا وآسيا الوسطي، وشرق آسيا والمحيط الهادي.
وكانت دول غرب أوروبا ودول الاتحاد الأوروبي هي الأقل فسادا، إذ حل في المراكز الخمسة الأولى الدنمارك، ثم نيوزيلندا، ثم فنلندا، ثم سنغافورة، ثم السويد.
ويركز مؤشر مدركات الفساد لعام 2019 على العلاقة بين السياسة والمال والفساد، ويستند على بيانات حول شفافية تمويل الحملات السياسية ووصول الجمهور الى عملية اتخاذ القرار.
وخرج التقرير بسبع توصيات لإنهاء الفساد عالميا واستعادة الثقة في السياسات الحكومية ومكافحة الفساد السياسي. وهي:
- التضييق على فرص تضارب المصالح
- مراقبة التمويل السياسي
- تعزيز نزاهة الانتخابات
- تنظيم أنشطة الحشد الانتخابي
- التصدي للمعاملات التفضيلية والمحسوبية
- تمكين المواطنين من القرار السياسي ومعرفة حقوقهم المدنية والسياسية
- إرساء المراقبة والمحاسبة
وإجمالا، كشف التقرير عن تقدم 22 دولة في محاربة الفساد، على رأسها اليونان وغوايانا وإستونيا. في حين تراجعت 21 دولة بينها كندا ونيكاراغوا وأستراليا.