انقلبت حياة النحّال مصطفى وابنه فهمي (ينتجان عسل صنوبر من أجود الأصناف في العالم)، رأساً على عقب إثر الحرائق التي اجتاحت في الصيف منطقة موغلا المطلّة على بحر إيجه في تركيا.
وكان مربّو النحل في المنطقة يعانون أصلاً من الجفاف، غير أن حرائق الصيف كسرت التوازن الهشّ الذي كان قائماً بين النحل والشجر والحشرات الصغيرة الضرورية في هذه الحلقة. وأتت الحرائق هذه السنة على نحو 200 ألف هكتار من الغابات في تركيا، أي أكثر بخمس مرّات من المعدّل السنوي، قاضية على مساحات خضراء شاسعة كانت تستقطب السياح، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
فالعسل هو نتاج النحل الذي يجمع الإفرازات السكرية لخنفساء البصرة (المعروفة علمياً باسم مارشالينا هيلينكا) التي تمتص بدورها عصارة الصنوبر. ويأمل النحال فهمي في أن تتكيّف هذه الحشرات مع شجيرات الصنوبر التي ستنمو بعد الحرائق. لكنه يخشى أن «يستغرق الأمر خمس أو عشر سنوات على الأقلّ لاستعادة مستوى الإيرادات التي كنّا نحقّقها في السابق».
ويدرس النحّال ياسر كاراييغيت من جانبه فكرة إنتاج أنواع أخرى من العسل للاستمرار في الاسترزاق من هذه المهنة التي تستهويه. ويقول الرجل الأربعيني وهو أب لثلاثة أطفال: «أحبّ تربية النحل… لكن لا بدّ من البحث عن بدائل أخرى»، مثل الهلام الملكي وعسل دوّار الشمس.
ويؤكّد: «هذا ما علينا فعله إن كنا نحبّ النحل». ويشير إسماعيل أتيجي رئيس غرفة الزراعة في منطقة ميلاس في موغلا إلى أن سعر عسل الصنوبر تضاعف مقارنة بالعام الماضي، وبات ثمنه خارج متناول الكثير من الأتراك الذين يستطيبون تناوله على الفطور. وهو يتوقّع أن تستمرّ الأسعار في الارتفاع في ظلّ تراجع المخزون، و«سنبلغ مرحلة سيتعذر فيها عليكم أن تشتروه حتّى لو كنتم تملكون المال». ويؤكّد ياسر كاراييغيت أنه «سيصبح من الصعب العثور على عسل صنوبر نقي بنسبة 100 في المائة».
وبغية تحسين الآفاق المستقبلية، يقترح ضياء صاهين رئيس جمعية النحّالين في تركيا إدخال حشرات خنفساء البصرة إلى غابات جديدة للصنوبر في المنطقة.
وهو يقول: «إذا ما نشرنا هذه الحشرة على مدى سنتين في منطقة تلو الأخرى، قد يتسنّى لنا الحفاظ على صدارة السوق»، وإلا سيكون انخفاض الإنتاج شديداً.